أَيّها الغافِلُ كم هَذا الهجوعُ
أَيّها الغافِلُ كم هَذا الهجوعُ / أعلنَ الدَّاعيِ فهل أنتَ سَميعُ
أنت عَمّا هو آتٍ غافلٌ / وكأَنْ قد فاجأَ الخطبُ الفَظيعُ
نحن فرْعٌ لأصولٍ ذَهبتْ / كم تُرى من بَعدِها تبقى الفُروعُ
وزُروعٌ للمنايا حُصِدَتْ / بيَدَيْها قبلَنَا مِنَّا زُروعُ
بادِرِ الخَوفَ وقَدِّم صالحاً / ما لِمَن مات إلى الدُّنيا رُجوعُ
نحن سَفْرٌ سارَ مِنّا سلَفٌ / وعَلى آثارِهم يَمضي الجميعُ
وإلى المورِدِ ميعادُهُمُ / يلتقي فيه بطيءٌ وسريعُ
أُمّنَا الدُّنيا رَقوبٌ يستوي / عندَها في الفقدِ كَهلٌ ورضيعُ
ما رأيْنا ثاكلاً مِنْ قَبْلها / مالَها في إثْرِ مفقودٍ دُموعُ
كلُّنَا منها ومنّا كلُّها / فهيَ لا تشبعُ أوْ نحنُ صَريعُ
بئستِ الأمُّ رَمَتْ أولادَها / برزاياها ألا بِئْسَ الصَّنيعُ
ما هناهُم فوقَها نَومُهُمُ / فهُمُ فيها إلى الحشرِ هُجوعُ
أبداً تجفو علينا ولَنا / نحوَهَا الدّهرَ حنينٌ ونزوعُ
هي ليلَي والوَرى أجمعُهم / قَيسُها كلٌّ بها صبٌّ وَلوعُ
جِدَّ يا مطلوبُ من جدَّ نَجا / إنَّ ذا الطّالِبَ مِدراكٌ تَبوعُ
ليس يُنْجي الجحفلُ الجَرّارُ مِن / يدهِ الطُولى ولا الحِصنُ المنيعُ
يأخذُ السلطانَ ذا الجمعِ فَلا / يدفعُ السلطانُ عنه والجموعُ
ليسَ يَرعى حرمةَ الجارِ ولا / يُنقذُ الشّاسِعَ في البُعدِ الشُّسُوعُ
ما معَ السَّبعينَ تسويفٌ فلا / يخدعَنْكَ الأملُ الواهي الخَدوعُ
قد تحمّلْتَ على ضعفِك مِن / ثِقْل أوزارِك ما لا تَستطيعُ
وتَقضَّتْ عنك أيّامُ الصِّبا / وعلى مفرقِكَ الشَّيبُ الشَّنيعُ
ثمَّ أفضَتْ مدّةُ الشَّيبِ إلى / هرمٍ يَعقُبه الموتُ الذّريعُ
صوَّحَ المرعَى فماذا تَرتجي / بعد ما صوَّح مَرْعاك المَريعُ
هل تَرى إلاّ هشيماً ذاويا / تجْتويهِ العينُ إن ولَّى الرَّبيعُ