أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي
أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
أينَ عُشاقُك سُمَّار الليَالي / أينَ من واديكِ يا مهدَ الجمالِ
موكبُ الغيدِ وعيدُ الكرنفالِ / وَسُرَى الجُنْدولِ في عرض القنالِ
بين كأسٍ يتشهى الكرمُ خمرَهْ /
وحبيبٍ يتمنَّى الكأسُ ثَغْرَهْ /
إلتقتْ عيني بهِ أوَّلَ مرَّهْ /
فعرفتُ الحبَّ من أوَّلِ نظرَهْ /
أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
مرَّ بي مُستضحكاً في قربِ ساقي / يمْزُجُ الراحَ بأقداحٍ رِقاقِ
قد قصدناهُ على غيرِ اتفاقِ / فنَظرنا وابتسمنا للتَّلاقي
وهوَ يَستهدِي على المفْرِقِ زهرَهْ /
ويُسوِّي بيدِ الفتنةِ شَعْرَهْ /
حين مسَّتْ شَفتي أوَّل قطرَهْ /
خِلْتُهُ ذوَّبَ في كأسيَ عِطرَهْ /
أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
ذَهبيُّ الشَّعرِ شَرقيُّ السِّماتِ / مرِحُ الأعْطافِ حلوُ اللَّفتاتِ
كُلَّما قلتُ لهُ خُذْ قالَ هاتِ / يا حبيبَ الرُّوحِ يا أُنسَ الحياةِ
أنا من ضيَّعَ في الأوهامِ عُمْرَهْ /
نسيَ التاريخَ أو أُنسيَ ذِكرَهْ /
غيرَ يومٍ لم يَعُدْ يذكرُ غيرَهْ /
يومَ أنْ قابلته أوَّلَ مرَّهْ /
أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
قالَ من أينَ وأصغى ورَنا / قلتُ من مصرَ غريبٌ ههُنا
قالَ إن كنتَ غريباً فأنا / لم تكنْ فينيسيا لي مَوْطنا
أينَ منِّي الآن أحلامُ البُحَيْرَهْ /
وسماءٌ كَستِ الشطآنَ نضْرَهْ /
منزلي منها على قمةِ صَخْرَهْ /
ذاتِ عينٍ من مَعينِ الماء ثرَّهْ /
أينَ من فارسوفيا تلكَ المَجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
قلتُ والنشوةُ تسري في لساني / هاجتِ الذكرى فأينَ الهَرمان
أين وادي السِّحرِ صدَّاحَ المغاني / أين ماءُ النيل أين الضِّفَّتان
آه لو كنتَ معي نختالُ عَبْرَهْ /
بشراعٍ تَسبحُ الأنجمُ إثرَهْ /
حيث يَروي الموجُ في أرخم نَبْرَهْ /
حُلْمَ ليلٍ من ليالي كليوبترَهْ /
أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
أيُّها الملَّاحُ قِفْ بينَ الجسورِ / فتنةِ الدنيا وأحلامِ الدهورِ
صفَّق الموجُ لولدانٍ وحورِ / يُغرقون الليلَ في يَنبوع نورِ
ما ترى الأغيدَ وضَّاء الأسِرَّهْ /
دقَّ بالساق وقد أسلَم صدْرَهْ /
لمحبٍّ لفَّ بالساعد خَصْرَهْ /
ليتَ هذا الليلَ لا يُطْلِعُ فجرَهْ /
أينَ منْ عَينيَّ هاتيكَ المجالي / يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ
رَقَصَ الجُندولُ كالنجم الوضيِّ / فاشْدُ يا ملَّاح بالصوتِ الشجيِّ
وترَنَّمْ بالنشيدِ الوثَنيّ / هذه الليلةُ حُلْمُ العَبقريِّ
شاعتِ الفرحةُ فيها والمسرَّهْ /
وجَلا الحبُّ على العُشّاق سرَّهْ /
يَمنةً مِلْ بي على الماء ويَسرَهْ /
إنَّ للجندول تحت الليل سِحرَهْ /
أين يا فينيسيا تلك المجالي / أين عُشاقُك سُمَّار الليالي
أين من عينيَّ يا مهدَ الجمالِ / موكبُ الغيد وعيدُ الكرنفالِ
يا عروسَ البحرِ يا حُلْمَ الخيالِ /