حَسّن الهَجْرَ مع القُرْبِ لعَيْني
حَسّن الهَجْرَ مع القُرْبِ لعَيْني / أنّنا لا نلتقي إلا بَبيْنِ
وَدَّعونا وفؤادي مَعهمْ / يا سقَى اللهُ عهودَ الظْاعنَيْن
واستَرابَتْ ببُكاها مُقلتي / كان مِن شَأْنَين أو من وَدَجَيْن
كُلُّ حَربٍ سَمِعوا يوماً بها / أوقَعوها بين أيّامي وبَيْني
والعيونُ العامريّاتُ إذا / فتكَتْ أنستْكَ فَتْكَ العامِرَيْن
بسهامٍ ما بَراها صَنَعٌ / وسُيوفٍ ما جلَتْها يَدُ قَيْن
منَ عَذيري مِن تَمادي حُرَقي / وتَوالي قَطَراتِ الدَّمْعَتَيْن
لي هوىً يُبْلي ولي دمعٌ يَشي / أىُّ أسراريَ تَخْفَى بينَ ذَيْن
ما على العاشقِ من عَتْبٍ إذا / خُزنَت أسرارُهمْ في المَدمَعيْن
هُمْ سَبَوا قلبيَ حتّى لم أجِدْ / مَوضعاً فيَّ لسرّي غيرَ عَيْني
أيّها الرَّكبُ بشَرقيّ الحِمى / هل لكمْ عِلْمٌ بأهلِ العَلمَيْن
ظَعنوا في أيّ واديّ الكُوَى / وحدا بالقلبِ أىُّ الحاديَيْن
يَملأ لِبيدَ بأشياخهمْ / كُلُّ عيديٍّ نَجيبٍ وعُصَيْني
ويُغيبُ الشّمسَ في نَقعهمْ / مَرَحُ الخيلِ وتَجريرُ الرُّدَيْني
وعلى أكوارِهمْ من وَجْرة / سُدُمُ الآرامِ تَنْحو رامَتَيْن
فيهمُ مَنْ عَلِقَ القلبُ به / وأطالَ الوجدَ غيْظُ اللاّئمَيْن
والقنا يَسْعَى حَوالَيْ خِدْرِه / دَورةَ الهُدْبِ على إنسانِ عَيْن
أسلَم الصَبَّ إلى حَرٍّ الجوَى / وإلى القَطْرِ بقايا الدِّمنتَيْن
لا تَظنُّوا أنّ سَجعاً شاقَني / أنا أطربتُ حَمامَ الواديَيْن
أنا علَّمتُ الشّتا حينَ بكَى / دَمعَهُ يَرقُمُ رَسْمَ الرَّقمتَيْن
لك أن تُخلِفَ ميعادَ الحَيا / أيّها البرقُ ولا بالرَّقمتَيْن
فسقاها غيرَ ماحِ رسْمها / دانيَ الهَيْدَبِ نائي الحَجْرتَين
واقفاً يبكي على آثارهم / وِقفةَ العاشقِ بَيْنَ العاذِلَين
يَسبِقُ الرَّعدَ ببَرقٍ مثْلَما / يَبْدُر الزَّجْرُ بلَمْعِ الحاجبَيْن
لستَ يا غَيثُ وإنْ روَّيتَها / مثْلَ زينِ المُلكِ في جودِ اليَدين
ومتى تَتْركُ أن تُشبهَهُ / فامْطِرِ الأرضَ بِتبْرٍ أو لُجَين
ماجدٌ كلتا يدَيْه في النَّدى / رِفدُها يخجِلُ رِفْدَ الرّافدَين
هو مَعْنَى العَدْلِ جوداً لا هوى / وهْو زينَ المُلك صدْقاً غيرَ مَيْن
زانَه حين دعاه زَينه / ولقد يدعَى بزَينٍ غيرَ زَين
يَحمِلُ الوَفْدَ إلى أبوابهِ / كُلُّ مُرتاحِ مَجالِ النّسعَتين
كَسبوا بينَ الأيادي بالسُّرى / والمطايا كَسْبُهمْ رُوحاً بأَيْن
صائبُ الرّأيِ بَعيدُ المُنتهَى / طاهُرُ العِرْضِ حَميدُ الشيمتَين
حَسَن أحسنُ ما في حُسنه / خُلُقٌ يَعدِلُ سَمتَ الحَنّين
لو رأينا مِثْلَه في عَصْرِه / لرأينا في المنامِ القَمَرين
وإذا هَزَّ لخَطْبٍ قَلماً / ناب عن كُلِّ رقيقِ الشَّفْرتَين
وإذا أعملَ حَدَّيْ رأيه / في عَدُوٍّ كان أمضَى المُرهَفيْن
جُمع الجَدُّ معَ الجِّدِ له / لا يزالا عندهُ مُجتَمِعَين
وتَناهَى العلْمُ والجودُ به / فتَواردْنا لبَحْرٍ لُجَّتَيْن
أسرَع الصّومُ إلى ساحتِه / باسمَ الثّغْرِ صَدوقَ البُشْرَييْن
فَلْيصُمْ أمثالُه في نِعمةٍ / وعُلاَ تَبقَى بقاءَ الرّافدَين
يا مُقيمَ المجدِ في أعلَى السُّها / ومُطارَ الذِّكْرِ بينَ الخافقَين
هاكَها مصقولةً لو جُسِّمَتْ / قُرِّطَ السّامعُ منها دُرَّتَيْن
مَأْخَذُ الشِّعْرِ قَريبٌ أَمَمٌ / فإذا شئْتُ يفوقُ الفرقَديْن
فابْقَ في عزِّ عُلاً لا يَنقضي / عَهدُه قبلَ مآب القارِظَين
تَقتفي كُلَّ وليٍّ بغِنَى / وإلى كُلِّ أخي ضِغْنٍ بحَين
فإذا غَيَّر حالاتِ الورَى / كان كالدَّهرِ مُقيمَ الحالتَين