أُولِعَت بِالغَدرِ في أَيمانِها
أُولِعَت بِالغَدرِ في أَيمانِها / وَوَفَت بِالوَعدِ في هِجرانِها
أَنجَزَت ما وَعَدَت مِن نَأيِها / لَيتَها دامَت عَلى لَيانِها
غادَةٌ في ثَغرِها مَشمولَةٌ / حُرِّمَ الرِيُّ عَلى ظَمآنِها
حَلّأَت عاشِقَها عَن وِردِها / وَحَمَتها بِظُبا أَجفانِها
لا تُحَدِّث قَلبَكَ العاني بِها / بِسُلُوٍّ فَهُوَ مِن أَعوانِها
حَمَلَت ريحُ الصِبى مِن أَرضِها / نَفحَةً تُسنِدُها عَن بانِها
فَتَعَرَّفنا بِرَيّا عَرفِها / أَنَّها مَرَّت عَلى أَردانِها
أَنتِ أَشجاني وَأَوطاري فَيا / شَجوَ نَفسٍ أَنتِ مِن أَشجانِها
يَئِسَ العائِدِ مِن إِبرائِها / وَسلا العاذِلِ عَنِ سُلوانِها
أَخلَقَت جِدَّةُ أَثوابِ الصِبى / فيكِ وَالصَبوَةُ في رَيعانِها
وَبِأَحناءِ ضُلوعي زَفرَةٌ / ضاقَ باعُ الصَبرِ عَن كِتمانِها
آهِ لي مِن كَبِدٍ مَقروحَةٍ / طُوِيَت فيكَ عَلى أَحزانِها
وَلِأَيّامِ شَبابٍ بِعتُها / مُرخِصاً بِالنَزرِ مِن أَثمانِها
وَبِجَرعاءِ الحِمى جارِيَةٌ / تَملِكُ الحُسنَ عَلى أَقرانِها
سُمتُها يَومَ التَنائي ضَمَّةً / فَأَحالَتني عَلى قُضبانِها
خَلِّها يا حادي العيسِ على / رِسلِها تَمرَحُ في أَرسانِها
تَحمِلُ الأَقمارَ في أَفلاكِها / وَغُصونَ البانِ في كُثبانِها
ظَعُناً أَستَودِعُ اللَهَ عَلى ال / نَأيِ قَلباً سارَ في أَظعانِها
وَعَلى وادي أُشيِّ سَرحَةٌ / تُجتَنى اللَوعَةُ مِن أَغصانِها
فَاحِبِسِ الرَكبَ عَليها سائِلاً / كُنُسَ الغِزلانِ عَن غِزلانِها
فَلَكَم أَجرَيتُ أَفراسَ الصِبى / وَخُيولَ اللَهوِ في مَيدانِها
وَتَقَنَّصتُ الدُمى في جَوِّها / وَجَنَيتُ العَيشَ مِن أَفنانِها
لا تَعِب فَرطَ حَنيني رُبَّما / حَنَّتِ النَيبُ إِلى أَعطانِها
أَنا مُحتاجٌ إِلى عَطفِكُمُ / حاجَةَ الدُنيا إِلى سُلطانِها
هُوَ ظِلُّ اللَهِ في الأَرضِ عَلى / أَهلِها وَالروحُ في جُثمانِها
بَثَّ في أَقطارِها مَعدِلَةً / تُؤمِنُ الظَبيَةَ مِن سِرحانِها
حُجَّةُ اللَهِ في الخَلقِ فَما / يُنكِرُ الجاهِلُ مِن بُرهانِها
جَمَعَت أَيّامُهُ ما أَثَّرَت / خُلَفاءُ اللَهِ في أَزمانِها
نَظَرَ الدُنيا بِعَيني مُشفِقٍ / أَن يَراهُ اللَهُ مِن أَخدانِها
فَأَهانَ الجودُ في راحَتِهِ / ما أَعَزَّ الناسُ مِن عِقيانِها
جَمَعَ السودَدَ في تَبديدِها / وَأَطاعَ اللَهَ في عِصيانِها
دَعوَةً أَعلَنَها اللَهُ فَما / يَنقَمُ الحُسّادُ مِن إِعلانِها
رَدَّها اللَهُ إِلى تَدبيرِهِ / فَاِستَقَرَّت مِنهُ في أَوطانِها
نالَ ما يَبغيهِ مِنها وادِعاً / وَسُيوفُ الهِند في أَجفانِها
أَسَدٌ أَخلى الشَرى مِن أُسدِها / وَحَمى الرَدهَةَ مِنُ ذُؤبانِها
فَمُلوكُ الأَرضِ تَنقادُ لَهُ / طاعَةً تَخضَعُ في تيجانِها
وَإِذا مَرَّت عَلى أَبوابِهِ / صيدُها خَرَّت عَلى أَذقانِها
يا إِمامَ العَصرِ هُنِّئتَ بِها / دَولَةً غَرّاءَ في إِبّانِها
شِدتَ مِنها مُعلِياً ما شادَهُ / جَدُّكَ المَنصورُ مِن بُنيانِها
لَكَ في المَحلِ يَدٌ هَطّالَةٌ / يَخجَلُ الأَنواءُ مِن تَهتانِها
سالَ وادي جودِها حَتّى لَقَد / غَرِقَ الإِعسارُ في طوفانِها
طُلتَ أَفلاكَ الدَرارِيِّ عُلاً / فَاِسمُ بِالفَخرِ عَلى كَيوانِها
فَرَسولُ اللَهِ مِن جُرثومَةٍ / عودُكَ الناضِرُ مِن عيدانِها
يابَني العَبّاسِ أَنتُم نَبعُها / وَقُرَيشٌ بَعدُ مِن شِريانِها
أَنتُمُ الذُروَةُ مِن غارِبِها / أَنتُمُ المُقلَةُ مِن إِنسانِها
أَنتُمُ الساداتُ مِن أَجوادِها / وَالكُماةُ الحُمسُ مِن فُرسانِها
أَنتُمُ لِلناسِ أَعلامُ هُدىً / يَلتَجي الساري إِلى نيرانِها
أَنتُمُ في الحَشرِ ذُخرٌ يَومَ لا / يَنفَعُ النَفسَ سِوى إيمانِها
يَومَ لا تَحبَطُ أَعمالُ فَتىً / حُبُّكُم في كَفَّتي ميزانِها
وَذُنوبٌ أَوبَقَتني كَثرَةً / بِكُمُ أَطمَعُ في غُفرانِها
كَعبَةُ اللَهِ الَّتي حَرَّمَها / أَنتُمُ الخيرَةُ مِن جيرانِها
يَنفَدُ الدَهرُ وَكَم مِن أَثَرٍ / لَكُمُ باقٍ عَلى أَركانِها
لَكُم الفَضلُ عَلى ساداتِها / شَيبِها وَالغُرِّ مِن شُبّانِها
أُنفِذَ المَبعوثُ مِنكُم هادِياً / عُربَها الضُلّالَ مِن طُغيانِها
ذادَها عَن مَوقِفِ الشِركِ وَقَد / عَكَفَت جَهلاً عَلى أَوثانِها
رَحَضَ اللَهُ بِكُم أَدناسَها / حَيثُ كانَ الكُفرُ مِن أَديانِها
أَنتُمُ زَحزَحتُمُ الأَذواءَ عَن / مُلكِها وَالفُرسَ عَن إيوانِها
يالَها مِن أَسَلٍ سالَت بِها / أَنفُسُ البَغي عَلى خِرصانِها
وَسَقَت مِن عَبدِ شَمسٍ سُمرُها / ما آثارَ الوِترُ مِن أَضغانِها
عُصبَةٌ مِن هاشِمٍ تَأييدُها / يوقِعُ الأَعداءَ في خِذلانِها
رَفَعَ اللَهُ لَها أَلوِيَةً / كُنِبَ النَصرُ عَلى عِقبانِها
تُؤمِنُ الأَبطالَ في الرَوعِ بِها / وَالسُرَيجيّاتُ في أَيمانِها
فَإِذا ما رَكِبَت في مَأزِقٍ / أُسدُها الغُلبُ عَلى عِقبانِها
تُسلَبُ الأَغمادُ عَن رَوضاتِها / وَعِيابُ السَردِ عَن غُدرانِها
وَغَدَت توطِىءُ أَعناقَ العِدى / فَضلَ ما تَسحَبُ مِن مُرّانِها
فَالكُماةُ الصِيِّدُ في يَومِ الوَغى / كومُها وَالوَحشُ مِن ضيفانِها
بِالإِمامِ المُستَضيءِ اِكتَسَبَت / شَرَفاً يُربي عَلى عَدنانِها
قَرمِها ماجِدِها سَيدِها / طَودِها مِطعامِها مِطعانِها
خَيرِ مَن داسَ الثَرى مِن رَجلِها / وَاِمتَطى الغارِبَ مِن رُكبانِها
يا أَميرَ المُؤمِنينَ اِجتَلِها / حُرَّةً بالَغتُ في إِحصانِها
غُرَراً تَبقى بَقاءَ الدَهرِ ما / سارَ في مَدحِكَ مِن ديوانِها
عُرُباً أَنسابُها تَعرِفُها / مِن قَوافيها وَمِن أَوزانِها
بَدَوِيّاتٍ إِذا حاضَرتَها / فاحَ عَرفُ الشيحِ مِن أَردانِها
رَعَتِ الآدابَ حيناً تَجتَني / مِن خُزاماها وَمِن سَعدانِها
طَلَبَ الناسُ لَها عَيباً فَما / عابَها شَيءٌ سِوى حِدثانِها
أَخرَسَت كُلَّ فَصيحٍ فَغَدا / يُفصِحُ الحاسِدُ بِاِستِحسانِها
نَشَأَت في ظِلِّكَ السابِغِ لا / في رُبى نَجدٍ وَلا غيطانِها
مَدحُها الوَحيُ إِذا ما اِستَملَتِ ال / شُعَراءُ الشِعرَ مِن شَيطانِها
تَخَذَتهُ قالَةُ الشِعرِ فَلَو / أَنصَفَتهُ كانَ مِن قُرآنِها
لَم تَزَل مُحسِنَةً في مَدحِها / فَأَجزِها الحُسنى على إِحسانِها
وَاِقتَنِع مِنها بِما في وُسعِها / لا تُكَلِّفها سِوى إِمكانِها
وَاِبقَ مَرهوبَ السَطا ما اِنتَسَبَت / أُسدُ خَفّانٍ إِلى خَفّانِها
وَسَطَت جائِزَةً في حُكمِها / سورَةُ الخَمرِ عَلى نَدمانِها