ذهَبَ الحبُّ فما أشقى الفَتى
ذهَبَ الحبُّ فما أشقى الفَتى / بنَعيمٍ قد طواهُ الدَّهرُ طي
علَّلَ النَّفسَ بآمالٍ فلم / يكُ إِلا مثلَ أحلامٍ الكري
زالَ كالنُّورِ وما زلتُ لهُ / ذاكراً والذكرُ إحدى شقوَتي
بعتُ بالمجدِ غراماً بعدهُ / راحتي قد أفلتَت من راحَتي
عندما كسَّرتُ حبِّي آملاً / أن أراني خالصاً من أسر مَي
معهُ كسَّرتُ قلباً ضمَّهُ / فأنا الكاسِرُ قلبي بيَدَي
كم إِلى تَضحيةٍ أحملُهُ / فأراهُ دامياً في جانِحي
آهِ وا لهفي على حُبِّي ويا / طولَ وَجدي بعدَ أيّامِ الحمي
لن أراها وتراني باسماً / وأنا في صَبوةِ الحبِّ صُبَي
ليتَ أنفاسَ الصَّبا تُحيي الصِّبا / وتُحَيّي ميِّتاً في جسمِ حَي
جاهلاً فارَقتُ حيّاً آهلاً / بأحبّائي فلم آنس بحَي
فتعالَ الآنَ نبكي ماضياً / وإذا ما لاحَ طيفُ الحُسنِ حَي
أكبرُ الأشياءِ لم أرضَ بها / وتراني أرتضي أصغرَ شي
كم فتًى خَيرَ صديقٍ خِلتُهُ / فغدا شرَّ عدوٍّ للأذي
وفتاةٍ أنكَرتني بعدما / عَطَفَت بسَّامةَ الثَّغرِ عَلي
هذه الدنيا فلا إخلاص من / أهلها يرجى وحسن الظن غي
كُن رفيقاً لي رفيقاً بي فقد / شاقني رفقُ شقيٍّ بشُقي
وتجلّد وتشجَّع فالعدى / حَولنا والوطرُ الأعلى لدَي
أنتَ مِثلي وأنا مثلُكَ في / حالةٍ يَرضى بها الشَّهمُ الرضي
عربيَّينِ وُلِدنا فَلنا / شرفٌ من نسبٍ فوقَ السُّهي
كم تَصبَّتنا أحاديثُ العُلى / فتبسَّمنا لآتينا البهي
قُل لإخوانِ صفاءٍ أقبلوا / نحنُ عشّاقُ جمالٍ وعُلي
حقرت أرواحُنا أشباحَنا / فهزأنا بالرَّزايا والردي
وطمِعنا بخلودٍ فَغَدا / حظُّنا البؤسى ونعمانا كفي
إننا كبراً ترَكنا فانياً / وتبِعنا باقياً بينَ الوري
نحنُ عصفورانِ نشتاقُ الصَّبا / والشَّذا والنورَ في الجوّ الصفي
فترنَّم وافتحَن قلبكَ لي / لكَ أفتَح صادقاً قلبي الدمي
عند تطريبِكَ أشعاري غدَت / تستَميلُ الملأ الأعلى إلي
ولدى رسمِكَ لي رُوحي بدَت / في أساريري وأذكت مُقلتي
بينَ تصويرٍ وتنغيمٍ أرى / بَهجةَ الخلد ولذَّاتِ الهوَي
فلكَ الخَيرُ بما زوَّدتني / من جمالٍ شاقَ أو لحنٍ شجيّ
في يَدَيكَ الفنُّ فاشٍ سرُّهُ / مِنه مَتِّع نظري أو مِسمَعي
لكَ تصويرٌ وتلحينٌ ولي / نغَمٌ فالفنُّ إحدى نسبَتي
وعلى الأوراقِ والأوتارِ قد / شاقَني الحسنُ وأجرى عبرتي
عَشقَت روحَكَ روحي فهُما / بامتِزاجٍ كنسيمٍ وشذي
إنما الروحانِ أُختانِ لدَى / نسَب الحبّ فأدعوك أُخي