صاحبُ السَّيْفَيْنِ ماذا صنعا
صاحبُ السَّيْفَيْنِ ماذا صنعا / ودَّعَ الصفَّيْنِ والدنيا معا
غابَ عن أصحابهِ ما علموا / أيَّ دارٍ حلَّ لما وَدّعا
غاب عن أعينهم في غَمْرَةٍ / سدَّ غُولُ الهولِ منها المطلعا
طلبوه وتَنادى جَمعُهم / نَكبةٌ حلّتْ وخَطبٌ وقعا
يا رسولَ اللهِ هذا حمزةٌ / أترى عيناك منه المصرعا
إنّه عَمُّكَ إلا أُذُناً / قُطِعَتْ منه وأنفاً جُدِعا
إنّه عمّك فانظرْ بَطْنَهُ / كيف شقُّوه وعاثوا في المِعَى
كبدُ الفارسِ ماذا فعلت / أين طاحت من قضى أن تُنزَعا
نَذرُ هندٍ هِيَ لولا أنها / لم تُسِغْها أكلتها أجمعا
طفقت تَمضغُ مِن أفلاذِها / عَلقماً مُرّاً وسُماً مُنقَعا
كلّما هَمَّتْ بها تَدفعُها / مِلءَ شِدْقَيْها أبتْ أن تُدفعا
نَذرتْ يومَ أبيها نذْرها / عَلّها تشفِي الفُؤادَ المُوجَعا
جَاءَ وَحْشِيٌّ فضجَّتْ فَرحاً / وَيْكِ إنّ الأرضَ ضَجَّتْ فَزَعا
تَبذلينَ الحَلْي والمالَ على / أن جناه جاهلياً مُفظعا
يا له يا هندُ جُرحاً دامياً / ضاقَ عنه الصّبرُ مما اتّسعا
أفما أبصرتِ رُكنَيْ أُحُدٍ / حِينَ سالَ الجرحُ كيف انصدعا
وأبو سُفيانَ ماذا هاجه / أفما يُزمِعُ أن يَرتدعا
غَرَّهُ في يومِه ما غرّه / إنّ عند الغدِ سِرّاً مُودَعا
يَطعنُ اللّيثَ ويَفرِي شِدْقَهُ / حِينَ ألقَى جَنْبَهُ فاضطجعا
لو رآه يتحدَّى نفسَهُ / لرآها كيف تَهوِي قِطعَا
يذكرُ العُزَّى ويدعو هُبلاً / وَيْحَهُ من ذاكرٍ ماذا دعا
أَسدُ اللّهِ رماهُ ثَعلبٌ / يا له من حادثٍ ما أبدعا
أخَذْتهُ عثرةٌ مَزؤودَةٌ / ضَجَّتِ الدنيا لها تدعو لعا
زالتِ الدِّرعُ فغشَّى بطنَهُ / دافقٌ من دمهِ فادّرعا
حَرْبَةٌ ظَمأى أصابت مَشرعاً / كان من خيرٍ وبرٍّ مُترَعا
جَزَع الهادي لها نازلةً / جلّلتْ عُليا قريشٍ جَزَعا
تلك رُؤياهُ وهذا سيفُهُ / لا رعَى الرحمنُ إلا مَن رعى
ثَلمةٌ هدَّت من الكفرِ حِمىً / زعم الكفّارُ أن لن يُفْرَعا
بُورِكَ المضجعُ والقومُ الألى / وسَّدوا فيه الشهيدَ الأروعا
مثَلَ القومُ به من بغيهِم / ما نهاهم دِينُهم أو منَعا
ليس للأخلاقِ إلا دينُها / يُؤثر المثلى ويهدِي مَن وعى
وَعَد الإسلامُ خيراً مَن عفَى / إنّ حُسنَ العفوِ ممّا شَرعا
سائلِ اللائي تقلَّدنَ الحِلَى / من جلودٍ من رآها خَشعا
أهي كاللؤلؤِ أم أبهى سناً / من غواليهِ وأسمى موضعا
بوركَتْ إني أراها زُلَفاً / رفع اللّهُ بها من رَفعا
لن يفوتَ الكفرَ منها ذابحٌ / لا يُبالي أيَّ جلدٍ مَزعا
يا لِرَيْبِ الدّهرِ ما أفدَحَهُ / حادثاً نُكراً ورُزءاً مُفجِعا
رَجَع الذّكرُ به مُؤتنفاً / ولقد أشفقتُ أن لا يرجعا
شُغِلَ الأهلُ عن الأهلِ فيا / عجباً للدهر ماذا صنعا
أفما أُبصِرُ إلا لاهياً / أو مُعَنّىً بالأماني مُولَعا
اذكروا يا قومُ من أمجادِكم / ما نَسِيْتُم رُبَّ ذِكرٍ نَفعا