لا تصيخَنَّ لتشويق النديمِ
لا تصيخَنَّ لتشويق النديمِ / واجتنبْ وصلَ بنيَّاتِ الكرومِ
يا كؤوسَ الراحِ لا راحةَ لي / فيكِ ما شُبَّتْ مصابيحُ النجوم
قد نهيتُ النفسَ عن خلع النهى / في الأباريق وأَمضيت عزيمي
أَيسرُ الأشياء في شربك أن / تذهبي أو تسلبي حلم الحليم
ما انجلى عنيَ همٌّ واحدٌ / بكِ إلا كان مفتاحَ الهموم
ربَّ أُنسٍ كنت من أعوانه / وهو من أعظم أَعوانِ الغمومِ
حفظ الله فتىً لم يغتبطْ / من حميَّاكِ بطعمٍ أو شميم
كم تغرِّينَ أُناساً شُغلوا / بك عن مُفتَرَضِ الدينِ القويمِ
وشعاعُ الخمرِ كم نحسبه / فيك نوراً وهو من نار الجحيم
كم حميَّاً أورثت شاربَها / بركوبِ الذنبِ أخلاقَ الذميم
وكريمٍ سَلَبَتْهُ عَقْلَهُ / فانبرى يرفلُ في ثوبِ لئيم
ها أنا أُقلع عن أكوابها / قبلَ ما تُقْلِعُ أنواءُ الغيوم
وإذا حدثني عنها امرؤٌ / ظَلْتُ أُقصيه ولو كان حميمي
أشنأ الغصن إذا ضاهى به / مِعْطَفَ النشوانِ خفَّاقُ النسيم
وأعافُ الورقَ مهما سجعتْ / فحكتْ بالسجع تغريدَ النديم
لا يرى الناس يداً تَسْنُدُ لي / مِقْوداً في يد شيطان رجيم
أَحْسَنُ التوبةِ في عصر الصِّبا / والشبابُ الغضُّ مصقولُ الأديم
لا ألمَّت بفؤادي لذَّةٌ / تجلبُ المرءَ إلى زجرِ لئيم
لا ولا خاللتُ إلاَّ نَدُساً / نيِّرَ الغُرَّةِ في الخطبِ البهيم
أُلْهِبَتْ خدَّاه من نار الحيا / وهما قد أُشربا ماءَ النعيم
باسطُ النصحِ لمن جالسه / فائضُ الكفِّ على الهدي القويم
مُصْحبٌ إنْ قاده إخوانُهُ / ولمن عانده صعبُ الشكيم
مِثلهُ فابغِ من الدهرِ ولا / تعتمدْ إلاَّ على حرٍّ كريم
واقتنِ المجدَ مقيماً وادعاً / بالوَفا أو بالسُّرى غيرَ مقيم
وإذا رابتك أرضٌ أو نبتْ / بك جاوِزْها بوخدٍ أو رسيم
وإذا ما عُدِمَ الوفرُ فَكُنْ / من علاً أو من نهىً غيرَ عديم
ما الغنى الأكبرُ إلاَّ أن تُرى / قانعاً بالشطءِ من دون الجميم
وإذا كنت صحيحَ الذاتِ لا / تَقرعِ السنَّ على مالٍ سقيم
كنْ جسيمَ المجد والعليا وإن / كان ما تملكه غير جسيم
لا يغرنَّك مِنْ ذي ثروة / نَشَبٌ يَرْفَعُ من قدرِ اللئيم
كل شيء فاسْلُ عنه هالكٌ / غيرَ وجهِ اللهِ ذو العرش العظيم