المجموع : 8
عَدِّ عنْ مَنْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
عَدِّ عنْ مَنْ لجَّ في قالٍ وقيلِ / أنا لا أصغي إلى قول العذولِ
وأعِدْ لي ذكر مَن صَحَّ الهوى / منه بالطَّرق وبالجسم العليل
فَقَدْ الصّبرَ مع الوَجد فما / لاذ بالصبر عن الوجه الجميل
من قدودٍ طَعَنَتْ طعنَ القنا / ولحاظٍ فتكتَ فتك النصول
دنفٌ لولا تباريحُ الجوى / ما قضى الوجد عليه بالنحول
كلّما شام سنا بارقه / جَدّ جدّ الوجد بالدمع الهمول
إنَّ ما أضرِمَ في أحشائه / من خليلٍ في الهوى نار الخليل
وإذا هبَّت به ريحُ صَبا / راح يستشفي عليلٌ بعليل
كَبِدٌ حرّى ودمعٌ واكفٌ / فهو ما بين حريق وسيول
لو تراه إذ نأتْ أحبابه / تَطَأ الأرض بوخد وذميل
لا تسل عن ما جرى كيف جرى / سائل الدمع على الخدّ الأسيل
أيّ يومٍ يوم سارت عيسُهم / ودعا داعي نواهم بالرحيل
وتراني بعدهم أشكو الأسى / لبقايا من رسوم وطلول
وبرسم الدار من أطلالهم / ما بجسمي من سقام ونحول
بخلوا بالوصل لما أعرضوا / ومن البلوى نوال من بخيل
ليت شعري ولَكم أشكو إلى / باردِ الرِّيقة من حر الغليل
لا أرى المحنة كالحبّ ولا / كالهوى للصبّ من داء قتول
بأبي من أخَذَت أحداقه / مهجة الوامق بالأخذ الوبيل
وشفائي قُربُ من أسْقَمَني / بسقام الطرف والخصر النحيل
هل علمتم أنَّ أحداق المها / خلقت حينئذٍ سحرَ العقول
يا دياراً لأحباءٍ نَأت / ألناءٍ عنك يوماً من وصول
كانَ روض العيش فيها يانعاً / قبل أن آذَنَ عودي بالذبول
بمدامٍ أشرقَتْ أقداحها / بزغت كالشمس في ثوب الأصيل
وشَدَت وَرقاء في أفنانها / أوتِيَت عِلماً بموسيقى الهديل
حبذا اللّهو وأيام الصبا / وشمال وكؤوس من شمول
وندامى نظمَتهم ساعةٌ / وَقَعتْ منا بأحضان القبول
علِّلاني بعدها من عودها / بمرام غير مرجو الحصول
إذ مضت وهي قصيرات المدى / فلها طال بكائي وعويلي
جَهِل اللائم ما بي ورأى / أنْ يفيد العلم نصحاً من جهول
لا ينال الحمد في مدحي له / من يعد الفضل من نوع الفضول
وأراني والحجى من أربي / في عريض الجاه ذي الباع الطويل
كلّما أنظمها قافيةً / تنظم الإحسان في قول مقول
وعلى خِفَّتها في وزنها / تطأ الحساد بالقول الثقيل
بالغ في كلِّ يوم مَرَّ بي / من أبي عيسى نوالاً من مُنيل
لا يريني العيش إلاَّ رغداً / في نعيم من جميل ابن الجميل
ينظر النجم إلى عليائه / نظر المعجب بالطرف الكليل
يرتقيها درجات في العُلى / فترى الحاسد منها في نزول
قصرت عن شأوه حساده / وانثنى عنهم بباع مستطيل
نُسِبَ الجود إلى راحته / نسبة السحر إلى الطرف الكحيل
وروى نائله عن سيبه / ما روى الريَّ عن الغيث الهطول
كاد أن تمزجه رقّته / بنسيم من صَبا نجدٍ بليلِ
أيُّها الآخذ عن آبائه / سُنَنَ المعروف بالفعل الجميل
مكرماتٌ جئتُ للناس بها / عَجَزَتْ عنها فحول من فحول
هذه الناس الَّتي في عصرنا / ما رأينا لك فيهم من مثيل
شرفٌ أوضَحُ من شمس الضحى / ليس يحتاج سناها لدليل
إن هَزَزْناك هَزَزنا صارماً / يفلق الهام بريًّا من فلول
أسأل الله لك العزَّ الَّذي / كانَ من أشرف آمالي وسولي
دائِمَ النعمة منهلَّ الحيا / مورد الظامي بعذب سلسبيل
فلنعمائِك عندي أثرٌ / أثَرَ الوابل في الروض المحيل
لو شكرت الدهر ما خَوَّلتني / لا أفي حقَّ كثير من قليل
إنَّما أنتُم غيوثٌ في الندى / وإذا كانت وغىً آساد غيل
نجباءٌ من كرام نجُبٍ / والكرام النجب من هذا القبيل
ألبَسوني الفخر في مدحي لهم / وكَسَوْني كلَّ فضفاض الذيول
وأرَوني العزَّ خفضاً عيشه / والردى أهونُ من عيش الذليل
زيَّنوا شعري بذكرى مجدهم / في أعاريضِ فعيل وفعول
إنَّهم فضلٌ وبأسٌ وندى / زينة الافرند للسيف الصقيل
وزكَتْ أعراقُهُم منذ نَمَت / بفروع زاكيات وأصول
في سبيل الله ما قد أنْفَقوا / لليتامى ولأبناء السبيل
أنفَقوا أموالهم وادَّخروا / حسنات الذكر في المجد الأثيل
تخلق الدهر وتكسو جدّة / وتعيد الذكر جيلاً بعد جيل
يا نجوماً أشرَقَتْ في أفقنا / لا رماكِ الله يوماً بالأفول
أنتمُ الكنز الَّذي أدخره / للملمّات من الخطب الجليل
وإليكم ينتهي لي أمَلٌ / كاد أنْ يطمِعَني بالمستحيل
كم وكم لي فيكم من مِدَحٍ / رفعت ذكري بكم بعد الخمول
فمتى أغدو إلى إحسانكم / إنَّما أغدو إلى ظلٍّ ظليل
لم أزل أحظى لديكم بالغنى / والعطاءِ الجمِّ والمال الجزيل
هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا / وبلوغ النفس أقصى الأَملِ
جَمَعَتْ من كلِّ شيءٍ أحسنا / لذَّةً في غيرها لم تكمُلِ
فخذا من عيشنا صفوَتَهُ / بكؤوسِ الرَّاح والسَّاقي مليح
بين روضٍ آخذٍ زينَته / ولسانِ البَمِّ والزِّير فصيحْ
ضَرَّجَ الوَردُ بها وجنَتَه / والشَّقيقُ الغضّ إذ ذاك جريحْ
تحسبُ النرجسَ فيها أعيُنا / شاخصات نحونا بالمقَلِ
مال غصنُ البان تيهاً وانثنى / في هواها مَيَلانَ الثمِلِ
مرْبَعٌ للَّهْو منْذُ انتظما / أطْرَبَ الأَنْفُسَ في رَوْح وراحْ
ما بكاه القطر إلاَّ ابتسما / لبكاهُ بثغور من أقاحْ
وَشَدَتْ في الدَّوح وَرقاء الحمى / ما على الوَرقاء في الشَّدو جناحْ
مغرمٌ ليس له عنه غنى / حين يُملي رجزاً في زَجَل
وَلَقد أصغى إليها أذناً / فشَجَتْ قلبَ الخلي دونَ المَلي
زادَنا لحن الأَغاني طَرَباً / خبراً يطرِبُنا عَنْ وَتَرِ
والأَماني بلغَتْنا أرَباً / فَقَضَيْناها إذَنْ بالوطرِ
ونَظَرنا فقَضَيْنا عجباً / تطلع الشَّمس بكفّ القمرِ
في ليالٍ أظْفَرتنا بالمنى / وكؤوسِ الرَّاح فيها تنجلي
تُذْهِب الهمَّ وتنفي الحزنا / بنشاطٍ مُطْلَقٍ من كَسَلِ
بحياة الطاس والكاس عليكْ / نَزِّه المجلسَ من كلِّ ثقيلْ
وتحكَّم إنَّما الأَمرُ إليك / ولكَ الحكمُ ومن هذا القبيلْ
كيف لا والكأس تسقى من يديكْ / ما على المحسن فيها من سبيلْ
ولكَ الله حفيظاً ولنا / حيثما كنتَ وما شئتَ افعلِ
واجرِ حكمَ الحبّ فينا وبنا / أنْتَ مرضيٌّ وإنْ لم تَعْدِلِ
حبذا مجلِسُنا من مجلسِ / جامعٌ كلَّ غريبٍ وعجيب
نغمُ العودِ وشعر الأخرس / ومحبٌ مستهامٌ وحبيب
يتعاطون حياةَ الأنفسِ / في بديع اللفظ والمعنى الغريب
بابليّ السحر معسول الجنى / أين هذا مشتيارِ العسَلِ
وإذا مرَّ نسيمٌ بيننا / قلتُ هذا ويحكم من غَزَلي
آهُ ممَّن ساءني في نُسْكِهِ / ويَراني حاملاً عِبءَ الذُّنوب
قد عَرَفنا زَيْفَه في سبكه / فإذا كلُّ مزاياه عيوبْ
قال لي تُبْتُ وذا من إفكه / أنا لا والله لا أرضى أتوبْ
عن مليحٍ صَرَّحَتْ عنه الكنى / توبة في حبّه لم تُقْبَلِ
وإذا ساءَ غيورٌ أحْسَنا / بحميّا رشفاتِ القبلِ
أتْرُكِ المغبَقَ والمصطَبحا / زَمنَ الوردِ وأيَّامَ الرَّبيعْ
بعدَ أنْ أغدو بها منشرحاً / كيف أصغي لعذولي وأطيعْ
إنْ أطع في تركها من نصحا / فلقَدْ جئت لعمري بشنيعْ
فأدِرْها وانتَهب لي زمناً / بحلول الشمسِ برج الحملِ
وأرخني إنَّما ألقى العنا / من خليلٍ مغرم بالعذلِ
أجْتلي الكاساتِ تَهوي أنجما / ولها فينا طلوعٌ ومغيبْ
وأرى أوقاتها مغتنماً / وإليها رحتُ ألهو وأطيبْ
لم أُضِعْها فرصةً لا سيما / في ختانِ الغُرِّ أبناءِ النقيبْ
عَلَويّ الأصلِ عُلويّ الثنا / سيّد السادات مولانا علي
الرفيعُ القدرِ والعالي البنا / مستهلّ الوبل عذب المنهلِ
ابنُ بازِ الله عبد القادر / عَلَم الشرقِ وسلطانُ الرّجالْ
لم يزالوا طاهراً من طاهرِ / فَهُمُ الطهْرُ على أحسنِ حال
وهُمُ في كلّ وقت حاضر / في جمالٍ مستفاضٍ وجلالْ
يلْحظونَ السَّعد يَغْشون السَّنا / يَلْبَسون الفخرَ أسنى الحُلَلِ
لهم التشبيهُ في هذي الدُّنا / ملَّةُ الإسلام بينَ المللِ
لأُوَيقاتِ زمانٍ الاعتدال / قدْ تَحَرَّيْتُم وما أحراكُمُ
لختان النُّجبِ البيضِ الفعال / الميامينِ وما أدراكُمُ
فلَقَد أرَّخه العَبدُ فقال / آلَ بيت المصطفى بشراكمُ
بختانٍ في سرورٍ وهَنا / دائمٍ بالوصلِ لَمْ يَنْفَصل
وبحمدِ الله قد نلنا المنى / وظفرنا منكُم بالأَملِ
كادَ أنْ يَقضي سَقاماً ونحولا
كادَ أنْ يَقضي سَقاماً ونحولا / إذ عصى في طاعة الحبّ العذولا
دنفٌ لولا هواكم ما شكا / كَبداً حرَّى ولا جسماً نحيلا
علم العاذل ما لاقى بكم / يوم أَزْمَعْتُم وإنْ كانَ جهولا
من صباباتٍ أَذابَتْه أسًى / وغرام أَهرَقَ الدَّمع همولا
وصبابات الهوى قد سَوَّلَتْ / لدموعي في جفاكم أن تسيلا
لا أرى الصَّبر جميلاً عنكم / ومحال أن أرى الصبر جميلا
قد ذكرناكم على شحط النوى / فانثنينا عند ذاك الذكر ميلا
يا لها ذكرىٍ أهاجت لوعة / أخَذَتْ منِّي الحشا أخذاً وبيلا
هبَّتِ الإرواح من أحيائكم / فانتشقناها شمالاً وقبولا
فكأنَّا بالصّبا حينئذٍ / قد شربناها من الراح شمولا
يا رفيقيّ وهل من مُسْعدٍ / لعليل يشتكي طرفاً عليلا
بلّ كُميّه من الدَّمع وما / بلّ من أحشائه الدَّمع غليلا
لامني العاذل جهلاً بالهوى / وغدا الناصر في الحبّ خذولا
أنا لولا شغفي فيكم لما / وَجَدَ الّلاحي إلى العذل سبيلا
ما على اللاّئم من مستغرم / يعشق السالف والخدَّ الأسيلا
راح يُلقي لقيَ السُّوءِ على / مَسْمَعي في عذله قولاً ثقيلا
ليتني قبل الهوى لم أتّخِذْ / ساحر الطرف من السرب خليلا
لست أدري إذ رَنَتْ ألحاظهم / ألِحاظاً أرْهَفوها أم نصولا
ظعن الحيُّ وأضحى حبُّهم / يسأل الأرْسُمَ عنهم والطلولا
ليت شعري أين سارت عيسُهم / تقطعُ البيداء وَخْداً وذميلا
ويعاني ما يعاني بعدَهُم / زفرةَ الأشواق والحزنَ الطويلا
ساهرُ المقلة في الوجد فما / يطعم الغمض به إلاَّ قليلا
أمَروا بالصبر عنهم ولكم / لُذْتُ بالصَّبر فما أغنى فتيلا
صاحبي أَنت خبيرٌ بالهوى / أترى مثل الهوى داءً قتولا
عارضٌ منن عَبرة أهرقْتُها / روَّضَتْ رَوْضَ جوىً كانَ محيلا
إن أردْتُم راحة الروح بكم / فابعثوا الريح إلى روحي سبيلا
وأعِدْها مرَّةً ثانيةً / يا نسيماً هيّج الوجد بليلا
عَلِمَ الله بأنِّي شاعر / لم أقل زوراً ولم أمْدَحْ بخيلا
قد كفاني الله في ألطافه / بأبي عيسى نوالاً ومنيلا
بالزكيِّ الطاهر الشَّهْمِ الَّذي / طابَ في النَّاس فروعاً وأُصولا
من يُنيلُ النَّيْل من إحسانه / والعطاءُ الجمَّ والمال الجزيلا
وإذا ما لفحت هاجرةٌ / كانَ من رمضائها ظلاًّ ظليلا
واضح الفخر ومن هذا الَّذي / يبتغي يوماً على الشَّمس دليلا
من فتىً فيه وفي آبائه / كلّ ما قد قيل في الأنجاب قيلا
أنْجَبُ العالم أمًّا وأباً / وأعزُّ النَّاس في النَّاس قبيلا
إنَّما آل جميل غُرَّةٌ / أُلْهِموا المعروف والفعلَ الجميلا
وَرِثوها عن أبيهم شيَماً / تبلُغ العلياء والمجد الأثيلا
قد أحَلَّتْهم نفوسٌ شَرُفَتْ / بمكان الأنجم الزهر حلولا
قل لمن يزعم أن يُشْبِهَهُم / لم تَنَلْ بالزعم شيئاً مستحيلا
وبروحي من يهين المال في / جوده الوافي ومن يحمي النزيلا
وإذا ما هزّه مستنجدٌ / بعُلاهُ هزَّه عضباً صقيلا
طاول الشمّ الرواسي في العلى / وجديرٌ في علاه أن يطولا
وإذا ما سُئِل الفضل اغتدى / مُبلِغاً من كلّ من يًسألُ سولا
لم أزل حتَّى أوارى في الثرى / مقصراً فيهم ثنائي ومطيلا
أورِثوها كابراً عن كابرٍ / مكرُماتٍ لم تزل جيلاً فجيلا
نَجَموا بعد أبيهم أنجماً / لا أراهم بعد إشراقٍ أُفولا
خَلَفٌ عن سالفٍ أخْلَفَهُم / للندى بحراً وللوفد مقيلا
كلُّ فردٍ يلبس الدهر به / غرراً تُشْرِقُ فيه وحجولا
مظهرٌ من صنعه منقبة / حيَّر الأفكار فيها والعقولا
أبدعوا في مكرماتٍ منهم / فَعَلت آياتُها فيهم فصولا
سَلْهم الفضل فهم أهل له / وسواهم يحسب الفضل فضولا
وارتقت أنواءهم ممطرةً / لا ندىً نزراً ولا وعداً مطولا
ضَمِنَتْ آمالُنا إحسانهم / وتضمَّنْ ولا ريب الحصولا
يا بني عبد الغنيّ العزّ لي / في معاليكم وما كنتُ ذليلا
كُلَّما ألْبَسْتُ شعري مدحكم / سحبَ الشعر من الفخر ذيولا
لهذي النُّوقِ تنحَطُّ كَلالا
لهذي النُّوقِ تنحَطُّ كَلالا / وتَجوبُ البيد حِلاًّ وارتحالا
نَحِلَتْ حتَّى انبرت أعظُمُها / والهوى يُنْقِبُ أهليه نكالا
كلَّما شامتْ سناً من بارق / قذفت لوعتها دمعاً مذالا
أَصبحَتْ تفري فَيافيها سُرًى / وتحاكي باقتحام الآل رالا
فتَرَفَّقْ أيُّها الحادي بها / فلَقَدْ أوْرَثَها الوجدُ خبالا
لستُ أنسَى وقفةً في رامة / لم يدع منها النوى إلاَّ خيالا
ووَشَتْ عن كلّ صبٍّ عبرةٌ / فكَفَتْ عَبْرَته الواشي المقالا
وأساة لحشًى مكلومةٍ / جَرَحَتْها حَدَقُ الغيد نصالا
يا مهاةَ الجزع أنتنَّ له / سالباتٌ قَلْبَه المضنى جمالا
يا أخلاّئي تناءى زمن / مرَّ لي فيكم وصالاً وانفصالا
وليالٍ ما أُحَيْلى أُنْسِها / أصبَحَتْ في وجنة الأَيَّام خالا
نقلَ الواشي إليكم خبراً / لك يكنْ يقبل ما قالَ احتمالا
يتمنَّى سَلْوَتي لكنَّه / يتمنَّى وأبي أمراً محالا
لا تلمني لائمي في صَبْوَتي / فالهوى ما زال للعقل عقالا
فاتركاني والهوى إنِّي فتًى / غالني دونكمُ الوجد اغتيالا
من ظِباءِ الرَّمل ظبيٌ إنْ رنا / سَلَّ من جَفْنَيْهِ صمصاماً وصالا
ظبيةُ الخِدْر الَّتي لمَّا جفتْ / أَدَلالاً كانَ منها أَمْ ملالا
هلْ وَفَتْ مديونها مستغرماً / يشتكي منها وإنْ أَوْفَتْ مطالا
لو أباحَتْني جنى مرشفها / لَشَفَتْ مِنْ ريقها الدَّاء العضالا
يا رعى الله نُزولاً بالحمى / عَثْرةَ المُغرمِ فيهم لَنْ تُقالا
حلَّلوا ظُلماً حراماً مثلما / حرَّموا في شرعهم شيئاً حلالا
فاصطبر يا قلبُ يوماً ربَّما / أصبَحَ الخُلَّبُ بعد اليأس خالا
كم يُريني الدَّهر جدًّا هازلاً / فأُريه من ظُبا عزمي جدالا
إنْ يكنْ في النَّاس محمودٌ فلا / غير محمود مقالاً وفعالا
فتفاءل باسمه في سَيْبه / فاسْمه كانَ لكن يرجوه فالا
إنْ تحاولْ شَخْصَهُ تَلْقَ علًى / صَحِبَ العِزَّ يميناً وشمالا
لا يُرجَّى غيره في شِدَّةٍ / أوَ ترجو بوجود البحر ألا
ليثُ غابٍ وسحابٌ صيّبٌ / حيثُ تلقاهُ نوالاً ونزالا
كرمٌ يُخْجِلُ هتَّان الحيا / وعُلًى تُورثُ أعداه الوبالا
ويدٌ ما انقبضتْ عن سائلٍ / بلْ كَفَتْ في سَيبها العافي السُّؤالا
صارِمُ الله الَّذي لم يخشَ من / حادث الدَّهر انثلاماً وانفلالا
ولكمْ أجدى فأَسدى كرماً / مِنَناً طوَّق فيهنَّ الرّجالا
صُنعُه المعروف مغروزٌ به / لا يجودُ الجود حتَّى أنْ يقالا
كم وَرَدْنا فَضْلَه من مَوْرِدٍ / فوجَدْناه نميراً وزلالا
منَحَ الله به يا حبَّذا / مِنَحٌ من جانب الله تعالى
قلْ لحُسَّاد معاليه اقصُروا / لم تَزَلْ أَيديه في المجد طوالا
يتمنَّوْن مع العجز العُلى / وإذا قاموا لها قاموا كسالى
ليسَ من يَذْخَرْ جميلاً في الورى / كالَّذي يذخر للأَخطار مالا
لا ولا مَن صَلُبَتْ راحته / كالَّذي يَقْطُرُ جوداً ونوالا
آل بيت الوحي ما زلنا على / فضلكم يا سادة الدُّنيا عيالا
ما برحتُم مُذْ خُلِقتُم سادةً / تكشِفون الغيَّ عنَّا والضَّلالا
لا يغالي فيكم المادحُ إنْ / أطنبَ المادح في المدح وغالى
أيُّها البدرُ الَّذي زادَ سَناً / زادك الله سَناءً وكمالا
هاكَ من عَبدِكَ نَظماً إنَّه / ينظمُ الشّعر بعلياك ارتجالا
كلَّما ضِقْتُ به ذَرعاً أرى / يوسع الفضلَ على الفكر مجالا
واهنأ بالعيد الَّذي عَوَّدْتَنا / لَثْمَ كفَّيْك الَّتي تكفي نوالا
مَلِكٌ أَنْتَ بنا أَمْ مَلَكٌ / ما وَجَدْنا لك في النَّاس مثالا
كيفَ أقضي شكر أيديك الَّتي / حمَّلتني منك أحمالاً ثقالا
ى عَدِمنا فيكَ يا بحر النَّدى / أيدياً تولي وفضلاً يتوالى
لِمَنْ الرَّكبُ وحَيفاً وذميلا
لِمَنْ الرَّكبُ وحَيفاً وذميلا / يَقْطَعُ البيدَ حُزوناً وسُهولا
يتَساقَون أَفاويق الكَرى / ويعَانون السُّرى ميلاً فميلا
فوق أَنضاءٍ فَرَتْ أخفافها / شقق البيد صعوداً ونزولا
كلَّما مرَّت برَسْمٍ دارسٍ / هَمَلَتْ أدْمعُ عينيها همولا
وإذا ما انتَشَقَتْها شمألاً / فكما قد شَرِبَتْ راحاً شمولا
أتراها ذكرتْ في ذا الغضا / زمناً مرَّ بمن تهوى عجولا
بدَّلت بالوصل هجراً وبما / نَعِمَتْ بؤساً وبالرّيّ غليلا
قَصُرَتْ أيَّامنا في رامة / ورباها فذكرناها طويلا
قد رَعَيْناها رياضاً أَزهَرَتْ / وبكيناها رسوماً وطلولا
أينَ يا سَعْدُ ديارٌ دَرَسَتْ / وأحبَّاءٌ بها كانوا نزولا
وبدورٌ أشْرَقَتْ أرجاؤها / لَقِيَتْ بعد تلاقينا أُفولا
أُرْسِلُ الطَّرفَ فما لي لا أرى / ناظراً أحوى ولا خدًّا أسيلا
قد ذكرنا عهدَكم من بعدكم / فتحرَّقْنا بكاءً وعويلا
شدَّ ما لاقيتُ من هِجرانكم / يومَ أَزْمَعْتُم عن الحيِّ رحيلا
واعْتَقَلْتُم من قدود سُمُراً / واتَّخذْتُم حَدَقَ الغيد نصولا
أَيُّ ذكرى قد ذكرناكم بها / وكذا فليذْكرِ الخِلُّ الخليلا
تُورِثُ القلبَ التهاباً والحشا / حُرَقاً والدَّمع مجرًى ومسيلا
فسقى أَطلالَكُم من عَبْرَةٍ / لم نكنْ نبعَثُها إلاَّ سيولا
مُغْرَمٌ في قبضةِ الوَجْد شجٍ / لا يرى يوماً إلى الصَّبر سبيلا
وثَنَتْه عَن مَلامٍ فيكم / طاعةُ الحُبِّ الَّتي تعصي العذولا
قد ترَكْتُم في عذابٍ جَسَداً / فأَخَذْتُم قلبه أخذاً وبيلا
عَلِّلونا بنسيمٌ منكم / عَلَّ يشفينا وإنْ كانَ عليلا
وانصفونا من خيالٍ طارقٍ / زارنا ليلاً فما أَغنى فتيلا
فأَعيدوهُ لنا ثانيةً / وليكنْ منكم وما كانَ رسولا
إيْ ودينِ الحبِّ لولا سربكم / ما استباحت أعْيُن الغيد قتيلا
ما أَخو الحزم سوى من يتَّقي ال / شادنَ الألْعَسَ والطَّرف الكحيلا
ذلَّ عبدُ الحبّ من مُسْتَعبدٍ / كم عزيزٍ ترك الحبُّ ذليلا
لا رعى الله زماناً أَمَلي / فيه يحكيني سقاماً ونحولا
إنْ يَسُؤْني الدَّهر في أحداثه / سرَّني عبد الغنيّ الدَّهر طولا
عارضٌ ممطرُنا من سَيْبِه / كلّ يومٍ وابل المُزن هطولا
فتأَمَّل في البرايا هل تَجِدْ / من يضاهيه جمالاً وجميلا
عارفٌ بالفضل معطٍ حقَّه / بين قومٍ تحسب الفضل فضولا
طالما اسْتَسْقَيتُه من ظمأٍ / فسَقاني من نَداه سلسبيلا
أَلَيْسَ الدَّهرَ بأفعالٍ له / غُرَراً أَشْرَقَ فيها وحجولا
خير ما يطرب فيه موقف / يَملأُ الأرض صهيلاً وصليلا
يوم لا تُشْرِقُ إلاَّ بدمٍ / مرهفاتٌ تَتَشكَّاه فلولا
وبحرِّ الطَّعن أطراف القنا / والمواضي البيض كادت أن تسيلا
يا إماماً في العُلى فليقتدِ / بكَ مَن قَدْ يبتغي المجد الأَثيلا
لا مثيل لك في النَّاس وإنْ / كنتَ للبدر نظيراً ومثيلا
ما سواك اليوم في ساداتها / من يجير الجار أو يحمي النَّزيلا
ولئنْ كانَ قؤولٌ فيهُمُ / لم تكنْ بينَهم إلاَّ فعولا
وإذا ما زُكِّيَتْ أنسابُها / كنتَ أزكاها فروعاً وأُصولا
لم تكنْ بالغةً منك عُلًى / طاوَلَتْ أعلى الجبال الشُّمّ طولا
ولقد أُنْزِلَتْ أعلى منزلٍ / في مقامٍ يُرْجِعُ الطَّرفَ كليلا
وأبى مجدُك إلاَّ أن تُرى / أيُّها القرمُ مُغيثاً ومُنيلا
أَفأَنْتَ الغيثُ يَنْهَلُّ فما / تركت أنواؤه رَوْضاً مُحيلا
إنَّ للإِحسان والحسنى معاً / فيك يا مولاي حالاً لن تحولا
ينقضي جيلٌ ويستودِعُها / بعد ذاك الجبل في الآتين جيلا
أَيّ نعمائك أقضي حقَّها / فلَقَدْ حمَّلَتْني حملاً ثقيلا
نبَّهتْ حظِّي من رقدَتِهِ / بعد أنْ أرقدَه الدَّهر خمولا
كلّ يوم بالغٌ منك منًى / وعطاءً من عطاياك جزيلا
وإذا ما هجرت هاجرة / كنت ظلاًّ يُتَّقى فيه ظليلا
ولَقَدْ مَلَّتْ يدي من أَخْذِها / منك ما تولي وما كنتَ ملولا
فكأنِّي روضةٌ باكرها / صيّبٌ أو صادَفتْ منك قبولا
وحَرِيٌّ بعدَها أنْ أنْثني / ساحباً فيك من الفجر ذيولا
فابقَ للأَعياد عيداً والنَّدى / منهلاً عذباً وللوفد مقيلا
مَنْ معيدٌ لي مِنْ عَهد الأُلى
مَنْ معيدٌ لي مِنْ عَهد الأُلى / زَمَناً فيه حَلا ثم خَلا
ولياليَّ بجَمعٍ ومُنى / هطلَ الغَيثُ لها وانهملا
علّلاني يا خليليَّ بما / مرَّ من أيام جَمْعٍ عَلّلا
وبما كانَ بأيام الصِّبا / أينَ أيامك يا سعد الألى
خَفّفا عن دَنِفٍ حمْل الأسى / فلقد أثْقله ما حملا
كانَ لي صَبراً فلمَّا رحل ال / ركبُ بالأحباب عني رحلا
نزلوا بالشِّعب واختاروا على / بُعْدِهم مني فؤادي منزلا
وبنفسي من رَماني عامداً / ما رَمَتْ عيناه إلاَّ قَتَلا
وتظَلَّمْتُ من الحبِّ إلى / جائرٍ في حكمه ما عدلا
رميةٌ منك أصابت مقتلي / هي من عينيك يا ريم الفلا
فاتَّقِ الله بأحشاءِ شجٍ / ما اتَّقى منك العيون النجلا
خضب العينين منه بدمٍ / في خضاب اللَّيل حتَّى نصلا
ساهر لو عرض الغمض على / جفنه طيب الكرى ما قَبلا
خلِّياني بعدَ سكَّان الغَضا / أنْدُبُ الرّبع وأبكي الطللا
يا لها من وقفة في أربُع / أرخَصَتْ من أدمعي ما قد غلا
حدَّثَ الواشين جَفني في الهوى / عن دمِ الدمعِ حديثاً مرسلا
سِرُّ وجدانٍ بدا لي صَوْنُه / باحَتِ العينَ به فابتُذِلا
ولحاني صاحبٌ يحسَبُني / أسمع النُّصحَ وأرضى العذّلا
جادَل العاذلُ حتَّى إنَّه / كانَ لي أكثر شيء جَدَلا
لو رأى الحبَّ عَذولٌ لامني / عَرَفَ العاذلُ ما قد جَهِلا
يا خليليَّ إذا لم تَعْلَما / ما أُقاسي من غرامٍ فاسألا
إنَّما أحْبابُنا يوم النَّوى / قطعوا في هجرهم ما وصلا
نقل الواشي إليهم سَلْوَتي / كَذِب الناقلُ فيما نقلا
هل سألتم عن فؤادي إنَّه / ما سلاكم في الهوى حتَّى انسلى
لستُ أنساكم بذكرى غيركم / كيف أبغي بسواكم بدلا
إنْ علا جَدُّ امرئٍ في جِدِّه / فعليُّ الجَدّ بالجِدِّ علا
تَسبقُ الأقوالَ أفعالٌ له / وإذا قال بشيء فعلا
سيّد لو أمرَ الدهر بما / شاءَ من أمر المعالي امتثلا
وجد الدهر مزاياه حلىً / فتحلّى منه في تلك الحلى
قرأ المجدُ على أخلاقه / سورةَ الحمد قديماً وتلا
وصعابٌ للمعالي لم تُقَدْ / قادها من غير كرهٍ ذُلُلا
طيّب الذات رفيعٌ قدرُه / ما يريك النجم إلاَّ أسفلا
سيّدٌ أشرَفُ من في هاشم / شبَّ في حجر العلى واكتهلا
من أناسٍ بلغوا غاياتهم / من نوالٍ ونزالٍ وعُلى
سادةٍ قد أوْضحَ الله بهم / لجميع العالمين السُبُلا
أنْزَل الله على جَدّهُمُ / سيّدِ الرسل الكتابَ المنزَّلا
سادة لولا هداهم بَقيت / هذه النَّاس جميعاً هملا
ما رأينا أحَداً من قبله / لاح كالبدر هزبراً رجلا
لاح للأبصار يبدو واضحاً / وتجلّى وبه الكرب انجلى
وَضَحَ الصُّبح إذا الصُّبح أضا / أو حسامٌ مشرفيّ صقلا
أو يَخفى عن عيونٍ أبْصَرَتْ / بوجود ابن ذكاء ابن جلا
أنا من آلائه في نِعمةٍ / بالغٌ في كلٍّ يوم أملا
ونوالٍ من يدٍ مبسوطة / للعطايا أرْسَلَتْها مثلا
إنَّما أيديه أيدي ديمَةٍ / روَّضَتْ روضي إذا ما أمحلا
وصِلاتٍ من نَداه اتَّصَلَتْ / لا عَدِمْنا منه ذاك المنهلا
لا أبالي إن يكن لي مورداً / مرَّ يا سعدُ زماني أم حلا
فجزاه الله عنَّا خير ما / جوزيَ المنعمُ فيما نوّلا
إنْ يَرُمْ فيه مقالاً شاعرٌ / قال فيه شعره مرتجلا
دامت الأيامُ أعياداً له / وعليه السَّنْد وافى مقبلا
جَسَدٌ أشْبَهُ شيءٍ بالخيال
جَسَدٌ أشْبَهُ شيءٍ بالخيال / وفؤادي عن هَواكُم غيرُ سالِ
وعيونٌ نَثَرَتْ أدمُعَها / لثغورٍ نُظِمَتْ نَظْمَ اللآلي
دَنِفٌ لولا هواكم ما اغتدى / مَعَ حسن الصَّبر في أسوَأ حال
قد براه الشَّوق فيكم فانبرى / وهو لا يُمتاز من عُود الخلال
مُعرِضاً عن عاذلٍ في حبِّكم / لم يَكَدْ يُصغي إلى قيلٍ وقال
يا خليليَّ وهَلْ من مسعدٍ / لشجٍ أصْبَحَ مشغوفاً بخالي
هل تريحون محبًّا من جوًى / أو تبِلُّونَ غليلاً ببلال
وخيالٍ زارني منكم فما / زادَني إذ زارني غيرَ خيال
هيَّجَ النَّارَ الَّتي أعهدها / ذات إيقاد بقلبي واشتعال
ضاربٌ لي مثلاً منكم وما / لوجوهٍ أجْتَلِيها من مثال
وبذكراكم على شحط النوى / كيف لا أَشرقُ بالماء الزُّلال
إنَّ بالشِّعب سقى الشّعبَ الحيا / زمناً مرَّ بوصل الغيد حالي
نَظَمَتْنا الرَّاحُ في أسلاكه / في ليالٍ مثل أيَّام الوصال
كانَ للَّهو به لي منزلٌ / غرَّة في الأَعصُرِ الدهم الأَوالي
سَنَحَتْ فيه الظِّبا واقْتَنَصَتْ / مهجَة الضيغم أحداقُ الغزال
سَحَرَتني يا ترى من ذا الَّذي / علَّم الأَحداق بالسّحر الحلال
وَرَمَتْني فأَصابت مقْلَتي / يا سُليمى ما لعينيكِ وما لي
كم أرَتْني لا أرَتْها راحةً / غيرَ ما يخطُرُ منهنَّ ببالي
نظراتٌ كنتُ قد أرْسَلْتها / وبها يا سعد قد كانَ وبالي
ليتَ شعري يومَ صَدَّتْ زَيْنَبٌ / لمِلالٍ كانَ منها أَمْ دلال
موقف التوديع كم أجْرَيْتَ لي / عبراتٍ رخصت وهي غوالي
لم أجد فيك التفاتات إلى / كبدٍ حرَّى ولا دمعٍ مذال
أينَ لا أينَ لنوقٍ أصْبَحَتْ / تتراءى بين حلٍّ وارتحال
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم / فتعلَّلْنا بأَنفاس الشّمال
انْقضى العَهْدُ جميلاً وانْقَضَتْ / دولةٌ كانتْ لربات الرِّجال
كنتُ مشغوفاً فلمَّا أنْ بدا / وَضَحُ الشَّيب بفوديَّ بدا لي
وأَراني في خطوبٍ طبَّقتْ / أنا والأَيَّام في حربٍ سجال
من رآني قالَ لي ممَّا رأى / هكذا تصنعُ بالحرّ اللَّيالي
لَسْتُ مُنحطًّا بها عن رتبة / ومقامي من عليّ القدر العالي
من مُثيبي سَعَة العيش وإنْ / كنتُ منها اليوم في ضيق حال
مَوْرِدٌ أَصْدُرُ عنه بالَّذي / أَبْتَغيه منه في جاهٍ ومال
إنْ تَقَدَّمْتُ إليه فالمنى / من نداه والعطاء المتوالي
وإذا أَبصرتُ منه طلعةً / راعني بين جمالٍ وجلال
لم تَطِشْ دهياءُ ما وقَّرها / من حُلومٍ راسياتٍ كالجبال
ومزيلٍ كلَّ خطبٍ فادحٍ / للرزايا غير مرجوّ الزَّوال
لم تكد تُحصى سجاياه الَّتي / رَفَعَ الله بها بيتَ المعالي
وخلالٍ يُشْرِفُ المجدُ بها / يُعْرَفُ المعروف من تلك الخلال
مُتْبِعُ الحُسنى بحسنى مثلها / يَصِلُ الدهر بها والدَّهر قال
رَجلٌ أُوتيَ من خالقه / صَولةً تُرْغِمُ آناف الرِّجال
يتوالى مُنْعِماً إحْسانَه / وأَجلُّ الغيث ما جاءَك تالي
ولَهُ الله فغايات العُلى / نال أَقصاها على بُعْدِ المنال
آل بيتٍ كلّ خير فيهمُ / آل بيت المصطفى من خير آل
سادةِ الدُّنيا وأعلام الهُدى / منقذي العالم من هلك الضَّلال
بأبي من سادةٍ أذخرهم / لمعاشي ومعادي وآمالي
قوَّموا الدينَ وشادوا مجده / ثَقَّفوا السّؤدد تثقيف العوالي
دوحةٌ شامخةٌ منها الذرا / أنا منها أَبداً تحت ظلال
كَمُلَ الفضل بهم بهجته / أَين بدر التّمّ من هذا الكمال
شغل الشكر لساني ويدي / بعليٍّ بعد محمود الفعال
رُحْتُ أَسْتَحلي قوافيَّ به / وهيَ فيه أبدَ الدَّهر حوالي
لعطاءٍ غير ممنونٍ ولا / يُحْوج العافي إليه بالسُّؤال
إنَّ لي فيه وربّي أَمَلاً / منجز الميعاد من غير مطال
فكأنِّي رَوضةٌ باكرها / صيّبُ المزن وحلاً بعد حال
لا أرى منفصلاً عن ثروة / وبعليائك مولاي اتّصالي
نِلتُ فيك الخير حتَّى إنَّني / صِرْتُ لا أَطمع إلاَّ بالمحال
منعمٌ في كلّ يومٍ نعمةً / وكذاك المفضل العذب النوال
لا براحٌ عن مغاني سيّد / ولدى عليائه حطَّت رحالي
حُزْتَ أَجرَ الصَّوم فاهنأ بعده / سيِّد السَّادات في هذا الهلال
راقَ للأبصارِ حُسناً وجمالا
راقَ للأبصارِ حُسناً وجمالا / بَدرُ تِمٍّ لاحَ فاستوفى الكمالا
قَرَّت العينُ به من أبلجٍ / فَرَأَتْ أعينُه السِّحْرَ حلالا
كلَّما زادَ وميضاً برقه / زادني من لوعة الوجد اشتعالا
ظامئُ الأَحشاء في الحبِّ إلى / مانعي من ثغره العذب الزّلالا
لا أُبالي في صبابات الهوى / أَقْصَرَ العاذلُ لومي أمْ أطالا
كم طعينٍ بقوامِ أهْيَفٍ / هو لم يشهد طعاناً ونزالا
إنَّ للصَّبِّ لعمري كبِداً / زادَ في القلب من الوجد ذبالا
صانَ في أحشائه الحبّ وقد / أَهْرَقَتْ أَجفانه الدَّمع المذالا
يا مُحِلاًّ في الهوى منِّي دماً / سيف عينيه وما كانَ حلالا
وكمالات وعلم ونهًى / هبة من جانب الله تعالى
دَبَّرَ الملك برأي ثاقبٍ / وأحالَ الجَوْرَ عدلاً فاستحالا
وكسى بغداد في أيَّامه / حُلَّةَ الفخر جمالاً وجلالا
كلَّما جالتْ به أفكارنا / من ثناءٍ وَجَدَتْ فيه مجالا
فرأيناها لعَمري بلدةً / نِعَمُ الله عليها تتوالى
قد زَهَتْ فيه وقد عمَّرَها / واحدُ الدُّنيا مقالاً وفعالا
والعراق اليوم لولا عدلُهُ / ما رأى من بعد ما اعْوجَّ اعتدالا
لو دعا الشُّمَّ الرَّواسي أَمْرُه / لم تُجِبْ دَعوتَه إلاَّ امتثالا
أخَذَتْ زُخْرُفَها وازَّيَّنَتْ / فهي للجنَّةِ قد أمْسَتْ مثالا
حِكَمٌ تهدي إلى الرّشد ومن / زاغ عنها فلَقَدْ ضلَّ ضلالا
وسجاياه الَّتي في ذاته / بَزَغَتْ في أُفقِ المجد خلالا
في مزاياه لعمري كرمٌ / وَسِعَ النَّاس به جاهاً ومالا
لو تَطَلَّبتَ سواها مثلها / كنتَ ممَّن يطلب الشَّيء المحالا
دولةٌ أيَّدها الله فما / ترهب الدُّنيا ولا تخشى زوالا
من رجالٍ نظم الملك بهم / وإذا كانَ الوغى كانوا جبالا
قوَّةٌ في ذاتهم لو حاولوا / أَنْ يزيلوا جبلاً فيها لزالا
زارَ بغدادَ فزارتنا به / أَيْمُنُ الخير يميناً وشمالا
يا لها من زورةٍ مقبولةٍ / أَطْلَعَتْ منكَ على النَّاس هلالا
فلَقَدْ ولاّك سلطانُ الورى / لا أراني الله فيك الانفصالا
يومَ أقْبَلْتَ على بغداد في / أيّ يوم كانَ للعيد مثالا
هو ظلُّ الله في الأرض وقد / مَدَّ بالأَمن على النَّاس ظلالا
جئتَ بالخير علينا مقبلاً / وتنَقَّلْتَ مع السَّعد انتقالا
فرأينا منك ما لم نَرَهُ / قَبْلَ أنْ جئتَ كمالاً وجمالا
وإذا ما مدَّ يوماً باعه / طال فيما يبتغيه واستطالا
يقصر المادح عنها مطنباً / كلَّما بالغ بالمدح وغالى
باسطٌ بالخير والحسنى يداً / نَوَّلَتْ من كلّ ما نهوى نوالا
وإذا جَرَّدَهم يومَ وغًى / مثلما جَرَّدَ أَسيافاً صقالا
أَشرفُ النَّاس وأَعلاهم سنًى / أَشْرَفَ النَّاس مزاياً وخصالا
رحم الله تعالى روحهم / إنَّهم كانوا إلى الخير عُجالى
لا أراني عَنْ غنًى منفصلاً / إنْ يكنْ لي بمعاليه اتّصالا
يا ملاذي ومآلي لم تَزَلْ / أَنْتَ لي فيها ملاذاً ومآلا