القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمّد سَعيد الحَبّوبي الكل
المجموع : 2
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ / بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
دَبَّجَت تُربَك وَطفاءُ سُكوب /
يَضحَكُ البَرقُ بِها وَهيَ قُطوب /
ثَرَّةُ الآماقِ تَهمي وَتَصوب /
لَزِمَت جَوَّكَ لا تَعدو ثَراك / تَهزِمُ المَحلَ بِجَيشِ المُزُنِ
وَكَساكَ الرَوضُ مِن وَشيِ الأَقاحِ /
مِطرَفاً تَصقُلُهُ كَفُّ الرِياحِ /
إِنَّما الزَهرُ جَلابيبُ البِطاحِ /
كَم حَكى مَنسوجُهُ لَمّا كَساكَ / وَشيَ مَصنوعٍ بَصَنعا اليَمَنِ
وَتَغَنّى في رُباكَ العَندَليبْ /
يَرقُصُ الغُصنُ لَهُ وَهوَ رَطيبْ /
وَثَراكَ اِختالَ في بُردٍ قَشيبْ /
مِن أَنيقِ الوَردِ وَالرَندِ يُحاكْ / فَيوَشّي نَسجَهُ بِالسَوسَنِ
فيكَ ميعادُ التَداني وَالوِصالِ /
وَاِقتِضاءُ الدينِ مِن بَعدِ المَطالِ /
وَمَلاهينا بِرَبّاتِ الحِجالِ /
فَرَعاكَ اللَهُ مَغنىً وَسَقاكْ / واكَفُ الغَيثِ بِهامٍ هَتِنِ
مُذ وَميضَ البَرقِ مِنكَ اِئتَلَقا /
ضَرَبتَ أَسماءَ وَعدِ المُلتَقى /
فيكَ لي لا بِأَثيلاتِ النَقا /
هُنا يا سَعدُ فقِفْ بي لا هُناكْ / فَهُنا عَرَّجَ بي مُرتَهِني
حَبَّذا تُربِكُ لا المِسكُ الفَتيقْ /
حَبَّذا واديكَ لا وادي العَقيقْ /
كَم حَجَجنا لَكَ مِنْ فَجٍّ عَميقْ /
فَوقَ عيسٍ حَلَّ مَسراها سِواكَ / صَبَغتَ لاحِبَها بالفَرْسَنِ
لِيَ غَزالٌ فيكَ لَم يَأوِ الكِناسِ /
يَرتَعُ القَلبُ وَلا يَرتَعُ آسِ /
ريقُهُ صَهباءٍ وَالمَبسِمُ كاسِ /
قامَ بِالحُسنِ مَليكاً وَمَلاكِ / ناعِسُ العَينَينِ صَلتَ المَرسَنِ
زارَني وَهناً إِذا اللَيلُ سَجا /
بَمُحيّا قَد بَدا فَاِنبَلَجا /
كُلَّما مَزَّقَ جِلبابَ الدُجى /
ظَلَّ في أَصداغِهِ السودُ يُحاكِ / وَيوشيهِ بِكَحلِ الأَعيُنِ
زارَني بِالسَفحِ مِن رَملِ الكَثيبُ /
فَتَعانَقنا وَقَد غابَ الرَقيبُ /
مِثلَما اِلتَفَّ قَضيبٌ بِقَضيبُ /
كُلَّما قَبَّلتُهُ قالَ كَفاكَ / قُلتُ مِن خَدَّيكِ وَرداً أَجتَني
فَاِنثَنى وَاِزوَرَّ مِن تَقبيلِهِ /
نادِماً مِنّي عَلى تَنويلِهِ /
فَرَأَيتُ الشَكلَ مِن إِنجيلِهِ /
قُلتُ يا أَقصى المُنى روحي فِداكَ / ما جَرى قالَ أَما قَبَّلتَني
قُلتُ خُذ عَن قُبلَةٍ مِنّي قَبلُ /
قالَ ما كُلُّ رَوىً يَشفي الغُلَلُ /
قُلتُ مَن لي بِسَجاياكَ الأُوَلُ /
قالَ لي هَيهاتَ مَن يَسمَعُ ذاكَ / أَم أَوفى لا تُباري مَظعَني
شَهِدَت لي بِالهَوى تِلكَ القُدودِ /
فَقَضى الحُسنُ لِتَعديلِ الشُهودِ /
وَمُذ اِستَشهَدَت في تِلكَ الخُدودِ /
قيلَ لي كَذِبٌ وَزورُ مَدعاكَ / أَنَّها مَجروحَةً بِالأَعيُنِ
يا غَزالُ السَفحِ مِن وادي زَرودِ /
كُن كَما شِئتَ بِوَصلٍ أَو صُدودِ /
سَلَفَت مِن أَهلِ تَيماءِ العُهودِ /
لَستُ أَشكو لِزمانٍ مِن نَوالِ / لِيَدٍ بَلَغَتها مِن زَمَني
يَومَ تَزويجِ فَتى المَجدِ حُسَينِ /
طَيِّبُ العِرقِ شَريفُ الحُسبَينِ /
وَخَتّانَ النَجبُ اِبنُ الأَنجُبَينِ /
مَن تَرَبّى وَهوَ في حِجرِ السِماكِ / وَهوَ مِن دَوحِ العُلى كَالفِنَنِ
قُل بِيَومٍ فازَ فيهِ النَيِّرانِ /
ذاكَ في عُرسٍ وَهَذا في خَتّانِ /
سَعدُ ما أَسعَدَ هَذا مِن قَرانِ /
رَصَدَت عَينُ العُلى هَذا وَذاكَ / فَهُما مِنهُما بِمَرأى بَينِ
يا حُسَينُ نِلتَ غاياتَ المُنى /
بِمَسَرّاتٍ جَلَت عَنّا العَنا /
فَأُهنيكَ كَما شاءَ الهَنا /
وَأَهني يا أَخا البَدرَ أَخاكَ / بِالَّذي سَرَّكُم بَل سَرَّني
ذاكَ مَن عَمَّهُم جودُ يَدِهِ /
ذاكَ مَن سادَهُم في مَحتِدِهِ /
ذاكَ مَن ساغَ الوَرى مِن مَورِدِهِ /
ذاكَ مَن ذاكَ وَهلُ تَعرِفُ ذاكَ / ذاكَ مَن أَضحى سَمِيَّ الحُسنِ
نَجعَةَ المُسنِتِ وَالدَوحُ سَليبُ /
وَثَمالُ الوَفدِ وَالعامُ جَديبُ /
لَم يَزَل بَينَ بَعيدٍ وَقَريبُ /
فيهِ مِن أَسرِ يَدِ الضُرِّ فِكاكُ / عارِضٌ لِلمُجتَدي وَالمُجتَني
بَحرُ جودٍ في وُرودٍ وَصُدورِ /
عِب حَتّى جازَ أَوكارَ النُسورِ /
تَغرَقُ الشِعري بِهِ وَهيَ العُبورِ /
وَتَسامى سَمكٌ فيهِ السِماكُ / سايِغُ مَورِدُهُ لَم يَأجِنِ
عَقَدَ الفَخرُ لَهُ تاجُ الفِخارِ /
وَلَكُم طاوِلُهُ قَرمُ فِخارِ /
أَينَ شُهبُ اللَيلِ مِن شَمسِ النَهارِ /
فَليَخفِض إِنَّهُ لَيسَ هُناكَ / وَليَعرُج لِلحَضيضِ الأَحزَنِ
لا تَقسِهِ في دَكاءِ باياسِ /
وَبِمَعنِ كَرَماً إِذ لا يُقاسِ /
خالِصُ التِبرِ بِقُطرٍ وَنُحاسِ /
أَو يُساوي التاجَ نَعلٍ وَشِراكٍ / أَم سَنا الشَمسُ كَلَيلٍ أَدكَنِ
عاشَرَ الأَقرانَ في خَفضِ الجَناحِ /
ذاكَ عَن خَلقٍ رَضِيَ وَصَلاحِ /
أَنتَ في السَملِ كَمَن خافَ الكِفاحِ /
فَإِذا نَبَّهَكَ الهَولُ رَآكَ / أَرقَماً سابَ لَهُ مِن مَكمَنِ
يَرشَحُ السُمُّ شَواظاً في شَواظِ /
نافِثُ اللَدغَةِ مِزوَرُّ اللِحاظِ /
وَكِلَّتُهُ نَفسُ حَرٍّ بِالحِفاظِ /
فَهوَ في شَوكٍ هوانٍ لا يُشاكِ / وَكَذا مَن لَم يَهِن لَم يَهِنِ
يَئِستُ مِن طَيشِهِ قِوسُ الزَمانِ /
يَأسٌ مَن جاراهُ في حَوزِ الرِهانِ /
أَطلَقوا في جَريِهِم فَضلَ العِنانِ /
فَكَبَّت أَرجُلَهُم دونَ مَداكِ / وَاِستَكانوا بَعدَ جَيشٍ أَرعَنِ
قُل لِمَن جاراهُ فَليَلوِ القِيادِ /
رامَ ما مِن دونِهِ خَرطُ القَتادِ /
وَالسَواري لا تُباريها الوُهّادِ /
بَل إِذا ما المُشتَري رامَ عُلاكَ / قَعَدَت هِمَّتُهُ بِالثَمَنِ
أَنتُما في أُفُقِها كَالفَرقَدَينِ /
كَثُرَ النَجمُ وَكانا أَوحَدَينِ /
لا يُواخي حُسناً إِلّا حُسَينِ /
بِالتِزامٍ لا يُوازيهِ اِنفِكاكَ / أَبدَ الدَهرِ وَعُمرَ الزَّمَنِ
فَاِسمَعا غَرّاءَ مِن سَرحِ القَصيدْ /
لَو رَآها الحَرثُ يَوماً أَو لَبيدْ /
وَزِيادٌ وَجَريرٌ وَالوَليدْ /
وَهيَ تَجري بِاِنسِكابِ وانسِباكْ / لَغَدا مِصقَعُهُم كَالأَلكَنِ
زَهرُ رَملٍ جادَهُ الطَلُّ السَقيطُ /
لَو رَآها مَن بِهِ مالِ الغَبيطُ /
ظَلَّ مِن غُرِّ المَعاني يَستَشيطُ /
وَرَآها وَقفا نَبكِ هُناكَ / مِثلَ شَمسٍ وَظَلامٍ مُردَنِ
هِيَ بَكرٌ قَد وَهى بُرقُعُها /
تَصدَعُ الشّاني وَلا يَصدَعُها /
بَل هِيَ الشَمسُ غَدا مَطلَعُها /
يا مَقيلَ السِربِ في ظِلِّ الأَراكِ / بَينَ سَلعٍ وَالكَثيبِ الأَيمنِ
هزت الزوراء أعطاف الصفا
هزت الزوراء أعطاف الصفا / وصفت لي رغدة العيش الهني
فارع من عهدك ما قد سلفا / وأعد يا فتنة المفتتن
عارض الشمس جبيناً وجبين / لنرى أيكما أسنى سنا
واسب في عطفك عطف الياسمين / وانثن إذا غصناً إذا الغصن انثنى
حبذا لو قلبك القاسي يلين / إنما قدك كان الألينا
فانعطف غصناً إذا ما انعطفا / قدك المهزوز هز الغصن
إن في خديك روضاً شغفا / مقلة الرائي وكف المجتني
يا غزال الكرخ وأوجدي عليك / كاد سري فيك أن ينهتكا
هذه الصهباء والكاس لديك / وغرامي في هواك احتنكا
فاسقني كأساً وخذ كأساً إليك / فلذيذ العيش أن نشتركا
أترع الأقداح راحاً قرقفا / واسقني واشرب أو اشرب واسقني
ولماك العذب أحلى مرشفا / من دم الكرم وماء المزن
من طلا فيها الندي ابتسما / إذ سرت تارج في نشر العبير
أطلعت شمس سماها أنجما / من حباب ولها البدر مدير
فاسما أرض أو الأرض السما / إذ غدت تلك كهذي تستنير
في ربوع ألبستها مطرفا / أنمل الزهر من الوشي السني
وحمام البشر فيها هتفا / معرباً في لحنه لم يلحن
وحميا الكاس لما صفقت / أخذت تجلى عروساً بيديه
خلتها في ثغره قد عتقت / زمناً واعتصرت من وجنتيه
من بروق بالثنايا ائتلقت / في عقيق الجزع أعني شفتيه
كشفت ستر الدجى فانكشفا / وانجلى الأفق بصبح بين
أكسبتنا سقتنا نطفا / خفة الطبع وثقل الألسن
سلها حمراء من إبريقه / بسنا تحسبها نار الفريق
وغدا يمزحها من ريقه / حبذا مزج رحيق برحيق
رقصت بالدن من تصفيقه / حبباً كالدر في ذوب العقيق
رسب الياقوت فيها وطفا / فوقه لؤلؤه الرطب السني
ما رآها البرق إلا انشغفا / بسناها شغف المفتتن
أنت يا روح المنى روحي فداك / مسقمي حباً ومبرمي سقمي
أتشكي لك من سيف جفاك / لا تبح يا مانع الريق دمي
قد شربت الخمر لكن كلماك / ما رأت عيني ولا ذاق فمي
لو به ابتل غليلي لا نطقا / لا بدمعٍ حره أشعلني
كلما كفكفت منه وكفا / فوق خدي وكيف المزن
أصبحت روحي في مثل الخلال / إذا تلاشى الجسم في علته
وأنا أصبحت روحي في مثل الخلال / إذ تلاشى الجسم في علته
وأنا أصبحت عن شخصي مثال / بارزاً للناس في صورته
من رآني خالني طيف الخيال / واعتراه الشك في يقظته
لا تسلني عن نحولي فجفا / ناحل الأجفان قد أنحلني
من لذي جسم عليل نحفا / بالهوى ليت الهوى لم يكن
من رشاً لما تبدى رايعاً / أشرق افتر تثني نفرا
قمراً تماً وبرقاً لامعاً / وقناً لدناً وظبياً أغفرا
إن بدا الربيع اليانعا / وعن الزهر المندى أسفرا
خده والصدغ فيه اكتنفا / وردة محفوفة في سوسن
أو شقيق فوقه الآس ضفا / أو كمي متقٍ في جوشن
أو هو الديباج زرته الحسان / في قميص من حرير أخضر
أو هو الياقوت في عقد الجمان / ناطه الزنجي فوق المنجر
أو هو الجمر ذكا بين الدخان / أو هو الكافور تحت العنبر
أو هو الدينار حين انصرفا / في يمين الحبشي الأدكن
أو هو المريخ شق السدفا / وتراءى في الظلام المردن
قرطوه بالثريا والأثير / ولووا في جيده طوق الهلال
وكسوه دون موشي الحرير / قمص العز وأبراد الدلال
وجلوه جلوة البدر المنير / قمراً يشرق في برج الجمال
كسروي الشكل رومي القفا / يوسفي الحسن صلت المرسن
قلبه ينحت من صم الصفا / وجنى وجنته الورد الجني
أنا أساد الشر دون الشرى / تتقيني فلماذا أتقيه
من مريض الجفن كم قد شهرا / صارماً فيه حمى رشفة فيه
ودمي طل لديه هدرا / أتراه أن ودي القتل يديه
ما له ساق لجسمي التلفا / وهو في شرع الهوى لم يضمن
لا تقل يحكم فينا جنفا / إنه أدرى بهذي السنن
وافر الأرداف أبدت نقصه / بدقيق الخصر إذ رجت لديه
ما تأملت بعيني شخصه / غيرةً من نظرة العين عليه
ولو استطاعت لكانت قمصه / أعين ما نظرت إلا إليه
إنها منذ تولى وجفا / هجرت حتى لذيذ الوسن
أنا أهوى أنا يراها مألفاً / لتقيه أعيني من أعيني
ملك بالحسن أضحى معجباً / وهو لا يحكم إلا في القلوب
إن جنى ذنباً تجنى مغضبا / وله من ذنبه نحن تنوب
من رأى قبلك يا غض الصبا / مذنباً يجزي بريئاً بالذنوب
قلت إذ مر بقد أهيفا / ومن الدهشة ما يخرسني
أيها الساكن قلبي مألفا / كيف ترضى بحريق المسكن
فاحد بالركب إذا الركب حدا / فيه يوماً وأقم ما أن أقام
يممن نجداً إذا ما أنجدا / وإذا أتهم فالمسرى تهام
وهو أن يشهد فأم المشهدا / وسلام لك من دار السلام
إن ثوى جسمي فحل النجفا / ففؤادي عنده لم يظعن
أين من حلو بجمع والصفا / من مقيم بالغري الأيمن
أيها العذال كفو عذلكم / بالهوى العذري عذري اتضحا
وامنحوا يا أهل نجد وصلكم / مستهاماً يتشكى البرحا
واذكروني من ذكراي لكم / رب ذكرى قلبت من نزحا
الوفا يا عرب يا أهل الوفا / لا تخونوا عهد من لم يخن
لا تقولوا صدع عنا وجفا / عندكم روحي وعندي بدني
أنا ما حولت عند شغفي / لا ولا من سكرتي فيكم صحوت
عنكم لم أسل في شيءٍ وفي / قربكم عن كل شيء قد سلوت
ليس في الدنيا صفي أو وفي / أنا قد جربت جيلي وبلوت
فلكم جبت إليكم نفنفا / طالباً أو انكم من وطني
فحفت عيسي ومن بعد الحفا / لم تجد بالربع غير الدمن
يا معيسيل اللمى خذ بيدي / أنا في حبك مشبوب غريق
بت أستشفي بدمعي كبدي / كيف يستشفى حريق بحريق
فخذوا دمعي وردوا كمدي / ليس لي فيكم رفيق أو فريق
أسفاً من أهل نجد أسفا / كيف أهواهم وهم من زمني
وإذا نبت البطاح اختلفا / غلب الشوك على الورد الجني
لا تخل ويك ومن يسمع يخل / أنني بالراح مشغوف الفؤاد
أو بمهضوم الحشا ساهي المقل / أخلجت قامته سمر الصعاد
أو بربات خدور وكلل / يتفنن بقرب وبعاد
إن لي من شرفي برداً ضفا / هو من دون الهوى مرتهني
غير أني رمت نهج الظرفا / عفة النفس وفسق الألسن
لست بالغيد مشوقاً مغرما / لا ولا استسقيتهن الأكؤسا
أو تصبيني الغواني بعدما / حاك لي مبيض فودي برنسا
فابغ من حزمك طرفاً ملجما / إذ غدت خيل التصابي شمسا
وإله واسل ويك عمن سلفا / عهده حتى كأن لم يكن
أن يخنك الصبر فالأنس وفى / يوم تزويج الفتى عبد الغني
سعد بالسعد انجلى قطر العراق / مالئاً بالبشر أقطار الملا
وحميا الكاس تجلو الرفاق / وبها مجلس أنسي كملا
فاسقني أسقيت بالكأس الدهاق / أننا اليوم بلغنا الأملا
فاتل من غر القوافي صحفا / ما يعيها القلب قبل الأذن
حاليات بتهاني المصطفى / وأخي الحمد أخيه الحسن
عارضاً عافٍ وروضاً رائد / نبتاً من قبل نبت العارضين
أملاً راجٍ وغيظاً حاسد / من رأى الغيظين كانا أملين
ما تعدى واحد ع واحد / باقتران كاقتران الفرقدين
جريا مجراهما ما اختلفا / مستقلين معاً في سنن
لا يزل شملهما مؤتلفا / أبد الدهر وعمر الزمن
قل لشاني المصطفى كنت الفدا / للذي ترهب من أنصله
ملك ما إن تجلى أو بدا / سجد الدهر على أرجله
وإذا غاضت ينابيع الندى / أخذت تمتاح من أنمله
والحيا من راحتيه اغترفا / فسقى الأرض بغيث هتن
تحسب التبر لديه خزفا / باذلاً ما يقتنه المقتني
يتبع الهمة ماضي عزمه / فيرى الأبعد أدنى ما ينال
ونزاه هينا في سلمه / وإذا ناضل يصمي بالنضال
لا تهال الحرب إلا باسمه / وهو من حرب الضواري لا يهال
يسم الصعب إذا ما أرجفا / سمة الذل إلى أن ينثني
لو بشم الراسيات اعتكفا / واختفى خائفه لم يأمن
وأخوه القرم وقاد الذكا / كاد أن يهتك أستار الغيوب
كلما صوب فكراً أدركا / خالص الرأي من الرأي المشوب
قد براه اللَه ملكاً ملكا / طيب الأعراق تهواه القلوب
جاء في الحلم يضاهي الأحنفا / وحجىً رضوى به لم يوزن
وذكاءً وتقىً ما عرفا / لأياس و أويس القرني
ترجمت خلقك لي ريح الصبا / مذ سرى طبعك في أنفاسها
فسرت تفضح أزهار الربى / بشذىً فاق الشذى من آسها
كاد لولا شأنه أن يشربا / طبعك المصبي الطلا في كاسها
بمراس لك لو لان الصفا / ملمساً ملمسه لم يلن
وشبا عزم يفل المرهفا / ويقود الصعب قود المذعن
أنتما من أسرة المجد الأثيل / ما تخطى بعضهم عن بعضهم
ورثوا المجد قبيلاً عن قبيل / وتعاطوه تعاطي فرضهم
وإذا ما أجدب الربع المحيل / أخصبت جوداً مغاني أرضهم
هذه العلياء لا ما زخرفا / من أسانيد دنيٌّ لدني
شرفاً آل المعالي شرفا / فيكم أشرق وجه الزمن
كانت الدنيا جماداً يبسا / فسقوها وهم أندى المزن
بيد قد عم حين انبجسا / سيبها أهل الصحاري والمدن
وأبي لولاكم لا ندرسا / مربع العلياء لا بل لم يكن
وغدا المعروف قاعاً صفصفا / ليس في مغناه غير الدمن
نتم جددتموه مذ عفا / وأبنتم منه ما لم يبن
أنتم الناس بلى ثم بلى / والأيادي البيض أقوى حجج
أنتم الناس فخاراً وعلا / وسواكم من سوام الهمج
عطل الأجياد من كل حلى / لم يسيروا للعلى في منهج
حاولوا العز فنالوا الصلفا / وتولوا باشتباه بين
سيري الرائي إذا ما انكشفا / ذلك السر انكشاف العلن
فرس العلياء مانفكت جموح / لم ترض ظهراً لمن يركبها
كم رأت من جسد ما فيه روح / فرمته ما دري مذهبها
لا تغرنك أجساد إلا خزفا / أي ومن في فضله سددني
سل عن العسجد مني صيرفا / إنني أدري بما في معدني
لا تؤمل من لئيم كرما / ليس للطرف دخان طيب
وإذا استجديت يوماً ديما / فاختبر أي الغمام الصيب
دع أناساً قد تصدوا برما / وهم في جب جهل غيبوا
قد تود الأرض أن تنخسفا / وهم في ظهرها كالبدن
لم تجد فلي مائهم قط صفا / لا ولا في الكأس غير الدرن
أنتم القوم الذين اتسعا / في معاليهم مجال الشعرا
حاولوا حصراً لها فامتنعا / وأبت شهب السما أن تحصرا
سلم الفضل لكم لو أنصفا / مستبد بلجاج بين
ذاك لو أصغى لشعري انكسفا / وتلوي كتلوي المحجن
يا أبا الهادي وما أملحها / كنيةً تحلو مذاقاً بفمي
هاكها غراء قد وشحها / لؤلؤ لولاك لم ينتظم
أملت منك بأن تمنحها / بقبول منك يا ذا الشيم
لم أقل ما قلت إلا شغفا / بك يا حلية جيد الزمن
ليس قصدي وقصيدي اختلفا / أنا من وافق سري علني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025