القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 8
مَن يَنَمْ عن لَهْذَمٍ أو مِخْذَمِ
مَن يَنَمْ عن لَهْذَمٍ أو مِخْذَمِ / فَابْنُ بشرٍ ساهرٌ لم يَنَمِ
يَحرسُ القُبّةَ ما فيها سِوَى / حارسُ الجيشِ وحَامي العَلَمِ
هَبَّ يدعو يَا ابْنَ بشرٍ خَلِّنِي / إنّها الخيلُ أراها ترتمي
كُلُّ لحمٍ من جُنودي ودمٍ / فهو لحمي يا ابن بشر ودمي
خَلِّني واذهَبْ إلى القومِ الأُلى / قذفونا بالرّعيلِ المُقْدِمِ
امضِ في صحبِكَ إنّي ها هنا / في حِمَى اللَّهِ الأجلِّ الأعظمِ
احرسوا الخندقَ وَارْمُوا دُونه / لا تخافوا كلَّ غاوٍ مُجرِمِ
أدرِكوا سعداً وكونوا مِثلَهُ / إن رَمَى في اللَّهِ سَهماً أو رُمِي
حَارِسُ الثّلمةِ يُلقِي حَولَها / صخرةً من عَزمِهِ لم تُثلَمِ
أدركوه واهزموها قُوَّةً / لن تنالوا النّصرَ ما لم تُهزَمِ
انصروا اللَّهَ وصُونُوا دِينَهُ / إنّ خيرَ الدّينِ دِينُ المسلمِ
هو إن طَمَّ على الأرضِ الأذى / رحمةُ الأرضِ ومَحيَا الأُمَمِ
وإذا ما أظلمتْ أرجاؤُها / فهو نورُ اللَّهِ ماحِي الظُّلَمِ
ذَهَبَ الصَّحبُ كِراماً وَرَمَوْا / بِيَدِ اللَّهِ الأعزِّ الأكرمِ
يَذهَبُ السَّهمُ سديداً راشداً / فهو مِلءُ العينِ أو ملءُ الفمِ
وهو في النَّحرِ قَضاءٌ آخِذٌ / نافذٌ في كلِّ سَدٍّ مُحكَمِ
عادتِ الخيلُ سِراعاً وبها / مِن جُنودِ اللَّهِ مِثلُ اللَّمَمِ
وتَوَلَّى الجندُ في زلزلةٍ / تَصدعُ الفيلقَ إن لم تَهدِمِ
حارَتِ الأحزابُ ماذا تنتوي / وبِمَنْ فيما دَهاها تَحتَمِي
خَذَلَتْهَا في الوغى آلهةٌ / لو هَوَى الوادِي بها لم تَعْلَمِ
تَطلبُ الغوثَ وما من سامعٍ / أيُّ غوثٍ يُرْتَجى من صَنَمِ
يا زعيمَ القومِ أيقِنْ وَاسْتَفِقْ / إنّه الحقُّ الذي لم تَزعُمِ
يا زعيمَ القومِ هل من نادمٍ / إنّما يَهلكُ مَن لم يندمِ
نَهَضَ القومُ برأيٍ مُبصِرٍ / وَدَهَتْكم عَثرةُ الرأيِ العَمي
استفيقوا وانبذوا أربابَكم / أو فذوقوا البأسَ مُرَّ المطعمِ
إنّكم مِمَّن كرهتم دِينَهم / بين نابَيْ كلِّ صِلٍّ أرقمِ
رَحمةٌ يا أبا بصيرَ وَنُعمَى
رَحمةٌ يا أبا بصيرَ وَنُعمَى / أَذِنَ اللَّهُ أن تُحَلَّ وتُحْمَى
جاءك الغوثُ فانطلقتَ حثيثاً / سِرْ طليقاً كفاكَ حَبْساً وَهَمّا
أنت أفلتَّ من حَبائِلِ قومٍ / ذُقْتَ منهم أذىً كثيراً وَظُلما
جَعَلُوا الحقَّ خَصمَهُم مِن غَبَاءٍ / وغَبِيٌّ من يجعل الحقَّ خَصما
جِئتَ دَارَ النبيِّ فادخُلْ وَسَلِّمْ / وَارْعَ حقَّ المقامِ رُوحاً وجسْما
كَم تَمنّيتَ أن ترى لك حصناً / فَتَأمَّلْ حُصونَ ربِّكَ شُمَّا
وَارْضَ حُكمَ الرسولِ إنّكَ مَرْدُو / دٌ ومَنْ مِثْلُهُ قضاءً وحُكما
ذَا خُنَيْسٌ وذا كتابُ ابنِ عَوْفٍ / فَالْزَمِ الصَّبْرَ أصبحَ الأمرُ حَتما
سألا العهدَ عِندَ أكرمِ مَسْؤُو / لٍ فأعطاهما وَفَاءً وَحِلما
انقلبْ يا أبا بَصيرَ فليسَ ال / دينُ دينُ الهُدَاةِ غَدْراً وإثما
حَسْبُكَ اللَّهُ إنّهُ لَكَ عَوْنٌ / وسيكفيكَ كلَّ خطبٍ ألمَّا
هو مولى المستضعفينَ ينجّي / همْ إذا ما طَغَى البَلاءُ وطَمَّا
عاد يُخفي لصاحِبَيْهِ مِنَ الشن / آنِ ما يَملأُ الجوانِحَ سُمَّا
وشَفَاهَا بذِي الحُلَيْفَةِ نَفْساً / أوشكَتْ أن تزولَ هَمّاً وغَمّا
نظر السيفَ في يَدَيْ أحدِ الخَصْ / مَيْنِ يُبدي من المنيّةِ وَسْما
وَهْوَ يُطْرِيهِ في غُرورٍ وَيَسْقِي / هِ نُفُوسَ الكُماةِ ظَنّاً وَزَعْما
قال بل أعطنيهِ أَنْظُرْهُ إنّي / بسجايا السُّيوفِ أكثرُ علما
ثم غشَّاهُ ضربةً عَلَّمَتْهُ / كيف يخشى الهِزبرَ مَن كان شهما
جاء يصطاده غُرواً فأردا / هُ وكان الغُرورُ شرّاً وَشُؤما
صدَّ عنه رَفيقُهُ وتولَّى / يتوقَّى قَضاءَهُ أن يَحُمّا
طار يهفو كالسّهمِ يَمضِي بعيداً / وهو أنأَى مَدَىً وأبعد مَرْمَى
طَلَبَ السّيف نفسَهُ وَهْيَ وَلْهَى / لو تذوقُ الردَى لما مَرَّ طَعْما
كذب الوهمُ ما الحياةُ سِوَى الأم / نِ وشرُّ الأمورِ ما كان وَهْما
وَقَعَ الطّائِرُ المُسِفُّ على النَّس / رِ الذي يملأُ السماواتِ عَزْما
الرسول الذي تَدينُ له الأر / ضُ وتهفو إليه حَرْباً وسِلما
قال إنّي لهالِكٌ فأَجِرْنِي / لا تَدَعْنِي لبعضِ صحبِكَ غُنْما
رُدَّ عنّي أبا بصيرٍ فحسبي / ما جناهُ عليَّ صَدْعاً وكَلْما
جَرَّعَ الحتفَ صاحبي وانبرى يط / لبُ قَتلِي لِيُتْبِعَ الجُرمَ جُرما
إنّه جاءَ راكضاً يحملُ السَّي / فَ فهب لي دَمِي لَكَ الشّكرُ جَمَّا
عَفَّ عنه وقال ما ثَمَّ شَيءٌ / يا نَبِيَّ الهُدَى أرى الأمرَ تَمّا
صَدَقَ العَهدُ وانقَضَى الردُّ فانظرْ / ما تَرَى فاقضِهِ سَداداً وَحَزْما
قال فاذْهبْ فقد بَرِئْتَ وظُلمٌ / أن يُلامَ البريءُ أو أن يُذَمّا
لك ما شِئْتَ أن تَحُلَّ من الأر / ضِ سِوَى أرضِ يثربٍ أو تَؤُمّا
فتولَّى إلى مكانِ يَزيدُ ال / كفرَ والكافِرينَ خَسْفاً وَرَغْما
كلُّ مالٍ تُقِلُّ عِيرُ قُريشٍ / بين عينيهِ ظاهرٌ ليس يُكْمَى
إنّه الأرقمُ الأصَمُّ تَداعَتْ / فارتمتْ حوله الأراقمُ صُمّا
مُؤمِنٌ حلَّ في العراءِ مَحَلّاً / جَمَعَ المؤمنينَ فيهِ وَضَمَّا
أقبلوا يَنسلون مِن كلِّ أَوبٍ / يَطلبونَ المَصَالَ قَرْمَا فقرما
لمَّ ذو العرشِ شَملهم بعد صَدْعٍ / وَخَلِيْقٌ بشَملِهِم أن يُلَمَّا
يا أبا جندلٍ عليك سلامٌ / جِئتَ بالخيلِ تَرجُمُ الأرضَ رَجْما
اغتَفِرْ ما جَنَى أبوك سُهَيْلٌ / يومَ يطغَى عليك ضَرباً ولَطْما
إنّما الصابِرونَ أوفى نَصيباً / يا أبا جَندلٍ وأَوفرُ قِسْما
أعملوا القتلَ والنِّهابَ وَرَدُّوا / كلَّ غُنمٍ أصابه القومُ غُرْما
غارةٌ بعد غارةٍ تأكلُ الما / لَ وتَطوي الرجالَ خَضْماً وَقَضْما
زُلزِلُوا من أبي بَصيرٍ بخطبٍ / بالغٍ صَدْعُهُ أبَى أن يُرَمّا
مِخذَمٌ قاطعٌ ومِسْعَرُ حربٍ / جَرَّبتْهُ البِيضُ القواطِعُ قِدْما
ضاقتِ السُّبْلُ والفجاجُ عليهم / واستحالَ الفضاءُ سَدّاً ورَدْما
عادَ رَتْقَاً كأنّه سدُّ يأجو / جَ ومأجوجَ ما ترى فيه ثَلْما
جأروا يشتكون وادَّكروا الأر / حامَ يستشفعون جُبْناً ولُؤْمَا
واستمدّوا الحنانَ من أعظمِ النّا / سِ حَناناً وأقربِ الرُّسْلِ رُحْما
قال ذُو أمرِهِم أَغِثْنا ولا تَعْ / نَفْ علينا إنّ القلوبَ لَتَعْمَى
أفْسَدَ العهدُ أمرَنَا فَعَرفْنا / هُ وماذا لنا إذا الأمرُ غُمّا
قد تركنا لك الرجالَ فأمسِكْ / كلَّ من شِئتَ مِنهُمُ أن تُذِمّا
حَسْبُنا السّلْمُ يا مُحمدُ إن تَبْ / سُطْ علينا ظلاله فَنِعِمّا
بدَّدَ الضُرَّ والأذى بكتابٍ / نَظَمَ البِرَّ والمُروءةَ نظما
لم يَدَعْهُ أبو بَصيرٍ وَرَامِي ال / موتِ يُلقي عليهِ سَهْماً فسهما
جادَ بالنّفسِ وهو في يدِهِ يَت / لُوهُ ما أعظَمَ المقامَ وأسمى
آخرُ الزادِ إن أردنا له اسماً / وأراهُ أجلُّ من أنْ يُسَمَّى
قال أَقْبِلْ وَفَرِّقِ النّاسَ وليع / فوا فحسبُ الطُّغَاةِ قَمْعاً وَوَقْما
رَجَعَ القومُ راشدينَ ومن أر / شَدُ مِمَّنْ رَمَى الضلالَ فَأَصْمَى
وأبو جندلٍ يؤمُّ رسولَ الل / هِ في رُفْقَةٍ إلى اللهِ تُنْمَى
كوكبُ الحقِّ والهدى يَتَلَقَّى / من ذويهِ الهُداةِ نَجماً فنجما
طَلَعُوا والزمانُ أسوَدُ داجٍ / فجلوا من ظلامِهِ مَا ادْلَهَمَّا
وَرَمَوْا بالشُّعاعِ مقتلَ دِينٍ / ردَّ وجهَ الحياةِ أغْبَرَ جَهْما
اعْرِفِ الحقَّ لا تَرُعْكَ الدَّعاوى / فالمروآتُ والمناقبُ ثَمَّا
أيُّ مجدٍ في الأرضِ أو أيُّ فضلٍ / لم يكونوا له أساساً وَجِذْما
إن في حِكمَةِ الرسولِ لَذِكْرَى / للبيبٍ أصابَ عَقْلاً وفهما
هَدمَ الله ما بنى العهدُ من آ / مالِ قومٍ يبغونَ للدينِ هَدْما
كم رأوا من مَشَاهِدِ الوهمِ فيه / مَشهداً رائعَ التهاويلِ فخما
لاَ يَغُرَّنَّهم من الغيثِ وَكفٌ / إنّه السيلُ مُوشِكٌ أن يَعُمَّا
هِمَّةٌ من هُدَى الرسولِ وَلُودٌ / تُورِثُ الشِّرْكَ والضَلالَةَ عُقْما
لم تزل تَضرِبُ الطواغيتَ حَتَّى / جَرَّعَتْها الرُزأَيْنِ ثُكْلاً وَيُتْما
إنّ للحقِّ بعدَ لينٍ وضعفٍ / قُوَّةً تَحسمُ الأباطيلَ حَسْما
داءُ أَهلِ الشَرقِ ضَعفُ الهِمَمِ
داءُ أَهلِ الشَرقِ ضَعفُ الهِمَمِ / وَبِهَذا كانَ مَوتُ الأُمَمِ
يا بَني الشَرقِ وَلا شَرقَ لَكُم / بِسِوى الجِدِّ وَرَعيِ الذِمَمِ
ما لَكُم لا تَنجَلي غُمَّتُكُم / أَتُحِبّونَ اِشتِدادَ الغُمَمِ
فَرِّجوها وَاِكشِفوا ظُلمَتَها / بِقُوىً كَشّافَةٍ لِلظُلَمِ
خُنتُمُ العَهدَ فَبِتُّم نُوَّماً / ضَلَّ سَعيُ الخائِنينَ النُوَّمِ
يا بَني الشَرقِ أَفيقوا إِنَّما / خَدَعَتكُم كاذِباتُ الحُلُمِ
إِنَّ مِن شَرِّ البَلايا نَومَكُم / عَن عَدُوٍّ ساهِرٍ لَم يَنَمِ
يَقِظِ العَينَينِ وَالرَأَي مَعاً / وَهوَ ماضٍ كَالحُسامِ المِخذَمِ
لا تَظُنّوا المَجدَ شَيئاً هَيِّناً / إِنَّهُ في لَهَواتِ الضَيغَمِ
هَكَذا نَحنُ وَهَذي حالُنا / لَيسَ فينا غَيرُ نِكسٍ مُحجِمِ
واهِنِ العَزمِ ضَعيفٍ قَلبُهُ / غَيرِ ثَبتِ الجَأشِ في المُزدَحَمِ
يا بَني الشَرقِ لِمَجدٍ ضائِعٍ / مَن بَكى ضَيعَتَهُ لَم يُلَمِ
كانَ بِالأَمسِ مَنيعاً صَرحُهُ / يَتَسامى فَوقَ هامِ الأَنجُمِ
أَصبَحَ اليَومَ كَرَبعٍ دارِسٍ / طامِسٍ عَفَّتهُ أَيدي القِدَمِ
قَد شَجاني وَشَجاهُ أنَّهُ / بسوى أيديكمُ لم يُهدَمِ
جدَّدوهُ وَاِمنعوا حَوزَتَهُ / وَاِدفَعوا عَنهُ يَدَ المُهتَضِمِ
وَاِرفَعوا بُنيانَهُ حَتّى يُرى / كَالَّذي كانَ أَشَمَّ القِمَمِ
إِنَّني أَخشى وبالشرق صدىً / أن يروَّى من بنيهِ بالدمِ
وأرى موت الفَتى خَيراً لَهُ / مِن حَياةٍ بَينَ نابَي أَرقَمِ
أَصبَحَ الشَرقُ كَبيراً هَرِماً / لَهفَ نَفسي لِلكَبيرِ الهَرِمِ
أَكرِموهُ يا بَنيهِ إِنَّهُ / لَيسَ يَرضى الشَيخُ إِن لَم يُكرَمِ
ازجُروا أَنفُسَكُم عَن غَيِّها / إِنَّ عُقبى الغَيِّ طولُ النَدَمِ
رَدِّدي أَخبارَ عَمرٍو وَعُمَرْ
رَدِّدي أَخبارَ عَمرٍو وَعُمَرْ / رَدِّديها خَبَراً بَعدَ خَبَرْ
زينَةُ الأَخبارِ فيها وَالسِيَرْ / وَجَلالُ الدَهرِ مِنها وَالعِظَمْ
اذكُري البَأسَ رَحيماً عادِلا / وَاِذكُري العَدلَ عَميماً شامِلا
اذكُري العَهدَ كَريماً فاضِلا / ماجِدَ الأَخلاقِ غِطريفَ الشِيَمْ
اذكُري يا مِصرُ عَهدَ الفاتِحينْ / مِن جُنودِ اللَهِ رَبِّ العالَمينْ
كَشَفوا الضُرَّ عَنِ المُستَضعَفينْ / وَأَذاقوهُم أَفاويقَ النِعَمْ
حَرَّروا أَبناءَ فِرعَونَ الأُلى / فَعَلَ الظُلمُ بِهِم ما فَعَلا
كُلَّ يَومٍ سَيِّدٌ يَطغى فَلا / دَولَةٌ تُبنى وَلا مُلكٌ يُرَمْ
اخلَعي القَيدَ فَقَد طالَ المدى / أَيَضيعُ الأَمسُ وَاليَومُ سُدى
لا تَقولي إِن دَعا الداعي غَدا / اخلَعيهِ وَاِرفَعي عَنكِ الغُمَمْ
نَحنُ أَبناؤُكِ نَسعى لِلعُلى / لا نُبالي بِالمَنايا سُبُلا
كُلَّما حاوَلتِ أَمراً جَلَلا / غامَرَت أَنفُسُنا في المُقتَحَمْ
نَحنُ أَنصارُكِ إِن هالَ القَدَرْ / وَمَضى القَومُ يُوَلّونَ الدُبُرْ
نَحفَظُ العَهدَ وَنَعصي مِن غَدَرْ / إِنَّما الدينُ عُهودٌ وَذِمَمْ
يا بريدَ النّيل إن جئتَ الشآما
يا بريدَ النّيل إن جئتَ الشآما / فاقضِ للأهلين عن مصرَ الذِّماما
إنّ في تلك المغانِي لَهَوىً / صادِقَ العهدِ وأحباباً كِراما
عَقَدَ الحُبُّ المُصفَّى بيننا / عُروةً تأبى مَدى الدّهرِ انفصاما
ما ترى الأُردُنَّ بالنّيلِ احتفَى / وترى النّيلَ على الأُرْدُنِّ حاما
للشَّآمينَ منّا ولنا / منهمُ العهدُ الذي يَبقَى لِزاما
ضمّنا للدّهرِ ساقٍ حُوَّلٌ / يَخدعُ الشَّرْبَ ويلهو بالنَّدامى
فَشربْنا الصَّفوَ من راوُوقهِ / وتساقينا القَذَى جَاماً فجاما
نحن في القُطريْنِ إخوانُ الهَوى / نَردُ النَّهرَيْنِ شَهداً وسِماما
أَلْبَستْنا الضَّادُ في عَليائها / من سَنَى الأنسابِ ما يجلو الظَّلاما
فطلعنا في بني الدُّنيا هُدىً / وسطعنا في نواحيها سلاما
أممُ المشرقِ لولا ما بِنا / من حياةٍ أصبحت مَوْتَى رمِاما
والزّمانُ الضّخمُ لولا أنّنا / من بنيهِ هَانَ قدراً ومَقاما
نحن سُسْنا الأمرَ سِلماً ووغىً / وملكنا الدَّهرَ شيخاً وغُلاما
أُمّةٌ للخلدِ تستعصي على / عِزَّةِ الموتِ وتأبى أن تُضاما
طاولت فِرعونَ في سُلطانِه / وابتنت في تاجهِ المُلكَ الجُساما
ومضتْ تعلو فلمّا زُوحِمَتْ / طاولت هارونَ عِزّاً وهِشاما
راعتِ الأملاكَ في أجنادهم / وَانْتحَتْ تغزو الخواقينَ العِظاما
يا بني الآدابِ حَيُّوا عَلَماً / تسكتُ الأعلامُ إن قال احتشاما
إن ذكرتم دولةَ الضادِ فلا / تَنْسَوُا التّاجَ ولا الشّيخَ الإِماما
إنّ جَبْراً والدَّعاوَى جمّةٌ / لَفَتاها حين لا ترجو اعتصاما
عبقريُّ ذادَ عن أحسابِها / فتجلّتْ عبقرياتٍ وِساما
تَبهرُ الأرضَ وتعلو صُعُداً / فَتُضيءُ الشُّهبَ أو تَسقِي الغماما
دولةٌ تعتزُّ منه في حِمَى / مَلِكٍ يُلقي له الشَّعبُ الزِّعاما
غُودِرَتْ في الشّرق فوضى فانبرى / ينشرُ الدُّستورَ فيها والنّظاما
بعث القُوّادَ في أقطارهِ / يأخذون الموقعَ الأقصَى اقتحاما
رِيعَ جيشُ الجهلِ لمّا جَرَّدُوا / من سَنَى عرفانِه الجيشَ اللُّهاما
مُرهَفُ الأقلامِ يأتي في الوغَى / من جليل الفتحِ ما يُعيِي الحُساما
أدبٌ ينسابُ من معسولهِ / في رُبوع الشرقِ ما يَشفي السَّقاما
مثلُ عين الخِضرِ من يظفرْ بهِ / لا يَذُقْ داءً ولا يُطعَمْ حمِاما
إنّ للعلم لَسِرّاً جللاً / نستفيدُ الخُلدَ منه والدّواما
غاب عن عِلمِ الفراعين الأُلَى / زَلزلوا الأقطار بأساً واعتزاما
فَتِّش الأجداثَ عن تيجانهم / واسْألِ الأحجارَ والصّخرَ المُقاما
هل ترى عيناك إلا حُفَراً / تلفظُ القومَ جُلوداً وعِظاما
عاث رَيْبُ الدّهرِ فيما جمعوا / من كنوزٍ كُنَّ في التُّربِ رُكاما
حَلَّ للمُغْتالِ في رَأدِ الضُّحَى / من غَواليهنَّ ما كان حَراما
رُبَّ جيشٍ بات يقظانَ القَنَا / ساهِرَ الأسيافِ يخشَى أن تُراما
سُؤدُدٌ زُورٌ ومجدٌ باطلٌ / وحياةٌ تُورِثُ الداءَ العُقاما
إن وصفتَ المُلكَ يطويه البلَى / فَصِفِ الأحلامَ تستهوي النِّياما
في حِمَى الحقِّ ومن حول الحَرَمْ
في حِمَى الحقِّ ومن حول الحَرَمْ / أُمّةٌ تُؤذَى وشعبٌ يُهتَضَمْ
فزَع القُدسُ وضجّتْ مكةٌ / وبكت يثربُ من فرط الأَلمْ
ومضى الظُّلمُ خليَّاً ناعماً / يسحبُ البُرْدَيْنِ من نارٍ ودَمْ
يأخذ الأرواحَ ما يَعصِمُها / مَعقلُ الحقِّ إذا ما تَعتصِمْ
ويرى النّاسَ إذا أعجبه / أن يَبيدوا كأقاطيعِ البَهَمْ
بَعَثته شَهوةٌ وحشيّةٌ / تتلظَّى مثلُ أجوافِ الأُطُمْ
ما تُبالي إن مَضَتْ ويلاتُها / ما أصابت من شُعوبٍ وأُمَمْ
أَهْونُ الأشياءِ في شِرعتِها / أُمّةٌ تُمحى وشعبٌ يُلتَهمْ
هي من رُوحِ الدّهاقينَ الأُلى / نشروا النُّورَ وطاحوا بالظُلَمْ
أنقذوا العالمَ من أرزائه / وأَذاقوه أفاويقَ النَّعمْ
وأزالوا ما حَوَتْ أرجاؤُه / للأوالي من قُبورٍ ورِمَمْ
فإذا الدنيا جمالٌ يُجْتَنَى / وإذا العيشُ سلامٌ يُغْتَنَمْ
زَيَّنوها قصةً ناعقةً / زَيَّنتْ للنّاسِ مكروهَ الصَّمَمْ
كشفَ التّجريبُ عن سَوْآتِها / ومضَتْ عاريةً ما تَحتشِمْ
أفسدوا العالمَ مّما عَبثوا / بالدساتيرِ القُدامى والنُّظُمْ
نقضَ الأرسانَ واستنَّ العَمَى / فهو يَمضي جامحاً أو يرتطِمْ
سلبوه العقلَ ممّا عَربدوا / وسَقَوهُ من خَبالٍ وَلمَمْ
الحياةُ البَغيُ والدِّينُ الهَوى / والضّعيفُ الخَصمُ والسّيفُ الحكمْ
زمنٌ تَصدُقُ إن سَمّيتَه / زمنَ الطّاغوتِ أو عصرَ الصَّنَمْ
يا فلسطينُ اصطليها نكبةً / هاجها للقومِ عَهدٌ مُضطرِمْ
واشْهديهِ في حماهم مأتماً / لو رَعَوْا للضَّعفِ حقَّاً لم يَقُمْ
واشربي كأسَكِ ممّا عَصَرُوا / من زُعافٍ جائلٍ في كلِّ فَمْ
اذكري يومَكِ في أفيائهم / وَدَعي الأمسَ فما يُغني النّدمْ
آيةٌ للبَغْيِ من أسمائها / حِكمةُ الأقدارِ أو عَدلُ القِسَمْ
اكشفيها غُمّةً ليس لها / من كِفاءٍ غيرُ كشّافِ الغُمَمْ
الجهادُ الحرُّ يقضي حقَّه / سُؤددُ العُربِ ويحميهِ العلَمْ
لا تنامِي للعوادي وادأبي / واذهبي طامحةً في المُزدحَمْ
ليس بالمُدركِ حقّاً غافلٌ / نامَ والأحداثُ يقظَى لم تَنَمْ
في فؤادي جُرحُكِ الدّامي وفي / كَبدي ما فيكِ من حُزنٍ وَهَمّْ
كم صريعٍ لكِ في أشلائِه / مَصرعُ القُربَى وأشلاءُ الرَّحِمْ
فَجعوني فيهِ بابنٍ صالحٍ / وأخٍ حُرِّ السّجايا وابنِ عَمّْ
شهداءُ الحقِّ ماتوا دُونه / وهو حيُّ العزِّ موفورُ الشَّمَمْ
واشتروه بنفوسٍ حُرّةٍ / بذلوها من سَخاءٍ وكرمْ
نَهض المُلكُ على أمثالِها / واستتبَّ الأمرُ فيه وانتظمْ
إن رسا البنيانُ يوماً أو سَمَا / فَهِيَ الأركانُ فيه والدُّعُمْ
ذهبوا للشرقِ في مأتمهم / مَرَحُ الخالي وبِشرُ المُبتَسِمْ
سرّه أن هبَّ من أبنائِه / قُضُبُ الهند وآسادُ الأَجَمْ
وانتضى من بين جَنبيْهِ الأسَى / ما انتضى العُدوانُ من تلك الهِمَمْ
هِمَمُ الأحرارِ تحمِي وَطناً / عربيّاً سِيمَ خَسفاً وظُلِمْ
بَاعَهُ ذئبٌ لذئبٍ غِيلةً / فهو للذّئْبَينِ نَهْبٌ مُقْتَسَمْ
تُنزَعُ الأرزاقُ من أبنائهِ / وتُسَلُّ الأرضُ من فرط النَّهَمْ
يُرهَقُ القومُ فإن هم غضبوا / راحتِ الأرواحُ منهم تُخْتَرمْ
أَخَذتهم للأذى عاصفةٌ / هاجها البغيُ فهبّت من أَمَمْ
وارتمت هوجاءَ ما يردعُها / فاجعُ الثُّكلِ ولا عادي اليَتَمْ
عصفت ظمآى إلى آجالهم / فتروَّت من شبابٍ وهَرَمْ
وأراها من تَلظِّي جوفِها / تتداعَى كالشُّواظِ المُحتدِمْ
تتمنَّى من تباريحِ الصَّدَى / لو يكون الدَّمُ كالبحرِ الخِضَمْ
شعبَ إسرائيلَ ما بالُ الأُلىَ / حفظوا العهدَ وبَرُّوا بالقَسَمْ
ذكروكم ونَسَوْا ما عَقَدوا / لِسواكُمْ من عُهودٍ وذِمَمْ
اذكروا بُلفورَ في تلمودكم / واغفروا اليومَ لعيسَى ما اجترمْ
واسْألوا مُوسَى أَطابت نفسُه / أمْ أَبَى ما كان منكم فَنَقِمْ
ليس من مالَ عن الحقِّ كمن / جعل الحقَّ سبيلاً يُلتزَمْ
هدم التّيهُ قديماً مُلكَكم / فبنى بلفورُ منه ما هَدمْ
أبَتِ الأرضُ فكنتم شَعَثاً / طائراً في كل وادٍ ما يُلَمّْ
فرمى أشتاتكم في وطنٍ / راعه منكم بشعبٍ مُلتئِمْ
نَبِّئوا الغرقَى وإن لم يسمعوا / أهُوَ الطُّوفانُ أم سَيْلُ العَرِمْ
مصرُ ناجِي من فِلسطينَ الرُّبَى / وابْعثي صوتَكِ من أعلى الهَرمْ
وإذا أعوز هَمٌّ أو أسىً / فاستمدِّي الهمَّ من هذا القَلمْ
وخُذِي مَعْنَى الأَسَى عَنْهُ فما / لكِ من مَعناه إلا ما نَظمْ
نَبِّئيها أنّنا من وجدِها / نجد العَلْقَمَ في العذبِ الشَّبِمْ
نشتكي الليلَ ويرمينا الأَسى / إن مضى الليلُ بِصُبحٍ مُدْلهِمّْ
فكأنّا منهما في مُلتَقى / نكبةٍ تَطغَى وأُخرى تَستجِمّْ
أختُكِ الوَلْهى عَنَاها شجوُها / وَدَهَى أبناءَها الخطبُ المِلَمّْ
فزعتْ تدعوكِ في مِحنتِها / مصرُ جلَّ الخطبُ هُبِّي لا جَرَمْ
اذكريني أدركيني خَفِّفِي / ألمِي بُوركتِ من أُختٍ وأُمّْ
هَدَّ قومي باسْمِ مُوسَى ظالمٌ / لو رأَى في القومِ موسى ما رَحِمْ
زَعَم التوراةَ من أنصاره / فهي تشكو خطبَها مّما زعَمْ
هل رأى الألواحَ فاستهدَى بما / جاءَ فيها مِن عظاتٍ وحِكَمْ
أم تلقَّى الوحيَ أم كان امرأً / جَهِلَ النّاسُ جميعاً وعَلِمْ
ربِّ هل قدّرتَ ألا ينجلي / ما أصابَ الشرْقَ من خطبٍ عَممْ
عاث فيه القومُ حتّى مَالَهُ / حُرمةٌ تُرعَى وحقٌّ يُحتَرمْ
اكشفِ البأساءَ وارحم أُمماً / تتلوَّى من مَلالٍ وسَأَمْ
عَمِلَ النّاسُ فسادوا وعَلَوْا / وَهْيَ فوضَى من عبيدٍ وخَدمْ
تَحمِلُ الضَّيمَ ولولا أنّها / تَحسَبُ الموتَ حياةً لم تُضَمْ
ما لنا من هذه الدُّنيا سِوَى / غارةِ العادِي وعَسفِ المُحتكِمْ
ساءَنا من شرَّها ما نجتوى / وعَنانا من أذاها ما نَذُمّْ
فسئِمناها حياةً مُرَّةً / ومللناهُ وُجوداً كالعَدمْ
رَبِّ أنتَ العونُ إن طاف بنا / طائفُ البَغْيِ وأنت المُنتقِمْ
من يُجيرُ القومَ إن صَبَّحَهم / خطبُ عادٍ وثمودٍ في القِدَمْ
لا يَغُرَّنَ قويّاً جُندُه / قُوّةٌ صَرْعَى وجُندٌ مُنهزِمْ
نظم المجدَ لأبطالِ الحمى
نظم المجدَ لأبطالِ الحمى / ونظمتُ الشّعرَ ناراً ودما
بطلٌ أبصرتُ مجرى دمهِ / في جبينِ الشَّرقِ لمّا وجما
رفع السّيفَ على هامِ السُّهَى / أفلا أرفع فيه القلما
يا له من عَبقريٍّ مُلهَمٍ / هاج منّي عبقريّاً مُلهَما
ردِّدِي صوتِيَ يا بِيضَ الظُّبَى / إنّما أرثى الكمِيَّ المُعلَما
ردّديهِ غِبطةً أو أسفاً / وابعثيهِ لذّةً أو ألما
اجعلي دُنياكِ في رنّاتهِ / تارةً عُرساً وآناً مأتما
إنما أرعى لقومي ذِمّةً / في كريمٍ كان يرعى الذِّمما
يا لِواءً كان للحقّ حِمىً / حين لا يرجو حِمَىً أو حَرَما
هل طَواكَ الموتُ عنّا أم طوى / بأسُك العاصفُ منه الهِمَما
أنتَ أوهنتَ قُواهُ كلّما / كَرَّ أقدمتَ فولَّى مُحْجِما
يا شهيداً من مواضِي هاشمٍ / كان في الهيجاءِ عَضباً مِخذما
أنتَ علّمتَ تلاميذَ الوغَى / كُلَّ فنٍّ غاب عمّن عَلّما
أخذوها عنكَ دِيناً قيِّماً / وتلقّوها كِتاباً مُحكَما
كشفت آياتُها الكُبرى لنا / عن أعاجيبَ تناهَت عِظَما
إيه يا ابن العاصِ أشبهتَ الأُلىَ / زَلزلوا الدُّنيا وهَزّوا الأمَما
يا لها من شِيَمٍ بدريّةٍ / ما ارْتَضَى اللهُ سِواها شِيما
ما الجهادُ الحقُّ إلا لمحةٌ / من سناها حين يجلو الظُّلَما
ليس بالحيِّ وإن طال المدى / مَن يخافُ الموتَ فيما اعتزما
بعثوا الأَلْفَيْنِ في نيرانِهم / ضَرماً للبَغْيِ يُزجِي ضرما
يأخذُ السِّتينَ في أنقابها / وهي ما تنفكُّ تمضِي قُدُما
أرأيتَ الرُّقْشَ في أوكارها / يتبع الأرقمُ منها الأرقما
طَلَبُوهم أو أراهم نَقَّبوا / عنهمُ الهَضْبَ وشَقُّوا القِمَما
أَبصَروهُمْ بِعُيونٍ حَلَّقتْ / تكشفُ السِّرَّ وتَهدِي ذَا العَمى
أرسلوها فَتَوالى صَيِّبٌ / من جَحيمٍ أرسلته فَهَمى
يا لقومي أَغرَقَتْهم دِيَمٌ / للمنايا الحُمرِ تحدو دِيَما
جاشَ مِن كلِّ النَّواحي سَيْلُها / فَطغَى السَّيلُ عليهم وطما
قيلَ يا ابنَ العاصِ دَعْها غَمرةً / ضجَّ فيها الهَوْلُ ممّا ازدحما
امْضِ لا تُشمِتْ بنا القومَ الأُلىَ / مارسوا مِنكَ القضاءَ المُبرما
إن ينالوا منك ما يُفجِعُنا / فَتَحوا الفتحَ ونالوا المغنما
ذاك غولُ الحتفِ يدنو أَفَلا / تنظرُ المخلبَ منه والفَما
قال كلَّا لستُ ممَّن يَتَّقي / عاصفَ الموتِ إذا الموتُ ارْتَمى
أيقولُ النّاسُ مَنّاعُ الحِمَى / ضنَّ بالنّفسِ عليه فاحتَمى
مَرْحباً بالموتِ يغشاه الفتى / فيراهُ للمعالي سُلَّما
وطنِي الأكرمُ أَوْلَى بِدَمِي / فاذكروا مَن ماتَ حُرّاً مُكْرَما
اذكروهُ عَرَبيّاً ماجداً / نَابِهَ الذِّكرِ كريمَ المُنْتَمى
صادِقَ البأسِ حميّاً أنفُه / يَمْنَعُ الحَوْضَ ويحمِي العلما
تلكَ ذِكرَى المجدِ في مَوْسمِه / فاذْكروهُ وأقيموا المَوْسِما
يا فلسطينُ ارفعي تاجَيْكِ في / دولةِ البأسِ وزِيدي شَمَما
صخرةٌ صمّاءُ تحمِي صخرةً / علّمتها كيف تشفي الصَّمَما
أَسْمَعَتْ بلفورَ نجوى وعدِه / ترتمِي حُزناً وتمضي نَدَما
فإذا الرُّسلُ على أبوابها / تطلب الإذنَ وتُلقِي السَّلَما
ادخُلوها خُشّعاً إن رَضِيَتْ / لِثراها الحُرِّ منكم قدما
هادمُ الأصنامِ من عُمّارِها / كيف تبنِي من ذويكم صنما
بُورِكَتْ من حُرَّةٍ مُؤمنةٍ / كذَّبتْ بِلفورَ فيما زعما
لا ومجرَى الوَحْيِ من مَقْدِسِها / لن تَرَوْها ليهودٍ مطعما
إنّ فيها من قُرَيْشٍ نجدةً / تُنصِفُ المظلومَ مِمَّن ظَلما
احذروا الأُسْدَ إذا ما غَضبتْ / واتّقوا أشبالَها والأجمَا
هتف الدّاعي فلبَّى واعتزمْ
هتف الدّاعي فلبَّى واعتزمْ / ومضَى يَلقَى العِدَى في المُزدَحَمْ
بطلٌ ما اضطرمت نارُ الوغَى / وتَرامَى هَوْلُها إلا اضطَرمْ
هيّجْتهُ نَزوةٌ من مُعْتَدٍ / جاهليِّ النّفسِ وحشيِّ الشِّيَمْ
كلُّ نفسٍ دُونه فيما ادَّعى / كلُّ حقٍّ باطلٌ فيما زَعمْ
مُولعٌ بالشرِّ مفتونُ المنى / مُستبِدٌّ ما قَضى إلا ظلَمْ
راعه في الحربِ من أبطالِها / مُستطيرُ البأسِ ما شاء اقتَحمْ
غاص من أهوالها في غَمرةٍ / عَبَستْ فيها المنايا فابتسَمْ
يضربُ الطّغيانَ في مَقتَلِهِ / ويُعيد الحقَّ خفّاقَ العلَمْ
شَرفُ الأوطانِ في ذِمَّتهِ / إن دعا الداعي وأعراضُ الأُممْ
عَلَمُ الدّولةِ لولاه انطوت / وعِمادُ الملكِ لولاه انهدَمْ
بُورِكَ الباني وعزّت أمّةٌ / بقواهُ في العوادي تَعتصِمْ
ينظرُ الأسوارَ تهوِي حوله / فَيُقِيمُ السُّورَ من نارٍ ودَمْ
ليس للأُّمةِ إلا ما بنى / بين أنيابِ المنايا وَدَعَمْ
ما لها إن لم يَذُد عن حوضها / من وجودٍ يُتَّقَى أو يُحتَرمْ
ما وجودُ الشّعبِ مغلوباً على / أمرِه إلا شَبيهٌ بالعَدمْ
خَلقَ الإنسانَ من حُرّيَّةٍ / خالقُ النَّخوَةِ فيه الشَّمَمْ
وقَضى الأمرَ له فيما ارتضَى / من دساتيرٍ حِسانٍ ونُظُمْ
إنّما النّاسُ جميعاً أُخوةٌ / ليس فيهم من عَبيدٍ أو خدمْ
هم سواءٌ ولكلٍّ حقُّه / ذاك حكمُ اللهِ لا حكمُ الصَّنَمْ
ما على القادرِ من بأسٍ إذا / ما جَنى الباغي عليه فانتقَمْ
إنّها الحربُ وعُقباها فما / أحسنَ العُقبى لمن يرعى الذّمَمْ
أطفأ الجنديُّ في ميدانها / جُذوةَ البَغْيِ ببأسٍ مُحْتَدِمْ
هبَّ في إعصارها مُستبسِلاً / فهو كالبركانِ يرمي بالحِمَمْ
لا يُبالي حين يقضِي أمرَهُ / نام عنه حتفُه أم لم يَنَمْ
هو إن مات شهيداً خالدٌ / في حياةٍ من جلالٍ وعِظَمْ
باذلُ النّفسِ إذا رِيعَ الحمى / كاشفُ الخطبِ إذا الخطبُ ادلهمّ
مَشهدٌ لو غاب عنّا عِلمُه / غاب معنى الجُودِ عنّا والكرَمْ
إنّها الحربُ وهذا حكمُها / ليس للحقِّ سواها من حَرَمْ
أعظمُ الآثامِ في شِرعتها / وطنٌ يُغزَى وشعبٌ يُلتَهمْ
يلتوِي الأمرُ فما من رحمةٍ / لذوي الطغيانِ إن لم يستقِمْ
لا يَرُعْكَ الجندُ يُرْجَى للأذى / أيُّ جندٍ للأذى لم ينهزِمْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025