القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الكل
المجموع : 77
نَعَتِ الدُنيا إِلَينا نَفسَها
نَعَتِ الدُنيا إِلَينا نَفسَها / وَأَرَتنا عِبَراً لَم نَنسَها
كُلَّما قامَت لِقَومٍ دَولَةٌ / عَجَّلَ الحَينُ عَلَيهِم نَكسَها
تَطلُبُ التَجديدَ مِن دارِ البِلى / أَسَسَ اللَهُ عَلَيها أُسَّها
كَم لَها مِن لُقَمٍ مَسمومَةٍ / يَستَبينُ القَلبُ مِنها لَمسَها
حابِسُ الدُنيا لَها مِن حَبسِهِ / فَلَتاتٍ لَم يُمَلَّك حَبسَها
يا لَها مَحروسَةً لَم يَستَطِع / أَحَدٌ دونَ المَنايا حَرسَها
قُل لِمَن يَبكي عَلى رَسمٍ دَرَس
قُل لِمَن يَبكي عَلى رَسمٍ دَرَس / واقِفاً ما ضَرَّ لَو كانَ جَلَس
اِترُكِ الرَبعَ وَسَلمى جانِباً / وَاِصطَبِح كَرخِيَّةً مِثلَ القَبَس
بِنتُ دَهرٍ هُجِرَت في دَنِّها / وَرَمَت كُلَّ قَذاةٍ وَدَنَس
كَدَمِ الجَوفِ إِذا ما ذاقَها / شارِبٌ قَطَّبَ مِنها وَعَبَس
اِسقِنيها يا نَديمي بِغَلَس
اِسقِنيها يا نَديمي بِغَلَس / لا بِضَوءِ الصُبحِ بَل ضَوءِ القَبَس
اِسقِنيها مِن قِيامي خَمسَةً / فَإِذا دارَت فَمَن شاءَ حَبَس
وَعَلى ذِكرِ حَبيبي فَاِسقِني / لا عَلى ذِكرِ مَحَلٍّ قَد دَرَس
إِنَّ ذِكراهُ عَلى هِجرانِهِ / لَتُجَلّي كَربَ قَلبٍ مُختَلَس
كانَ يَلقاني زَماناً واصِلاً / فَاِلتَوى مِن بَعدِ وَصلي وَشَمَس
أَفسَدَ الواشونَ إِلفي حَسَداً / تَعِسَ الواشي لِوَقتٍ وَنُكِس
اِسقِنيها يا نَديمي بِغَلَس
اِسقِنيها يا نَديمي بِغَلَس / لا بِضَوءِ الصُبحِ بَل ضَوءِ القَبَس
قَهوَةً عَتَّقَها خَمّارُها / زَمَناً في الدَنِّ بَحتاً وَحَبَس
ثُمَّ زُفَّت في قَميصٍ أَدكَنٍ / فَتَحَلَّت كَفَتاةٍ في العُرُس
صَبَّها الشادِنُ في طاساتِها / فَتَرامَت بِشَرارٍ يُقتَبَس
وَلَها رائِحَةُ المِسكِ فَإِن / شَمَّها الشارِبُ مِن كَأسٍ عَبَس
وَغَزالٍ في الدُجى لَي
وَغَزالٍ في الدُجى لَي / ثِ ظَلامٍ ذي فِراسِ
بِتُّ أَسقيهِ مِنَ الرا / حِ بِكاسٍ بَعدَ كاسِ
وَأُحَيِّيهِ إِلى أَن / مالَ مِن ثِقلِ النُعاسِ
ثُمَّ أَدنَيتُ يَميني / نَحوَهُ رِفقاً لَماسِ
فَتَصَدّى قائِلاً لي / بِاِبتِهارٍ وَاِنتِعاسِ
كَم تَرى مِثلَكَ يا جا / هِلُ قَد مَرَّ بِراسي
فَأَخَذناهُ اِقتِصاداً / عَنوَةً غَيرَ مِكاسِ
لَيسَ لِلرَيحانَةِ الغَض / ضَةِ بُدٌّ مِن مَساسِ
وَجَليسٍ لَيسَ فيهِ
وَجَليسٍ لَيسَ فيهِ / قَطُّ مِثلَ الناسِ حِسُّ
لِيَ مِنهُ أَينَما كُن / تُ عَلى رُغمي حَبسُ
مالَهُ نَفسٌ فَتَنها / هُ وَهَل لِلصَخرِ نَفسُ
إِنَّ يَوماً فيهِ أَلقا / هُ لَيَومٌ هُوَ نَحسُ
ما عَلى ظَنِّيَ باسُ
ما عَلى ظَنِّيَ باسُ / يَجرَحُ الدَهرُ وَياسو
رُبَّما أَشرَفَ بِالمَر / ءِ عَلى الآمالِ ياسُ
وَلَقَد يُنجيكَ إِغفا / لٌ وَيُرديكَ احتِراسُ
وَالمَحاذيرُ سِهامٌ / وَالمَقاديرُ قِياسُ
وَلَكَم أَجدى قُعودٌ / وَلَكم أَكدى التِماسُ
وَكَذا الدَهرُ إِذا ما / عَزَّ ناسٌ ذَلَّ ناسُ
وَبَنو الأَيّامِ أَخيا / فٌ سَراةٌ وَخِساسُ
نَلبَسُ الدُنيا وَلَكِن / مُتعَةٌ ذاكَ اللِباسُ
يا أَبا حَفصٍ وَما ساواكَ / في فَهمٍ إِياسُ
مِن سَنا رَأيِكَ لي في / غَسَقِ الخَطبِ اِقتِباسُ
وَوِدادي لَكَ نَصٌّ / لَم يُخالِفهُ قِياسُ
أَنَ حَيرانٌ وَلِلأَمرِ / وُضوحٌ وَاِلتِباسُ
ما تَرى في مَعشَرٍ حالوا / عَنِ العَهدِ وَخاسوا
وَرَأَوني سامِرِيّاً / يُتَّقى مِنهُ المَساسُ
أَذأُبٌ هامَت بِلَحمي / فَاِنتِهاشٌ وَاِنتِهاسُ
كُلُّهُم يَسأَلُ عَن حالي / وَلِلذِئبِ اِعتِساسُ
إِن قَسا الدَهرُ فَلِلماءِ / مِنَ الصَخرِ انبِجاسُ
وَلَئِن أَمسَيتُ مَهبوساً / فَلِلغَيثِ اِحتِباسُ
يَلبُدُ الوَردُ السَبَنتى / وَلَهُ بَعدُ اِفتِراسُ
فَتَأَمَّل كَيفَ يَغشى / مُقلَةَ المَجدِ النُعاسُ
وَيُفَتُّ المِسكُ في التُربِ / فَيوطا وَيُداسُ
لا يَكُن عَهدُكَ وَرداً / إِنَّ عَهدي لَكَ آسُ
وَأَدِر ذِكرِيَ كَأساً / ما اِمتَطَت كَفَّكَ كاسُ
وَاِغتَنِم صَفوَ اللَيالي / إِنَّما العَيشُ اِختِلاسُ
وَعَسى أَن يَسمَحَ الدَهرُ / فَقَد طالَ الشِماسُ
أَسَقيطُ الطَلِّ فَوقَ النَرجِسِ
أَسَقيطُ الطَلِّ فَوقَ النَرجِسِ / أَم نَسيمُ الرَوضِ تَحتَ الحِندِسِ
أَم نِظامٌ لِلَآلٍ نَسَقٍ / جامِعٍ كُلَّ خَطيرٍ مُنفِسِ
أَم قَريضٌ جاءَني عَن مَلِكٍ / مالِكٍ بِالبِرِّ رِقَّ الأَنّفُسِ
دَلَّهَت فِكرِيَ مِن إِبداعِهِ / حيرَةٌ في مَنطِقٍ لي مُخرِسِ
بِتُّ مِنهُ بَينَ سَهلٍ مُطمِعٍ / خادِعٌ يُتلى بِحُزنٍ مُؤيِسِ
يا نَدى يُمنى أَبي القاسِمِ غِم / يا سَنا شَمسِ المُحَيّا أَشمِسِ
يا بَهيجَ الخُلُقِ العَذبِ اِبتَسِم / يا مُهيجَ الأَنِفِ الصَعبِ اِعبِسِ
يا جَمالَ المَوكِبِ الغادي إِذا / سارَ فيهِ يا بَهاءَ المَجلِسِ
أَنتَ لَم يُقنِعكَ أَن أَلبَستَني / نِعمَةً تُذكِرُ عَهدَ السُندُسِ
فَتَلَطَّفتَ لِأَن حَلَّيتَني / مولِياً طولي مُحَلّىً مُلبَسِ
داكَ تَنويهٌ ثَناني فَخرُهُ / سامِيَ اللَحظِ أَشَمَّ المَعطِسِ
شَرَّفَت بِكرَ المَعالي خِطبَةٌ / مِنكَ فَاِنعَم بِسُرورِ المُعرَسِ
تُمنَحُ التَأييدَ يُجلى لَكَ عَن / ظَفَرٍ حُلوٍ وَعِزٍّ أَقعَسِ
وَاِرتَشِف مَعسولَ نَصرٍ أَشنَبٍ / تَجتَنيهِ مِن عَجاجٍ أَلعَسِ
وَاِرتَفِق بِالسَعدِ في دَستِ المُنى / تُصبِحِ الصُنعَ دِهاقَ الأَكؤُسِ
فَاِعتِراضُ الدَهرِ فيما شِئتَهُ / مُرتَقىً في صَدرِهِ لَم يَهجِسِ
إِنَّ لِلجَنَّةِ في الأَندَلُسِ
إِنَّ لِلجَنَّةِ في الأَندَلُسِ / مُجتَلى حُسنٍ وَرَيّا نَفَسِ
فَسَنا صُبحَتِها مِن شَنَبٍ / وَدُجى ظُلمَتِها مِن لَعَسِ
فَإِذا ما هَبَّتِ الريحُ صَبّاً / صِحتُ وا شَوقي إِلى الأَندَلُسِ
دَع نَديماً قَد تَنائى وَحُبِس
دَع نَديماً قَد تَنائى وَحُبِس / وَاِسقِني وَاِشرَب عُقاراً كَالقَبَس
هامَ قَلبي بِفَتاةٍ غادَةٍ / حَولَها الأَسيافُ في أَيدي الحَرَس
لا تَنامُ اللَيلَ مِن حُبّي وَإِن / غَرَّدَ القُمريُّ زارَت في الغَلَس
وَتُسَمّيني إِذا ما عَثَرَت / وَإِذا ما فَطَنوا قالَت تَعَس
طِب عَنِ الإِمرَةِ نَفسا
طِب عَنِ الإِمرَةِ نَفسا / وَاِرضَ بِالوَحشَةِ أُنسا
ماعَلَيها أَحَدٌ يَس / وى عَلى الخِبرَةِ فِلسا
حازمٌ يسلسُ من بعد الشماسِ
حازمٌ يسلسُ من بعد الشماسِ / كلُّ أمرٍ راضَه صعب المراس
ذو ذَكاءٍ لو ذكاءٌ رامَهُ / لدعاهُ عجزُه عُد بأَياس
قتلَ الأيامَ خُبراً وله / قبسُ التجريب أسنى الاقتباس
لو سيوفاً طُبعت آراؤه / لبرت ما أدركت حتَّى الرواسي
مَن لِنِضوٍ يَتَنَزّى أَلَما
مَن لِنِضوٍ يَتَنَزّى أَلَما / بَرَّحَ الشَوقَ بِهِ في الغَلَسِ
حَنَّ لِلبانِ وَناجى العَلَما / أَينَ شَرقُ الأَرضِ مِن أَندَلُسِ
بُلبُلٌ عَلَّمَهُ البَينُ البَيان / باتَ في حَبلِ الشُجونِ اِرتَبَكا
في سَماءِ اللَيلِ مَخلوعَ العِنان / ضاقَتِ الأَرضُ عَلَيهِ شَبَكا
كُلَّما اِستَوحَشَ في ظِلِّ الجِنان / جُنَّ فَاِسَتَضحَكَ مِن حَيثُ بَكى
اِرتَدى بُرنُسَهُ وَاِلتَثَما / وَخَطا خُطوَةَ شَيخٍ مُرعَسِ
وَيُرى ذا حَدَبٍ إِن جَثَما / فَإِن اِرتَدَّ بَدا ذا قَعَسِ
فَمُهُ القاني عَلى لَبَّتِهِ / كَبَقايا الدَمِ في نَصلِ دَقيقِ
مَدَّهُ فَاِنشَقَّ مِن مَنبَتِهِ / مَن رَأى شِقَّي مِقَصٍ مِن عَقيقِ
وَبَكى شَجواً عَلى شَعبِهِ / شَجوَ ذاتِ الثُكلِ في السِترِ الرَقيقِ
سَلَّ مَن فيهِ لِساناً عَنَماً / ماضِياً في البَثِّ لَم يَحتَبِسِ
وَتَرٌ مِن غَيرِ ضَربٍ رَنَّما / في الدُجى أَو شَرَرٌ مِن قَبَسِ
نَفَرَت لَوعَتُهُ بَعدَ الهُدوء / وَالدُجى بَيتُ الجَوى وَالبُرَحا
يَتَعايا بِجَناحٍ وَيَنوء / بِجناحٍ مُذ وَهى ما صَلَحا
سائَهُ الدَهرُ وَما زالَ يَسوء / ما عَلَيهِ لَو أَسا ما جَرَحا
كُلَّما أَدمى يَدَيهِ نَدَماً / سالَتا مِن طَوقِهِ وَالبُرنُسِ
فَنِيَت أَهدابُهُ إِلّا دَماً / قامَ كَالياقوتِ لَم يَنبَجِسِ
مَدَّ في اللَيلِ أَنيناً وَخَفَق / خَفَقانَ القُرطِ في جُنحِ الشَعَر
فَرَغَت مِنهُ النَوى غَيرَ رَمَق / فَضلَةَ الجُرحِ إِذا الجُرحُ نَغَر
يَتَلاشى نَزَواتٍ في حُرَق / كَذُبالٍ آخِرَ اللَيلِ اِستَعَر
لَم يَكُن طَوقاً وَلَكِن ضَرَما / ما عَلى لَبَّتِهِ مِن قَبَسِ
رَحمَةُ اللَهِ لَهُ هَل عَلِما / أَنَّ تِلكَ النَفسَ مِن ذا النَفَسِ
قُلتُ لِلَّيلِ وَلِلَّيلِ عَواد / مَن أَخو البَثِّ فَقالَ فِراق
قُلتُ ما واديهِ قالَ الشَجوُ واد / لَيسَ فيهِ مِن حِجازٍ أَو عِراق
قُلتُ لَكِن جَفنُهُ غَيرُ جَواد / قالَ شَرُّ الدَمعِ ما لَيسَ يُراق
نَغبِطُ الطَيرَ وَما نَعلَمُ ما / هِيَ فيهِ مِن عَذابٍ بَئِسِ
فَدَعِ الطَيرَ وَحَظّاً قُسِما / صَيَّرَ الأَيكَ كَدورِ الأَنَسِ
ناحَ إِذ جَفنايَ في أَسرِ النُجوم / رَسَفا في السُهدِ وَالدَمعُ طَليق
أَيُّها الصارِخُ مِن بَحرِ الهُموم / ما عَسى يُغني غَريقٌ مِن غَريق
إِنَّ هَذا السَهمَ لي مِنهُ كُلوم / كُلُّنا نازِحُ أَيكٍ وَفَريق
قَلِّبِ الدُنيا تَجِدها قِسَماً / صُرِّفَت مِن أَنعُمٍ أَو أَبؤُسِ
وَاِنظُرِ الناسَ تَجِد مَن سَلِما / مِن سِهامِ الدَهرِ شَجَّتهُ القِسي
يا شَبابَ الشَرقِ عُنوانَ الشَباب / ثَمَراتِ الحَسَبِ الزاكي النَمير
حَسبُكُم في الكَرَمِ المَحضِ اللُباب / سيرَةٌ تَبقى بَقاءَ اِبنَي سَمير
في كِتابِ الفَخرِ لِلداخِلِ باب / لَم يَلِجهُ مِن بَني المُلكِ أَمير
في الشُموسِ الزُهرِ بِالشامِ اِنتَمى / وَنَمى الأَقمارَ بِالأَندَلُسِ
قَعَدَ الشَرقُ عَلَيهِم مَأتَما / وَاِنثَنى الغَربُ بِهِم في عُرُسِ
هَل لَكُم في نَبَإِ خَيرِ نَبَأ / حِليَةِ التاريخِ مَأثورٍ عَظيم
حَلَّ في الأَنباءِ ما حَلَّت سَبَأ / مَنزِلَ الوُسطى مِنَ العِقدِ النَظيم
مِثلَهُ المِقدارُ يَوماً ما خَبَأ / لِسَليبِ التاجِ وَالعَرشِ كَظيم
يُعجِزُ القُصّاصَ إِلّا قَلَما / في سَوادٍ مِن هَوىً لَم يُغمَسِ
يُؤثِرُ الصِدقَ وَيَجزي عَلَما / قَلَبَ العالَمَ لَو لَم يُطمَسِ
عَن عِصامِيٍّ نَبيلٍ مُعرِقِ / في بُناةِ المَجدِ أَبناءِ الفَخار
نَهَضَت دَولَتُهُم بِالمَشرِقِ / نَهضَةَ الشَمسِ بِأَطرافِ النَهار
ثُمَّ خانَ التاجُ وُدَّ المَفرِقِ / وَنَبَت بِالأَنجُمِ الزُهرِ الدِيار
غَفَلوا عَن ساهِرٍ حَولَ الحِمى / باسِطٍ مِن ساعِدَي مُفتَرِسِ
حامَ حَولَ المُلكِ ثُمَّ اِقتَحَما / وَمَشى في الدَمِ مَشيَ الضِرسِ
ثَأرُ عُثمانَ لِمَروانٍ مَجاز / وَدَمَ السِبطِ أَثارَ الأَقرَبون
حَسَّنوا لِلشامِ ثَأراً وَالحِجاز / فَتَغالى الناسُ فيما يَطلُبون
مَكرُ سُوّاسٍ عَلى الدَهماءِ جاز / وَرُعاةٌ بِالرَعايا يَلعَبون
جَعَلوا الحَقَّ لِبَغيٍ سُلَّما / فَهوَ كَالسِترِ لَهُم وَالتُرُسِ
وَقَديماً بِاِسمِهِ قَد ظَلَما / كُلُّ ذي مِئذَنَةٍ أَو جَرَسِ
جُزِيَت مَروانُ عَن آبائِها / ما أَراقوا مِن دِماءٍ وَدُموع
وَمِنَ النَفسِ وَمِن أَهوائِها / ما يُؤَدّيهِ عَنِ الأَصلِ وَالفُروع
خَلَتِ الأَعوادُ مِن أَسمائِها / وَتَغَطَّت بِالمَصاليبِ الجُذوع
ظَلَمَت حَتّى أَصابَت أَظلَما / حاصِدَ السَيفِ وَبيءَ المَحبَسِ
فَطِناً في دَعوَةِ الآلِ لِما / هَمَسَ الشاني وَما لَم يَهمِسِ
لَبِسَت بُردَ النَبِيِّ النَيِّرات / مِن بَني العَبّاسِ نوراً فَوقَ نور
وَقَديماً عِندَ مَروانٍ تِرات / لِزَكِيّاتٍ مِنَ الأَنفُسِ نور
فَنَجا الداخِلُ سَبخاً بِالفُرات / تارِكَ الفِتنَةِ تَطغى وَتَنور
غَسَّ كَالحوتِ بِهِ وَاِقتَحَما / بَينَ عِبرَيهِ عُيونَ الحَرَسِ
وَلَقَد يُجدي الفَتى أَن يَعلَما / صَهوَةَ الماءِ وَمَتنِ الفَرَسِ
صَحِبَ الداخِلَ مِن إِخوَتِهِ / حَدَثٌ خاضَ الغُمارَ اِبنَ ثَمان
غَلَبَ المَوجَ عَلى قُوَّتِهِ / فَكَأَنَّ المَوجَ مِن جُندِ الزَمان
وَإِذا بِالشَطِّ مِن شِقوَتِهِ / صائِحٌ صاحَ بِهِ نِلتَ الأَمان
فَاِنثَنى مُنخَدِعاً مُستَسلِماً / شاةٌ اِغتَرَّت بِعَهدِ الأَلَسِ
خَضَبَ الجُندُ بِهِ الأَرضَ دَما / وَقُلوبُ الجُندِ كَالصَخرِ القَسي
أَيُّها اليائِسُ مُت قَبلَ المَمات / أَو إِذا شِئتَ حَياةً فَالرَجا
لا يَضِق ذَرعُكَ عِندَ الأَزَمات / إِن هِيَ اِشتَدَّت وَأَمِّل فَرَجا
ذَلِكَ الداخِلُ لاقى مُظلِمات / لَم يَكُن يَأمُلُ مِنها مَخرَجا
قَد تَوَلّى عِزُّهُ وَاِنصَرَما / فَمَضى مِن غَدِهِ لَم يَيأَسِ
رامَ بِالمَغرِبِ مُلكاً فَرَمى / أَبَعدَ الغَمرِ وَأَقصى اليَبَسِ
ذاكَ وَاللَهِ الغِنى كُلُّ الغِنى / أَيُّ صَعبٍ في المَعالي ما سَلَك
لَيسَ بِالسائِلِ إِن هَمَّ مَتى / لا وَلا الناظِرِ ما يوحي الفَلَك
زايَلَ المُلكُ ذَويهِ فَأَتى / مُلكَ قَومٍ ضَيَّعوهُ فَمَلَك
غَمَراتٌ عارَضَت مُقتَحِما / عالِيَ النَفسِ أَشَمَّ المَعطِسِ
كُلُّ أَرضٍ حَلَّ فيها أَو حِمى / مَنزِلُ البَدرِ وَغابُ البَيهَسِ
نَزَلَ الناجي عَلى حُكمِ النَوى / وَتَوارى بِالسُرى مِن طالِبيه
غَيرَ ذي رَحلٍ وَلا زادٍ سِوى / جَوهَرٍ وافاهُ مِن بَيتِ أَبيهِ
قَمَرٌ لاقى خُسوفاً فَاِنزَوى / لَيسَ مِن آبائِهِ إِلّا نَبيه
لَم يَجِد أَعوانَهُ وَالخَدَما / جانَبوهُ غَيرَ بَدرِ الكَيِّسِ
مِن مَواليهِ الثِقاتِ القُدُما / لَم يَخُنهُ في الزَمانِ الموئِسِ
حينَ في إِفريقيا اِنحَلَّ الوِئام / وَاِضمَحَلَّت آيَةُ الفَتحِ الجَليل
ماتَتِ الأُمَّةُ في غَيرِ اِلتِئام / وَكَثيرٌ لَيسَ يَلتامُ قَليل
يَمَنٌ سَلَّت ظُباها وَالشَآم / شامَها هِندِيَّةً ذاتَ صَليل
فَرَّقَ الجُندَ الغِنى فَاِنقَسَما / وَغَدا بَينَهُم الحَقُّ نَسي
أَوحَشَ السُؤدُدُ فيهِم وَسَما / لِلمَعالي مَن بِهِ لَم تانَسِ
رُحِموا بِالعَبقَرِيِّ النابِهِ / البَعيدِ الهِمَّةِ الصَعبِ القِياد
مَدَّ في الفَتحِ وَفي أَطنابِهِ / لَم يَقِف عِندَ بِناءِ اِبنِ زِياد
هَجَرَ الصَيدَ فَما يُغنى بِهِ / وَهوَ بِالمُلكِ رَفيقٌ ذو اِصطِياد
سَل بِهِ أَندَلُساً هَل سَلِما / مِن أَخي صَيدٍ رَفيقٍ مَرِسِ
جَرَّدَ السَيفَ وَهَزَّ القَلَما / وَرَمى بِالرَأيِ أُمَّ الخُلَسِ
بِسَلامٍ يا شِراعاً ما دَرى / ما عَلَيهِ مِن حَياءٍ وَسَخاء
في جَناحِ المَلَكِ الروحُ جَرى / وَبِريحٍ حَفَّها اللُطفُ رُخاء
غَسَلَ اليَمُّ جِراحاتِ الثَرى / وَمَحا الشِدَّةَ مَن يَمحو الرَخاء
هَل دَرى أَندَلُسٌ مَن قَدِما / دارَهُ مِن نَحوِ بَيتِ المَقدِسِ
بِسَليلِ الأَمَوِيّينَ سَما / فَتحُ موسى مُستَقِرَّ الأُسُسِ
أَمَوِيٌّ لِلعُلا رِحلَتُهُ / وَالمَعالي بِمَطِيٍّ وَطُرُق
كَالهِلالِ اِنفَرَدَت نُقلَتُهُ / لا يُجاريهِ رُكابٌ في الأُفُق
ما بُنِيَت مِن خُلُقٍ دَولَتُهُ / قَد يَشيدُ الدُوَلَ الشُمَّ الخُلُق
وَإِذا الأَخلاقُ كانَت سُلَّما / نالَتِ النَجمَ يَدُ المُلتَمِسِ
فَاِرقَ فيها تَرقَ أَسبابَ السَما / وَعَلى ناصِيَةِ الشَمسِ اِجلِسِ
أَيُّ ملُكٍ مِن بِناياتِ الهِمَم / أَسَّسَ الداخِلُ في الغَربِ وَشاد
ذَلِكَ الناشِئُ في خَيرِ الأُمَم / سادَ في الأَرضِ وَلَم يُخلَق يُساد
حَكَمَت فيهِ اللَيالي وَحَكَم / في عَواديها قِياداً بِقِياد
سُلِبَ العِزَّ بِشَرقٍ فَرَمى / جانِبَ الغَربِ لِعِزٍّ أَقعَسِ
وَإِذا الخَيرُ لِعَبدٍ قُسِما / سَنَحَ السَعدُ لَهُ في النَحسِ
أَيُّها القَلبُ أَحَقٌّ أَنتَ جار / لِلَّذي كانَ عَلى الدَهرِ يَجير
هاهُنا حَلَّ بِهِ الرَكبُ وَسار / وَهُنا ثاوٍ إِلى البَعثِ الأَسير
فَلَكٌ بِالسَعدِ وَالنَحسِ مُدار / صَرَعَ الجامَ وَأَلوى بِالمُدير
ها هُنا كُنتَ تَرى حُوَّ الدُمى / فاتِناتٍ بِالشِفاهِ اللُعُسِ
ناقِلاتٍ في العَبيرِ القَدَما / واطِئاتٍ في حَبيرِ السُندُسِ
خُذ عَنِ الدُنيا بَليغَ العِظَةِ / قَد تَجَلَّت في بَليغِ الكَلِمِ
طَرَفاها جُمِعا في لَفظَةٍ / فَتَأَمَّل طَرَفَيها تَعلَمِ
الأَماني حُلمٌ في يَقظَةِ / وَالمَنايا يَقظَةٌ مِن حُلُمِ
كُلُّ ذي سِقطَينِ في الجَوِّ سَما / واقِعٌ يَوماً وَإِن لَم يُغرَسِ
وَسَيَلقى حَينَهُ نَسرُ السَما / يَومَ تُطوى كَالكِتابِ الدَرسِ
أَينَ يا واحِدَ مَروانَ عَلَم / مَن دَعاكَ الصَقرُ سَمّاهُ العُقاب
رايَةٌ صَرَّفَها الفَردُ العَلَم / عَن وُجوهِ النَصرِ تَصريفَ النِقاب
كُنتَ إِن جَرَّدتَ سَيفاً أَو قَلَم / أُبتَ بِالأَلبابِ أَو دِنتَ الرِقاب
ما رَأى الناسُ سِواهُ عَلَما / لَم يُرَم في لُجَّةٍ أَي يَبَسِ
أَعَلى رُكنِ السِماكِ اِدَّعَما / وَتَغَطّى بِجَناحِ القُدُسِ
قَصرُكَ المُنيَةُ مِن قُرطُبَه / فيهِ وارَوكَ وَلِلَّهِ المَصير
صَدَفٌ خُطَّ عَلى جَوهَرَةٍ / بَيدَ أَنَّ الدَهرَ نَبّاشٌ بَصير
لَم يَدَع ظِلّاً لِقَصرِ المُنيَةِ / وَكَذا عُمرُ الأَمانِيِّ قَصير
كُنتَ صَقراً قُرَشِيّاً عَلَما / ما عَلى الصَقرِ إِذ لَم يُرمَسِ
إِن تَسَل أَينَ قُبورُ العُظَما / فَعَلى الأَفواهِ أَو في الأَنفُسِ
كَم قُبورٍ زَيَّنَت جيدَ الثَرى / تَحتَها أَنجَسُ مِن مَيتِ المَجوس
كانَ مَن فيها وَإِن جازوا الثَرى / قَبلَ مَوتِ الجِسمِ أَمواتُ النُفوس
وَعِظامٌ تَتَزَكّى عَنبَراً / مِن ثَناءٍ صِرنَ أَغفالَ الرُموس
فَاِتَّخِذ قَبرَكَ مِن ذِكرٍ فَما / تَبنِ مِن مَحمودِهِ لا يُطمَسِ
هَبكَ مِن حِرصٍ سَكَنتَ الهَرَما / أَينَ بانيهِ المَنيعُ المَلمَسِ
أحمدُ الله بكَ الحال الَّتي
أحمدُ الله بكَ الحال الَّتي / أسْعَدُ التَّوفيق فيها ليسَ يُبْخَسُ
ماتَ من قد كنت أرجو موته / فهو ميت هالك لا يتنفَّس
وأحقُّ النَّاس في ميراثه / أخرسٌ يطمع في ميراث أخرس
كُلُّ شَيءٍ لي فِداءٌ
كُلُّ شَيءٍ لي فِداءٌ / لمُطيعِ بنِ إياسِ
رَجُلٌ مُستَملحٌ في / كُلِّ لينٍ وَشِماسِ
عِدلُ روحي بَينَ جَنبَي / يَ وَعَينَيَّ بِراسي
غَرَسَ اللَّهُ لَهُ في / كبدي أَحلى غِراسِ
لَستُ دَهري لمُطيع ب / ن إِياسِ ذا تَناسِ
ذاكَ إِنسانٌ لَهُ فَض / لٌ عَلى كُلِّ أُناسِ
فَإِذا ما الكاسُ دارَت / وَاِحتَساها من أُحاسي
كانَ ذِكرانا مُطيعاً / عِندَها رَيحانَ كاسي
حيِّ يا سعدُ قباباً بالحِمى
حيِّ يا سعدُ قباباً بالحِمى / تَحتَها ربعُ المنى لم يدرسِ
جادهُ الغيثُ إِذا الغيث همى / لا زمانَ الوصل بالأندلسِ
إِن يكُن ما بلّ شوقي قربهُ / فلِساني دائماً يذكرهُ
وَبِقلبي مُستقرٌّ حبّه / بِهواهُ لم أزل أعمرهُ
أَعظمُ النعمةِ أنّي صبّهُ / دائِماً أحمده أشكرهُ
سعدُ إِن جئتَ إليهِ فاِنعَما / واِستضئ مِن نورهِ واِقتبسِ
وَإِذا بحرُ أَياديهِ طَما / فَاِنتبِه مِن فيضِه واِحترسِ
وَأَفض يا سعدُ مِن دمعِ الهنا / ما يُروّي الأرضَ إِن شحّ الغمام
كنتَ حالَ البعدِ تبكي حَزَنا / إِن رأيتَ البرقَ أو غنّى الحمام
وَبِهذا اليومِ قَد نلتَ المُنى / فاِبكِ واِستبكِ فما ثمّ ملام
آهِ مَن لي بالحِمى أَن ألثما / تربهُ لو نهزة المختلسِ
لَم يَحن بعدُ اللقا فاِبكي دما / وَاِهجسي يا نفسُ أو لا تهجسي
ليتَ شِعري هَل أُرى يوماً أجول / في رُبا طيبةَ أو تلكَ الجبال
وَأَرى مِن أَثلِها فوقي ذيول / سابِغاتٍ مِن ظَليلاتِ الظلال
حبّذا ثمَّ حُزونٌ وسهول / حلَّها الأنسُ وحلّاها الجمال
فاقتِ الحصباءُ فيها الأنجما / وَثَراها يَزدري بالأطلسِ
أَنا لَو خُيّرت في أَعلى سما / أَو بِها لاِخترتُ فيها مجلسي
يا بِرُوحي كلّما هبّت صبا / نفحةٌ أَنشقُها مِن عطرها
وَإِذا ما جاءَني مِنها نبا / أَملأُ الدُنيا بريّا شكرها
مُنيَتي بِالجزعِ والسفح ربا / عطّرت كلَّ الوَرى من نشرها
أيُّ شَوقٍ في فُؤادي اِضطَرما / جَفّفَ الدمعَ فلَم ينبجسِ
وَلَكَم فاضَت عُيوني ديَما / بِشواظِ الوجدِ لم تنحبسِ
كيفَ يا سعدُ ثنيّات اللِوى / أَتُراها بِنَداها تبسمُ
زادَ في قَلبي لِلُقياها الجَوى / فَمَتى أرشفُها أو ألثمُ
طابَ لي في حبِّها شرحُ الهوى / فبهِ إِن عزَّ وصلٌ أنعمُ
وَإِذا ليلُ غَرامي أظلَما / ولِنَفسي لَم أجِد من مؤنسِ
أَجدُ الراحةَ في شِعري فما / نَفّس الكربةَ إلّا نَفَسي
أَنا ذا أشدو بسلعٍ والنقا / وَرَوابي حاجرٍ والمُنحنى
لا أَرى الورقاءَ منّي أخلقا / إنّني أعظمُ منها حَزَنا
خيرَ أرضِ اللَّه غرباً مشرقاً / أَنا أَهوى وهيَ تَهوى الدمنا
فَاِرحمي طيبةُ صبّاً مُغرما / بكِ إن يرجُ اللِقا أو ييأسِ
هو لا ينفكّ عَبداً قيّما / شدّدي في هجرهِ أو نفّسي
لستُ واللَّه بذا الخلقِ خليق / إنّما ذلك تَمويهُ الكلام
إِن أَكُن حَقّاً بما قلتُ حقيق / فَعَلى ما ولِما هذا المُقام
وَلِماذا إِن يجِئ ذكرُ العقيق / لَستُ أُجريهِ بدمعٍ كالغمام
لَو تَرى طيبة عِندي هِمما / أَكتَسي مِنها بِأبهى ملبسِ
أَدخَلتني مِن رِضاها حَرَما / كلُّ مَن يدخلهُ لم يبأسِ
لكنِ الظنُّ بها ظنٌّ جميل / لَم يَزل يَزدادُ فيها أملي
عالمٌ أنّي أُرى فيها نزيل / يذهبُ العسرُ وتُشفى عللي
وَلِسانُ الدهرِ نادى مستحيل / إِذ بَدا فَقري وقلّت حيلي
قالَ ما أمّلتَ حتّى تغنَما / ومَتى تمّت أماني مفلسِ
قلتُ أمّلتُ النبيّ الأكرما / أَحتَسي مِن جودهِ ما أحتسي
سيّدُ الخلقِ لهُ الكلُّ عبيد / وَهوَ عبدُ الواحدِ الفرد الصمد
فائقٌ في فضلهِ فذٌّ وحيد / مُفردٌ في قربِ مولاهُ الأحد
أحمدُ الرسلِ لمولاه الحميد / أفضلُ الكلِّ وأعلاهُم رشَد
كانَ هذا الكونُ ليلاً مُظلما / وَمنَ الشرك الورى في غلسِ
فبصبحُ الحقِّ منه اِبتَسما / مُشرقاً من نوره لم يعبسِ
كلُّ آيِ الرسلِ من آياتهِ / قَد رَأى ذلكَ أربابُ العقول
قُل لِمَن يزعمُ مثلاً هاتهِ / ليسَ بينَ الخلقِ مثلٌ للرَسول
بدءُ هَذا الدهرِ مع غاياتهِ / فوقَ أَهليهِ لهُ حكمُ الشمول
وَبهِ خيرُ الوَرى قد حكَما / فهوَ في خدمتهِ كالحَرسي
إِن يُرِد يُقدم وإلّا أحجما / لَم يخالِف فعلَ عبدٍ كيّسِ
ليلةُ المِعراجِ لم يحظَ بها / غيرهُ في سالفِ الدهرِ كريم
كَم بِها نالَ اِختِصاصاً وبها / لَم يُقاربه خليلٌ وكليم
وَيح غمرٍ جاهلٍ ما اِنتبها / لاِقتدارِ اللَّه مولانا العظيم
قَد رَقى العرشَ بجسمٍ بعدما / أمَّ بالرسلِ ببيتِ المقدسِ
تَرَكَ السدرةَ خلفاً وسما / وَبِها خلّف روحَ القدسِ
وَإِلى مكّة للبيتِ اِنثنى / ذا اِبتِهاجٍ قبل إشراق الصباح
بَعدما نالَ منَ اللَّه المُنى / وَحباهُ كلّ فوز ونجاح
وَرَأى المَولى فأولاهُ الغِنى / وَلهُ دامَ الهنا والإنشراح
جوهرٌ فَردٌ تعالى قيَما / بِجحودٍ قدرهُ لم يبخسِ
بحرُ فَضلٍ فاضَ حتّى عمّما / لَم يدَع بينَ الورى من يبسِ
إنّما الخلقُ لمَولاهم عيال / وَهوَ عنهُ نائبٌ في خلقهِ
يرزقُ الكلَّ الكريمُ المُتعال / وهوَ قسّامٌ لجاري رزقهِ
هذهِ الشمسُ كبدرٍ وهلال / وَنُجومٌ لمعةٌ من برقهِ
كانَ عندَ اللَّه نوراً أعظما / وَالوَرى بعدُ بعُدمٍ مكتسي
خُلقوا منهُ فنالوا مغنما / كلُّ فردٍ فائزٌ بقبسِ
ثمّ لمّا ظَهروا هذا الظهور / آمنَ البعضُ وبعضٌ جحدوا
ليسَ بِدعاً جحدُهم أعظمَ نور / منهُ قبلَ اليومِ قدماً وجدوا
هذهِ العينُ بها عنها سُتور / وَتَرى مَن قرُبوا أَو بعُدوا
ما تفيدُ العينُ إن عمّ العمى / عينَ قَلبٍ مظلمٍ منتكسِ
وَلِسانٌ ناطِقٌ مهما نما / ليسَ يُجدي مَع فؤادٍ أخرسِ
كَم جَمادٍ في الورى كما حيوان / كَضبابٍ وذئابٍ وظباء
صدّقتهُ وأقرّت باللِسان / أنّهُ المرسلُ مِن ربِّ السماء
إنّما اللَّهُ المُعينُ المُستعان / مَن يَشأ يُضلِل ويَهدي مَن يشاء
لَم نَزَل نَحمدهُ أَن أنعَما / وَهَدانا بالنبيّ الأنفسِ
نَحنُ لَو لَم ينفِ عنّا الظُلما / لَم نزَل مِن غيّنا في حندسِ
وَهوَ مِن بعدُ على اللَّه كريم / فمَتى يَشفَع يشفّعهُ بنا
أَوَ ليسَ الصاحبَ الجاه العظيم / إِذ خليلُ اللَّه يَشكو ما جَنى
آدَمٌ نوحُ المسيحُ والكليم / قائلٌ كلٌّ أَنا نَفسي أنا
إِذ يَرَونَ الهولَ هولاً أعظَما / يَستَوي المُحسنُ فيهِ والمُسي
وَالوَرى في ليلِ كربٍ أظلما / كلُّ فَردٍ منهم في محبسِ
وَمَتى جاؤوهُ جاؤوا ماجدا / يَملأُ الدلوَ لعقد الكربِ
إِذ يُرى للَّه عبداً ساجدا / فَيقول اِرفَع وما شئت اِطلبِ
فَتَرى منهُ البرايا واحدا / شافِعاً قَد نالَ أقصى مطلبِ
وَبِهذا لَم يُخصّص مُسلما / كلُّ خلقِ اللَّه بالفضل كسي
وَاِستَوت شمسُ عُلاه عندَما / قالَ مَولاهُ على العرش اِجلسِ
يا أَبا الزهراءِ كُن لي مُسعدا / فَلَقد أَوهى زماني جَلَدي
لَستُ أَبغي مِن سواكَ المددا / أنتَ مِن بينِ الوَرى معتمدي
وَعَلى ضَعفي إِذا صال العدا / جاهُكَ الأعظمُ أَقوى عددي
أَدركَ اِدركنيَ ما دامَ الذما / لا تَدعني مضغةَ المفترسِ
أَنا واللَّه ضعيفٌ وفقير / باِحتياجٍ زائدٍ للمددِ
أَنا واللَّه ذليلٌ وحقير / إنّما عزّي أَتى من سيّدي
لَيسَ لي غيركَ في الناسِ مُجير / أَنتَ بعدَ اللَّه أقوى سندي
لا تَدَعني سيّدي مُهتضما / ليسَ عِندي مِن سهامٍ أو قسي
كلُّ مَن حارَبني أو ظلما / ما وَفى حقَّ الجنابِ الأقدسِ
يا عِمادي أنتَ أَدرى بالزمان / ما لأهليهِ وفاءٌ وعهود
كلّما اِخترتُ فتىً للصدق مان / قابَلوا المعروفَ منّي بالجحود
ضَعُفَ الإيمانُ فيهم والأمان / ودُّهُم مَذقٌ وجَدواهم وعود
ليسَ يُجديني جَداهُم إنّما / أَجتَدي مِن جودك المنبجسِ
فَأَجِبني وأجِرني كَرما / يا ملاذَ البائس المبتئسِ
لا أُهَنّيكَ بِطوس
لا أُهَنّيكَ بِطوس / بَل أُهَنّي بِكَ طوسا
أَصبَحت بعد خُمول / بِكَ يا فَضلُ عَروسا
جملاً أبصرت في حو
جملاً أبصرت في حو / مانة الدرَّاج أَمسِ
يَتَراءى كالكَثيب ال / فرد فاِستصغرت نَفسي
ما لمن كان حقودا منطق
ما لمن كان حقودا منطق / قتل الحاقد ما انحسه
يلعن المصلح حيا فاذا / مات من كارثة قدسه
حبذا من طالع عصر الشباب
حبذا من طالع عصر الشباب /
لاث لي من دونه الشيب نقاب /
ذهبت أيامه أي ذهاب /
بعت منها باللجين الذهبا / والقنا اللدن بمعوج القسي
بيعةً ما أربحت من كسبا / بعد أن عاد بكفي مفلس
يا خليلي على تلك القباب /
عرجاً بي نقتفي خط الشباب /
إن فيها من بني الفرس كعاب /
حلفت أن تسترق العربا / حين سامت مهرها بالأنفس
وارتضينا رقها واعجبا / يرتضي بالرق من لم يدنس
كسرويات على دين المجوس /
حاكمتنا فسبت منا النفوس /
طالعتنا فحسبناها شموس /
فارتقبنا نحوها مرتقبا / فإذا نحن بواد مشمس
نلتظي من دونه ملتهبا / دونه النار التي لم تمسس
يا بنفسي من ظبيات الكناس /
ظبية مال بعطفيها النعاس /
خالستها النظر العين اختلاس /
إذ تراءت فتلقت غضبا / غيرة من نظر المختلس
قلت بالكعبة أن أدنو الخبا / منك قالت لا وبيت المقدس
غردي عاذرةً ذات الجناح /
ما على من شفه الحب جناح /
إن من ديني أن نهوى الملاح /
سنة لا أختشيها مذهبا / دين من قد كان بالأندلس
بعث اللَه العليم الكتبا / قبل أن يبعث روح القدس
فسل الفرقان عما قد حكى /
من هوى يوسف لما ملكا /
وسلن آدم ممن قد بكى /
حينما عن وجه حوا احتجبا / إذ يقاسي حيرة الملتمس
أيها المظهر مني عجباً / تحسب الماضي قديماً قد نسي
أو فسل مدين فيها من ولج /
واصطفى الوصل على سبع حجج /
وعلى من تحسب الصرح لجج /
بعد ما قد ملكت قوم سبا / إذ أتت ذات قياد سلس
سل سليمان بها كم قد صبا / لا هياً عن جنه والأنس
فبروحي من بها لست أبوح /
أبدا ما دام في جنبي روح /
أبذل الدمع بها وهو سفوح /
وأروض القلب أن يضطربا / لا يحس السر من يحسس
علق القلب هواها أشيبا / فهو من علقتها في يأس
أجتدي الغيث وقد عز المغيث /
لجوى يا سلم بالقلب يعيث /
فحديثي فيك ما أشقى الحديث /
جذوة شبت فعادت لهبا / كشهاب بيدي مقتبس
فأنا من فوق أعلام الربى / علم الخنساء للمغلتس
أعجبت عز بأشواق كثير /
وبثين من جميل ليسير /
أنا يا سلم وإن كنت الأخير /
قد ركبت اليوم ما لن يركبا / مصعب الهجر بشوق أهيس
ورجائي دون ما قد طلبا / ولئن كانت جموحاً فرسي
قادها حبك مرخاة الزمام /
ليس يثنيها عن الحب الجام /
لا وعيش لك في دار السلام /
ألبست نعماه أكناف الربى / من رياض حلة لم تلبس
برقت تصقلها كف الصبا / فهي من استبرق أو سندس
هي مما غزلت أيدي الرباب /
نسجتها فوق كرسي الشعاب /
الحمت ماء وسدته تراب /
ثم حاكته تباهي قعضبا / إذ أتت حسا بما لم يحدس
أتنجت من ذا وهذا عجبا / من عقيم الشكل شكل النرجس
نشرت للبشر أعلام الفرح /
فانطوى الأفق لها قوس قزح /
وعليها موكب الريح انسرح /
وتغشاها الحيا فانسكبا / مطرباً يرنو بلحظ منكس
قد تطوى خجلاً فاحدودبا / فهو من فرط انحناء كالقسي
لو تراه وهو في متن الغمام /
خلت أن الزهر في البيد سهام /
إذ تخال الأكم الخضر خيام /
والربيع الحزن فيها طنبا / مؤذناً في يوم حرب أنحس
حيث طبل الرعد فيها ضربا / سائقاً جيش الغمام المكدس
زهر ما أدرعت تلك البطاح /
والغصون اشتبكت فيها رماح /
وجفون البيض عن بيض الصفاح /
صافحت للبرق سيفاً فنبا / حده عن حدة المحترس
ما بها فل تفل اليلبا / لا تبالي مدرعاً من مترس
أرحب البرق وقد شب التهاب /
فانطوى ناراً بأحشاء السحاب /
فرزت فيها حواياها فذاب /
فهو إذ ينهل ذوباً صببا / كفؤاد المستهام اليئس
غالب الشقوة كان الأغلبا / فتولى بشقاء الملبس
جحفل يحسبه الطرف منيع /
نمنمت في جيشه زهر الربيع /
شربت شامته منه النجيع /
وغدت تصبغ كفاً خضبا / فيه صبغ الأرجوان الأنفس
سقت القمري كأساً مذهبا / فتغنى بذهاب الأنفس
يا بنفسي وسليماها الربوع /
كم حنيناً بمحانيها الضلوع /
إذ حمت سلم مريعاً عن مروع /
يجتلي مغناه ورداً أطيبا / ويقاسي منه شوك الملمس
كم رعيناه مخصباً / وارتعينا بالهشيم اليبس
كم على وجدي على دار السلام /
لا مين سعد ومن عوفي لام /
أنا يا سعد وإن طال السقام /
لست أبغي بالحمى منقلبا / فأطلق اللوم به أو فاحبس
لا ومن يلقي عليك الكثبا / إذ تناجي جندل المرتمس
سل سمير الليل كم كان السمير /
ليلة طال بها الليل القصير /
بات مرتاحاً على جنب الغدير /
مازجاً بالجد مني اللعبا / عل أن أجفانه لم تنعس
راعه النجم إذا ما غربا / فهو يرميه بلحظ أشوس
إن نسلني علم أخبار النجوم /
فعلى خبرتها جم العلوم /
سل أحدثك أحاديث الرجوم /
إنها يشهد عن عنها كبا / نفسات خلقت من نفسي
لجوىً كلمت فيه الشهبا / فهي مما أشتكي في حرس
قتل العيوق كم كان الرقيب /
رصداً لليل يخشى أن يغيب /
ما لنا للحشر في الوصل نصيب /
إذ له الميزان مهما انتصبا / دلس الصبح وماء الغلس
لا جزاك اللَه عنا كوكبا / ولحاك اللَه من مدلس
في عهود سلفت حيث الحمى /
كنت أشهدت عليه الأنجما /
أقذف الدمع عليهن دما /
من جفون شفها ما ذهبا / فهي شيئاً بعده لم تؤنس
عندها سيان مهما نسبا / وضح الصبح وليل الحندس
كم لها قاسيت عين الأرمد /
غب يوم غبه لم يحمد /
ليت يومي كان في سعد غدي /
إذ سقاني ما أطيبا / خمرة الريق بكأسٍ ألعس
فحمى عن مسه ما ذهبا / حين وافى بشفيع الغلس

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025