المجموع : 3
أَيُّها الرّاكبُ مهْلاً
أَيُّها الرّاكبُ مهْلاً / واستمعْ منّي كَلاما
إنْ تَعرَّضْتَ لأَرْجا / نَ فَبَلّغْها السَّلاما
قلْ لها أبصرتُ في النَّا / سِ كئيباً مُستَهاما
يَتمنّاكِ ويَسْتَسْ / قي لمَغْناكِ الغَماما
إنّ في أرْجانَ خِلاًّ / سِرْتُ عنه وأقاما
فإذا اشْتاقَ فؤادي / ساكني أرْجانَ هاما
وإذا رامَ سُلُوّاً / عنهمُ زادَ أُواما
حبّذا تلكَ اللّيالي / عَيْشُنا لو كانَ داما
يا أخِلاّيَ الأداني / ونَدامايَ الكراما
أَتُرانا نَتلاقَى / قبلَ أنْ نَلْقَى الحِماما
كيف أنساكُمْ وقلبي / لا يَني إلاّ غراما
كلَّما أَذكُرُ يوماً / منكمُ أبكيهِ عاما
مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً
مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً / جَعلوا مَنزِلَها الدُّرَّ فداما
تَمترِي من عارضٍ إيماضُه / يخطِفُ القلبَ إذا أبدَى ابتساما
عارِضٌ تَجلوهُ نُعْمٌ غُدوةً / غَيرةَ العارِضِ تَحدوهُ النَّعامى
كلّما شِيمَ سقاني أَدمُعي / وسقَى المِسكَ سِواكاً والمُداما
قاتلَ اللهُ أراكاً بالحِمَى / أبداً يُملي على القلْبِ الغراما
يَصِفُ الثَّغْرَ لها يابِسُه / ويُحاكي رَطْبُه منها القَواما
يا أراكَ الجِزْعِ هَبْ لي رِيقَها / ولأطرافِكَ فاستَسْقِ الغَماما
أَرِدُ الماءَ وتَمَتاُح اللُّمَى / ساء هذا يا ابنةَ القومِ اقْتِساما
لو قضَى بالعدلِ قاضٍ بَيْنَنا / وكِلانا ذابِلٌ يشكو الأُواما
لسَقاهُ القَطْرُ ما سُقِّيتُه / وسَقاني الثّغْرُ ما يَسْقي البَشاما
بأبي من سرِّ قيس غادة / قرط الناس لها أذني الملاما
غالَطَتْني إذْ كَستْ جسمي الضّنَى / كُسوةً عَرَّتْ من اللّحْمِ العظاما
ثمّ قالت أنت عندي في الهوَى / مثلُ عَيْني صدَقتْ لكنْ سَقاما
كنتُ من قَتْلَي ليالي هَجْرِها / حُشِيَتْ منهنَّ أحشائي كِلاما
خِفْتُهُ حتّى إذا ما لَيْلُه / نالَ منها الطَّرْفُ ثأراً فأناما
قلتُ لمّا قتلتْني في الهوَى / حلَّتِ الخمرُ وقد كانت حراما
هل تَرى الرَّكبَ بشَرقيّ الحِمَى / يَشرَئبّونَ إلى وادي الخُزامى
كُلَّما لاحتْ لهمْ أطلالُه / جاذَبتْ راكِبَها العِيسُ الزِّماما
يأْمَنُ السَّيْرَ بنا أَعلامُها / ولقد تَشْجو الدِّيارُ المُسْتَهاما
فنَبذْنا نظْرةً نحوَ الحِمَى / ثُمَّ أَهدَيْنا منَ البُعْدِ السَّلاما
لا نِساءُ الحَىّ حيًّتْنا ولا / بخيامِ الحَيّ شَبَّهْنا الخِياما
طَرْبةٌ تَشْهَدُ كَفّي بَعْدَها / أنّها مرَّتْ على عَيْني مَناما
لم يكنْ غيرَ ليالٍ وَصلُها / كم عسى أنْ يُجْتَلى البدْرُ التِّماما
قُلْ لأحبائي وإنْ شَطَّ النَّوى / بعد عيشٍ ناعمٍ لو كانَ داما
كيف أَتاكُمْ ووَجْدي دائباً / يَسكبُ الدّمعَ على خَدّي سِجاما
كلّما أذكرُ يوماً لكمُ / لم يَطُلْ عنديَ أن أبكيهِ عاما
مِن مُديرٍ كأسَ دمع ساهراً / مغرماً قد رقَدتْ عنه النَّدامى
كلّما حنَّ إلى ذاتِ الغَضا / أنشأَتْ أنفاسُه فيها اضْطِراما
ذاكراً أحورَ مِن سِرْبِ المَها / لا يُوافي طَيْفُه إلاّ لِماما
حلَّ من قلبيَ بَيْتاً فارغاً / فهْو فردٌ فيه لا يَخْشَى زِحاما
فاتِلاً من صُدْغهِ أطْنابَه / ناصباً من قَدّهِ فيه دِعاما
حاطَهُ القلبُ وقد أسلَمني / فإلامَ الغدْرُ يا قلبُ إلاما
هكذا الدَّهرُ رماني صَرْفُه / بهمُومٍ قد أقامَتْ ما أقاما
رجَعَ الأيّامُ فيما وهبَتْ / لُؤْمَ طَبْعٍ ومتى كانتْ كراما
وبناتُ الدَّهرِ في غَدْرَتها / كبَنيهِ لا يُراقبْنَ ذِماما
كم أُناسٍ خلْتُهمْ لي جُنَناً / يومَ رَوْعٍ فغدَوا فيَّ سهاما
أمَّهُمْ دهريَ فائتَمّوا بهِ / هل أبٌ لم يَرْضَهُ الاِبْنُ إماما
تَبِعَ الظّلَّ يُحاكي غُصْنَه / كيفما مالَ لرِيحٍ واسْتَقاما
يا أخا الغَوْثِ وما الغَوْثُ سوى / أنْ يُلَفَّ الغَوْرُ بالنَّجْدِ اعْتزاما
إنّما وُدِّي وقد جَرّبْتَه / عُروةٌ وُثْقَى فلا تَخْشَ انْفِصاما
وإذا كان المَودّاتُ جَناحاً / لم يكنْ أقدامُها إلاّ القُدامى
فاخْشَ يا صاحِ أحاديثَ غَدٍ / إنْ تَصاحَبْنا ولا تَخْشَ الحِماما
نحن رِدْآنِ وأضحَى واحداً / قرْنُنا الدَّهرُ فلا تَرْضَ انْهزاما
كنْ ليَ الماءَ إذا خفْتُ صدىً / وسَنا النّارِ إذا خُضْتُ الظَّلاما
رَجُلاً يُوقظْهُ تحْريكُه / إنّما الطِّفْلُ إذا حُرّكَ ناما
إنْ تُرِدْ والمجدُ رَوضٌ عازبٌ / في ذُرا العزّ جميماً وجِماما
فأثِرْها حاكياتٍ في الفَلا / حينَ يَعْصِفُنَ نُعامَى أو نَعاما
لا سنامَ الأرضِ أبقَى وَخْدها / لا ولا الأرضُ لها أبقَتْ سَناما
أفنَتِ الأرضُ قصاصاً مَتْنَها / حينَ أفنَى مَتْنَها النِّضوُ لِطاما
تُودِعُ السَّيْرَ نهاراً خائناً / يأكلُ الظّلَّ إذا ما هو صاما
أو دُجَى ظلماءَ تُمسي بَطْنُها / من جَنينِ الصُّبْحِ للسّاري عَقاما
أخطأ المطلَعَ ذا الصُّبْحُ فهل / عَمِيَ النّاظرُ منه أو تَعامى
ما اعتلَى الأفْقَ رداءٌ بل هَوَى / منه فاعتمَّ به رأسي اعْتماما
أنا والدِّهرُ كقِرنَيْ مَعْرَكٍ / فتبصَّرْ أيُّنا أوفَى انْتِقاما
حينَ أبدَتْ يَدُه من شَيْبتي / صارماً منّي على المَفْرَقِ شاما
سَلَّ منصوراً على أحداثِه / من حُسامِ الدّينِ تأميلي حُساما
مُخْبِراً عن أثْرِه آثارُه / ماضياً يَغْتَنِمُ الحمدَ اغْتناما
صَقَل البِشْرُ مُحَيّا وجهه / فَجلا عن ناظرِ الحُرِّ القَتاما
مُشْرِعاً بحراً إذا مدَّ يداً / مُطْلِعاً بدراً إذا حَطَّ اللّثاما
كُلّما اهتزَّ به نادى النَّدَى / أشمسَ الوافدُ منه وأغاما
بأبي الخَطّابِ لي مُنتَصَرٌ / من خطوبِ الدّهرِ إن جُرْنَ احتكاما
وحُسامٌ ماسحٌ أعناقَها / عكْسُه وَصفٌ له دُرّي اهْتماما
بحُسامٍ قد نَماهُ عَضُدٌ / ثمَّ أوطاهُ منَ الأكفاء هاما
لن تَرَى نَدْباً هُماماً كاملاً / غيرَ مَنْ عُدَّ أباً نَدْباً هُماما
يا ابْنَ مَنْ شُدَّتْ يدُ المُلْكِ بهِ / فغدا يحمي من الجُنْدِ السّواما
وكفاهُمْ منه أن يَجْمَعَهُمْ / عارِضٍ يغدو من الجودِ رُكاما
عارِضٌ والجيشُ كالقَطْرِ له / يَمْطُرُ النَّعْماءَ والموتَ الزُّؤاما
عُوِّدَ الصّبْرَ على إعْناتِهمْ / مثْلَما لا يُسأمُ الرُّكْنُ اسْتلاما
تأخذُ الأقوامُ من آدابه / وأبَى القابسُ أن يَجني الضِّراما
لو جلا عن وجهِ أدْنَى عِلْمِه / لانْثَنى نَقْصُ بني الدَّهْرِ تماما
يُتَهادَى كُلُّ ما فاهَ بهِ / فهو الدُّرُّ انْتِشاراً وانْتظاما
بَهَرتْ آياتُها فانْقَسَمَ ال / حُسْنُ بينَ اللّفظِ والمعنى انْقساما
رُتَبّ منها و من عَلْيائها / تَملِكُ الحاسدَ أنفاً ورَغاما
يا إماماً جاعلاً سُدَّتَه / طالبَ الفضلِ لعَيْنَيْهِ إماما
ملكَ الفضلَ فحامَى دُونَه / وكذا مَن أصبحَ المسالكَ حامى
هاكَها مِن واردٍ عن ظَمأ / بعدما لابَ بها دهراً وحاما
قُرطُ آذانِ الأُلَى أصغَوا لها / مُلِئِ اللُّؤْلُؤَ فَذّاً وتُؤاما
ويَراها حاسدٌ من حَسَدٍ / صَمَماً في الأذْن منها وصماما
فاْبَق للمجدِ والعَلْياء ودُمْ / في ظلالِ العزِّ والنُّعْمَى دَواما
مُبْلياً غِمْدَ اللّيالي عِزّةً / تَصدُقُ الضّربَ ولا تَخْشَى انْئلاما
أعلى العهدِ القَديمِ
أعلى العهدِ القَديمِ / شِيَمُ الظَّبْيِ الرَّخيمِ
أم جفاني إذ رآني / واللَّيالي من خُصومي
ليس ذا الدّهرُ على خُلْ / قٍ لخَلْقٍ بمُقيم
زائرٌ زارَ منَ البَحْ / رِ به وَفْدُ الغُيوم
ثُمَّ لمّا أنْ مَلا فا / هُ من الدُّرِّ اليَتيم
قبَّل الأرضَ به بَيْ / نَ يدَيْ عبدِ الرَّحيم
لا ترَى غيرَ كريمٍ / عارفاً قدْرَ كريم