وطن الدولار هذا أم ترى
وطن الدولار هذا أم ترى / وطن رفت عليه المعرفه
أبصر الإنسان فيه بأسه / جاوز الأحلام فيما فلسفه
حقّر الدولار إذ عظمه / فهو عبد خادم ما كشفه
سبحت دنيا له لكنّه / ما تدنّى ليراه هدفه
كل تقدير حباه إنما / كان تقديرا لما قد خلفه
لم يجاوز عنده واسطة / لسموّ عد فيه شرفه
الحضارات أذيبت كلها / عنده في نضرة مؤتلفه
ورقيّ الفكر والروح معا / طابع فيه لمن قد عرفه
يقدر الشياء قدرا صادقا / ويرى الوقت تراثا كشفه
ويري الإنسان حريذته / إن يضعها فهو يجني تلفه
جئته مستنجدا في نكبتي / ودمي شعري فقلبي نزفه
تاركا خلفي بلادا سامها / ذلك الطاغوت دهرا جنفه
بعد ما حوربت في حبّي لها / وكفاحي عد طيشا وسفه
فتلقّاني ببشر عامر / ما سح دمعي وأهدى أسفه
ناصبا لي منبرا حرا كما / مد إعزازا لفكري كنفه
مرّت السبع السنين عنده / وفؤادي لم يخفف لهفه
كصغير نازح عن أمه / ليس ينسيه سواها دنفه
ذنبه إيثاره أمّه / ليس ينسيه سواها دنفه
عمره في تضحيات جمّة / مرّ حتى لم يجد من نصفه
أيّ عصر أنا فيه جائل / كل عصر قبله قد كسفه
من علوم وفنون جمّة / وعلى آدابه المختلفه
هذه الذروة في تاريخه / حيّرت كل بيان وصفه
لم يدع شيئا بلا إتقانه / أو جمالا لم ينله شغفه
وطن الإنسان مهما عابه / ناقصو الأحلام أو من قذفه
وطن الإحسان في بر له / شمل الدنيا وأعطى ترفه
وطن الأحرار لم يرتع به / غاشم عد البرايا خزفه
عن ينله بعد هذا جاحد / بعقوق لم يبدل أنفه
لست أنسى من أياديه على / مهجتي موقف حر وقفه
وكأني حاكم في أمره / كنت لما جئته مكتشفه
وكأني رغم فقري باذخ / في غني هيهات أحصي طرفه
معنويات الذي أغنى به / لؤلؤ حين أجافي الصدفه
وحياتي فيه شبه عوض / عن نعيم كان دهري خطفه
إن أعش أو إن أمت في نوره / أنا حيّ لا أعاني السدفه
ناقدي ما كان إلا حاسدي / أو غبيّ مستطيب خرفه
أو حقود شقوة الناس له / نعمة باهى بألوان السفه
لا أباليه كما لم يكترث / عالم حولى لخلط ألفه
جاحد الحق له الخسر فما / يخسر الحق جحودا حذفه