لَسْتُ يا أَمْسِيَ أَبكيكَ
لَسْتُ يا أَمْسِيَ أَبكيكَ / لِمجدٍ أَو لجاهْ
سلَبَتْهُ منِّيَ الدُّنيا / وبزَّتْني رداهْ
فأَنا أَحتقرُ المجدَ / وأَوهامَ الحَياهْ
أَو لعُمْرٍ بَلَغَتْ منهُ / اللَّيالي مُنْتهَاهْ
وتَلاشَتْ في خِضَمِّ / الزَّمنِ الطَّاغي قواهْ
فأَنا مَا زلتُ في / فَجْرِ شبابي أَو ضُحَاهْ
لا ولا أَبكيكَ يا أَمسي / إِذا مَا قلتُ آهْ
لنَعيمٍ لم يَنَلْ / قلبيَ منهُ مُشْتَهَاهْ
فبنو الأَيَّامِ في الدُّنيا / كما شاءَ الإِلهْ
إنَّما أَبكيكَ للحبِّ / الَّذي كانَ بَهَاهْ
يملأُ الدُّنيا فأَنَّى سِرْتُ / في الدُّنيا أَراهْ
فإذا مَا لاحَ فجرٌ / كانَ في الفجرِ سَنَاهْ
وإذا غرَّدَ طيرٌ / كانَ في الشَّدوِ صَدَاهْ
وإذا مَا ضاعَ عِطْرٌ / كانَ في العِطْرِ شَذَاهْ
وإذا مَا رفَّ زهرٌ / كانَ في الزَّهرِ صِبَاهْ
فهْو في الكونِ جمالٌ / يملأُ الأُفْقَ ضِيَاهْ
وتُوَشِّي هذه الأَكوانَ / بالسِّحْرِ رُؤَاهْ
وهو في قلبي الَّذي / عانَقَهُ الفَجْرُ إِلَهْ
عبْقرِيُّ السِّحْرِ ممراحٌ / وديعٌ في سَمَاهْ
يَنْسجُ الأَحلامَ في قلبي / بِأَضْواءِ الحَيَاهْ
ويُغَنِّيني فأنسى / في مَسَرَّاتِ غِنَاهْ
كلَّ مَا في الكونِ / مِنْ حُزنٍ وأَفراحٍ عَدَاهْ