القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 4
بِتُّ أَرعى في الظَلامِ الأَنجُما
بِتُّ أَرعى في الظَلامِ الأَنجُما / لَيسَ لِلعُشّاقِ حَظٌّ في الكَرى
صَرَعَتني نَظرَةٌ حَتّى لَقَد / كُدتُ أَن أَحسُدَ مَن لا يُبصَرُ
نَظرَةٌ قَد أَورَثَت قَلبي الكَمَد / ما بَلاءُ القَلبِ إِلّا النَظَرُ
لا رَعاكَ اللَهُ يا يَومَ الأَحَدِ / لا وَلا حَيّاكَ عَنّي المَطَرَ
أَنتَ مَن أَطلَعتَ هاتيكَ الدُمى / سافِراتٍ فِتنَةً لِلشُعَرا
هِمتَ فيمَن حَسُنَت صورَتُها / مِثلَما قَد حَسُنَت مِنها الخِصال
أَخجَلَت شَمسَ الضُحى طُلعَتُها / وَاِستَحى مِن لَحظِها لَحظُ الغَزال
كُلُّ ما فيها جَميلٌ يُشتَهى / ما بِها عَيبٌ سِوى فَرطِ الجَمال
لَو رَآها لائِمي فيها لَما / لامَني في هُبِّها بَل عَذَرا
ذاتُ حُسنٍ خَدُّها كَالوَردِ في / لَونِه وَالطيبِ في نَكهَتِهِ
زَهرَةٌ لَكِنَّها لَم تُقطَفِ / وَجَمالُ الزَهرِ في رَوضَتَيهِ
دُرَّةٌ ما خَرَجَت مِن صَدَفٍ / تُرخِصُ الدَرَّ عَلى قيمَتِهِ
بَضَّةُ الخَدَّين وَالنَهدَينِ ما / سَفَرَت إِلّا رَأَيتُ القَمَرا
ذاتُ شَعرٍ مُسبَلٍ كَالأُفعُوان / يَتهادى فَوقَ رِدفٍ كَالكَئيب
وَقَوامٌ لَو رَآهُ الغُصنُ بان / خَجِلاً مِن ذَلِكَ الغُصنِ الرَطيب
كادَ لَولا مابِهِ مِن عُنفُوان / يَقِفُ الوِرقُ بِه وَالعَندَليب
وَجُفونٌ أَشبَهَتني سَقَماً / كَمَنَ السِحرُ بِها وَاِستَتَرا
تَبعَثُ الحُبَّ إِلى قَلبِ الخَلي / وَهوَ لا يَدري وَلا يَستَشعِرُ
وَالهَوى في بَدَنِهِ عَذبٌ شَهِيُّ / كُلُّ شَيءٍ بَعدَهُ مُحتَقَرُ
كُلُّ مَن لا يَعرِفُ الحُبَّ شَقِيُّ / لا يَرى في دَهرِهِ ما يُشكَرُ
يَصرُفُ العُمر وَلَكِن سَأَماً / عَبَثاً يَطلُبُ أَن لا يَضجُرا
لَم أَكُن أَعرِفُ ما مَعنى الهَنا / قَبَ أَن أَعرِفَ ما مَعنى الغَرام
يَضحَكُ الناسُ سُرورا وَأَنا / عابِسٌ حَتّى كَأَنّي في خِصام
عَجَبوا مِنّي وَقالوا عَلَناً / قَد رَأَينا الصَخرَ في زَيِّ الأَنام
أَوشَكوا أَن يَحسِبوني صَنَماً / لَو رَأَوا الأَصنامَ تَخفي كَدَرا
لَم أَزَل في رَبقَةِ اليَأسِ إِلى / أَن أَعادَ الحُبُّ لي بَعضَ الرَجا
كُنتُ قَبلَ الحُبِّ أَسري في ظَلامٍ / وَلا أَلقى لِنَفسِيَ مَخرَجا
فَجَلاهُ الحُبُّ عَنّي فَاِنجَلى / مِثلَما يَجلو سَنا الشَمسُ الدُجى
باتَ قَلبِيَ بِالأَماني مُفعَما / وَهوَ قَبلاً كانَ مِنها مَقفَرا
رَوَّعَتني بِالنَوى بَعدَ اللِقاء / وَكَذا الدُنيا دُنُو وَاِفتِراق
غَضِبَ الدَهرُ عَلى كَأسِ الصَفاء / مُذ رَآها فَأَبى أَلّا تُراق
وَلَو أَنَّ الدَهرَ يَدري بِالشَقاء / ساعَدَ الصَبَّ عَلى نَيلِ التَلاق
لَم أَجِد لي مُشبِهاً تَحتَ السَما / في شَقائي لا وَلا فَوقَ الثَرى
وَأَبي لَو أَنَّ ما بي بِالجِبال / أَصبَحَت تَهتَزُّ مِن مُرِّ النَسيم
فَاِعذُروني إِن أَكُن مِثلَ الخَيال / وَاِعذُلوني إِن أَكُن غَيرَ سَقيم
إِنَّ دائِيَ جاءَ مِن صاد وَدال / وَدَواءُ القَلبِ في ضاد وَميم
باتَ صَبِيَ مِثلُ جِسمي عَدَما / إِنَّما يَصبُرُ مَن قَد قَدِرا
رُبَّ لَيلٍ عادَني فيهِ السُهاد / وَنَأى عَن مُقلَتي طيبُ الكَرى
هاجَتِ الذِكرى شُجوناً في الفُؤاد / فَبَكى طَرفي عَقيقاً أَحمَرا
نَبَّهَ الأَهلَ بُكائِي وَالعِباد / فَأَتوا يَستَطلِعونَ الخَبَرا
قُلتُ داءٌ في الفُؤادِ اِستَحكَما / كادَ قَلبِيَ مِنهُ أَن يَنفَطِرا
صَدَّقوا ما قُلتُهُ ثُمَّ مَضى / واحِدٌ مِنهُم يَستَدعي الطَبيب
سار وَالكُلُّ عَلى جَمرِ الغَضا / وَأَنا بَينَ أَنين وَنَحيب
لَم يَكُن إِلّا كَبَرقٍ وَمَضا / وَإِذا الدُكتورُ مِن مَهدي قَريب
قالَ لِلجُمهورِ ماذا الاِجتِماع / أُخرُجوا أَو زِدتُموهُ خَطَرا
خَرَجَ الكُلُّ فَأَمسَت غُرفَتي / مِثلُ قَلبِ الطِفلِ أَو جَيبِ الأَديب
فَدَنا يَسأَلُني عَن عِلَّتي / وَأَنا أَسمَعُ لَكِن لا أُجيب
فَنَضا الثَوبَ فَأَبصَرتُ الَّتي / كادَ جِسمِيَ في هَواها أَن يَغيب
خَلَعَت عَنها لِباسَ الحُكَما / فَرَأَت عَينايَ بَدراً نَيِّرا
وَاِعتَرَتني دَهشَةٌ لَكِنَّها / دَهشَةٌ مَمزوجَةٌ بِالفَرَحِ
كدتُ أَن أَخرُجَ عَن طَورِ النُهى / رُبَّ سُكرٍ لَم يَكُن مِن قَدَحِ
يا لَها مِن ساعَةٍ لَو أَنَّها / بَقِيَت كَالدَهرِ لَم تُستَقبَحِ
عانَقَتني وَأَنا أَبكي دَماً / وَهيَ تَبكي لِبُكائِيَ دُرَرا
وَجَعَلنا بَعدَ أَن طالَ العِناق / تَتَناجى بِأَحاديثِ القُلوب
بَينَما نَحنُ عَلى هَذا الوِفاق / قُرِعَ البابُ فَأَوشَكنا نَذوب
فَأَشارَت لِيَ قَد حانَ الفُراق / فَاِنقَطَعنا وَاِرتَدَت ثَوبَ الطَبيب
أَقبَلَ القَومُ فَقالَت كُلُّ ما / كانَ يَشكو مِنهُ عَنهُ قَد سَرى
دُميَةٌ حَسناءُ تُغري النَظَرا
دُميَةٌ حَسناءُ تُغري النَظَرا / أَم مَلاكٌ طاهِرٌ فَوقَ الثَرى
طِفلَةٌ ساذَجَةٌ أَطهَرُ مِن / زَهرَةِ الرَوض وَأَنقى جَوهَرا
شَرُفَت أَصلا وَطابَت عُنصُراً / وَاِرتَقَت نَفسا وَراقَت مَنظَرا
حَمَلَت قَلباً أَبى أَن يَحمِلَ / الحِقدَ أَو يَكتُمَ نَفَساً كَدَرا
تَجهَلُ الشَر وَلا تُحسِنُ أَن / تَخدَعَ الغَير وَلا أَن تَغدِرا
لا تُبالي بِبَناتِ الدَهرِ إِن / أَقبَلَ الدَهرُ بِها أَو أَدبَرا
وَعظُمُ الكَونُ لَدَينا جُرمُهُ / وَتَراهُ عِندَها قَد صَغُرا
إِنَّما الدُنيا لَدَيها كُلُّها / أَبَواها وَهُما كُلُّ الوَرى
جُؤذَرٌ لَكِنَّها آنِسَةٌ / لَم يَرُعها ما يَروعُ الجُؤذَرا
سَرَقَ التُفّاحُ مِن وَجنَتِها / وَاِستَعارَ الظَبيُ مِنها الحَوَرا
ذاتُ شِعرٍ ذَهَبِيٍّ لَونُهُ / قَد حَكى نورَ الضُحى مُنتَشِرا
وَعُيونٍ بِالنُهى عابِثَةٍ / جَذَبَ الغُنجُ إِلَيها الخَفَرا
شُغِفَت بِالبَدرِ حُبّاً فَهيَ لا / تَعرِفُ الغَمضَ إِلى أَن يُسفَرا
وَقَفَت تَرقُبُهُ في لَيلَةٍ / مِثلِ حَظِّ الأُدَباءِ الشُعَرا
تَكتُمُ الظَلماءُ مِن لَألائِها / أَيُّ بَدرٍ في الظَلامِ أَستَرا
أَرسَلَت نَحوَ الدَراري لَفتَةً / أَذكَرَت تِلكَ الدَراري القَمَرا
وَإِذا بِالبَدرِ قَد مَزَّقَ عَن / وَجهِهِ بُرقَعَهُ ثُمَّ اِنبَرى
فَأَضاءَ الجَو وَالأَرضَ مَعاً / نورُهُ الفِضِّيُّ لَمّا ظَهَرا
فَرَنَت عَن فاتِر وَاِبتَسَمَت / عَن نَظيمٍ قَد أَكَنَّ الدُرارا
ثُمَّ قالَت يا حَبيبي مَرحَباً / لا رَآكَ الطَرفُ إِلّا نَيِّرا
قِف قَليلاً أَو كَثيراً فَعَسى / نورُكَ الباهِرُ يَجلو البَصَرا
إِن تَغِب فَالصُبحُ عِندِيَ كَالدُجى / وَالدُجى إِن جِئتَ بِالصُبحِ اِزدَرى
لَم تُحِبَّ السَيرَ لَيلاً فَإِذا / ذَرَّ قَرنُ الشَمسِ عانَقتَ الكَرى
أَتَخافُ الشَمسَ أَم أَنتَ كَذا / تَعشَقُ اللَيل وَتَهوى السَهَرا
ثُمَّ ناجَت نَفسَها قائِلَةً / أَتُرى أَبلُغُ مِنهُ وَطَرا
لَيتَ لي أَجنِحَةً بَل لَيتَني / نَجمَةً أَتبَعُهُ أَنّى سَرى
وَهُمَ البَعضُ فَقالوا دِرهَمٌ / ما أَرى الدِرهَمَ إِلّا حَجَرا
وَلَقَد أَضحَكَني زَعمُهُمُ / أَنَّهُ يُشبِهُ في الحَجمِ الثَرى
زَعَموا ما زَعَموا لَكِنَّما / هُوَ عِندي لُعبَةٌ لا تُشتَرى
خَيرُ ما يَكتُبُهُ ذو مَرقَمٍ
خَيرُ ما يَكتُبُهُ ذو مَرقَمٍ / قِصَّةٌ فيها لِقَومٍ تَذكِرَه
كانَ في ماضي اللَيالي أُمَّةٌ / خَلَعَ العِزُّ عَلَيها حِبرَه
يَجِدُ النازِلُ في أَكنافِها / أَوجُهاً ضاحِكَةً مُستَبشِرَه
وَيَسيرُ الطَرفُ مِن أَرباضِها / في مَغانٍ حالِياتٍ نَضِرَه
لَم يَقِس شَعبٌ إِلى أَمجادِها / مَجدَهُ الباذِخَ إِلّا اِستَصغَرَه
هَمُّها في العِلمِ تُعلي شَأنَهُ / بَينَها وَالجَهلِ تَمحو أَثَرَه
ما تَغيبُ الشَمسُ إِلّا أَطلَعَت / لِلوَرى مَحمَدَةً أَو مَأثُرَه
فَتَمَنّى الصُبحُ تَغدو شَمسَهُ / وَتَمَنّى اللَيلُ تَغدو قَمَرَه
وَمَشى الدَهرُ إِلَيها طائِعاً / فَمَشَت تائِهَةً مُفتَخِرَه
كانَ فيها مَلِكٌ ذي فِطنَةٍ / حازِمٌ يَصفَحُ عِندَ المَقدِرَه
يَعشَقُ الأَمرَ الَّذي تَعشَقُهُ / فَإِذا اِستَنكَرَتهُ اِستَنكَرَه
بَلَغَت في عَهدِهِ مَرتَبَةً / لَم تَنَلها أُمَّةٌ أَو جَمهَرَه
فَإِذا أَعطَت ضَعيفاً مَوثِقاً / أَشفَقَت أَعدائُهُ أَن تَخفِرَه
وَإِذا حارَبَها طاغِيَةٌ / كانَتِ الظافِرَةَ المُنتَصِرَه
ماتَ عَنها فَآقامَت مَلِكاً / طائِشَ الرَأيِ كَثيرَ الثَرثَرَه
حَولَهُ عُصبَةُ سوءٍ كُلَّما / جاءَ إِدّاً أَقبَلَت مُعتَذِرَه
حَسَّنَت في عَينِهِ آثامَهُ / وَإِلَيهِ نَفسَهُ المُستَكبِرَه
وَتَمادى القَومُ في غَفلَتِهِم / فَتَمادى في المَلاهي المُنكَرَه
زَحزَحَ الأُمَّةَ عَن مَركَزِها / وَطَوى رايَتِها المُنتَشِرَه
وَرَأَت فيها اللَيالي مَقتَلاً / فَرَمَتها فَأَصابَت مُدبِرَه
فَهَوَت عَن عَرشِها مُنعَفِرَه / مِثلَما تَرمي بِسَهمٍ قُبَّرَه
كانَ فيها شاعِرٌ مُشتَهِرٌ / ذو قَوافٍ بَينَها مُشتَهِرَه
كُلَّما هَزَّت يَداهُ وَتَراً / هَزَّ مِن كُلِّ فُؤادٍ وَتَرَه
تَعِسُ الحَظ وَهَل أَتعَسُ مِن / شاعِرٍ في أُمَّةٍ موحتَضَرَه
يَقرَءُ الناظِرُ في مُقلَتِهِ / ثَورَةً طاهِرَةً مُستَتِرَه
ما يَراهُ الناسُ إِلّا واقِفاً / في مَغاني قَومِهِ المُندَثِرَه
حائِراً كَالرَيحِ في أَطلالِها / باكِيا وَالسُحُبَ المُنهَمِرَه
وَهيَ في أَهوائِها لاهِيَةٌ / وَكَذاكَ الأُمَّةُ المُستَهتِرَه
ما رَأَت مُهجَتُهُ المُنفَطِرَه / لا وَلا أَدمُعُهُ المُنحَدِرَه
فَشَكاهُ الشِعرُ مِمّا سامَهُ / وَشَكاهُ اللَيلَ مِمّا سَهَرَه
ثُمَّ لَمّا عَبِثَ اليَأسُ / مَزَّقَ الطِرس وَشَجَّ المِحبَرَه
مَرَّ يَوماً فَرَأى أَشيُخاً / جَلَسوا يَبكونَ عِندَ المَقبَرَه
قالَ مالُكُمُ ما خَطبُكُم / أَيُّ كِنزٍ في الثَرى ىَو جَوهَرَه
وَمَنِ لثاوي الَّذي تَبكونَهُ / قَيصَرٌ أَم تُبَّعٌ أَم عَنتَرَه
قالَ شَيخٌ مِنهُم مُحدَودِبٌ / وَدُموعُ اليَأسِ تَغشى بَصَرَه
إِنَّ مَن نَبكيهِ لَو أَبصَرَهُ / قَيصَرٌ أَبصَرَ فيهِ قَيصَرَه
كَيفَ يا جاهِلُ لا تَعرِفَهُ / وَحُداةُ العيسِ تَروي خَبَرَه
هُوَ مَلِكٌ كانَ فينا وَمَضى / فَمَضَت أَيّامِنا المُزدَهِرَه
وَلَبِثنا بَعدَهُ في ظُلَمٍ / داجِيَتٍ فَوقَنا مُعتَكِرَه
وَالَّذي كانَ بِنا مَعرِفَةً / لِصُروفِ الدَهرِ أَمسى نَكِرَه
فَاِنتَهى التاجُ إِلى مُعتَسِفٍ / لَم يَزَل بِالتاجِ حَتّى نَثَّرَه
كُلُّ ما تَصبو إِلَيهِ نَفسُهُ / مُعصَرٌ أَو خَمرَةٌ مُعتَصَرَه
مُستَهينٌ بَِلَّيالي وَبِنا / مُستَعينٌ بِالطَغامِ الفَجَرَه
كُلَّما جاءَ إِلَيهِ خائِنٌ / واشِياً قَرَّبَه وَاِستَزوَرَه
فَإِذا جاءَ إِلَيهِ ناصِحٌ / شَكَّ في نِيَّتِهِ فَاِنتَهَرَه
مُستَبِّدٌ باذِلٍ في لَحظَةٍ / ما اِذَّخَرناهُ لَه وَاِذَّخَرَه
يَهَبُ المَرء وَما يَملُكُهُ / وَعَلى المَوهوبِ أَن يَستَغفِرَه
هَزَأَ الشاعِر مِنهُم قائِلاً / بَلَغَ السوسُ أُصولَ الشَجَرَه
رَحَمَةُ اللَهِ عَلى أَسلافِكُم / إِنَّهُم كانوا تُقاةً بَربَرَه
رَحمَةُ اللَهِ عَلَيهِم إِنَّهُم / لَم يَكونوا أُمَّةً مُنشَطِرَه
إِنَّ مَن تَبكونَهُ يا سادَتي / كَالَّذي تَشكونَ فيكُم بَطَرَه
إِنَّما بَأسُ الأُلى قَد سَلَفوا / قَتلَ النَهمَةَ فيه وَالشَرَه
فَاِحبُسوا الأَدمُعَ في آماقِكُم / وَاِترُكوا هَذي العِظامَ النَخِرَه
لَو فَعَلتُم فِعلَ أَجدادِكُم / ما قَضى الظالِمُ مِنكُم وَطَرَه
ما لَكُم تَشكونَ مِن مُحتَكِمٍ / أُضتُمُ أَلسِنَكُم أَن تَشكُرَه
وَجَعَلتُم مِنكُم عَسكَرَهُ / وَحَلَفتُم أَن تُطيعوا عَسكَرَه
كَيفَ لا يَبغي وَيَطغى آمِرٌ / يَتَّقي أَشجَعُكُم أَن يَنظُرَه
ما اِستَحالَ الهِرُّ لَيثاً إِنَّما / ىُسُدُ الآجامِ صارَت هِرَرَه
وَإِذا اللَيثُ وَهَت أَظفارُهُ / أَنشَبَ السِنَّورُ فيهِ ظُفرَه
لا تَسَل أَينَ الهَوى وَالكَوثَرُ
لا تَسَل أَينَ الهَوى وَالكَوثَرُ / سَكَتَ الشادي وَبُحَّ الوَتَرُ
فَجأَة وَاِنقَلَبَ العُرسُ إِلى / مَأتَمٍ ماذا جَرى ما الخَبَرُ
ماجَتِ الدارُ بِمَن فيها كَما / ماجَ نَهرٌ ثائِرٌ مُنكَدِرُ
كُلُّهُم نُستَفسِرٌ صاحِبَهُ / كُلُّهُم يُؤذيهِ مَن يَستَفسِرُ
هَمَسَ المَوتُ بِهِم هَمسَتَهُ / إِنَّ هَمسَ المَوتِ ريحٌ صَرصَرُ
فَإِذا الحَيرَةُ في أَحداقِهِم / كَيفَما مالوا وَأَنّى نَظَروا
عَلِموا يا لَيتَهُم ما عَلِموا / أَنَّ دُنيا مِن رُأىً تُحتَضَرُ
وَالَّذي أَطرَبَهُم عَن قُدرَةٍ / باتَ لا يَقوى وَلا يَقتَدِرُ
يَبِسَ الضِحكُ عَلى أَفواهِهِم / فَهوَ كَالسُخر وَإِن لَم يَسخَروا
وَإِذا الآسي يَدٌ مَذولَةٌ / وَمُحَيّا اليَأسُ فيهِ أَصفَرُ
شاعَ في الدارِ الأَسى حَتّى شَكَت / أَرضَها وَطَأَته وَالجَدرُ
فَعَلى الأَضواءِ مِنهُ فَترَةٌ / وَعَلى الأَلوانِ مِنهُ أَثَرُ
وَالقَناني صُوَرٌ باهِتَةٌ / وَالأَغاني عالَمٌ مُندَثِرُ
الهَنا أُفلِتَ مِن أَيديهِم / وَالأَماني إِنَّها تَنتَحِرُ
ذَبَحَت أَفراحَهُم في لَمحَةٍ / قُوَّةٌ تَجني وَلا تَعتَذِرُ
تَقلَعُ النَبتَ الَّذي تَغرُسُهُ / وَالشَذا فيه وَفيهِ الثَمَرُ
إِعبَثِ ما شِئتِ يا دُنيا بِنا / وَتَحَكَّم ما تَشاءُ يا قَدَرُ
إِن تَكُن زَهراً فَما أَمجَدَنا / أَو نَكُن شَوكاً فَهَذا الخَطَرُ
فَلنَعِش في الأَرضِ زَهراً وَليَطُل / أَجَلُ الشَوكِ الَّذي لا يُزهِرُ
رَحَلَ الشاعِرُ عَن دارِ الأَذى / وَاِنقَضَت مَعَهُ اللَيالي الغُرَرُ
كَم حَوَته وَحَواها مَلِكاً / دَولَةُ الروحِ الَّتي لا تُقهَرُ
عاشَ لا يُنكِرُ إِلّا ذاتَهُ / إِنَّ حُبَّ الذاتِ شَيءٌ مُنكَرُ
شاعِرٌ أَعجَبُ مَعنىً صاغَهُ / لِلبَرايا مَوتُهُ المُبتَكَرُ
الجَمالُ الحَقُّ ما يَعبُدُهُ / وَالجَمالُ الزورُ ما لا يُبصِرُ
وَالحَديثُ الصَفوُ ما يَنشُرُهُ / وَالحَديثُ السوءُ ما يَختَصِرُ
إِنَّهُ كانَ مَلاكاً بَشَراً / فَمَضى عَنّا المَلاكُ البَشَرُ
وَنُفوسُ الخَلقِ إِمّا طينَةٌ / لا سَنا فيها وَإِمّا جَوهَرُ
يا رَفيقي ما بَلَغتَ المُنتَهى / لَيسَتِ الحَدَّ الأَخيرَ الحُفَرُ
فَاِعبُرِ النَهرَ إِلى ذاكَ الحِمى / حَيثُ جُبرانُ العَميدُ الأَكبَرُ
وَرَشيدٌ نَغمَةٌ شادِيَةٌ / وَنَسيبٌ نَغَمٌ مُستَبشِرُ
وَجَميلٌ فِكرَةٌ هائِمَةٌ / وَأَمينٌ أَمَلٌ مُخضَوضِرُ
قُل لَهُم إِنّا غَدَونا بَعدَهُم / لا حَديثٌ طَيِّبٌ لا سَمَرُ
كَسَماءٍ لَيسَ فيها أَنجُمٌ / أَو كَرَوضٍ لَيسَ فيهِ زَهرُ
كُلُّنا مُنتَظِرٌ ساعَتَهُ / وَالمَصيرُ الحَقُّ ما نَنتَظِرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025