القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 4
فتنة الناس وقينا الفتنا
فتنة الناس وقينا الفتنا / باطل الحمد ومكذوب الثنا
جلبت لي الهم والهمُّ عنا / آه ما أروحني لولا المنى
آه ما أخيبني من غارس / شجر الآمال لكن ما جنى
كلما حدِّثت عن نجم بدا / حدثتني النفس أن ذاك أنا
أمل أخشى عليه زمني / فلو استطعت أطلت الزمنا
لا تذكرني الهنا يشجو الحشا / ذكره إني ألفت الشَّجنا
إنما أشكو حياة كلُّها / تبعات كنت عنها في غنى
لا تخله في هناء ظاهر / كلُّ من في الأرض لا يدري الهنا
غرّد الطير فقالوا : مسعد / ربَّ نوح خاله الغرُّ غنا
وانثنى الغصن ولولا أنه / حامل ما لم يطقه ما أنثنى
أترى الانجم طرّاً تشتكي / ذا أم الآلام خصت نجمنا ؟
بات يرعى الشُّهب مضنى جالباً / سهراً راق له وهو ضنى
أترى اسجليت منها غامضاً / أنت يا من بالدراري افتتنا
آه ما أبهاك يا ليل على / ظلمة فيك وما أجلى سنا !
أترى مرتهناً بات بك البدر / أم بتَّ به مرتهنا
قمن أنت ذا لم تهوه / فبه سرُّك أضحى علنا
كم فؤاد فيك مطوي على / حرق من غير ما ذنب جنى
ومعنًّى أزعج الشُّهب له / حر أنفاس فرادى وثنى
فعلى الرفق فما أبقى الأسى / أملا يجدي على الرفق بنا
أنا حَّملتك يا طير الأسى / أنا حتى عدت منه ألكنا
تلك أثقال المنى شاطرتني / حملها أنت فأسديك الثَّنا
أنت مثلي شاعر معتزل / فتغنى كي تميل الغصنا
أنت لا تطلب ما لا ينبغي / فدع الألقاب عنّا والكنى
أنت يا آمال قد عاهدتني / بالوفا لا لا تخوني عهدنا
غنّني باسم عراقي تشجني / واترك الشَّام وخلِّ اليمنا
لا أرى لي بدلا عنه وقد / عذب الورد وطاب المجتنى
أترى يغنيك عنه وطن / أنت يا من خان هذا الوطنا
لم تبع شعبك لو أنصفته / فمن الشَّعب قبضت الثّمنا
خلَّف المجد لنا من سلفوا / افيخزي عارنا من بعدنا
مثلُ دنِّ الخمرِ نفسي
مثلُ دنِّ الخمرِ نفسي / أبداً في غليانِ
وأنا آكل من قلبي / ولا يدري لساني
كيف بعد الختمِ تقوى / أن تبوحَ الشفتانِ
جَدِّدي ريحَ الصبَا عهد الصِبا
جَدِّدي ريحَ الصبَا عهد الصِبا / وأعيدي فالأحاديثُ شُجونُ
إن أباحتْ لكِ أربابُ الهَوى / سِرَّه فالحكمُ عندي أن يصونوا
جدِّدي عهدَ أمانيه التي / قُرِنَ العيشُ بِها نِعمَ القرين
يومَ كنّا والهوى غضٌّ وما / فُتِحَتْ إلاّ على الطُهْر العُيون
ما عَلِمنا كيفَ كُنّا وكذا / دينُ اهلِ الحبِّ والحبُّ جُنون
أشرقَ البدرُ على هذي الرُبى / أفلا يُخسِفُه منكُمْ جَبين
جَلَّ هذا الجِرمْ قدراً فلقد / كادَ يهتزُّ له الصخرُ الرزين
كل أوقاتيَ رهنٌ عندَه / الدجُى . الفجرُ. الصبحُ المبين
سَألونا كيف كنتم ْ إن مَنْ / دأبُه ذكرُكمُ كيفِ يكون
هوَّن الحبَّ على اهل الهَوى / أن تَركَ الحبِّ خطبٌ لا يهون
ما لهُمْ فيه مُعينونَ وما / لذَّةُ الحب إذا كان مُعين
ميَّزَت ما بين أرباب الهوى / ودَعاويهم : وجوهٌ وجُفون
وهواكُمْ لا نَقَضْنا عهَدكُمْ / وَضمينٌ لكُمُ هذا اليمين
ايفى النجمَ فيبقى ساهراً / مُحيياً سودَ الليالي ونخون
شَرَعٌ في الناس والدينُ وعودٌ / عم فيها الخُلْفُ والوعدُ ديون
أين من يُرضيكَ منه حاضِرٌ / وهو في عِرضِكَ إن غبتَ ضَنين
فعلى الخير يقينٌ ظَنُّهُ / وعلى الشرِّ فكالظنِ اليقين
جدِّدي كيف اطِّراحي فارساً / ولمرأى وَطَني كيفَ الحنين
وَسلي قلبيَ لِمْ ضاقتْ به / فارسٌ وهي رياضٌ لا سُجون
ضَحِكَت فيها من الروض وجوة ٌ / وجَرَت بالسَلْسَلِ العَذبِ عُيون
واكتَسَتْ بالحسنِ هاماتُ الرُبى / كيفَما شاءَ لها الغيثُ الهَتون
حبذا فارسُ من مُستوطَنٍ / عافَه وخلاّه القَطين
أفَهذا قصرُ " فَرهادِ " الذي / جمعته مع " شيرينَ" المَنون
مثَّلا للحبِّ دوراً طاهراً / لم يَشُبْ أثوابَه البيضَ مُجون
ليس منه غيرُ رسمٍ دارسٍ / مُخبرٍ أنَّ رَحى الدهرِ طَحون
أولا كسرى ولا أجنادهُ / خُلِّيَتْ منهم قِلاعٌ وحُصون
سلَفَت فيهم سنونٌ تَرفاً / واتَتهْم بالبَلِّيات سنون
وكذا الدهرُ على عاداتِه / إن صَفَا حِِينَ نبا والتاث حين
جدِّدي ذكرَ بِلادي إنَّني / يهواها أبدَ الدهرِ رَهين
انا لي دينان : دينٌ جامع ٌ / وعراقي وغَرامي فيه دِين
القوافي أدُمُعٌ منظومةٌ / والأناشيدُ بُكاءٌ وحَنين
كيف لا تُحزنكُم أُهزوجةٌ / كانَ من اوتارها القلبُ الحزين
اكسُ ياربِ بلادي رحمة ً / وحناناً مثلما يُكسَى الجنين
امحُ عنها ذُلَّ ارهاقِ العِدى / أنها ما عُوِّدَت عاراً يَشين
يا مُدانينَ اضاعُوا وطناً / هو للحشرِ بمن فيه مدين
اين كانَ الوطنُ المحبوبُ إذْ / قَلَّتِ الزينةُ مالٌ وبَنون
ليسَ يخفَى أمركُم من بعِدما / قَلِّبَت منه ظُهور وبُطون
كم يُروى منفوخةً أوداجُهُ / من نِعاجٍ هُزِلَتْ ذئبٌ سمين
تَبخَس الأوطان ظلماً حقَها / ثم لا يُسترخَصُ العمرُ الثمين
هذه بغدادُ هذا كرخُها / هذه دجلةُ والماءُ المَعين
هذه الدورُ التي شيَّدها / للسَمَا " مستنصرٌ " أو " مستعين "
كلها تُصبحُ إرثاً ضائعاً / ليَنُح" هارونُ " وليبكِ " الأمين "
ليس تنفكُّ بلادي كلُّها / يَبَسٌ أو كلُّها ماءٌ وطين
دجلةٌ والنيلُ والشامُ معاً / و" الصَّفا " تندُبُ شجواً و " الحَجون "
قُطِّعَتْ أوصالُها وافترقتْ / فشِمالٌ ليس تدري ويَمين
كيفما صَّوْرتَها فلتكُنِ
كيفما صَّوْرتَها فلتكُنِ / أنا عن تصويرةِ الناسِ غني
لا أُبالي قادِحي مِن مادِحي / ليَ في الوجدان ما يُقنِعنُي
لستُ بالجامدِ : إني شاعرٌ / هزة الروح تُرى في بَدنَي
ديدني تصويرُ ما في خاطري / وأنا مُغرىً بهذا الديدنَ
أنا من أجل لِساني مُبتَلى / رغمَ احساسي – بعيش خَشِن
إنما يرفَعُ من مقطوعتي / كوُنها من خَصمِك المضطَغِن
من فتى عَرَّضَه موقفُه / منك بالأمس لشتّى المِحَن
كونُها من شاعر مُطَرَّح / وفكورٍ مُنصِفٍ مُمتَحَن
تاركاً عما قريبٍ أهلَهُ / مستجيراً بإمام اليَمَن!
فاذا لم يهوني كنت امرأً / عاملاً في منجمٍ في عدَن
إنها أروَح لي من مَوطنٍ / أنا منه في عُضال مُزْمِن
أنا أستحسِن ما ليس أرى / وأرى ما ليسَ بالمستحسَن
يا أبا عدنانَ هذي فُرصةٌ / لفؤادٍ بالأذَى محتقِن
لا أُحابيك : ولكنّي فتىً / أطلُبُ الحقَّ ولو في كفَني
يشهدُ التأريخُ واللهُ معاً / أنَّك الذُخرُ لهذا الوطن
عارفٌ أدواءَه مطَّلعٌ / بالخفايا : قاطعٌ للفتَن
فيك : لولا أمةٌ جاهلةٌ / شَبَةٌ يدينك من " موسولني "
بَطَلٌ إنْ مِحَنٌ جارتْ وما / أعوزَ الأبطالَ عند المحن
وصريحٌ لَسِنٌ في مأزِقٍ / ذي احتياجٍ لصريحٍ لَسِن
لُحتَ وضاحاً على حينَ مَشى / كلُّهم تحتَ قِناعٍ أدكن
بخُطىً جبّارةٍ واسعةٍ / وبعقلٍ راجحٍ متَّزن
يومَ كلُّ الناسِ في تمويهِهم / مِثلُ ضبٍ جاحرٍ في مَكمن
فرَغَ الدستُ الذي كنتَ به / ملءَ عينِ المرءِ ملءَ الأذُن
سَحَقَ الهوجَ المهازيلَ فتىً / لم يكن في سَحقِهم بالمَرِن
وعلى الحمقى ثقيلٌ وقعُه / مَن بِغِرٍّ أحمقٍ لا يعتنِي
وأراهم قوة لم يجدوا / مثلَها في هيكل أو وَثَن
لم يروا فيه – كما في غيرهِ / خِدْنَهم من ماجنٍ أو مُدمِن
لم يكن بالرخوِ في أخذِهُمُ / أخذَ جبارٍ ولا بالمثني
أتُراها أمِنَت جرثومةٌ / لم تكنْ من بطشه في مأمَن
نَقَم الحسّادُ إن لم يَلحقوا / شأو مَاشٍ خَببَاً في سَنَن
قائمٍ بالأمرِ معتزٍّ به / وعلى تدبيرِه مُؤتَمَن
ولو اسطاعَت مجالاً كفُّه / قادَهُم كلَّهُمُ في عَطَن
اشهدي ياربةَ الشعر ويا / دولةَ الحقِّ عليه أمنِّي
إن عُقبى ظَفَرٍ تَلحَقُني / من طريق الدسِّ لا تُعجبني
ودنيُّ من يُعادي خصمَه / مِن طريقٍ بالحزازات دَني
أشتَهي أنّي ولو في حُلُمٍ / أُمسكُ الأمرَ لأدنى زَمَن
ولقد يُلهبُ من عاطفتي / أنَّ هذا زمنٌ لم يئِن
أودِعوني دَفَّةَ الحكم ولو / ساعةً آتِ بما لم يَكُن
أُرِكُم أينَ يكونُ المرتشي / أُرِكُم كيفَ مصيرُ الأرعَن
أُرِكم قيمةَ ألفاظٍ بها / يَلبس الكذّابُ ثوبَ الوطني
آتياً في السرِّ ما لا يَستوي / والذي يأتي به في العَلن
أُركم أنْ ليسَ لي من قيمةٍ / غيرُ ما يوجِبُه لي مَعدِني
أُركم أنَّ الذي تخشَونه / ليسَ من يَبكي عليه لوفَنى
يا أبا عدنانَ : هذا واجب الأدَبِ / المحضِ الصريح المُتقَن
إنني ألغيتُ في تسجيله / كلَّ ما في خاطري من دَرَن
ولقد تَعلَمُ ما يَلحَقُني / من أذىً من بَثِّ هذا الشَجن
غيرَ أني واجدٌ في مِثلهِ / لذَّةَ العاشق والمفتَتن
ومن العارِ على الشاعر أنْ / يحتَمي في شعرِهِ بالإِحَن

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025