ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى
ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى / مَن حَمَى الدِّينِ وأحيا الأنفُسا
فَتَحَ اللهُ لَهُ الفَتحَ الَّذِي / شَمَلَ الدُّنيا فَدَع أندَلُسا
أسبَغَ النُّعمَى فَطَابَت جَنّة / وَجلا البُشرَى فَقَامَت عُرُسَا
جَفّ ماءُ الغُصنِ مَحلاً فَهَمَى / وَتَشَكَّى الثَّغرُ شجّاً فأسى
يَربَأُ النَّجمُ لَهُ عَسكَرَهُ / وَيُغيرُ الصُّبحُ عَنهُ والمَسَا
لَم يُثر خَيلاً إِلَى نَيلِ مَدىً / فَأصَابَت دَونَهُ مَا حُبِسَا
لَو أتَت بَحراً فَعَزّت سُفُنٌ / أوجَدَت فِيهِ طَرِيقاً يَبَسا
أو سَمَا فِي السُّحبِ عنهَا مَطلَبٌ / عَلّقَت مِن كُلِّ هُدبٍ مَرَسا
ضَحِكَ الدّهرُ لنا بِشراُ بِهِ / بَعدَ مَا كَانَ عَلَينَا عَبَسَا
طَالَما كُنَّا سَواماً هَمَلاً / نُهزَةَ الذِّئبِ إذا ما افتَرَسا
فَرَعَانَا رَعيةً لا نَتّقي / مَعَها ذُعراً ولا نَطوِي أَسَى
وَبَنَى سورَ قَناً يَكنُفُنَا / أَطلَعَ الخُرسَانَ فيهِ حَرَسَا
مَلِكٌ يَحسِبُهُ مُبصِرُهُ / مَلَكاً شاكَلَ هَذَا الأنَسَا
أيُّهَا الوَفدُ ادخُلوا حَضرَتَهُ / وَتَرَاءَوا نُورَهَأ المُقتبَسَا
وَانزَعوا الأخفافَ مِن أقدَامِكُم / كَي تلاقِي تُربَهَا المُقَدَّسا
وَخُذُوا مِن تَحتِ نَعلَيهِ الثَّرَى / فاخَروا عِلقَ الشِّفاءِ المُنفِسَا
تُكحلُ العَينُ بِهِ إِن رَمِدَت / يَنطِق الطِّفلُ بِهِ أن خرِسا
تَصلُحُ الحَالُ بِهِ إِن فَسَدَت / يَنعَشُ الجَدّ بِهِ إن تَعِسا
تَنشَطُ النَّفسُ بِهِ إِن سَئِمَت / يَرطُبُ العَيشُ بِهِ إِن يَبسا
يا إمَامَ الدِّين هُنِّئتَ بِهِ / فَرَحاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا
غَزوَةٌ جاهَرتَ عَنهَا لَم تَكُن / مُلغِزاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا
شُزّباً قُدتَ صَحيحَاتِ الشَّوَى / ضُمَّرَ الخَصرِ سَلِيمَاتِ النَّسَا
حَمَلَت أنصَارَ دِينٍ كَرُمُوا / مشَهَداً فِيهِ وَطَابُوا أنفُسَا
أُسدُ حَربٍ تَحتَهَا الفُتخُ حَمَت / كُنُساً لَمّا أبَاحَت كُنُسَا
ثَبَتُوا لِلهَولِ فِي ظِلِّ القَنَا / يَتَسَاقَونَ المَنَايَا أَكُؤسَا
يَا عُيوناً حَضَرَت مَاذَا رَأت / يَا نُفوساً عَايَنَت مَا أنفَسَا
غُرَّ أَدفُونشُ بِمَا أمَلَى لَهُ / مِن أمَانِي غَبّه مَن وَسوَسَا
سَنَّهَا سُوقَ وَغيً لَكِنَّهُ / كُلّما بَايَعَ غَيّه مَن وَسوسَا
سَنَّهَا سُوقَ وَغَىً لَكِنَّهُ / كُلّما بَايَعَ فِيهَا وُكِسَا
فَأَتَى البَاطِلُ لَيلاً مُدجِناً / وَأتَى الحَقُّ نَهَاراً مُشمِسَا
فَرَأى بَدرَ العُلَى كَيفَ سَرَى / وَرَأَى طَودَ الحِجَا كَيفَ رَسَا
وبَدَا بَرقُ الظُّبَا مُختَطِفاً / فِي غَمَامِ العَبَرَاتِ الأَرؤُسَا
غَرَسَ الفِتنَةَ إِذ خَانَكُمُ / فَجَنا مُرَّ جَنَى مَا غَرَسَا
وَنَضَا عِزّتَهُ فِي حَربِكُمُ / فَاكتَسَى مِن ذلّةٍ مَا أُلبِسَا
خٍِلعَةٌ لا فَارَقَت لابسَهَا / شَرٌّ أهلِ الأرضِ فِي شَرِّ الكِسَا
صَارِ مَرءُوساً لَدَيهِم بَعدَمَا / رَشَّحُوهُ لِعَميد الرُّؤَسَا
نَبَشُوا الحَربَ فَقَامَت حَيّةً / بَعدمَا كَانَت صَدىً قَد رُمِسَا
عَرَضوا زَهواً لأطرَافِ القَنَا / خَطرَة اللِّصِّ أَثَارَ العَسَسَا
وَتَّرُوا قَوسَ مُنىً كَاذِبَةٍ / لَم توافِق سِيَةٌ مِنهَا المَعجِسا
كُلَّمَا سَدّد رَامٍ سَهمَهَا / عَادَ فِي لِبَّتِهِ مُنتَكِسَا
وَرِمَاحٍ خَالَطَت أحشَاءَهُم / عَانَقُوا مِنهَا قُدُوداً مُيَّسا
فَانثَنَوا بَعدَ مِصاعٍ صَادقٍ / كَسَّرَ الدَّرعَ وَفَضَّ القَونَسَا
غَادَرُوا بِالأركِ مِن قَتلاهُم / مَوعِظاتٍ لِسِوَاهُم وَأُسَى
وَلَقَوا فِي حِصِنِهَا مُمتَنَعاً / رَيثَمَا يَستَرجِعُونَ النَّفَسَا
مَعقلٌ قالَ لَهُ النَّصرُ ألا / كُن عِقَالاً لَهُمُ أَو مَحبِسَا
فَهَووا مِنهُ عَلَى حكم رضىً / لإمَامٍ بذَلُوا مَا التَمَسَا
وَمضَى غَاوِيهِمُ تُرهِقُهُ / خَشيَة المَوت صَعُوداً شَمِسا
طَردَتهُ رَهبَةٌ أَوجَسَ فِي / نَفسِهِ مِن أمرِهَا مَا أَوجَسَا
رَكِب ابنَ العَيرِ في فرَّتِهِ / رُبَّما استَحيَا ركُوباً فَرَسَا
لِمَ يَعلُو سَرجَهُ مَن لَم يَقُم / فِي بَدَادَيهِ ضَرُوباً مِدعَسَا
أسلَمَ القَلعَةَ وَهيَ الأَرضُ فِي / مَنعَةٍ تُعيِي النُّجُومَ الخُنّسا
لُوِيَت خُلجانُهَا أسوِرَةً / حَصَّنت مِعصَمَهَا أَن يُلمَسَا
قَلَّ أَن يُوجِفَ جَيشُ نَحوَهَا / أَو تشنّ الخَيلُ فِيهَا غَلَسَا
وَجَلا عَن كَركُويٍ أهلُه / وقتَ جُنح اللّيلِ لَمَّا عَسعَسَا
يَرهَبُون الدّجنَ إِن لاحَ بِهِ / بَارِقٌ وَالصُّبحَ إِذ مَا نَفّسَا
بُقَعٌ طَهَّرَها التَّوحِيدُ مِن / أُمَمٍ كَانَت عَلَيهَا نَجَسَا
يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ المُرتَجَى / عَطفُهُ إِن جَارَ خَطبٌ أَو قَسَا
يَا سَلِيلَ الخُلَفَاء السَّادَة ال / مُظهِرِين العَدلَ لَمَّا طَمسا
نَشَرُوا الإِحسَانَ مِن أرمَاسِهِ / وَأبَانُوا نَهجَهُ إِذ دَرَسَا
فَاحَتِ الأَرضُ بِهِم مِمَّا زَكَت / وَتَنَدَّى الصَّخرُ حَتَّى انبَجَسا
عُمِّرت دَولَتُكُم بِالِغَةً / سمع عِيسَى يَومَ يَأتِي المَقدِسَا
وَبَقِيتم زِينَة العَالَمِ لا / تُخلِقُ الأَزمَانُ مِنهُ مَا اكتَسَى