القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 10
ضَحِكَ البرقُ فأبكاني دَما
ضَحِكَ البرقُ فأبكاني دَما / وجرى دمعي له وانسجَما
وأهاجَ الوجد في إيماضه / كَبِداً حرّى وقلباً مغرما
ما أرى دائيَ إلاَّ لَوعَةً / من حشاً تُورى ومن دمعٍ همى
من سناً لاح ومن برق أضا / ما بكى الوامق إلاَّ ابتسما
فكأنَّ البرقَ في جنح الدجى / ألْبَسَ الظلماء بُرداً مُعْلما
باح في الحبّ بأسرار الهوى / وأبى سرُّ الهوى أنْ يكتما
يا أخلاّئي وهل من وقفةٍ / بعدكم بالجزع من ذاك الحمى
أنشدُ الدار الَّتي كنتم بها / ناشداً أطلالها والأرسما
يا دياراً بالغضا أعهدها / مَرْبَضَ الأسْدِ ومحراب الدمى
سَوَّلَتْ للدمع أن يجري بها / وقضت للوجد أنْ يضطرما
أينَ سكانُك لا كانَ النوى / أعْرَقَ البين بهم أم أشأما
كانَ عهدي بظباء المنحنى / تصرَعُ الظبيةُ فيه الضيغما
وبنفسي بين أسراب المها / ظالمٌ لم يَعْفُ عمَّن ظلما
إنَّ في أحداق هاتيك الظبا / صحةً تورث جسمي سقما
ومليح بابليٍّ طرفه / ساحرِ المقلة معسول اللمى
حرَّم الله دمي وهو يرى / أنَّه حلَّ له ما حرما
كم أراشت أسهماً ألحاظُه / يا له في الحبّ من رامٍ رمى
أشتهي عَذْبَ ثناياه الَّتي / جَرَّعَتْني في هواه العلقما
وصلت أيامه وانقَرضَت / أفكانت ليت شعري حلما
علِّلاني بعسى أو ربَّما / فعسى تغني عسى أو ربَّما
حار حكم الحبّ في الحبّ فما / أنْصَفَ المظلومَ ممن ظلما
ليتَه يعدل في الحكم بنا / عدل داود إذا ما حكما
أيَّد الله به الدِّين امرؤ / كانَ للدين به مُستَعْصَما
ذو مزايا ترتضى أطلعها / منه في أفق المعالي أنجما
بلغ الرشد كمالاً وحجى / قبل أن يبلغ فيها الحلما
ومباني المجد في أفعاله / قد بناهنّ البناءَ المحكما
ناشئ في طاعة الله فتىً / لم يزل برًّا رؤوفاً منعما
قد علا بالفضل فيمن قد علا / وسما بالعلم فيمن قد سما
كم وكم فيمن تولّى أمْرَه / أعيَنٍ قَرَّتْ وأنفٍ أرغما
رجل لو ملك الدنيا لما / تركت أيديه شخصاً معدما
فإذا جاد فما وبل الحيا / وذا جادل خصماً أفحما
بُسِطَتْ أيديه بالجود فما / تركت مما اقتناه درهما
أظهرَ الحقَّ بياناً وجلا / من ظلام الشك ليلاً مظلما
سيّد من هاشم إذ ينتمي / لرسول الله أعلى منتمى
واعظٌ إنْ وعظ الناس اهتدت / لسبيل الرشد من بعد العمى
كلّما ألقى إلينا كلِماً / لفظت من فيه كانت حِكما
تكشف الران عن القلب وما / تركت في الدِّين أمراً مبهما
قوله الفصل وفي أحكامه / ما يريك الحكم أمراً مبرما
إن قضى بالدين أمراً ومضى / أذعَنَ الآبي له واستسلما
يحسم الداء من الجهل وكم / حًسِم الجهل به فانحسما
نجم العلم به إذ نجما / ونمى الفضل به منذ نمى
وبدين الله في أقرانِه / لم أجدُ أثْبَتَ منه قدما
يدفع الباطل بالحق الَّذي / يُفلقُ الهامَ ويبري القمما
واكتفى بالسمر عن بيض الظبا / أغْمدَ السيف وأجرى القلما
وُجدَ الفضلُ به مفتتحاً / لا أرى في فقده مختتما
علماء الدّين أعلام الهدى / كلُّ فرد كانَ منهم علما
إنَّما أنتَ لعمري واحد / ما رأينا لك فينا توأما
أنتَ أندى الناس إنْ تثرى ندى / يا غماماً سحَّ يا بحراً طمى
إنَّ أيامَك أعيادُ المنى / حيث كانت للأماني موسما
سيّدي أنتَ وها أنت لنا ال / عروة الوثقى الَّتي لن تفصما
نظم الشعر لكم داعيكمُ / فتَقبَّلْ فيك ما قد نظما
ذاكراً من أنْعَم الله لكم / نِعَماً تُسدي إلينا النعما
بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما
بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما / نبَّه الشَّوقُ من الصبِّ وناما
ولمن أشكو على برح الهوى / كبداً حرَّى وقلباً مستهاما
ويح قلبٍ لَعِبَ الوجد به / ورمته أعين الغيد سهاما
دنف لولا تباريح الجوى / وما شكا من صحَّة الوجد سقاما
ما بكى إلاَّ جرتْ أدمُعُه / فوق خدَّيه سفوحاً وانسجاما
وبما يسفح من عبرته / بلَّ كمّيه وما بلَّ أواما
ففؤادي والجوى في صبوتي / لا يَمَلاَّن جدالاً وخصاما
ليتَ من قد حرموا طيب الكرى / أذنوا يوماً لعيني أن تناما
مَنَعونا أن نراهم يقظة / ما عليهم لو رأيناهم مناما
قَسَماً بالحبِّ واللّوم وإنْ / كنتُ لا أسمع في الحبِّ ملاما
والعيون البابليَّات الَّتي / ما أحلَّت من دمي إلاَّ حراما
وفؤادٌ كلَّما قلت استفق / يا فؤادي مرَّةً زادَ هياما
إنَّ لي فيكم ومنكم لوعةً / أنْحَلَتْ بل أوْهَنَتْ منِّي العظاما
وعليكم عبرتي مهراقة / كلَّما ناوحت في الأَيك حماما
ومتى يذكرُكم لي ذاكرٌ / قعدَ القلب لذكراكم وقاما
يا خليليَّ ومن لي أنْ أرى / بعد ذلك الصَّدع للشَّمل التئاما
أحسِب العامَ لديكم ساعةً / وأرى بَعْدَكم السَّاعة عاما
لم يدمْ عيشٌ لنا في ظلِّكم / أيّ عيش قبله كانَ فداما
حيث سالمنا على القرب النوى / وأخذنا العهد منها والذماما
ورضعنا من أفاويق الطلا / وكرهنا بعد عامين الفطاما
أترى أنَّ الهوى ذاك الهوى / والندامى بعدنا تلك الندامى
كلَّما هبَّت صبا قلتُ لها / بلِّغيهم يا صبا نجد السَّلاما
وبنفسي ظالمٌ لا يتَّقي / حوبة المضنى ولا يخشى أثاما
ما قضى حقًّا لمفتون به / ربَّما يقضي وما يقضي مراما
لو ترشَّفتُ لماه لم أجد / في الحشا ناراً ولو هبَّت ضراما
ولأطفأت لظى نار الجوى / ولعفت الماء عذباً والمداما
شدَّ ما مرَّ جفاً مستعذب / من عذابي فيه ما كانَ غراما
لا سُقيتنَّ الحيا من إِبلٍ / تقطع البيد بطاحاً وآكاما
قذفتها بالنوى أيدي السّرى / في مواميها عراقاً وشآما
ورمتها أسهم البين فمن / مُهَجٍ تُرمى وعيسٍ تترامى
وقد بلونا النَّاس في أحوالها / وعرفناهم كراماً ولئاما
وشربناهم نميراً سائغاً / وزعافاً وأكلناهم طعاما
فمحالٌ أن ترى عينٌ رأت / كحسام الدِّين للدِّين حساما
إنْ تجرِّده على الدهر يدٌ / فَلَقَتْ من خطبه هاماً فهاما
من سيوف الله لا تبصر في / حدِّه الماضي فلولاً وانثلاما
جوهر أودَعَهُ الله به / لم يكن يقبل في النَّاس انقساما
نظرت عيناي منه أروعاً / طيب العنصر والقرم الهماما
من كرامٍ سادةٍ لم يُخلَقوا / بين أشراف الورى إلاَّ كراما
رقَّ حتَّى خِلْتَه من رقَّة / أرج الشِّيح وأنفاس الخزامى
أو كما هبَّت صبا في روضةٍ / تنبت الرند صباحاً والثماما
ثابتُ الفكرة في آرائه / يظهر الصّبح كما يخفي الظَّلاما
وإذا ما قوَّم المعوجّ في / رأيه العالي من الأَمر استقاما
يوم تعرى البيض من أغمادها / وبه يكسي الفريقين القتاما
في نهارٍ مثل مسودّ الدُّجى / تلبس الشَّمس من النَّقع لثاما
وإذا ما أشرق النَّادي به / أشرق النَّادي به بدراً تماما
لم يضِمه من زمان طارق / عزّ جاراً وجواراً أنْ يضاما
قد وَجدنا عهده في ودّه ال / عروة الوثقى فقلنا لا انفصاما
شمل النَّاس فأغنى بِرُّه / وكذا البحر إذا البحر تطامى
بأبي أنتَ وأُمي ماجد / في سماوات المعالي يتسامى
شيّد الفضل وأعلى قدرهُ / بعد أنْ أصبحَ أطلالاً رماما
وكفت يمناهُ بالويلِ ندًى / فكفتنا الغيث سقياً والغماما
حاكمٌ بالعدل علويُّ الثنا / عن عليٍّ قام بالحكم مقاما
إنَّما البصرة في أيَّامه / أعجبت من سارَ عنها أو أقاما
أفصحت عن أخرسٍ فيك له / من قريض النثر نثراً ونظاما
عربيَّات القوافي غررٌ / نصبت قلة المجد خياما
شاعرٌ يهوى معاليك وفي / كلِّ وادٍ من مديح فيك هاما
يا حسام الدِّين يا هذا الَّذي / أشكر اليوم أياديه الجساما
فتفضَّل وتقبَّل كلّ ما / جمعت فيك من الحقِّ كلاما
وثناء طيِّباً طابَ بكم / ينعشُ الرُّوح افتتاحاً وختاما
هاتها حمراءَ تحكي العَنْدَما
هاتها حمراءَ تحكي العَنْدَما / واسقنيها من يَدَيْ عَذْبِ اللّمَى
وانتهزها فُرْصةً قد أمكَنَتْ / فاغتنمها واتَّخذها مغنما
وانتهبها لذَّةً إنْ تنقضِ / يا نَديمي أعْقَبَتْك الندما
وأَعِدْ لي من شبابي ما مضى / بعجوز لم تلاق الهرما
حبَّذا أُختُ عروس زُوِّجَتْ / وهب بكرُ الدَّن من ماءِ السَّما
أخْبَرت عن نار كسرى ما رَوَتْ / من أعاصير الأُلى ما قدما
لطُفَتْ حتَّى كأَنْ لم نرها / فتخيَّلْنا الوجودَ العدما
في رياضٍ أخَذَتْ زُخْرُفها / وبكى الغيثُ لها وابتسما
يوم أُنسٍ نشر السحب به / في نواحي الجوّ بُرداً معلما
حجب الشمس فأبْرَزْنا لنا / شمسَ راح والحباب الأَنجما
معْ مليح قد قضى الحسن له / أن يرى الظلم إذا ما حكما
لو رآه عاذل يعذلني / في هواه عاد فيه مغرما
أشتكي الظلمَ وهذا ظالمي / يا لقومي من حبيبٍ ظلما
ورماني عامداً من لحظه / أيَّ سهم ذلك اللحظ روى
ما اتّقى الله بأحشائي ولا / راقبَ المأثم فيما أثما
حرَّمَ الوَصْلَ على مغرمه / ليتَه حَلَّلَ ما قد حرَّما
يا مليحاً أنا في طاعتِهِ / وأُعاصي في هواه اللّوَّما
منك أشكو ما أُقاسيه ومِن / سُقم أجفانك أشكو السقما
وسواء فيك مسلوب الحشا / باح بأسرار الهوى أو كتما
يا لقومي من مشيرٍ بدمي / من دم طُلّ بألحاظ الدُّمى
كم وكم في الحبِّ لا في معرك / صَرَع الظبيُ الأَغنُّ الضيغما
وفنون لشجون أطلَقَتْ / عَبرة الصّبّ من الوجد دما
لستُ أنسى ليلةً باتت بها / أعينُ الواشين عنَّا نوَّما
وسهرناها كما شاءَ الهوى / نتعاطى الكأسَ من خمر اللّمى
تلك أعراسُ زمان سَلَفَتْ / فأقِم يوماً عليها مأتما
لم أزلْ من بعدها أرجو لها / عَوْدَة تبري بقلبي الأَلما
مقرناً قولي عسى في ربَّما / وعسى تُغني عسى أو ربَّما
ينعم الدهر علينا مرَّةً / فنرى شمل المنى منتظما
ما رأتْ عَيني أمراً حيثُ رأتْ / مثل إبراهيم برًّا منعما
عَلَويٌّ قد علا أعلى العُلى / وعلى أعلى السّماكين سما
مذ رأيناهُ رأينا ماجداً / وعرفناهُ عرفنا الكرما
فهو كالغيث إذا الغيث همى / وهو كالبحر إذا البحر طمى
باسطٌ للجود منه راحَةً / ساجَلَتْ يومَ العطاءِ الدِّيما
أشرف العالم أُمًّا وأَباً / ثمَّ أوفاهم وأندى كرما
هو من أشرفِ قومٍ نسباً / خير من تلقاه فيهم منعما
سيِّد إنْ يعتزِ أم ينتمِ / فإلى خير النبيِّين انتمى
لودَعيٌّ لم تدع آراؤه / من أُمور الرأي أمراً مبهما
قسماً بالفخر في عليائه / أوَتبغي فوق هذا قسما
إنَّه للفَردُ في أقرانه / كانَ والمجد تليد التوأما
سالكٌ ما سلكتْ آباؤه / بمعاليه السبيلَ الأَقوما
نَشَرَتْ أَيمانُه ما ملكت / لنظام الحمد حتَّى نظما
أنا في مدحي له خادمه / إنَّ مَن يخدم علاه خدما
وقليلٌ ولو أنِّي ناظم / لعلاه في القريض الأَنجما
شِيَمٌ ممدوحة في ذاته / فتأَمَّل فيه تلك الشِّيما
فتراه للندى حينئذٍ / مُسْبَغاً في كلِّ يومٍ نعما
هو ترياق من الدهر الَّذي / كانَ في اللأواء صِلاًّ صَيْلما
فإذا ما حارَبَتْ أيَّامه / حادث الأيام ألقى السلما
نتَّقي ما نتَّقي من بأسه / وإذ أقْدَمَ خطبٌ أحجما
لا بلغتُ إرباً إنْ لم أكنْ / ناقلاً إلاَّ إليه قدما
إنَّما البصرة في أيَّامه / أبْصَرَتْ أعيُنُها بعدَ العَمى
جعل الله لها في ظلِّه / خيرَ ظلٍّ منه بل خير حمى
مكرماً من أَمَّهُ مسترفداً / راحماً من جاءهُ مسترحما
فجزاه الله عنها خير ما / جُوزي المنعم عمَّا أنعما
طَرَقَتْ أَسماءُ في جُنْح الظَّلام
طَرَقَتْ أَسماءُ في جُنْح الظَّلام / مَرْحباً بالغُصْنِ والبَدر التَّمامِ
وتحرَّت فرصةً تمكنها / حذر الواشي فزارت في المقام
بتُّ منها والهوى يجْمَعُنا / باعتناق والتثام والتزام
مستفيداً رشَفَاتٍ من فمٍ / لم تكنْ توجد إلاَّ في المنام
حبَّذا طيفُ حبيبٍ زارني / والضيا يعثر في ذيل الظَّلام
باتَ حتَّى كَشَفَ الفجرُ الدُّجى / وبدا الصُّبحُ لنا بادي اللثام
ونَظَرْنا فرأَينا كَرَّةً / لبني سامٍ على أَبناءِ حام
يصرَعُ الزّقَّ ويُدمي نحْرَهُ / ويروِّيني بجامٍ بعد جام
بات يهدي بارد الرِّيق إلى / كبِدٍ حرَّى وقلب مستهام
بابليّ اللّحظ معسول اللّمى / ليّن الأَعطاف ممشوق القوام
وترشَّفتُ شذًى من مرشف / عنبريّ الطيب مسكيّ الختام
أنا بالسّفح وما أَدراك ما / كانَ بالسّفحِ وفي تلك الخيام
زمنٌ مرَّ لنا في ظلِّه / يرقُصُ البان لتغريد الحمام
والندامى مثل أزهار الرُّبا / يُجتَنى من لفظها زَهْرُ الكلام
والظِّباء العُفْرُ من آرامها / ما بعينها بجسمي من سقام
سَنَحَتْ أَسرابها قانصةً / ورماني من ظباء الغيد رام
طاعنات بقدودٍ من قناً / راميات من لحاظٍ بسهام
حَدَّثَ الرّكبُ عنها وهَلْ يخفى الهوى / عن ولوعي بالتَّصابي وغرامي
حين ألفاني وألفى مهجتي / في ضِرامٍ ودموعي بانسجام
يا خليليَّ اكْفُفا لوْمَكُما / واذهبا عنِّي ومرَّا بسلام
فلقد أعطَيْتُ من دُنكما / طاعةَ الحبّ وعصيانَ الملام
أينَ حيٌّ بالفضا نعهَدُه / صُدعُوا بعد التئام والتيام
لا جزى الله بخيرٍ أينقاً / قَذَفَتْها بالنَّوى أيدي المرامي
كلَّما أسمَعَها الحادي الحدا / أجْفَلَتْ بالسَّير إجفال النعام
ذهبت يا سعدُ أيَّام الصبا / ومَضَتْ بعد وِصالٍ بانصرام
وصحا من سَكرةٍ ذو نشوة / لا يسوغُ الماءَ إلاَّ بالمدام
لا أذُمُّ الشَّيْبَ ينهاني به / وَرَعي حين بدا عن كلّ ذام
وبمَدْحي واليَ البصرة قد / راقَ بالصِّدق نثاري ونظامي
وثناءً طيِّباً ننشره / بالمنيب العادل القرم الهمام
أَلبَسَ النَّاسَ وَقاراً حكمُهُ / فهي من أَبهى وقار واحتشام
ما رأى البصرة من إنصافه / إذ أَتاها غيرَ أَطلال رمام
فسعى بالجهد في تعميرها / سَعْيَ من يبلُغُ غايات المرام
لا تشيمُ البرقَ منه خلباً / لا ولا تسأَل وبلاً من جهام
فعسى أن يُنْجزَ الله به / عَدةَ اللُّطْف لخاص ولعام
فرع سادات المعالي في العُلى / عَلَويُّ الأَصل عُلْويُّ المقام
كَرُمَتْ أعراقُه في ذاتها / وكِرامُ النَّاس أَناءُ الكرام
من أُناسٍ خُلقوا مُذْ خلقوا / سادةَ الدُّنيا وأَشراف الأَنام
تنقضي أيَّامه موصولةٌ / بصلاتٍ وصَلاةٍ وصيام
وإذا ما اضطرمتْ نارُ وغًى / يصطفي منها أشدَّ الاضطرام
وإذا استلَّ ظُباً أَغْمدها / ثَمَّ في قمَّة مقدام وهام
وعلى منبَرِ هامات العدى / خطبت بالحتف والموت الزُّؤام
بطلٌ يفتك في آرائه / غير ما يفتك في حدِّ الحسام
كم وكم أَدْمَتْ بقومٍ مهجةً / هذه أَقلامه السُّمر الدَّوامي
ما جرتْ إلاَّ بمجرى قدر / بحياةٍ لأُناسٍ وحِمام
كم له من كلماتٍ في النهى / نبَّهت للرُّشد أبصار النيام
قرَّت البصرة عيناً بالَّذي / حلَّ بالبصرة بالشَّهر الحرام
كلّ دارٍ حلَّ فيها ابتهجتْ / وحَلَتْ حينئذٍ دار السَّلام
فسقاها من نداهُ عارضٌ / مستطيرُ البرق منهلُّ الركام
وحماها بمواضيه ولا / خيرَ بالملك يُرى من غير حام
أصبَحَتْ آثار أَيديه بها / مثلما تُصبِحُ آثار الغمام
حَسُنَتْ أحوالها وانتظمتْ / لو تراها بعد هذا الانتظام
رَدَّ بالسَّيف بغاةٍ جَمَحَتْ / رَدَّك المُهرَ جَموحاً باللِّجام
وقضى بالعدل فيما بينها / فمضتْ في غيِّها لدُّ الخصام
واليدُ الطولى له من قبلها / أَخَذَتْ من كلّ آبٍ بزمام
عِمْ صباحاً أيُّها المولى ودُمْ / وابقَ واسلمْ والياً في كلّ عام
قام يجلوها وبُرْدُ اللَّيل مُعْلَمْ
قام يجلوها وبُرْدُ اللَّيل مُعْلَمْ / خمرةً ما اجتمعت معَ الهَمْ
فهي تِبْرٌ في لجين ذائبٍ / أو كنارٍ في فؤاد الماء تُضرم
نظم المزج عليها حَبَباً / رَصَّعَ الياقوتَ بالدرّ المنظّم
عجباً للشَّرب أنَّى قطّبت / أوجهاً من شرب راحٍ تتبسَّم
مُرَّةٍ يحلو بها العيش وفي / مثلها قد يُحمد الدَّهر المذمّم
من رأى يا قوم منكم قبلها / قبل هذا أَنَّ نوراً يتجسّم
فهي سرٌّ منعت سرّ الضيا / في ضمير اللَّيل من أن يتكتّم
قَدُمت في عصرها حتَّى لقد / أَوْشَكَتْ تخبرنا عمَّا تقدّم
ما ألذَّ الرَّاح يسقاها امرؤٌ / من أيادي مُنْية القلب المتيَّم
كقضيب البان أنَّى ينثني / ذو قوام يشبه الرّمح المقوَّم
أشرق البدر علينا وجهه / فعرَفْنا منه أنَّ البدرَ قد تم
بابليُّ اللَّحظ حلويُّ اللّمى / غير أنِّي في هواه أتألَّم
مالكٌ ما رقَّ للصّبّ ومن / عادة المالك أن يرثو ويرحم
ظالمي في الحبّ عدلٌ فاعجبوا / يا لقومي من ظلومٍ يتظلّم
عاطنيها يا نديمي قهوةً / تَخْضِبُ الأَقداح بالصّبغ المُعَنْدَم
وانتَهِبْها فرصةً ممكنة / قبل أن تمضي سدًى أو تتندّم
في رياضٍ قرن البشر بها / فغَدَتْ تقرن ديناراً بدرهم
واعصِ من لامك فيها طائعاً / لذَّة النَّفس فأُنسُ النَّفس ألزم
أترى مستعظم الوِزْر بها / ليس يدري أنَّ عفو الله أعظم
أنْعَمُ العيشة ما قضَّيتها / مع مليحٍ جادلَ بالوصلِ وأنعم
فتعاطاها إلى أن ينجلي / من أسارير الدُّجى ما كانَ أظلم
فترى للصُّبح في إثْر الدُّجى / صارماً من شفق يلطخ بالدم
أو فكانا كجوادي حلبةٍ / راح يتلو أشقرٌ آثار أدهم
رفعَ الفجرُ لنا رايتُه / وتولَّى اللَّيل بالجيش العرمرم
يا لها من ليلةٍ في جنحها / حلّل اللَّهو بها كلّ محرَّم
رقَص البانُ لها من طربٍ / وتثنَّى لحمام يترنَّم
نطقَ العودُ بأسرار الهوى / فسكتنا والأَغاني تتكلَّم
فحسبناها لما قد أطربتْ / أفصحت في مدح عبد القادر القرم
لم تزل منَّا إلى حضرتِه / مِدَحٌ تجبى ومال يتقسّم
حكَّم العافين في أمواله / وهي فيما تشتهيه تتحكّم
هكذا كانَ وما زال كذا / إنَّها شِنْشِنَة من عهد أخزم
لو نظرنا رقَّةً في طبعه / لحسبناهُ نسيماً يتنسّم
فهو مثل الرَّوض وافاه الحيا / رائقَ المنظَر زاهٍ عطر الشّم
لم ترق عيني سوى طلعته / أنا فيها لم أزلْ أنجو من الغم
بيَّضتْ وجهَ المُنى أقلامُه / إنْ يكنْ وجه المُنى أسودَ أسْحم
وَسَطَتْ في الخصم حتَّى أنَّها / فتَكَتْ فتكَ القنا في مهجة الخصم
ملهمٌ يعلم ما يأتي من الأَ / مرِ إنْ شاءَ وبعض النَّاس ملهم
ذاك واري الزّند مغوار النهى / إنْ رمى أصمى وإنْ جاد لأفحم
وإذا أَبهم أمرٌ في العُلى / كشفَتْ آراؤه عن كلِّ مبهم
طار في الأُفق لك الصِّيت الَّذي / كلَّما أنْجَدَ في الأَقطار أتْهم
أَنت والغيث جوادا حلبةٍ / مثلما أَنت مع العلياء توأَم
كم ورَدْنا منكَ عذباً سائِغاً / كالحيا المنهلّ بل أَمرى وأَسجم
وبلغنا من أياديك المنى / فيميناً إنَّ يُمناكَ لكاليم
بأبي أَنت وأُمي ماجداً / وملاذاً في معاليه لمنْ أَم
إنْ ذكرنا فضلَ أرباب النَّدى / كنتَ رأس الكل والرَّأس مقدم
أَنت والله لأندى من حياً / مستهلّ القطر بالجود وأَكرم
أَرغم الله أعاديك بما / يجدع الأَنف به جدعاً ويرغم
وفداك القوم أمَّا كفُّهم / فجمادٌ ونداهم فمحرَّم
وكفاك الله أسواء امرئٍ / ضاحكٌ يُكشر عن أنياب أَرقم
وإليك اليومَ منِّي مِدَحاً / أيُّها المولى وحوشِيتَ من الذَّم
فلسان الحال منِّي مفصحٌ / إنْ يكنْ منِّي لسان القال أَبكم
أنا في مدحك ما بين الورى / أفصَح النَّاس وإنْ لم أتكلَّم
خدم العبد علاكم شعره / أَنت في أمثاله ما زلتَ تُخدم
شاكراً مولاي إحسانك بي / إنَّ إحسانكَ يا مولاي قد عم
إنْ تَفَضَّلتَ على الدَّاعي لكم / بقبولٍ فتفضَّل وتكرَّم
أسأَل الله لعلياك البقا / فابقَ في العزِّ مدى الأَيَّام واسلم
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهام
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهام / دَنِفٍ نهبَ وُلوعٍ وغَرام
فعلى خَدّي ما تسقي الحيا / وعلى جسميَ ثوب من سقام
فسقاكم غدقاً من أدمعي / مستهلّ القطر منهل الغمام
عبراتٍ لم أزَل أهرقها / أو يبلّ الدَّمع شيئاً من أوامي
زفرة رَدَّدْتها فاضْطَرمَتْ / في حشا الصبّ أشدَّ الاضطرام
هل عَلِمْتم بعدما قوَّضتمُ / أنَّ لي من بعدكم نوح الحمام
فارقت عيناي منكم أوجهاً / أسفرت عن طلعة البدر التمام
في عذاب الوجد ما أبقيْتُمُ / من فؤادي في غرام وهيام
مهجة ذاهبة فيكم وما / ذهبت يوم نواكم بسلام
عرضت واعترض الوجد لها / ورماها من رماة السرب رامِ
قل لمن سدّد نحوي سهمه / من أحَلَّ الصَّيْدَ في الشهر الحرام
طالما مرّ بنا ذكركُمُ / فتثنّى كلُّ ممشوق القوام
وبما أتْحفَ من أخباركم / ربَّما استغنيت عن كل مدام
أوَ كانت عنكم ريح الصبا / نسمت بين خزامى وثمام
أين ذاك العهد في ذاك الحمى / والوجوه الغر في تلك الخيام
إنَّ أيَّاميَ في وادي الغضا / لم تكن غير خيالٍ في منام
من مُعيرٌ ليَ منها زمناً / يرجع الشيخ إلى سنِّ الغلام
وأحبّاء كأنْ لم يأخذوا / من أبيّاتِ المعالي بخطام
فرَّقَتْ شملَهُم صَرْفُ النوى / ورَمَتْهُم بعواديها المرامي
ولقد طالت عليهم حَسْرتي / فاقصروا إن تُنْصفاني من ملام
لستُ أنسى العيش صفواً والهوى / رائقاً والكأسُ ناراً في ضرام
بين ندمان كأنْ قد أَصبحوا / من خطوب الدَّهر طرًّا في ذمام
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم / فترى من نثرهم حسن النظام
تفعل الرَّاح بهم ما فعلتْ / هذه الدُّنيا بأبناء الكرام
إنَّما كانت علاقات هوى / أَصْبَحَتْ بعد اتِّصالٍ بانصرام
وانقضى العهد وأيَّام الصبا / أجْفَلَتْ من بعدُ إجفال النعام
أَسَفاً للشعر لا حظَّ له / في زمان الجهل والقوم اللّئام
فلقومٍ حِلْيَةٌ يزهو بها / ولأقوامٍ سمامٌ كالسِّهام
والقوافي إنْ تصادفْ أَهلَها / انسجمتْ في مدحهم أَيَّ انسجام
قوافيَّ الَّتي أنْزلتها / من عليِّ القَدْرِ في أعلى مقام
أَبلَجٍ من هاشمٍ أَوْضَحَ من / وَضَح الصّبح بدا بادي اللّثام
إنْ يَجُدْ كانَ سحاباً ممطراً / أَو سطا كانَ عزيزاً ذا انتقام
يعلم الوارد من تيَّاره / أَيَّ بحرٍ ذا من الأَبحار طامي
يا لقومٍ أرهبوا أو أرغبوا / من كرامٍ بحسامٍ أو حطام
شمل المعروف من إحسانهم / من عرفنا من بني سامٍ وحام
فهمُ الأَشراف أَشراف الورى / وهمُ السَّادات سادات الأَنام
هم ملاذ الخلق في الدُّنيا وهم / شفعاء الخلق في يوم القيام
نشأوا في طاعة الله فمن / قائمٍ بالقسط أو حبرٍ همام
رضعوا درَّ أَفاويق العُلى / وغذوا بالفضل من بعد انفطام
وإذا ما أرهفوا بيض الظبا / أغمدوها في الوغى في كلِّ هام
بأَكُفٍّ من أيديهم هوامي / وسيوفٍ من أعاديهم دوامي
ظَلْتُ أروي خبراً عن بأسهم / عن سِنان الرّمح عن حدِّ الحسام
وإذا كانتْ سماوات العُلى / فهُمُ منها سواريها السَّوامي
يا ربيعَ الفضل فضلاً وندًى / وحياة الجود في الموت الزُّؤام
أنتَ للرائد روضٌ أنُفٌ / وزلال المنهل العذب لظامي
فإذا رمت بلالاً لصدًى / ما تعدَّاكَ إلى الماء مرامي
يا شبيه الشَّمس في رأد الضُّحى / ونظير البدر في جنح الظَّلام
لو يزدني الشُّكر إلاَّ نعمة / قرنت منكَ علينا بالدّوام
نبَّهت لي أعين الحظّ الَّتي / لم تكنْ يومئذٍ غير نيام
بسطت أيديك لي واقْتَطَفَتْ / بيد الإِحسان أزهار الكلام
قد تجهَّمْنا سحاباً لم تكنْ / منك والخيبة ترجى بالجهام
فثناء بالذي نعرفه / وامتداح بافتتاح واختتام
عادك العيد ولا زلت به / بعدما قد فُزْتَ في أجر الصِّيام
فابقَ واسلمْ للعُلى ما بقيت / سيِّدي أنتَ ودُمْ في كلِّ عام
شامَ برقاً راعَهُ مُبْتَسماً
شامَ برقاً راعَهُ مُبْتَسماً / عن يَمين الجَزْع شرقيّ الحمى
فبكى ممَّا به من لَوعةٍ / لا بكتْ أعْيُنُه إلاَّ دما
دَنِفٌ قد لَعِبَ الوجد به / ورماه البين فيمن قد رمى
وقضى الحبُّ عليه أنَّه / لا يزال الدهر صبًّا مغرما
رحمةً للصبِّ لو يشكو الجوى / في الهوى يوماً إلى من رحما
عبرة يا سعد قد أهرقتُها / ليتها بَلَّتْ من القلب ظما
وإلى الله فؤاد كلَّما / اضطرم البرق اليماني اضطرما
يا خليليَّ اسعداني إنَّني / لم أجدْ لي مسعداً غيرَكما
إنَّ للدار سقى الدار الحيا / أرْسُماً لم تُبق مني أرسُما
أينَ أقماركَ غابت فَقَضت / أن تُرينا كلّ فج مظلما
ولياليَّ بسَلْعٍ أجتلي / كلَّ عذب اللفظ حلويّ اللمى
كنتُ ذقتُ الصَّبر شهداً فيهم / ثم ذقتُ الشهد فيهم علقما
كانَ حبلي بِهمُ متَّصلاً / فَرُميَ بالقَطع حتَّى انصرما
لا تَسَلْ عن دمع حال طالما / سال في آثارهم وانسجما
زعم الناقل سلواني لكم / كَذِبَ الناقل فيما زعما
عَجَباً من عاذلٍ يعذِلُني / في هواكم أبِعَيْنَيْه عمى
انقضى العهد فما لي بَعْدَه / آكلٌ كفّي عليه ندما
أتشافى في عيسى لا في عسى / يشتفي القلب ولا في ربَّما
يَعْلَمُ الجاهل وَجدي فيكم / كيف لا يعلم أمراً عُلِما
لا رعى الله زماني إنَّه / كانَ لا يرعى لحرٍّ ذمما
كلَّ يوم أنا من أرْزائه / شاهدٌ رُزءاً يَشيبُ اللِّمَما
يَبتليني صابراً لم يُلْفِني / فاغراً فيه من الشكوى فما
أتَّقي أسْهُمَه من حيثُ لا / تتَّقي الأدرعُ تلك الأسْهُما
وإذا مارَسَني مارَسني / حجراً صمَّاء صلاً صَيْلما
وسواءٌ بعد أن جَرَّبني / أقْدَمَ الدهرُ إذنْ أمْ أحجما
فَلْيَجِئْني الدهرُ فيما يشتهي / أنا لا أشكو لداءٍ ألما
وحريٌّ أن تراني بالغاً / بعليّ القدر أسباب السما
أرتقي فيه العُلى لم أتخذ / مَدْحَه للمجد إلاَّ سلَّما
بقوافيّ إليه ترتمي / بالأماني فَلَنِعْمَ المُرتَمى
عَلَويّ الجدّ عُلْويّ السَّنا / دوحةٌ طالت وفرعٌ نجما
سيّدٌ من هاشمٍ راحته / تُخْجِلُ الغيثَ إذا الغيث همى
من رسول الله من جوهره / ذلك النور الَّذي قد جُسِّما
إنْ تؤَمّلْه تُؤَمِّلْ صيّباً / أو تُجادِلْه تُجادلْ ضَيْغَما
يا له من نعمةٍ في نقمةٍ / إنْ رمى أصمى وإنْ فاض طمى
كلّما داويت آلامي به / حُسِمَ الداءُ به فانحسما
قَسَماً بالغرّ من أجداده / أترى أعظمَ منهم مقسما
أنا أستشفي ولكنْ مِنْهُمُ / بشِفاءٍ لم يغادرْ سقما
رضيَ الله تعالى عنهُمُ / وإذا صلّى عليهم سَلَّما
أنْفَقوا الأعمار في طاعته / وقَضَوْها صُوَّماً وقُوَّما
إنَّما يَرحمنا الله بهمْ / رَحمةً تَدفَعُ عنَّا النقما
ثِقَتي فيهم وفيهم عِصْمَتي / فازَ من يَغدو بهم معتصما
وهُمُ ذخريَ في آخِرَتي / يومَ لا أملكُ فيه دِرهما
آلُ بيتٍ لم يَخِبْ آمِلَهم / والَّذي يسألُهم لَنْ يُحرما
يا سماءً للعلى أنظمُ في / مدحِه غرَّ القوافي أنجما
أَنْتَ أَنْتَ اليوم فيها سيّدٌ / يُتّقى بأساً ويُرجى كرما
لا أرى وجدان من لا يرتجي / للندى والبأس إلاَّ عدما
أَنْتَ فذُّ المجد في النَّاس وإن / كنتَ والبدرَ المنيرَ تؤما
انقضى الصَّومُ جميلاً ومضى / قادمٌ كلُّ على ما قدّما
أقبلَ العيدُ نهنِّيك به / يا أبا سلمان هُنِّيت بما
كانَ فيه من ثوابٍ دائمٍ / عَظُم الأجر به إذ عظما
حُزتَ أجر الصوم فاسلم وابق لي / أبداً تولي الغنى والمغنما
مُنعِماً في البِرِّ في أعيادها / لا تزال الدهر برًّا منعما
مسبغاً فيها عَلَيْنا نِعَماً / أسْبَغَ الله عليك النِعما
أيُّها الممدوح فينا ولنا / بُدئ المدح به واختُتما
أيُّها السَّيِّدُ صَبْراً
أيُّها السَّيِّدُ صَبْراً / في المُصيبات المُلِمَّه
قد مضَتْ زوجُك للأُخ / رى وأَمضى اللهُ حُكمَه
وكذاك النَّاس تمضي / أمَّةً من بعد أمَّه
أَيُّ شخصٍ لم ترعه / الحادثاتُ المدلهِمَّه
وزعيم القوم ما ري / ع وغالى الموت حمَّه
كم أصابَ الحتفُ منَّا / كلَّما سدُّدَ سهمه
رحمةُ الله عليها / رحمةً تنزل جمَّه
جاوَرَتْ ربًّا كريماً / لنعيمٍ ولِنعْمَه
قلْ لها وادعُ وأَرِّخ / أَنتِ في الجنَّات رحمه
مَنْ لصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
مَنْ لصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ / يشتكي المُهْجَةَ من رُمْحٍ وصارِمْ
عاقَدَ الحبَّ على أنْ لا يُرى / في التصابي غير محلول العزائم
إنَّما تَفْتِك في أحشائه / نظراتٌ ليس ترقيها التمائم
رحمة للصبِّ ما يشكو إلى / راحمٍ يوماً وهل للصبِّ راحم
يا خليليَّ انصفاني من جوًى / أنا مظلومٌ به والشَّوق ظالم
ما لهذا البرق يهفو وامضاً / باتَ يبكيني نجيعاً وهو باسم
ويثير الوَجْد يوري زنده / فاحِمَ اللَّيل وفرع اللَّيل فاحم
أذكُرُ العيش وأيَّامَ الحمى / ناعمات العيش بالبيض النواعم
يا سقى الله الحمى من موطنٍ / يزأَرُ اللَّيث به والظبي باغم
كم وكم قد فتكتْ فانتصرَتْ / أَعْيُنُ الغزلان بالأُسْد الضراغم
وكميٍّ حازمٍ أصْبَحَ في / قبضةِ الحبّ وما ثَمَّةَ حازم
نامَ عنِّي غافلاً من كمدي / ربَّ ساعٍ ساهِر الطَّرف لنائم
ويمجُّ الشَّهدَ من ريقَتِه / ولحظّي منه تجريع العلاقم
حاربتْني الأَعيُنُ النجلُ ومن / مُهْجَتي غُذُّوا ومن لي أنْ تسالم
ما أحلَّ القتل إلاَّ عامداً / مستبيحٌ سيفُ عينيه المحارم
مُعْجَبٌ من حُسنْه مبتسمٌ / يُودعُ اللؤلؤَ هاتيك المباسم
قاتلي من غير ذنبٍ في الهوى / أَنْتَ في قَتْلي رعاك الله آثم
سفكتْ أحداقُك السوُّد دمي / أينَ من أحداقك البيض الصوارم
فِعْلُ ألحاظك في عُشَّاقها / يَتَعدَّى بشباها وهو لازم
لي على قَدِّك نَوْحٌ في الدُّجى / مثلما ناحتْ على الغصنِ الحمائم
ساغَ ما جرَّعْتني من غصَّةٍ / غير أنِّي عن جنى ريقك صائم
فَضَحَ الحبُّ الهوى في أهلِهِ / وبدا من كاتمٍ وما هو كاتم
لا أرى الله عذولي راحةً / لامني فيك فما أُصغي للائم
وبلائي كلُّه من لائمٍ / باتَ يلحو وحبيبٍ لا يلائم
والهوى داء كمين في الحشا / ليثَ شعري ما لهذا الدَّاء حاسم
كانَ لي صبرٌ فما دام وما / كانَ صبر الصّبّ بعد الصَّدِّ دائم
كيفَ يسلو ذاكرٌ عهد الهوى / جدَّدَ الذكر لعهد متقادم
عَجَباً للشَّوق يبني ما بنى / يا ترى يهدمه من بعدُ هادم
وبصدْري زفرة لو كُشِفَتْ / للصَّبا يومئذٍ هَبَّتْ سمائم
غير أنِّي والأَماني جمَّة / لا أُبالي وأبو سلمان سالم
سيِّدٌ أمَّا نداه فالحيا / مستهلٌّ من سَحابٍ متراكم
فهو للصَّادي إذا بلَّ الصَّدى / مَوْرِدٌ عذبٌ وبحرٌ متلاطم
شِمْتُ منه البَرق عُلْويُّ السَّنا / مُؤْذِنُ العارضِ بالغيث لشائم
كسَحاب القطر إلاَّ أنَّه / يتبع السَّاجم منهلاً بساجم
إنَّ مَن يرويك عنه خبراً / لا كمن يرويك عن كعب وحاتم
عن رسول الله عن أبنائه / ما رَوَيْنا من أحاديث المكارم
صفوة الله من الخلق وهم / عالم المعروف والنَّاس عوالم
هم هداة الخلق لولا جدُّهُم / وهداهم كانت الخلق بهائم
آل بيتٍ خُلِقوا مُذْ خُلِقوا / للعلى ركناً وللدِّين دعائم
فَتَحَ الله علينا بِهمُ / في مفاتيح العطايا والخواتم
حبَّذا نَجْلُ عليٍّ إنَّه / عَبِقُ الأَخلاق عطريُّ النَّسائم
قالَ من أبْصَرَهُ مستبشراً / هكذا فلْتَكُ أبناءُ الأَكارم
وارثٌ بعد أَبيه في العُلى / من بني هاشم ما أَوْرَثَ هاشم
شرفٌ محضٌ ومجدٌ باذخ / أَيُّ فرعٍ من فروع الفخر ناجم
يرتقي في كلّ يوم رفعةً / في المعالي ليس تُرقى بالسَّلالم
بأبي الأَشراف عن بأس لهم / أعربت سُمر القنا وهي أَعاجم
وتوالت من يديهم أنعمٌ / فازَ من كانَ لها ما عاش لائم
لي ولي منكم وأَنْتم أَهْلُها / نِعَمٌ تَرفَعُني فوق النعائم
فَجُزِيتُم سيِّدي عن شاعرٍ / ناثرٍ فيكم مدى الدَّهر وناظم
مثلَ ما هَبَّتْ صَباً من حاجر / ترقص الأَغصان منها بالكمائم
ولنعمائِكَ فينا أَثرٌ / إنَّ آثاركَ آثار الغمائم
هل دَرى السَّيِّد فيما قد درى / أَمْ هو الآن بما أَعْلَمُ عالم
إنَّ هِنْدواتِكم في كُرْبةٍ / ما له منها سواك اليوم عاصم
تابَ ممَّا قد جنى من ذَنْبه / وعلى التَّوبةِ قد أصْبَحَ نادم
ولهذا أنا باستعطافكم / قارعٌ باللّطف أبوابَ المراحم
إنْ تَشَأْ أَنْقَذْتَهُ أَوْ لا فلا / فَعلى أَيّهما أصْبَحتَ عازم
فتَعَطَّفْ سيِّدي والطفْ به / وعليه إنَّه مولاي خادم
دُمْتَ لي ظلاًّ ظَليلاً وله / إنَّما ظِلُّك للرَّاجين دائم
جَسَدٌ ذاب نحولاً وسَقاما
جَسَدٌ ذاب نحولاً وسَقاما / وفؤادٌ زِيدَ وجداً وغراما
دَنِفٌ لولا تباريح الجوى / جَعَلَ اللائمَ في الحبّ إماما
ما الَّذي أوْجَبَ ما جئتم به / من صدود وعلاما وإلاما
يا أباة الضَّيم ما لي ولكم / أفترضون بمثلي أن يُضاما
أُظهِرُ الصَّبرَ وعندي غيره / غير أنِّي أَكتُمُ الوجد اكتتاما
وأراني جَلِداً فيما أرى / من أمور أَعْرَقَتْ مني العظاما
إنَّ برقاً شِمتُه من جانب العا / رض الوسميّ أبكاني ابتساما
ويح قلب الصّبّ لِمْ لا ينثني / فإذا قلت اسْتفق يا قلب هاما
ما بكى المغرم إلاَّ بدمٍ / بلَّ كُمَّيْهِ وما بلَّ أواما
قوَّض الرّكبُ وأبقى لي الأَسى / لا الجوى ولَّى ولا الصَّبر أقاما
ونَأَتْ سَلمى فهلْ من مبلغٍ / منكما عنِّي إلى سَلمى سلاما
خفرت من عاشقٍ ذَمَّته / إنَّ للعشَّاق في الحبّ ذماما
لستُ أنسى السّرب أشكو بَعْدَه / كَبِداً حرَّى ويُدميني قواما
أيُّها الرَّامي قلبي عَبَثاً / بُؤْتَ بالوزر وقُلّدت أثاما
ما لِمَنْ حَلَّلَ قتلي في الهوى / حَرَّم الوصل وما كانَ حراما
أَرأَيتم أَنَّني من بعدكم / في عذابٍ لم يكن إلاَّ غراما
إنْ يُلاقِ الصُّبحُ ما لاقيته / أَصبحَ الصُّبحُ لما يلقى ظلاما
بَرَزَتْ أَسماءُ أَو أَترابها / يُوقِرَنَّ السَّمْعَ عذلاً وملاما
يتناجَين بإيلام فتًى / ضَيَّعَ الحزم فلم يشدد حزاما
قلنَ لو رام وما في باعه / قِصَرٌ أدركَ بالسَّعي المراما
يا نساءَ الحَيِّ خاصَمْتُنَّني / حَسْبُكُنَّ الدَّهرَ منكنَّ خصاما
لو تنبَّهتُ لها مجتهداً / كيف بالحظِّ إذا ما الحظُّ ناما
أو رأى المقدور فينا رأيه / ما تكَلَّفْتُ نهوضاً وقياما
أبرح الدَّهر على ما لم أَرِدْ / ورزاياه اصطكاكاً واضطراما
لم يَلِنْ للدَّهر منِّي جانب / حيث لم أستعطف القومَ اللّئاما
وعناءٍ كلّها أُمنيتي / في زمانٍ أنْ أرى النَّاس كراما
بأَبي محمود ينبوع النَّدى / أُبْصِرُ الأَعلام أطلالاً ركاما
وأرى كلَّ عليٍّ دونه / فتعالى ذلك القرم الهماما
أُنْفِقُ العُمرَ جميلاً فليَدُمْ / وجميل الصّنع أنَّى دام داما
ويميناً إنَّه لوْ لمْ يَجدْ / في منام لم يذق قطّ مناما
فَسلُوه هلْ خلا ممَّا به / يصنَعُ البرَّ فيوليه الأَناما
أَمْ تَخلَّى من جميل ساعة / من زمان غير ما صلَّى وصاما
كم له من نظرةٍ في رأفَةٍ / أَيقَظَتْ لي أَعْيُناً كنَّ نياما
ذُلِّلَتْ مستصعبات لم يكَدْ / يملك القائد منهنَّ زماما
أُسْتَقِلُّ الأَنجمَ الزّهرَ له / أَنْ تُرى فيه نثاراً ونظاما
ولو أن كلَّمْتُه في لؤلؤٍ / ومن اللؤلؤ ما كانَ كلاما
تجتلي قَرماً إماماً بالنَّدى / بأَبي ذيَّالك القرم الإِماما
وحسام باترٍ لا سيَّما / إنْ هَزَزْناه على الخطب حساما
فنوال ناب عن وبل الحيا / وجمال يخجل البدر التماما
رفعةٌ قد شَهِدَ الخصمُ لها / قَعَدَ الغاربُ منها والسّناما
وإليه وإلى عليائه / أَنيق الرَّاجين أمست تترامى
وكأنِّي وكأن شعري له / مستميح حين شام البرق شاما
بالطَّويل الباع بالسَّامي الذّرى / عرف المعروف شيخاً وغلاما
وعلى ما هو فيه لم يزلْ / أو يقال التّبر قد عادَ رغاما
والكريم النَّفس لا عن غرض / أيُّها أَزكى شراباً وطعاما
هكذا النَّاس إذا قيل النَّدى / سحب تنشا جهاماً وركاما
من سوى أَيديه في فرط الظّما / لا أراني الله أَسْتَسْقي الغماما
كلَّما اعْوجَّتْ أُموري والْتوَتْ / قوَّم المعوَجَّ منها فاستقاما
يا أبا محمود يا من لم يزلْ / رحمةً للخلق برًّا باليتامى
غير ما خَوَّلْتَني من نِعمةٍ / أنا لا أملك في الدُّنيا حطاما
أَفْطَرَ النَّاس جميعاً غيرنا / وبَقينا نحن في النَّاس صياما
فلقد هُنِّيت بها / غُرَّة الأَعياد والشّهر الحراما
وابقَ للإِسلام ركناً سالماً / مُنْعِماً يا عيدنا عاماً فعاما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025