المجموع : 4
بطل الأبطال من أرض الهرم
بطل الأبطال من أرض الهرم / لبس الغار وجلّى وغنم
كيف تذرون عليه دمعكم / وهو وضاح المحيا يبتسم
كيف يبكي منكم الباكي على / عَلَم لف شهيداً في عَلَم
يا شباب النيل فتيان الحمى / وحماة الدار أشبال الأجم
زعموكم أمة هازلة / كذب الزاعم فيما قد زعم
تتحداهم على طول المدى / ثورة نكراء شبت تلتهم
ومقال الدهر عنا في غد / وحديث المجد عن عبد الحكم
كم أغر في بواكير الصبا / ناضر يسحب أذيال النعم
طبعه الجود فلما هتفت / مصر تدعوه تناهى في الكرم
قدم الروح إليها ومشى / ثابت الخطوة جبار القدم
كلفته اليقظة الكبرى بها / همة ترعى وعيناً لم تنم
جشمته خطة دامية / وعرة المسلك حفت بالألم
يجد الموت بها لذته / ويرى العار إذا المرء سلم
يا لهذي الجنة الفيحاء كم / فتحت قبراً لباغٍ قد ظلم
يصبح الصبح على هذي الربى / فإذا الورد ضحوك في الأكم
فإذا أمسى المساء انقلبت / فوهة شعواء ترمي بالحمم
لست تدري إذ تراها ظمئت / فروى الأحرار واديها بدم
ذاك لون الورد أم لون الردى ال / جاثم أو لون الحميم المضطرم
يا شباب النيل فتيان الحمى / وحماة الدار أشبال الأجم
حطموا القيد الذي حطمكم / واجعلوا أمتكم فوق الأمم
وإذا استشهد منكم بطل / جاده الغيث وحيته الديم
ولقد أدى لمصر دينه / ذلك الفادي ووفى بالقسم
يا حناناً كيدِ الآسي الرؤومِ
يا حناناً كيدِ الآسي الرؤومِ / وشُعاعاً يُشتَهى بعد الغُيومِ
أنا في بُعدِكَ مفقودُ الهُدَى / ضَائعٌ أعشو إلى نورٍ كريمِ
أشتري الأحلامَ في سُوق المُنى / وأبيعُ العُمرَ في سُوق الهُمومِ
لا تقل لي في غدٍ موعدُنا / فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ
أغداً قلت فعلِّمني اصطبارا / ليتني أختصرُ العُمرَ اختِصارَا
عَبَرَت بي نَشوةٌ مِن فَرَحٍ / فَرَقصنا أنا والقلبُ سُكارَى
وعَرَانا طَائِفٌ مِن خَبَلٍ / فاندَفَعنا في الأماني نتبارَى
سنَذمُّ النور حتى يتَلاشى / ونذمُّ الليلَ حتى يتوارَى
انفَردنا أنا والقلب عشيا / ننسج الآمالَ والنَّجوى سويَّا
فركبنا الوهمَ نبغي دارَها / وطوينا الدهر والعالَم طَيَّا
فبلغناها وهللنَا لها / ونزَلنَا الخُلدَ فينَاناً نَدِيَّا
ولقينا الحسنَ غَضّاً والصّبا / وتملَّينَا الجلالَ الأبدِيَّا
قال لي القلبُ أحقّاً ما بلغنا / كيف نام القَدرُ السَّاهر عنَّا
أتراها خِدعةً حاقت بنا / أتراها ظِنةً مما ظَنَنَّا
قلتُ لا تجزع فكم من منزلٍ / عزَّ حتى صار فوق المتمنى
أذِنَ اللهُ به بَعد النَّوي / فثوينا واسترحنا وأمِنَّا
يا جِنانَ الخُلدِ قَدَّمتُ اعتِذاري / إذ يَطوف الخلدَ سقمي ودَماري
أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى / اعفُ عن لهفةِ روحي وأواري
أشتهي ضَمَّكَ حتى أشتفي / فكأني ظامئٌ آخذ ثاري
غير أني كلَّما امتدت يدي / لعناقٍ خِفتُ أن تؤذيكَ ناري
أيها النورُ سَلاماً وخشوعا / أيها المعبَدُ صَمتاً ورُكُوعَا
ملكت قلبي ولُبي رهبة / عصفت بالقلب واللُّبّ جميعَا
رُبَّ قول كنتُ قد أعددتُه / لكَ إذ ألقاك يأبى أن يطيعَا
وحبيسٍ من عتابٍ في فمي / قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا
لذعتني دمعة تلفح خدي / نبهتني من ضلالٍ ليس يُجدِي
واختفت تلك الرُّؤَى عن ناظري / وطَواها الغيبُ في سِحري بُردِ
وتَلفَّتُّ فلا أنت ولا / جنةُ الخلد ولا أطيافُ سَعدِ
وإذا بي غارقٌ في محنَتي / وبلائي أقطعُ الأيامَ وَحدِي
هاتِ قيثاري ودَعني للخيالِ / واسقني الوهمَ وعَلِّل بالمحالِ
ودَع الصدق لمن ينشده / الحجى خصميَ فاغمر بالضلالِ
وخُذ الأنوار عنّي ربما / أجدَ الرحمةَ في جوفِ الليالي
خلِّني بالشوقِ أستدني غداً / فغداً عندي كآبادٍ طوالِ
أحسد الشيبَ على رأ
أحسد الشيبَ على رأ / سك والتسعينَ عامَا
وأحيِّي ناصعَ الصب / ح وأهديه السلامَا
ها هو الحق الذي لم / يُبقِ شكَّا أو كلامَا
وَهوَ الدنيَا وربِّي / نزعَت عنها اللثامَا
روعة الحقِّ لقد نك / كست الصاري احترامَا
نَحن قوم نعشقُ الحق / ق ولو كانَ الحِمامَا
إيه أيامَ شبابي / كيف تمضينَ عقامَا
فيم تمتدين طولاً / وفراغاً وإلامَ
ليتنا نبدو كما نح / ن شقاءً وسقامَا
كلما تخدعنا الأي / يام خادعنَا الأنامَا
فرثينا العمر بِش / راً وبكيناه ابتسامَا
قد ترى المفراحَ لل / بهجةِ تمثالاً مقامَا
أنت تدري أيّ ضن / كٍ في لياليه أقامَا
ولقد تظفرُ بالخا / ئبِ حظَّا وغرامَا
أسود اللمة يح / سبُه الناسُ غلامَا
وهو الفاني الذي / أهلكَه الدهرُ صِدامَا
ويميناً لا ترى أر / وعَ مِن هذا انتقاما
هيكلٌ يرزح في / آلامِه عاماً فعامَا
فَهوَ حي يحمل المو / تَ ولا يلقى الحِمَاما
أعشق الأنوارَ من / تاجِكَ هذا تترامى
وأرى قلبي فراشاً / حول هذا الضوءِ حاما
ليس يرضيكَ شبابي / إن ترِد مني سَوامَا
سترى كأساً ولكن / لا ترى فيها مدَامَا
كَم أغرَّ في بواكيرِ الصبَا
كَم أغرَّ في بواكيرِ الصبَا / ناضرٍ يسحبُ أذيال النعم
طبعُه الجودُ فلما هتفت / مصرُ تدعوه تناهى في الكرم
قَدَّمَ الروحَ إليها ومشى / ثابتَ الخطوةِ جبارَ القدَم
كلفته اليقظةُ الكبرى بها / مهجةً ترعى وعيناً لم تنَم
جشمته خطةً داميةً / وعرةَ المسلكِ حُفَّت بالألم
يجدُ الموتُ بها لذتَه / ويرى العارَ إذا المرءُ سَلِم
يا لمصرَ الجنةِ الفيحاءِ كم / فتحت قبراً لباغٍ قد ظَلَم
يطلع الصبحُ على هذي الربى / فإذا الوردُ ضحوكٌ في الأكَم
فإذا أمسَى المساءُ انقلبت / فوهَةً حمراءَ تغلي بالحمم
لست تدري إذ تراها ظمئت / فَرَوَى الأحرارُ واديها بِدَم
ذاكَ لونُ الوردِ أم لونُ الردى / الجاثم أو لونُ الجحيم المضطرم