القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 2
عَبَرَتْ بي في صباحٍ باكرِ
عَبَرَتْ بي في صباحٍ باكرِ / فتنةَ العين وشُغلَ الخاطرِ
شعرُها الأشقرُ فيه وردةٌ / لونها من شهوات الشاعرِ
ورشيقاتُ الخطى في وقعها / مُنبئاتي بشبابٍ ساحرِ
وبعينيها رُؤىً حائرة / بين أسرارِ مساءٍ غابرِ
صوَّرَت من حاضر العيش ومن / أمسِها قصةَ حبٍّ عاثرِ
قلتُ والفجرُ سنى ياقوتةٍ / لألأت خلفَ السحاب الماطرِ
هذه الساعةَ تسعى امرأةٌ / حين لم يخفقْ جناحُ الطائرِ
مَن تراها وإلى أين ومِن / أيِّ خدرٍ طلعتْ أو سامرِ
تقطع الإفريز من ناحيتي / كأسيرٍ هاربٍ من آسرِ
تتَّقي الأعينَ أن تبصرها / وهي لا تألو التفاتَ الحائرِ
لا تبالي بلَلَ الثوبِ ولا / لفحةَ البردِ الشفيفِ الثائرِ
أو تبالي قدماها خاضتا / مسربَ الماءِ الدفوق الهامرِ
أنتِ يا ساريةَ الفجر اسمعي / دعوةَ الروح البريء الطاهرِ
مرَّ بي مثلُكِ لم يُشْعِرنني / غيرَ إشفاقِ الحفيِّ الناصرِ
وأنا الشاعرُ قلبي رحمةٌ / لفريساتِ القضاءِ الجائرِ
إنْ نأتْ دارُك يا أختُ فما / بَعُدَتْ دارُ الغريبِ العابرِ
شاطريني ذلك المأوى فما / أتقاضاكِ وفاءَ الشاكرِ
غرفةٌ آلهةُ الفنِّ بها / تتلقّاكِ لقاءَ الظافرِ
وتُغنّيكِ نشيداً مثلَهُ / ما تغنَّتْ لحبيبٍ زائرِ
هاتِ كفّيكِ ولا تضطربي / لا تخالي ريبةً في ناظري
سوف يؤويكِ جدارٌ ساخرٌ / من أباطيلِ الزمان الساخرِ
سوف يحويكِ فِراشٌ صامتٌ / لكِ فيه همساتُ الذّاكرِ
سوف يطويك سكونٌ لم يَشُبْ / صَفوَهُ لغْوُ مُحبٍّ غادرِ
وأناديكِ وأستدني يداً / لمستْ روحي وهزَّت خاطري
وأحيّيكِ وأستحْيِي فماً / حَقُّهُ قُبْلَةُ رَبٍّ غافرِ
يا فينّا أسمعي الدنيا وهاتي
يا فينّا أسمعي الدنيا وهاتي / قِصَّةَ الغابة والفَلْسِ الكبيرِ
أين بالدانوب شدوُ الذكرياتِ / وصدى العشاق في الليل الأخيرِ
رَحَلوا عنكِ بأحلامِ الحياةِ / غيرَ قلبٍ في يدِ الحبِّ أسير
حسنُكِ النشوانُ والكأسُ والرويّهْ / جدَّدا عهدَ شبابي فسَكرْتُ
حُلْمُ أيامٍ وليلاتٍ وضيَّهْ / عَبرَتْ بي في حياتي وعبرتُ
أنا سكرانُ وفي الكأس بقيَّهْ / أيُّ خمر من جَنى الخلد عصرتُ
آهِ هاتي قرِّبي الكأس إليَّهْ /
واسقنيها أنت يا أندلسيَّهْ /
لا تقولي أيُّ صوتٍ مُلْهِمِ / قادَ روحينا فجئنا والتقينا
دَمُكِ المشبوبُ فيه من دمي / روحُ ماضٍ بالهوى يهفو إلينا
أخْتَ روحي قرِّبيها من فمي / إن شربنا أو طربنا ما علينا
آه هاتيها من الحسن جَنِيَّهْ /
واسقنيها أنت يا أندلسيَّهْ /
كانت النظرةُ أولى نظرتينْ / ثم صارت لفظةً ما بيننا
والهوى يَعْجب من مغتربَيْنْ / لم يَقُلْ أنتِ ولا قالتْ أنا
وَسَبَحنا فوق وادٍ من لجينْ / تحت أفقٍ من غماخم وسَنى
أتملَّاها سماتٍ عربيّهْ /
وأنادي أنتِ يا أندلسيَّهْ /
صِحْتُ يا للشَّمس في ظلِّ المغيبِ / تلثم الزَّهرَ وأوراقَ الشجرْ
خِلتُها بين محبٍّ وحبيبِ / قُبلةً عند وَداع وسَفرْ
فانثنتْ تنظر للوادي العجيبِ / صُوَراً يَذهبنَ في إِثرِ صورْ
وبسمعي همسةٌ منها شجِيّهْ /
وبروحي أنتِ يا أندلسيَّهْ /
ونزلنا عِند شطٍّ من نُضارِ / وانتحينا خلوةً بعد زحامِ
قلتُ والليلُ بأعقابِ النهار / ألكِ الليلةَ في لحنٍ وجامِ
ما على مغتربي أهل ودار / إنْ أدارا ها هنا كأس مدامِ
آه هاتيها كخدّيكِ نقيّهْ /
واسقنيها أنت يا أندلسيَّهْ /
واحتوتنا بَين لحن مطرب / حانةٌ مِثلُ أساطيرِ الزَّمانِ
صوّرتْ جدرانُها بالذَّهبِ / فتنَ العشق وأهواءَ الحسانِ
قالت اشربْ قُلتُ لبّيكِ اشربي / مِلءَ كأسين فإنّا ظامئانِ
خمرةً روميةً أو بابليهْ /
إِسقنيها أنتِ يا أندلسيَّهْ /
هتفتْ بي ويداها في يدي / تدفع الكأسَ بإغراءِ وعُجْبِ
أيُّ قيثارٍ شجيٍّ غرِدِ / خلتُهُ ينطق عن أسرار قلبي
قلتُ طِفلٌ من قديم الأبد / يمزُجُ الألحانَ مِن خمر وحُبِّ
ملء كأس في يديهِ ذهبيّهْ /
فاسقنيها أنتِ يا أندلسيَّهْ /
ومضى الليلُ ونادى بالرواحِ / كلُّ خَالٍ وتعايا كلُّ ضبِّ
وخبا المصباحُ إلَّا كأس راحِ / نورُهُ ما بين إِيماضٍ ووثبِ
قد تحدَّى وهْجُهُ ضوءَ الصباح / فبقينا حوله جنباً لجنبِ
نتساقاها على الفجر نديّهْ /
وأغني أنت يا أندلسيَّهْ /
يا عروسَ الغرب يا أندلسيّهْ / بعُدَتْ داركِ والصيف دنا
أين أحلامُ الليالي القمريهْ / والبحيراتُ مُطيفاتٌ بنا
إِذكري بين الكؤوس الذهبيَّه / حانةً يا ليتها دامت لنا
حين أدعوكِ صباحاً وعشيّهْ /
إِسقنيها أنتِ يا أندلسيَّهْ /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025