أَشذا نعمان أَهدتُه النُعامى
أَشذا نعمان أَهدتُه النُعامى / أَم سرَت تحملُ عن نُعمٍ سَلاما
كلَّما أَهدت إلينا نفحةً / خلتُها فضَّت عن المسكِ ختاما
أَرِجَ الرَوضُ بريّا طيبها / وروى عن طيبها نشرُ الخُزامى
وَسرت بالهِند منها نسمةٌ / فشممنا شيحَ نجدٍ والبَشاما
يا رَعى اللَه ربوعاً بالحِمى / وَسَقاها صوبَ دَمعي فالغماما
وَكَسا أَعطافَ هاتيك الرُبى / حُللاً طرَّزَها الغيثُ اِنسجاما
كَم بها من غادَةٍ إِن أَسفَرَت / في الدُجى أَوفت على البدر تَماما
وإذا ما أَشرَقَت رأدَ الضُحى / سَفَرت عن طلعة الشَمسِ لِثاما
هزَّت السمرَ عليها غيرةً / غلمةُ الحيِّ إذا هزَّت قَواما
واِنتضَت دونَ حِماها قُضُباً / مُرهَفاتٍ ترشحُ الموتَ الزؤاما
ما نُبالي لو أَمِنّا طرفَها / أَسناناً أَقبَلونا أَم حُساما
وَعَذولٍ رامَ نُصحي في الهَوى / كلَّما خاطَبَني قُلتُ سَلاما
أَتُراه لا رأى ذاك البها / كانَ أَعمى أَم تراهُ يَتَعامى
يا نزولَ المُنحنى من أَضلُعي / وَحُلولاً من غَضا قَلب مَقاما
إِن أَكن شِبتُ غَراماً بعدَكم / فالهَوى العُذريُّ ما زالَ غُلاما
بنتُمُ عن ظِلِّ باناتِ اللِوى / وَشرَعتم برُبى نجدٍ خياما
كلَّ يوم نيَّةٌ تنأى بكم / وَهواكم حيثما حلَّ أَقاما
كَم إِلى كَم أَتَقاضى وصلَكم / وإلامَ الهَجرُ لا كان إلى ما
أَفَحَقّاً لا تَمَلّون الجَفا / وَعذولي فيكم ملَّ المَلاما
وَجَميع الدَهر صدٌّ وَقلىً / يَنقضي الدَهرُ ولم أَقضِ مَراما
ما مَرامي بغرامي بكم / وَعَذابي في الهَوى كانَ غَراما
يا ندامايَ وأَسرارُ الهوى / لَم يُطق كتمانَها إلّا النَدامى
أَعلمتُم أَنَّ جيرانَ اللِوى / خفروا العَهدَ ولَم يَرعَوا ذِماما
سَفَكوا بالخَيف عن عمد دمي / واِستحلّوا بمنىً منّي حَراما
زعموا أَيّامَ جمعٍ جمعت / بهمُ شَملي وِلاءً ولِماما
لا وَمَن سارت إليه ذُلُلاً / في بُراهُنَّ يُبارين النَعاما
لَم تكن إلّا ثَلاثاً واِنبرَت / بهمُ بُدنُ المَطايا تَتَرامى
وأَحالوني عَلى آثارِهم / ما شَفوا داءً ولا بَلّوا أواما
يا حُداة الظعنِ هل من وقفةٍ / برُبى طيبةَ تَشفي المُستَهاما
وَقفَةٌ لا أَشتَكي من بعدِها / لوعةَ البَين ولا أَشكو الهُياما
هي أَقصى أَملي لا رامةٌ / وَمُنى قَلبيَ لا دارُ أماما
أنخ العيسَ بها واِقرأ على / من به طابَت صَلاةً وَسَلاما
واِلثِم الأَرضَ لديه خاضِعاً / واِستلم أَعتابَه العُليا اِستِلاما
إنَّها حضرةُ قدسٍ لم تزل / حولَها الأملاكُ أَفواجاً قياما
واِدعُ إِن ناجيتَه مبتهلاً / واِخفضِ الصوتَ خشوعاً واِحتراما
واِعتصِم منه بحبلٍ إِنَّه ال / عُروةُ الوُثقى لمن رامَ اِعتصاما
خيرةُ اللَه الَّذي أَرسلَه / بالهُدى للدين والدنيا قِواما
ملأ العالمَ نوراً وَسَناً / وَجَلا عن غُرَّة الحقِّ ظلاما
وَرقى هامَ المَعالي صاعداً / واِمتَطى من كاهِل المجد سَناما
خصَّه اللَهُ بأسمى رُتبةٍ / جلَّ أَدنى قَدرِها عن أَن يُسامى
وَلَقَد أَسرى به في لَيلةٍ / كان فيها للنبيّين إِماما
لَيلَةٌ ودَّ سَنى الصبحُ لها / أَنَّه في فمها كان اِبتساما
فاقَت الأَفلاكَ فخراً عندما / وطِئت أَقدامُهُ منهنَّ هاما
أَحرزَ السهمَ المُعَلّى إِذ دَنا / قابَ قَوسين ولم يُقرع سِهاما
بدأ اللَه به الخلقَ كَما / ختم اللَهُ به الرُسلَ الكراما
حاز أَصنافَ المَعالي قدرُه / وحَوى الآخرَ منها والقُدامى
وأَتانا بكلامٍ معجِزٍ / أَفحمَ المنطيقَ إِن رام كلاما
فُضِّلت آياتُه إِذ نُسِّقَت / نَسَقاً يهزأ بالدُرِّ نِظاما
وَسمت حجَّتُه إِذ وَسَمت / كلَّ خَصمٍ رامَ للحقِّ خِصاما
فاِنثَنى عنها مقرّاً أَنَّ في / أَنفهِ الرغمَ وفي فيه الرغاما
يا لَها أَحكامَ حقٍّ أحكمت / لا يرى عِقدُ لآليها اِنفصاما
وَلَكم من مُعجزٍ أَظهرَه / لَم يَدَع للحقِّ في الخلق اِكتتاما
يا رَسولَ اللَه يا أَكرمَ مَن / أَغدقت سحبُ أَياديه الأناما
يا منيلَ المُرتجي مِن جوده / نِعماً غُرّاً وآمالاً وِساما
جُد لراجيكَ بما أَمَّله / وأَنِلهُ ما لَه أَمَّ وَراما
واِنتقِذني من يد البَين الَّذي / شفَّ جِسمي وَبَرى منّي العِظاما
وَبأَرضِ الهند طالَت غيبتي / إنَّها ساءَت مقرّاً وَمُقاما
فَمَتى أَرحَلُ عنها قاصداً / رَبعكَ المأنوسَ والبيتَ الحَراما
أَولني يا خيرَ من أَولى يَداً / منك قُرباً يُبرئ الداء العَقاما
وأَقِلني عَثَراتٍ لم أَزَل / ساعياً في كسبِها خَمسينَ عاما
ثمّ كُن لي من ذُنوبي شافعاً / يوم يَقضي اللَه عفواً واِنتقاما
وَصَلاةُ اللَه تترى دائماً / وتَغَشّاك مدى الدَهرِ دَواما
وتعمُّ الآلَ والصَحبَ الألى / بِعُلاهم نهضَ الحقُّ وقاما