القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 3
ناشِئٌ في الوَردِ مِن أَيّامِهِ
ناشِئٌ في الوَردِ مِن أَيّامِهِ / حَسبُهُ اللَهُ أَبِالوَردِ عَثَر
سَدَّدَ السَهمَ إِلى صَدرِ الصِبا / وَرَماهُ في حَواشيهِ الغُرَر
بِيَدٍ لا تَعرِفُ الشَرَّ وَلا / صَلَحَت إِلّا لِتَلهو بِالأُكَر
بُسِطَت لِلسُمِّ وَالحَبلِ وَما / بُسِطَت لِلكَأسِ يَوماً وَالوَتَر
غَفَرَ اللَهُ لَهُ ما ضَرَّهُ / لَو قَضى مِن لَذَّةِ العَيشِ الوَطَر
لَم يُمَتَّع مِن صِبا أَيّامِهِ / وَلَياليهِ أَصيلٌ وَسَحَر
يَتَمَنّى الشَيخُ مِنهُ ساعَةً / بِحِجابِ السَمعِ أَو نورِ البَصَر
لَيسَ في الجَنَّةِ ما يُشبِهُهُ / خِفَّةً في الظِلِّ أَو طيبَ قِصَر
فَصِبا الخُلدِ كَثيرٌ دائِمٌ / وَصِبا الدُنيا عَزيزٌ مُختَصَر
كُلُّ يَومٍ خَبَرٌ عَن حَدَثٍ / سَئِمَ العَيشَ وَمَن يَسأَم يَذَر
عافَ بِالدُنيا بِناءً بَعدَ ما / خَطَبَ الدُنيا وَأَهدى وَمَهَر
حَلَّ يَومَ العُرسِ مِنها نَفسَهُ / رَحِمَ اللَهُ العَروسُ المُختَضَر
ضاقَ بِالعيشَةِ ذَرعاً فَهَوى / عَن شَفا اليَأسِ وَبِئسَ المُنحَدَر
راحِلاً في مِثلِ أَعمارِ المُنى / ذاهِباً في مِثلِ آجالِ الزَهَر
هارِباً مِن ساحَةِ العَيشِ وَما / شارَفَ الغَمرَةَ مِنها وَالغُدُر
لا أَرى الأَيّامَ إِلّا مَعرَكاً / وَأَرى الصِنديدَ فيهِ مَن صَبَر
رُبَّ واهي الجَأشِ فيهِ قَصَفٌ / ماتَ بِالجُبنِ وَأَودى بِالحَذَر
لامَهُ الناسُ وَما أَظلَمَهُم / وَقَليلٌ مَن تَغاضى أَو عَذَر
وَلَقَد أَبلاكَ عُذراً حَسَناً / مُرتَدي الأَكفانِ مُلقىً في الحُفَر
قالَ ناسٌ صَرعَةٌ مِن قَدَرٍ / وَقَديماً ظَلَمَ الناسُ القَدَر
وَيَقولُ الطِبُّ بَل مِن جَنَّةٍ / وَرَأَيتُ العَقلَ في الناسِ نَدَر
وَيَقولونَ جَفاءٌ راعَهُ / مِن أَبٍ أَغلَظَ قَلباً مِن حَجَر
وَاِمتِحانٌ صَعَّبَتهُ وَطأَةٌ / شَدَّها في العِلمِ أُستاذٌ نَكِر
لا أَرى إِلّا نِظاماً فاسِداً / فَكَّكَ الغَلمَ وَأَودى بِالأُسَر
مِن ضَحاياهُ وَما أَكثَرَها / ذَلِكَ الكارِهُ في غَضِّ العُمُر
ما رَأى في العَيشِ شَيئاً سَرَّهُ / وَأَخَفُّ العَيشِ ما ساءَ وَسَر
نَزَلَ العَيشَ فَلَم يَنزِل سِوى / شُعبَةِ الهَمِّ وَبَيداءِ الفِكَر
وَنَهارٍ لَيسَ فيهِ غِبطَةٌ / وَلَيالٍ لَيسَ فيهِنَّ سَمَر
وَدُروسٍ لَم يُذَلِّل قَطفَها / عالِمٌ إِن نَطَقَ الدَرسَ سَحَر
وَلَقَد تُنهِكُهُ نَهكَ الضَنى / ضَرَّةٌ مَنظَرُها سُقمٌ وَضُر
وَيُلاقي نَصَباً مِمّا اِنطَوى / في بَني العَلّاتِ مِن ضِغنٍ وَشَر
إِخوَةٌ ما جَمَعَتهُم رَحِمٌ / بَعضُهُم يَمشونَ لِلبَعضِ الخَمَر
لَم يُرَفرِف مَلَكُ الحُبِّ عَلى / أَبَوَيهِم أَو يُبارِك في الثَمَر
خَلَقَ اللَهُ مِنَ الحُبِّ الوَرى / وَبَنى المُلكَ عَلَيهِ وَعَمَر
نَشَأَ الخَيرِ رُوَيداً قَتلُكُم / في الصِبا النَفسَ ضَلالٌ وَخُسُر
لَو عَصَيتُمُ كاذِبِ اليَأسِ فَما / في صِباها يَنحَرُ النَفَسَ الضَجَر
تُضمِرُ اليَأسَ مِنَ الدُنيا وَما / عِندَها عَن حادِثِ الدُنيا خَبَر
فيمَ تَجنونَ عَلى آبائِكُم / أَلَمَ الثُكلِ شَديداً في الكِبَر
وَتَعُقّونَ بِلاداً لَم تَزَل / بَينَ إِشفاقٍ عَلَيكُم وَحَذَر
فَمُصابُ المُلكِ في شُبّانِهِ / كَمُصابِ الأَرضِ في الزَرعِ النَضِر
لَيسَ يَدري أَحَدٌ مِنكُم بِما / كانَ يُعطى لَو تَأَنّى وَاِنتَظَر
رُبَّ طِفلٍ بَرَّحَ البُؤسُ بِهِ / مُطِرَ الخَيرَ فَتِيّاً وَمَطَر
وَصَبِيٍّ أَزرَتِ الدُنيا بِهِ / شَبَّ بَينَ العِزِّ فيها وَالخَطَر
وَرَفيعٍ لَم يُسَوِّدهُ أَبٌ / مَن أَبو الشَمسِ وَمَن جَدُّ القَمَر
فَلَكٌ جارٍ وَدُنيا لَم يَدُم / عِندَها السَعدُ وَلا النَحسُ اِستَمَر
رَوِّحوا القَلبَ بِلَذّاتِ الصِبا / فَكَفى الشَيبُ مَجالاً لِلكَدَر
عالِجوا الحِكمَةَ وَاِستَشفوا بِها / وَاِنشُدوا ما ضَلَّ مِنها في السِيَر
وَاِقرَأوا آدابَ مَن قَبلِكُم / رُبَّما عَلَّمَ حَيّاً مَن غَبَر
وَاِغنَموا ما سَخَّرَ اللَهُ لَكُم / مِن جَمالٍ في المَعاني وَالصُوَر
وَاِطلُبوا العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا / لِشَهاداتٍ وَآرابٍ أُخَر
كَم غُلامٍ خامِلٍ في دَرسِهِ / صارَ بَحرَ العِلمِ أُستاذَ العُصُر
وَمُجِدٍّ فيهِ أَمسى خامِلاً / لَيسَ فيمَن غابَ أَو فيمَن حَضَر
قاتِلُ النَفسِ لَو كانَت لَهُ / أَسخَطَ اللَهَ وَلَم يُرضِ البَشَر
ساحَةُ العَيشِ إِلى اللَهِ الَّذي / جَعَلَ الوِردَ بِإِذنٍ وَالصَدَر
لا تَموتُ النَفسُ إِلّا بِاِسمِهِ / قامَ بِالمَوتِ عَلَيها وَقَهَر
إِنَّما يَسمَحُ بِالروحِ الفَتى / ساعَةَ الرَوعِ إِذا الجَمعُ اِشتَجَر
فَهُناكَ الأَجرُ وَالفَخرُ مَعاً / مَن يَعِش يُحمَد وَمَن ماتَ أُجِر
قِف بِهَذا البَحرِ وَاُنظُر ما غَمَر
قِف بِهَذا البَحرِ وَاُنظُر ما غَمَر / مَظهَرَ الشَمسِ وَإِقبالَ القَمَر
وَاَعرِضِ المَوجَ مَلِيّاً هَل تَرى / غَمرَةً أَودَت بِخَوّاصِ الغُمَر
أَخَذَت ناحِيَةَ الحَقِّ بِهِ / وَسَبيلَ الناسِ في خالي العُصُر
مَنَعَ اللُبثَ وَإِن طالَ المَدى / فَلَكٌ ما لِعَصاهُ مُستَقَر
دائِرُ الدولابِ بِالناسِ عَلى / جانِبَيهِ المُرتَقى وَالمُنحَدَر
نَقَضَ الإيوانَ مِن آساسِهِ / وَأَتى الأَهرامَ مِن أُمِّ الحُجَر
وَمَحا الحَمراءَ إِلّا عَمَداً / نَزعُها مِن عَضُدِ الأَرضِ عَسِر
أَينَ رومِيَّةُ ما قَيصَرُها / ما لَياليها المُرِنّاتُ الوَتَر
أَينَ وادي الطَلحِ وَاللائي بِهِ / مِن دُمىً يَسحَبنَ في المِسكِ الحِبَر
أَينَ نابِلِيونُ ما غاراتُهُ / شَنَّها الدَهرُ عَلَيهِ مِن غِيَر
أَيُّها الساكِنُ في ظِلِّ المُنى / نَم طَويلاً قَد تَوَسَّدتَ الزَهَر
شَجَرٌ نامٍ وَظِلٌّ سابِغٌ / بَيدَ أَنَّ الصِلَّ في أَصلِ الشَجَر
يَذَرُ المَرءُ وَيَأتي ما اِشتَهى / وَقَضاءُ اللَهِ يَأتي وَيَذَر
كُلُّ مَحمولٍ عَلى النَعشِ أَخٌ / لَكَ صافٍ وُدُّهُ بَعدَ الكَدَر
إِن تَكُن سِلماً لَهُ لَم يَنتَفِع / أَو تَكُن حَرباً فَقَد فاتَ الضَرَر
راكِبَ البَحرِ أَمَوجٌ ما تَرى / أَم كِتابُ الدَهرِ أَم صُحفُ القَدَر
لُجَّةٌ كَاللَوحِ لا يُحصى عَلى / قَلَمِ القُدرَةِ فيها ما سُطِر
فَتَلَفَّت وَتَنَسَّم حِكمَةً / وَاِلمِس العِبرَةَ مِن بَينِ الفِقَر
وَتَأَمَّل مَلعَباً أَعجَبُهُ / آيَةً جانِبُهُ المُرخى السُتُر
هَهُنا تَمشي الجَواري مَرَحاً / وَجَواري الدَهرِ يَمشينَ الخَمَر
رُبَّ سَيفٍ ضَرَبَ الجَمعُ بِهِ / في كُنوزِ البَحرِ مَطروحَ الكِسَر
وَنِجادَ لَم يُطاوَل ضَحوَةً / نالَهُ الفَجرُ عِشاءً بِالقِصَر
وَسَفينَ آمِرٍ فيها البِلى / طالَما أَوحَت إِلَيهِ فَأتَمَر
وَوُجوهٍ ذَهَبَ الماءُ بِها / في نَهارِ الفَرقِ أَو لَيلِ الشَعَر
وَعُيونٍ ساجِياتٍ سُجِّيَت / بِرُفاتِ السِحرِ أَو فَلِّ الحَوَر
قُل لِلَيثٍ خُسِفَ الغيلُ بِهِ / بَينَ طِمٍّ وَظَلامٍ مُعتَكِر
اُنظُرِ الفُلكَ أَمِنها أَثَرٌ / هَكَذا الدُنيا إِذا المَوتُ حَضَر
هَذِهِ مَنزِلَةٌ لَو زِدتَها / ضاقَ عَنكَ السَعدُ أَو ضاقَ العُمُر
فَاِمضِ شَيخاً في هَوى المَجدِ قَضى / رَحمَةَ المَجدِ وَرِفقاً بِالكِبَر
ميتَةٌ لَم تَلقَ مِنها عَلَزاً / مِن وَقارِ اللَيثِ أَن لا يُحتَضَر
أَنتُمُ القَومُ حِمى الماءِ لَكُم / يَرجِعُ الوِردُ إِلَيكُم وَالصَدَر
لُجَجُ الدَأماءِ أَوطانٌ لَكُم / وَمِنَ الأَوطانِ دورٌ وَحُفَر
لَستَ في البَحرِ وَحيداً فَاِستَضِف / فيهِ آباءَكَ تَنزِل بِالدُرَر
رَسَبوا فيهِ كِراماً وَطَفا / طائِفُ النَصرِ عَلَيهِم وَالظَفَر
نَشَأَ النيلُ إِلَيكُم سيرَةً / لَكُمو فيها عِظاتٌ وَعِبَر
إِقرَأوها يُكشَفُ العَصرُ لَكُم / كُلُّ عَصرٍ بِرِجالٍ وَسِيَر
لا تَقولوا شاعِرُ الوادي غَوى / مَن يُغالِط نَفسَهُ لا يُعتَبَر
مَوقِفُ التاريخِ مِن فَوقِ الهَوى / وَمَقامُ المَوتِ مِن فَوقِ الهَذَر
لَيسَ مَن ماتَ بِخافٍ عَنكُمو / أَو قَليلِ الفِعلِ فيكُم وَالأَثَر
شِدتُمو دُنياهُ في أَحسَنِها / غَزوَةَ السودانِ وَالفَتحِ الأَغَر
وَبَنى مَملَكَةَ النوبِ بِكُم / فَاِذكُروا القَتلى وَلا تَنسوا البِدَر
وَاِحذَروا مِن قِسمَةِ النيلِ فَيا / ضَيعَةَ الوادي إِذا النيلُ شُطِر
رَجُلٌ لَيسَ اِبنَ قارونَ وَلا / بِاِبنِ عادِيٍّ مِنَ العَظمِ النَخِر
لَيسَ بِالزاخِرِ في العِلمِ وَلا / هُوَ يَنبوعُ البَيانِ المُنفَجِر
رَضَعَ الأَخلاقَ مِن أَلبانِها / إِنَّ لِلأَخلاقِ وَقعاً في الصِغَر
وَرَآها صورَةً في أُمَّةٍ / وَمِنَ القُدوَةِ ما توحي الصُوَر
ذَلِكَ المَجدُ وَهَذي سُبلُهُ / بَيِّنٌ فيها سُبلُ المُعتَذِر
أَبَعدَ الساعونَ يَبغونَ المَدى / وَالمَدى في المَجدِ دانٍ لِنَفَر
كَجيادِ السَبقِ لَن تُغنِيَها / أَدَواتُ السَبقِ ما تُغني الفِطَر
وَجَناحُ السِلمِ إِلّا أَنَّها / ساعَةَ الرَوعِ جَناحٌ مِن سَقَر
مِن حَديدٍ جانِباها سابِغٍ / رَبَضَ المَوتُ عَلَيهِ وَفَغَر
أَشبَهَت أَفواهُها أَعجازَها / قُنفُذٌ في اليَمِّ مَشروعُ الإِبَر
أَرهَفَت سَمعَ العَصا وَاِكتَحَلَت / إِثمِدَ الزَرقاءِ في عَرضِ السَدَر
وَتُؤَدّي القَولَ لا يَسبِقُها / رُسُلُ الأَرواحِ في نَقلِ الفِكَر
خَطَرَت في مِحجَرَيها وَمَشَت / بِعُيونِ المُلكِ في بَحرٍ وَبَر
غابَةٌ تَجري بِسُلطانِ الشَرى / خادِراً مِن أَلفِ نابٍ وَظُفُر
وَإِذا المَوتُ إِلى النَفسِ مَشى / وَرَكِبتَ النَجمَ بِالمَوتِ عَثَر
رُبَّ ثاوٍ في الظُبى مُمتَنِعٍ / سَلَّهُ المِقدارُ مِن جَفنِ الحَذَر
تَسحَبُ الفولاذَ في مُلتَطَمٍ / بِالعَوادي مُتَعالٍ مُعتَكِر
لَو أَشارَت جاءَها ساحِلُه / في حَديدٍ وَعَديدٍ مُنتَصِر
أَو فَدى المَيِّتَ حَيٌّ فُدِيَت / بِوَقاحٍ في الجَواري وَخِفَر
بَعَثَ البَحرُ بِها كَالمَوجِ مِن / لُجَجِ السِندِ وَخُلجانِ الخَزَر
لَمَسَتها لِلمَقاديرِ يَدٌ / تَلمَسُ الماءَ فَيَرمي بِالشَرَر
ضَرَبَتها وَهيَ سِرٌّ في الدُجى / لَيسَ دونَ اللَهِ تَحتَ اللَيلِ سِر
وَجَفَت قَلباً وَخارَت جُؤجُؤاً / وَنَزَت جَنباً وَناءَت مِن أُخَر
طُعِنَت فَاِنبَجَسَت فَاِستَصرَخَت / فَأَتاها حينُها فَهيَ خَبَر
زعموا اللؤلؤ من طول النوى
زعموا اللؤلؤ من طول النوى / يظهر السقم ويبدى الاصفرار
فإذا رُدّ إلى موطنه / في جوار البحر يشفيه الجوار
وترى الأصداف لا تعطفها / فرقة الدار ولا بعد المزار
وكذاك النفس في احوالها / حسب الجوهر منها والنجار
إن تكن من صدف تنس الحمى / او تكن من لؤلؤ تبك الديار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025