خلِّ برلينَ ولندنْ
خلِّ برلينَ ولندنْ / يَصعدا أوْجَ التَّمدُنْ
واعتصمْ بالنيل تَسعدْ / واسلُ جَيحونَ والأردنْ
واطَّرح أنسَ دمشق / وانسَ بغداد والأرزن
مدْحُ مصر اليوم يَحسُن / أفصحتْ بالمدح ألْسُنْ
روضُ واديها خصيبٌ / فيه للنيلِ التَّسلطن
إن نقلْ جنةَ عدن / منك لا تُطلبُ أيمْن
تحتها الأنهارُ تجري / وبها التنعيم يقطن
مركزُ الدنيا جميعاً / منذُ أدوارٍ وأزمن
وأريبٌ حلَّ فيها / يصطفيها للتوطن
منزهٌ زاهٍ بهيّ / بالتزيِّن والتزيُّن
لا تزنْها بسواها / فهي عند الوزن ترْزُن
ذِكْرها في الذّكْرِ يَقضي / لعُلاها بالتمكّن
كيف لا تنمو وفيها / روحُ جثمانٍ التَّيَمُّن
إن إسماعيل أصلٌ / حولَه الأنجالُ أغصُن
قد حذوْا حذوَ أبيهم / صوبَ عطفٍ وتحنُّن
سرُّ تَوفيقِ إلهٍ / أمرُه في قول كُن
أسكنَ المُلْكَ ببيتٍ / لم يكنْ لولاه يُسكن
وارتقتْ مصر مقاماً / عنده الأقيالُ تجبن
أشرقتْ فيها شموسٌ / نوّرتْ أفقُ التفطُّنْ
كم فنون مبدعات / زانها حسن التفتن
وتعاديك أصولٌ / طبقَ مِنهاج التديُّن
وقوانينُ تجار / قصدُ ترويح التدهقن
جندُها براً وبحراً / لا يُبارَى في التمرُّن
فهُمو أسدُ عرينٍ / سيفُهم للفتكِ برثن
كم جَوارٍ منشآتٍ / بلغاتِ البحر تَرطن
سفنُ إسماعيل قالت / افترضْ ما شئتَ واسْنُن
حَوَّلَ البرزخَ بحراً / ونسيمُ السعدِ يَسفن
ومنيعاتُ بروجٍ / محكماتٍ في التحصّن
كم طريقٍ من حديدٍ / تسبقُ الطَّير فيمكن
وبريدٌ كهربائي / وحْيه لمحةُ أعين
ووبوراتُ مياه / كجبالٍ النار تُدْخِن
ومبانيها العوالي / كمعالي الملكِ تَرصُن
كم بها من سلسبيل / كوثريً ليس يَأسن
عينه العذبةُ منها / عينُ أهل الحقدِ تَسْخن
وشموسُ الغازِ يجلو / نورَها ما كان يَدجن
منظرُ الألعاب يسمو / بأعاجيبِ التلوُّن
وجيادُ الخيل قالت / قد رَبحنا السبقَ فامنن
مصرُ إسماعيل نالت / صِفوَ عيشٍ ليس يأجن
سل قُراها كي تراها / ألفتْ وصفَ التحسن
وبَوادي كل وادي / أنفتْ طبعَ التَّخشُّنْ
فلنهنئْهُ بعامٍ / ذي سُعودٍ عن تَيقُّنُّ
كسنينٍ تتوالى / بدلالاتِ التضمن
فاحظَ بالبُشرى وأرِّخْ / دَوْرَ تقديمِ التمدُن