القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 3
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ / وارفعوا الستْرَ عن الصبح المبينْ
وابعثوه عَسْجداً مُؤْتلِقاً / زاد في لألائه طولُ السنينْ
وانتضوا من غمدِه سيفغَ وَغىً / كان إن صال يَقُدُّ الدارعين
وقناةً جَلَّ من ثَقَّفها / للحِفاظِ المُرِّ والعزم المكين
لوتِ الدهرَ على باطله / وهي كالحقِّ صَفاةٌ لا تلين
هزمت جيشَ الأباطيلِ فما / غادرتْ غير جَريح أو طعين
كتب اللّه على عامِلها / إنما الْخُلْدُ جزاءُ العاملين
جدت ضمَّ سناء وسنا / ومصاص الطهر في دنيا ودين
طاعة الأملاك فيه امتزجت / في السموات بعز المالكين
فتشوا في الترب عن عزمته / وعن الإقدام والرأي الرصين
واخفضوا بالصمت في محرابه / أفصح الألسن صمت الخاشعين
وانتحوا من قبره ناحيةً / واحذروا أن تزحموا الروح الأمين
وحنانا بضريحٍ طالما / صقلته قبلات الطائفين
وجثت مصر به خاشعة / تذرف الدمع على خير البنين
صَيْحَةٌ قدْسِيَّةٌ إن سكتتْ / فلها في مِصْرَ رَجْعٌ ورَنينْ
وعَرينٌ حَلَّ فيه ضَيْغَمٌ / رحمةُ اللّه على لَيْثِ العرين
ومضاءٌ عَرَفَتْ مِصْرُ به / أنَّ للحقِّ يميناً لا تمين
لا أرَى قَبْراً ولكني أرَى / صفحةً من صَفحاتِ الخالدين
أو أراه قَصَبَ المجدِ الذي / دونه ينفَقُ جُهْدُ السابقين
أو أراه عَلَماً في فَدْفَدٍ / لمعتْ أضواؤُه للحائرين
أو أراه روضةً إنْ نَفَحتْ / خَجِلَ الوردُ وأغْضَى الياسَمين
أو أراه دَوْحَةً وارفةً / نَشَرَتْ أفياءَها للاجئين
أو أراه قلبَ مصرٍ نابضاً / بِمُنىً تمحو من القلبِ الأنينْ
نَقَلوا التابوتَ تَحْتَفُّ به / رَحَماتٌ من شِمالٍ ويمين
ذاك بَعْثٌ حَيِيَتْ مصرُ به / من جديدٍ تلك عُقبى الصابرين
هل علمتم أنَّ مَنْ واريتُمُ / في حَنايا كلِّ مصريٍ دفين
ما لِسعدٍ حُفْرةٌ واحدةٌ / هو مِلءُ القلبِ ملءُ الأرَضين
كلُّ بيتٍ فيه سعدٌ ماثلٌ / في إطارِ من حَانٍ وحنين
نظرةُ الرئْبالِ في نظرته / وانبلاجُ الحقِّ في ضَوْءِ الجبين
وضعتْ مصرُ به آمالَها / فاستقرَّتْ منه في حِصْنٍ حصين
هو للأَبناءِ عمٌّ وأبٌ / وهو للآباءِ خِلٌّ وخَدينْ
كان سعدٌ عَلَماً منفرداً / هل يُرَى للشمس في الأفْقِ تَنين
إنّ أمَّ المجدِ مِقْلاتٌ فكم / سَوَّفَتْ بين جَنينٍ وجَنين
تبخَل الدنيا بآسادِ الشرَى / أيّها الدنيا إلى كم تَبْخَلين
أنتِ قد أنجبت سعداً بطلاً / وقليلٌ مثلَه مَنْ تلدين
وجدتْ مصرُ به واحدَها / ربَّ فَرْدٍ بأُلوفٍ ومئين
ومن الناسِ نضارٌ خالصٌ / ومن الناس غُثاءٌ وغَرين
ومن الناس أسودٌ خُدَّرٌ / ومن الناس ذُبابٌ وطنينْ
قاد للمجد مناجيد الحمى / كلُّهم أرْوَعُ مُنْبَتُّ القَرينْ
تقرأُ الإقدامَ في صفحتهِ / مثلَما تقرأُ خطَّ الكاتبين
كلّما مرّتْ به عاصفةٌ / زَعزَعٌ مرَّت على طَوْدٍ رَكين
تقرَعُ الأقدارُ منه عَزْمَةً / أنِفَتْ صخرتُها أنْ تستكين
يا بني الرُبّانِ لا تستيئسوا / إنْ مضى الموتُ برُبانِ السفين
إنّ سعداً أخضع الريح لكم / والبقيَّاتُ على اللّه المعين
لاحتِ الفرصةُ في إبّانِها / إنها لا تُرْتَجَى في كلِّ حين
فهلمّوا فاقْنِصوا طائرَها / كلّكُمْ بالسبق والنصر قمين
صَدَقَ اللّه تعالَى وعدَه / إنما الفوزُ ثواب المخلصين
هزّتِ البُشْرَى جَناحَ الخافقيْنْ
هزّتِ البُشْرَى جَناحَ الخافقيْنْ / ومضتْ تخطِرُ بين المشرقيْنْ
وتهادَى النيلُ نشوانَ الهوىَ / ينثرُ الأزهارَ فوْق الشاطئينْ
كَمْ وكم للّهِ في الناسِ يَدٌ / يعجِزُ الشكرُ عليها باليدينْ
دُرّةٌ من سُؤدَدٍ لامعةٌ / ضمّها العرشُ لأغلى دُرَّتينْ
دُرّةٌ للمُلْكِ ما ماثلها / كَرَمُ التبْرِ ولا صَفْوُ اللجينْ
وشعاعٌ زاد في لأْلائِهِ / أنّه من لَمحاتِ النيِّرينْ
وشذىً من زهرةٍ ناضرةٍ / جمّلتْ في مصرَ أزهَى زهرتينْ
شرفُ الدوْحَة لاقَى شرفاً / فنما الفرعُ شريفَ المبِتَيْنْ
قرّتِ الأعْيُنُ لمَّا أنجبتْ / مصرُ للدنيا بها قرّةَ عَيْنْ
ونجا فاروقُها فاستبشرت / وصفا الدهر فكانت بُشْرَيَيْنْ
فاجتلت مصرُ مناها مرّةً / ثم عادت فاجتلتها مرَّتينْ
كم وقفنا نرتجي البُشْرَى كما / يُرْتَجَى بدرُ الدجَى في ليل غَيْنْ
واتجهنا نحو عابدين التي / أصبحتْ ثالثةً للقبلتينْ
صورةٌ للحبِّ ما أصدَقَها / ومن التصوير تزييفٌ ومَيْنْ
ومشى أجدادُها في مَوْكِبٍ / زاحم الدهرُ به بالمنكِبَينْ
مَوْكِبٌ قد خفَقَت أعلامهُ / وعلت فوقَ مَناطِ الفرقديْنْ
لم تَرَ العينُ له مثلاً ولا / خطرتْ أوصافُه في أذنينْ
يخْطِرُ التاريخُ فيه مثلَما / يخطِرُ الفارسُ بين الجحفَلَيْنْ
فيه مُحْيي مصرَ في أبنائه / زينةِ الدنيا وفخرِ المَلَوينْ
من كإسماعيلَ في آلائِهِ / أو كإبراهيم حامي الْحَرَميْنْ
جذوةُ الحربِ إذا ما اشتعلتْ / وبدا الشرُّ وأبدَى الناجذين
جمع الضادَ إلى رايته / مذ رآها أثَراً من بعدِ عَيْنْ
بدّدَت دُهْمُ الليالي شملَها / والليالي كلُّها من أبَوَيْنْ
فحباها وَحْدَةً ما عرفتْ / في الهَوى حدّاً لأقصى بلدينْ
وصلتْ رضوَى بلُبْنانَ كما / مزجت بالنيل ماءَ الرافدينْ
عجباً من آيةٍ كانتْ له / أصحتْ بابنِ فؤادٍ آيتيْنْ
ليس للعُرْبِ سواه عاهلٌ / يبهرُ الدنيا بعدلِ العُمَرينْ
زيّنتْه نشأةٌ طاهرةٌ / وهو للطهْرِ وللنشأةِ زَيْنْ
قانتٌ للّه في محرابِهِ / لم يَشُبْ آمالَه في اللّه رَيْنْ
مَلِكٌ يجتابُ ثوبيْ مَلكٍ / أينَ مَنْ يُشبهُه في الناس أينْ
سرَقَ النيلُ الندَى من كفِّه / فأسَالَ التِبْرَ فوق الواديينْ
حُبُّه دَيْنٌ وَدِينٌ للورَى / يَا لهُ في الحبِّ من دِينٍ ودَيْنْ
وبنى الملكَ أبوهُ جاهداً / فسَما فوق بناءِ الهَرَمينْ
عَلَوِيُّ العزم إنْ رام العلا / لم يضِقْ ذَرْعاً ولم يمَسْه أيْنْ
رفع الشعرَ إلى منزلةٍ / لم ينلْها في زمان ابن الْحُسَينْ
دَوْلةٌ قامتْ تناغِي دوْلةً / فنعِمْنا في ظِلال الدولتينْ
ربَّما في الشعرِ قامتْ صَفْحةٌ / بالذي يَعْيا به ذو الصفْحتينْ
إنّما الشعرُ على كثرتهِ / لا تَرى فيه سوى إحدى اثنتينْ
نفحةٌ قُدْسِيَّةٌ أو هَذَرٌ / ليس في الشعر كلامٌ بَيْنَ بَينْ
سلِمَتْ للتاجِ أصفَى دُرّةٍ / وأقرَّ اللّهُ عيْنَ الوالدينْ
جمعَ اللّهُ لها الْخيرَ كما / جمعَ الدنيا لنا في مَلِكَينْ
سكت الصوت الذي دوّى زمانَا
سكت الصوت الذي دوّى زمانَا / وطوى الموتُ من الفصحى بيانَا
الفصيحُ القول قد أخرسه / قدرٌ يُخرس في الموت اللسانا
ما عهدناه على المنبر إلاّ / ماضياً كالسيفِ نصلاً وسنانا
يُرسل الأشعارَ حمراء اللّظى / والأغاريدَ صفاءً وليانا
كان صوتاً عربياً خالصاً / يسلك البيد ويستّن الرعانا
يقطعُ الأرض وهاداً وربىً / ويشق الجوَّ متناً وعنانا
بين بيروت وبغداد ترى / منه في الشعر الكريماتِ الحسانا
يُرسل الصيحةَ بالحق كما / يُرسل الناعي إلى اللّه الأذانا
كان في الحزمة أقوى مكسراً / أيُّ خطبٍ دهم العودَ فلانا
أيّها الشاعرأزمعت السرى / وتخيرت على البيْن الأوانا
كنت تهوى كل جحفلٍ حاشدٍ / فرماك الموتُ في الحفل عيانا
لم تمت فوق سريرٍ ناعمٍ / يكتسي ندا ويندى زعفرانا
إنما مت خطيباً في فمٍ / باغمٍ قد فقد اليوم الحنانا
من يجيب اليوم أبناءك إن / هتفوا باسمك فيهم يا أبانا
أيّها الضوء الذي أبصرته / لم يثر ولم ينفث دخانا
كنتَ في الشعر مكاناً عالياً / من تُرى بعدك يستد المكانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025