المجموع : 4
بِالَّذي أَجراكِ يا ريحَ الخُزامى
بِالَّذي أَجراكِ يا ريحَ الخُزامى / بَلِّغي البُسفورَ عَن مِصرَ السَلاما
وَاِقطِفي مِن كُلِّ رَوضٍ زَهرَةً / وَاِجعَليها لِتَحايانا كِماما
وَاِنشُري رَيّاكِ في ذاكَ الحِمى / وَاِلثِمي الأَرضَ إِذا جِئتِ الإِماما
مَلِكٌ لِلشَرقِ في أَيّامِهِ / هِمَّةُ الغَربِ نُهوضاً وَاِعتِزاما
أَيُّها القائِمُ بِالأَمرِ لَقَد / قُمتَ في الناسِ فَأَحسَنتَ القِياما
جَرِّدِ الرَأيَ فَكَم رَأيٍ إِذا / سُلَّ مِن غِمدِ النُهى فَلَّ الحُساما
وَاِبعَثِ الأُسطولَ تَرمي دونَهُ / قُوَّةُ اللَهِ وَراءً وَأَماما
يَكلَأُ الشَرقَ وَيَرعى بُقعَةً / رَفَعَ اللَهُ بِها البَيتَ الحَراما
وَثُغوراً هِيَ أَبهى مَنظَراً / مِن ثُغورِ الغيدِ يُبدينَ اِبتِساما
خَصَّها اللَهُ بِأُفقٍ مُشرِقٍ / ضَمَّ في اللَألاءِ مِصراً وَالشَآما
حَيِّ يا مَشرِقُ أُسطولَ الأُلى / ضَرَبوا الدَهرَ بِسَوطٍ فَاِستَقاما
مَلَكوا البَرَّ فَلَمّا لَم يَسَع / مَجدَهُم نالوا مِنَ البَحرِ المَراما
بِجَوارٍ مُنشَآتٍ كَالدُمى / أَينَما سارَت صَبا البَحرُ وَهاما
كُلَّما أَوفَت عَلى أَمواجِهِ / سَجَدَ المَوجُ خُشوعاً وَاِحتِشاما
كانَ بِالبَحرِ إِلَيها ظَمَأٌ / وَعَجيبٌ يَشتَكي البَحرُ الأُواما
فَهيَ في السِلمِ جَوارٍ تُجتَلى / تَبهَرُ العَينَ رُواءً وَنِظاما
وَهيَ في الحَربِ قَضاءٌ سابِحٌ / يَدَعُ الحِصنَ تِلالاً وَرِجاما
ما نُجومُ الرَجمِ مِن أَبراجِها / إِثرَ عِفريتٍ مِنَ الجِنِّ تَرامى
مِن مَراميها بِأَنكى مَوقِعاً / لا وَلا أَقوى مِراساً وَعُراما
وَهيَ بُركانٌ إِذا ما هاجَها / هائِجُ الشَرِّ عِداءً وَخِصاما
جَبَلَ النارِ لَقَد رُعتَ الوَرى / أَنتَ في حالَيكَ لا تَرعى ذِماما
أَنتَ في البَرِّ بَلاءٌ فَإِذا / رَكِبَ البَحرَ غَدا مَوتاً زُؤاما
فَاِتَّقوا الطَودَ مَكيناً راسِياً / وَاِتَّقوا الطَودَ إِذا ما الطَودُ عاما
حَمَلَت حَرباً فَكانَت حِقبَةً / نُذُراً لِلمَوتِ تَجتاحُ الأَناما
خافَها العالَمُ حَتّى أَصبَحَت / رُسُلاً تَحمِلُ أَمناً وَسَلاما
بُعِثَ المَشرِقُ مِن مَرقَدِهِ / بَعدَ حينٍ جَلَّ مَن يُحيي العِظاما
أَيُّها الشَرقِيُّ شَمِّر لا تَنَم / وَاِنفُضِ العَجزَ فَإِنَّ الجِدَّ قاما
وَاِمتَطِ العَزمَ جَواداً لِلعُلا / وَاِجعَلِ الحِكمَةَ لِلعَزمِ زِماما
وَإِذا حاوَلتَ في الأُفقِ مُنىً / فَاِركَبِ البَرقَ وَلا تَرضَ الغَماما
لا تَضِق ذَرعاً بِما قالَ العِدا / رُبَّ ذي لُبٍّ عَنِ الحَقِّ تَعامى
سابِقِ الغَربِيَّ وَاِسبِق وَاِعتَصِم / بِالمُروءاتِ وَبِالبَأسِ اِعتِصاما
جانِبِ الأَطماعَ وَاِنهَج نَهجَهُ / وَاِجعَلِ الرَحمَةَ وَالتَقوى لِزاما
طَلَبوا مِن عِلمِهِم أَن يُعجِزوا / قادِرَ المَوتِ وَأَن يَثنوا الحِماما
وَأَرادوا مِنهُ أَن يَرفَعَهُم / فَوقَ هامِ الشُهبِ في الغَيبِ مَقاما
قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ / طاوَلَ الخالِقَ في الكَونِ وَسامى
أَحرَجَ الغَيبَ إِلى أَن بَزَّهُ / سِرَّهُ بَزّاً وَلَم يَخشَ اِنتِقاما
قُوَّةَ الرَحمَنِ زيدينا قُوىً / وَأَفيضي في بَني الشَرقِ الوِئاما
أَفرِغي مِن كُلِّ صَدرٍ حِقدَهُ / إِملَإِ التاريخَ وَالدُنيا كَلاما
أَسأَلُ اللَهَ الَّذي أَلهَمَنا / خِدمَةَ الأَوطانِ شَيخاً وَغُلاما
أَن أَرى في البَحرِ وَالبَرِّ لَنا / في الوَغى أَندادَ طوجو وَأُياما
طَمَعٌ أَلقى عَنِ الغَربِ اللِثاما
طَمَعٌ أَلقى عَنِ الغَربِ اللِثاما / فَاِستَفِق يا شَرقُ وَاِحذَر أَن تَناما
وَاِحمِلي أَيَّتُها الشَمسُ إِلى / كُلِّ مَن يَسكُنُ في الشَرقِ السَلاما
وَاِشهَدي يَومَ التَنادي أَنَّنا / في سَبيلِ الحَقِّ قَد مِتنا كِراما
مادَتِ الأَرضُ بِنا حينَ اِنتَشَت / مِن دَمِ القَتلى حَلالاً وَحَراما
عَجِزَ الطُليانُ عَن أَبطالِنا / فَأَعَلّوا مِن ذَرارينا الحُساما
كَبَّلوهُم قَتَلوهُم مَثَّلوا / بِذَواتِ الخِدرِ طاحوا بِاليَتامى
ذَبَحوا الأَشياخَ وَالزَمنى وَلَم / يَرحَموا طِفلاً وَلَم يُبقوا غُلاما
أَحرَقوا الدورَ اِستَحَلّوا كُلَّ ما / حَرَّمَت لاهايُ في العَهدِ اِحتِراما
بارَكَ المَطرانُ في أَعمالِهِم / فَسَلوهُ بارَكَ القَومَ عَلاما
أَبِهَذا جاءَهُم إِنجيلُهُم / آمِراً يُلقي عَلى الأَرضِ سَلاما
كَشَفوا عَن نِيَّةِ الغَربِ لَنا / وَجَلَوا عَن أُفُقِ الشَرقِ الظَلاما
فَقَرَأناها سُطوراً مِن دَمٍ / أَقسَمَت تَلتَهِمُ الشَرقَ اِلتِهاما
أَطلَقوا الأُسطولَ في البَحرِ كَما / يُطلِقُ الزاجِلُ في الجَوِّ الحَماما
فَمَضى غَيرَ بَعيدٍ وَاِنثَنى / يَحمِلُ الأَنباءَ شُؤماً وَاِنهِزاما
قَد مَلَأنا البَرَّ مِن أَشلائِهِم / فَدَعوهُم يَملَئوا الدُنيا كَلاما
أَعلَنوا الحَربَ وَأَضمَرنا لَهُم / أَينَما حَلّوا هَلاكاً وَاِختِراما
خَبِّروا فِكتورَ عَنّا أَنَّهُ / أَدهَشَ العالَمَ حَرباً وَنِظاما
أَدهَشَ العالَمَ لَمّا أَن رَأَوا / جَيشَهُ يَسبِقُ في الجَريِ النَعاما
لَم يَقِف في البَرِّ إِلّا رَيثَما / يُسلِمُ الأَرواحَ أَو يُلقي الزِماما
حاتِمَ الطُليانِ قَد قَلَّدتَنا / مِنَّةً نَذكُرُها عاماً فَعاما
أَنتَ أَهدَيتَ إِلَينا عُدَّةً / وَلِباساً وَشَراباً وَطَعاما
وَسِلاحاً كانَ في أَيديكُمُ / ذا كَلالٍ فَغَدا يَفري العِظاما
أَكثِروا النُزهَةَ في أَحيائِنا / وَرُبانا إِنَّها تَشفي السَقاما
وَأَقيموا كُلَّ عامٍ مَوسِماً / يُشبِعُ الأَيتامَ مِنّا وَالأَيامى
لَستُ أَدري بِتَّ تَرعى أُمَّةٍ / مِن بَني التَليانِ أَم تَرعى سَواما
ما لَهُم وَالنَصرُ مِن عاداتِهِم / لَزِموا الساحِلَ خَوفاً وَاِعتِصاما
أَفلَتوا مِن نارِ فيزوفَ إِلى / نارِ حَربٍ لَم تَكُن أَدنى ضِراما
لَم يَكُن فيزوفُ أَدهى حِمَماً / مِن كُراتٍ تَنفُثُ المَوتَ الزُؤاما
إيهِ يا فيزوفُ نَم عَنهُم فَقَد / نَفَضَت إِفريقِيا عَنها المَناما
فَهيَ بُركانٌ لَهُم سَخَّرَهُ / مالِكُ المُلكِ جَزاءً وَاِنتِقاما
لَو دَرَوا ما خَبَّأَ الشَرقُ لَهُم / آثَروا فيزوفَ وَاِختاروا المُقاما
تِلكَ عُقبى أُمَّةٍ غادِرَةٍ / تَنكُثُ العَهدَ وَلا تَرعى الذِماما
تِلكَ عُقبى كُلِّ جَبّارٍ طَغى / أَو تَعالى أَو عَنِ الحَقِّ تَعامى
لَو دَرَت رومَةُ ما قَد نابَها / في طَرابُلسَ أَبَت إِلّا اِنقِساما
وَأَبى كُلُّ اِشتِراكِيٍّ بِها / أَن يَرى التاجَ عَلى رَأسٍ أَقاما
أَعلَنوا ضَمَّ مَغانينا إِلى / مُلكِ فِكتورَ وَلَم يَخشَوا مَلاما
أَعلَنوا الضَمَّ وَلَمّا يَفتَحوا / قَيدَ أُظفورٍ وَراءً أَو أَماما
فَاِعجَبوا مِن فاتِحٍ ذي مِرَّةٍ / يَحسَبُ النُزهَةَ في البَحرِ صِداما
وَيَرى الفَتحَ اِدِّعاءً باطِلاً / وَاِفتِراءً وَاِحتِجاجاً وَاِحتِكاما
أَيُّها الحائِرُ في البَحرِ اِقتَرِب / مِن حِمى البُسفورِ إِن كُنتَ هُماما
كَم سَمِعنا عَن لِسانِ البَرقِ ما / يُزعِجُ الدُنيا إِذا الأُسطولُ عاما
عامَ شَهرَينِ وَلَم يَفتَح سِوى / هُوَّةٍ فيها المَلايينُ تَرامى
دَفَنوا تاريخَهُم في قاعِها / وَرَمَوا في إِثرِهِ المَجدَ غُلاما
فَاِطمَئِنّي أُمَمَ الشَرقِ وَلا / تَقنَطي اليَومَ فَإِنَّ الجَدَّ قاما
إِنَّ في أَضلاعِنا آفئِدَةً / تَعشَقُ المَجدَ وَتَأبى أَن تُضاما
سَخَّرَ العِلمَ لِيَبني آيَةً
سَخَّرَ العِلمَ لِيَبني آيَةً / فَوقَ شَطِّ النيلِ تَبدو كَالعَلَم
هِيَ ذِكرٌ خالِدٌ لَكِنَّهُ / عابِسُ الوَجهِ إِذا الذِكرُ اِبتَسَم
كُلُّ ما فيها عَلى إِعجازِها / أَنَّها قَبرٌ لِجَبّارٍ حُطَم
لَيتَهُ سَخَّرَ ما في عَهدِهِ / مِن قُوىً في غَيرِ تَقديسِ الرِمَم
مِن فُنونٍ أَعجَزَت أَطواقَنا / وَعُلومٍ عِندَها الفِكرُ وَجَم
وَبَنانٍ مُبدِعاتٍ صَوَّرَت / أَوجُهَ العُذرِ لِعُبّادِ الصَنَم
أَبدَعَت ما أَبدَعَت ثُمَّ اِنطَوَت / وَعَلى أَسرارِها الدَهرُ خَتَم
قَد غَفَونا وَاِنتَبَهنا فَإِذا
قَد غَفَونا وَاِنتَبَهنا فَإِذا / نَحنُ غَرقى وَإِذا المَوتُ أَمَم
ثُمَّ كانَت فَترَةٌ مَقدورَةٌ / غَرَّ فينا الدَهرُ ضَعفٌ فَهَجَم
فَتَماسَكنا فَكانَت قُوَّةٌ / زَلزَلَت رُكنَ اللَيالي فَاِنهَدَم
كانَ في الأَنفُسِ جُرحٌ مِن هَوىً / نَظَرَ اللَهُ إِلَيهِ فَاِلتَأَم
فَنَشَدنا العَيشَ حُرّاً طَلَقاً / تَحتَ ظِلِّ اللَهِ لا ظِلِّ الأُمَم
وَحَقيقٌ أَن يُوَفّى حَقَّهُ / مَن بِحَبلِ اللَهِ وَالصَبرِ اِعتَصَم
آفَةُ المَرءِ إِذا المَرءُ وَنى / آفَةُ الشَعبِ إِذا الشَعبُ اِنقَسَم
لَيسَ مِنّاً مَن يَني أَو يَنثَني / أَو يَعُقُّ النيلَ في رَعيِ الذِمَم
نَشءَ مِصرٍ نَبِّئوا مِصراً بِكَم / تَشتَرونَ المَقصِدَ الأَسمى بِكَم
بِنِضالٍ يُصقَلُ العَزمُ بِهِ / وَسُهادٍ في العُلا حُلوِ الأَلَم
أَنا لا أَفخَرُ بِالماضي وَلا / أَحسَبُ الحاضِرَ يُطرى أَو يُذَم
كُلُّ هَمّي أَن أَراكُم في غَدٍ / مِثلَ ما كُنتُم أُسوداً في أَجَم
فَالفَتى كُلُّ الفَتى مَن لَو رَأى / في اِقتِحامِ النارِ عِزّاً لَاِقتَحَم
لا تَظُنّوا العَيشَ أَحلامَ المُنى / ذاكَ عَهدٌ قَد تَوَلّى وَاِنصَرَم
هُوَ حَربٌ بَينَ فَقرٍ وَغِنىً / وَصِراعٌ بَينَ بُرءٍ وَسَقَم
هُوَ نارٌ وَوَقودٌ فَإِذا / غَفَلَ الموقِدُ فَالنارُ حَمَم
فَاِنفُضوا النَومَ وَجِدّوا لِلعُلا / فَالعُلا وَقفٌ عَلى مَن لَم يَنَم
لَيسَ يَجني مَن تَمَنّى وَصلَها / وانِياً أَو وادِعاً غَيرَ النَدَم
وَالأَماني شَرُّ ما تُمنى بِهِ / هِمَّةُ المَرءِ إِذا المَرءُ اِعتَزَم
تَحمِدُ العَزمَ وَتَثني حَدَّهُ / فَهيَ كَالماءِ لِإِخمادِ الضَرَم
وَاُنظُروا اليابانَ في الشَرقِ وَقَد / رَكَّزَت أَعلامَها فَوقَ القِمَم
حارَبوا الجَهلَ وَكانوا قَبلَنا / في دُجى عَميائِهِ حَتّى اِنهَزَم
فَاِسأَلوا عَنها الثُرَثّا لا الثَرى / إِنَّها تَحتَلُّ أَبراجَ الهِمَم
هِمَمٌ يَمشي بِها العِلمُ إِلى / أَنبَلِ الغاياتِ لا تَدري السَأَم
فَهيَ أَنّى حاوَلَت أَمراً مَشَت / خَلفَها الأَيّامُ في صَفِّ الخَدَم
لا تُبالي زُلزِلَت مِن تَحتِها / أَم عَلَيها النَجمُ بِالنَجمِ اِصطَدَم
تَخِذَت شَمسَ الضُحى رَمزاً لَها / وَكَفى بِالشَمسِ رَمزاً لِلعِظَم
فَهيَ لا تَألو صُعوداً تَبتَغي / جانِبَ الشَمسِ مَكاناً لَم يُرَم