أيها السائر بالركبان حيْ
أيها السائر بالركبان حيْ / منزلا فيه لذات الخال حيْ
واحبس العيس علينا ساعةً / عل ميت الشوق أن يصبح حيْ
وبعهدي إنَّ لي قلباً وقد / ذاب حتى قد جرى من مقلتي
وجيوش الشوق لما هجمت / فرَّ صبري ولوى عنّيَ لي
ليت سكّان النَّقَى لو سمحوا / ليتهم لو عطفوا يوماً علي
ما لقلبي ولهم يوم النوى / إنَّه ضاع بذيّاك اللوي
شفَّني السقم ولم يشف الرجا / كبدي والروح راحت من يدي
وكأيِّنْ من وُلوع لم يفد / وكأين من دموع وكأي
هذه الدار وهذا شغفي / في هوى ساكنها والصبر عي
كلما شمت بريقاً لامعاً / من حمى نجد شواني الشوق شي
ليتني نلت منايَ بمنى / ليتني من وصلهم فزت بشي
رجع الترب إلى الترب فها / وسرى النور إلى النور فهي
والذي أعرف لا أعرفه / واختفى مذ لاح من خلف الخبي
فدنا بل فتدلَّى فغدا / قاب قوسين فمنّي وإلَيّ
نسبة أصيلة فرعية / إرث مبعوثٍ إلينا من قُصَي
وهي سرٌّ علق الروح به / يوم لا يوم طوى الأغيار طي
وطوايا السر بالسر انطوت / صحت لما انتشرت يا آل طي
أسفر البرقع والوجه فما / عنه يثنيني ثلاثٌ وثُنَيّ
واحد والكل فيه واحد / حب ليلى وحنين للحُمَيّ
وهوى بالطرف يحوي حورا / وغرام بالذي تحت القُبَيّ
وبهيفاء كبدر طالع / وبظبيٍ مائس القد حُلِيّ
وهي أسماء لديه سُمِّيتْ / والمسمَّى دونهم ذاك لدَيّ
ينظر المحبوب من طاقته / ما لنا من طاقة في ذا الهُوَيّ
أبعد الصبر وأدنى الشوق مذ / أمسك القلب وأجرى دمعتيّ
إن بدا فيه فنينا وإذا / ما اختفى عنا بقينا يا أُخَيّ
وقريب وبعيد هو عن / نشأة الكل وفيها مُتَزَيّ
وهو في مكَّتنا كعبتُنا / وبه الجسم كداءٍ وكُدَيّ
لا تظنوا أننا فيه ولا / هو فينا أي جهلٍ ذاك أيّ
والمعاني كلها منا وعن / شاخصِ الإسم لشمس الذات فَيّ
وقرا فينا علينا ذكرَهُ / مثل طه قد قرا عند أُبَيّ
بحر علم نحن فيه سفن / من يرمه للبلايا يتهي
كلما شئنا غرقنا فيه عن / كل شيءٍ ولنا الداءُ دُوَيّ
أنا للسالك أمٌّ وأبٌ / فتمتع بعلومي يا بُنَيّ
ولنا الحق على العرش استوى / وبنا العرش على الماء السُوَيّ
قبلتي الكل ونور المصطفى / وصلاتي وهو أعلى قبلتيّ
وإذا بحت بسري قلتُ لا / ذا ولا ذاك ولكن وجه ميّ
إن أقم قمتُ إلى طلعتها / متخلٍّ عن سواها متهَيّ
وإذا أومأت أومأت لها / في ركوعي وسجودي للثُرَيّ
وتراب لتراب ينحني / حكم أمر من سواه الرشد غيّ
والمصلَّى هي بالذات لنا / رحمة عمت وخصت كل شيّ
فعموم هي نار كَثُفَتْ / وخصوص لطفت نور الضُوَيّ
وشمال ويمين وهما / كفتا الميزان كلتا فرقتيّ
فرقة تعلو وأخرى سفلت / كي يحيط الأمر بالضدين كيْ
فأناس لذة القرب لهم / وأناس عندهم بالبعد كيّْ
وكلا الفعلين منصوب له / مثل فعل نصبته لام كيْ
عدة الواحد قد عجلها / وبعيد لي من الواحد ليّ
جنة العلم الإلهيِّ هنا / نحن فيها وهي أعلى جنتيّ
وغدا في جنة القدرة من / شهوات النفس أنواع الحُلِيّ
ولنا في نشأتينا دائماً / جنة الذات ومرقاة رقيّ
وحياةٌ جنةٌ عاليةٌ / دون أهل الكفر فيها كل حيّ
وبسمع جنة لي وكذا / بصرٍ أقطف منها زهرتيّ
وهنا جنة خلط للإرا / دة فيها ما صبا فيها الصبيّ
وكلام الله عندي جنة / ذات أنهارٍ وأشجارٍ وفيّ
وقصورٌ وسرورٌ دائمٌ / ونعيمٌ بمهاةٍ فظُبَيّ
فهي جنات ثمان دخلت / صورتي فيهن للحيِّ تُحَيّ
رؤية بالعين قد حققتُها / لا خيال الفكر أورؤيا الكُرَيّ
واستجابت لي بما أمَّلتُه / منيتي بعد اللُّتَيا والُّتَيْ
حرت في أنفس أمر حيث لي / نفس حر هي نور في دُجَيّ
أخذت من كل شيء حظها / تتفيا بظلالات الأُشَيّ
مثل طه قد حوى بنت أبي / بكر الصديق مع بنت حُيَيّ
فادخلوا يا قوم روضي إنني / في مقام فائح منه الشُذَيّ
واشربوه كأس خمر من يدي / وارضعوه لبنا من ذا الثُدَيّ
أنا بدر الليلة الظلماء لا / صوت إلا وهو من صوتي صُدَيّ
كل من صغرني كبرني / مثل تصغير عليٍّ يا عُلَيّ
والذي يجهلني يعرفني / ما بصير قدره قدر العميّ
والذي يخرج من فكرته / علمه بالنزح ماء من طويّ
ليس كالنازل فيه علمه / من سحاب الغيث سيل ذو غنيّ
فارفع البردة من نفسك عن / وجهنا تبصرنا دون الغطيّ
وادخل الميدان ميدان الوفا / تعرف المقدام من كل فتيّ
لا تكن أعمى وتنفي رؤية ال / نور لا يدري الوغى إلا الكميّ
ولبيب يرعوي من كلمة / والغبيْ يحتاج قرعاً بالعصيّ
بالثنا أحسنت لما أحسنوا / واللهَى من شأنها فتح اللهيّ
ثم لما عسكر العقل انقضى / جاء جيش الكشف خفاق اللويّ
واستعديت لأمر نلته / وتهيأت إلى السر المهيّ
وتذكرت عهوداً سلفت / بالتجلي يوم إحدى نشأتيّ
واللييلات التي مرت لنا / ينقضي العمر ولا أنسى اللُّيَيّ
ولعبنا بنُغَيرِ الغير يا / با عمير العقل ما فِعْلُ النُغَيّ
وأماطت منيتي عن وجهها / فانتهى مني عن الوهم النهيّ
كنت سفلياً وعلوياً بها / علوياً صرت في أمر يعيّ
ثم جاء النور بالنور خلا / فة شهم هاشميٍّ لا أُمَيّ