المجموع : 9
طلعت شمس الوجودِ
طلعت شمس الوجودِ / من سموات الشهودِ
فاختفى الرسم وطاح ال / وهم وانحلت قيودي
كان في ظني بأني / مستقل في الوجود
أملك الفعل وأحوي ال / قول مع كل العقود
كبني الأيام ألهو / بقيام وقعود
وأنا بين ليال / من ظلام الفكر سود
فتأملت وقلب / ت صدوري وورودي
وتسايلت إلى أن / سلت من بعد الجمود
وتحققت بأني / نابت بالوهم عودي
وبأني عند نفسي / كخيال في هجودي
واعترا في بالذي أع / لمه عين جحود
وكذا الظل له مر / ءى ولكن بالعمود
فأنا اليوم أنا ذا / ك على رغم الحسود
وأنا المحبوب والمح / بوب ذاتي ووجودي
وأنا نفس جميع ال / ناس نسلي وجدودي
وأنا الكل وكل ال / كل من فضلة جودي
ما معي في الملك غيري / والورى طراً شهودي
ولقد أطلقت نفسي / من تخاطيط حدودي
وسللت السيف مني / بعد هاتيك الغمود
وشققت الحجب عن عي / ني وطالعت ودودي
وصلاتي لي جميعاً / وركوعي وسجودي
وأنا ناري إذا ما / شئت أشقى بخلود
وأنا الجنة إذ في / قبضتي كان سعودي
ما على نفسي مني / في وعيدي ووعودي
وعلى ذاتي إقبا / لي كما عني صدودي
وهي نفسي لا سواها / بين حجب وشهود
في نعيم أنا طوراً / ثم طوراً في وقود
وتحياتي على ذا / تي من غير نفود
غصن بان فوقه البدر بدا
غصن بان فوقه البدر بدا / أم غزال راح يغزو أسدا
أم مليح يتثنى مرحاً / حيث أضحى بالبها منفردا
صنم الحسن الذي لم يره / عاشق إلا له قد عبدا
يا له بحر جمال عطفه / موجه بالجسم يرمي زبدا
نار خديه مجوسي الهوى / ما رآها قط إلا سجدا
وإذا ما ظهرت من وجهه / حضرة الغيب طلبنا المددا
صار جهلي غيره معرفة / صار غيي وضلالي رشدا
آه من قسوته مع شغفي / في هواه وهوى الغيد ردى
قلت يا مولاي جُدْ لي كرماً / بوصال قال لا لا أبدا
قلت فالوعد به تسلية / قال يحتاج يفي من وعدا
قلت فاسمح بخيال في الكرى / قال لي ما لك طرف رقدا
قلت ما تفعل بي حينئذ / قال ما أختاره طول المدى
قلت خذ روحي فقال الروح لي / خل دعواها وهات الجسدا
واترك الأمر إلى مالكه / إن للمحبوب في الحب يدا
كل من يعشق وجهاً حسناً / لا يرى إلا البلا والنكدا
فاصطبر إن شئت أو شئت فمت / كم علينا ذاب جلد جلدا
أنا موسى العشق ربي أرني / بك أن أنظر ظبياً شردا
لاح لي جمر على وجنته / كلما أدنو إليه بعدا
فلعلّي منه ألقى قبساً / أو يرى قلبي على النار هدى
قم تأمل أيها الغافل لم / يخلق الرحمن ذا الحسن سُدى
وتعرض لهواه فلقد / جاء من ناحية الستر نِدا
وإذا لامك من ليس له / نظر فاخرب عليه البلدا
أين أهل اللوم من أهل الهوى / ما المحبون يساوون العدا
كلما أرشف سمعي عاذلي / مرَّ لومي زدت في الحب صدى
فكأن العذل منه طلب / لهيامي بلسان عقدا
أيريد الغر أن يصلح من / حال أهل العشق ما قد فسدا
إنما أهل الهوى مرآته / وهو فيهم حاله قد شهدا
ثم لما أشكل الأمر رمى / نفسه من جهله وانتقدا
وادعى العشق فلم يحصل له / وعلى أهل الهوى قد حقدا
قام فيه يكثر اللوم لهم / أوَلَمْ يخش الإله الصمدا
هبه لا يعرف لذَّاتِ الهوى / حسن محبوب فؤادي حجدا
إن قلبي اليوم في أسر رشا / لا يرى للقتل عشقاً قودا
وجهه الجنة في أعيننا / خده النار بقلبي وقدا
لم يزل يجفو وأبليت على / حبه أثواب عمري الجددا
ولكم أفنيت جسمي سقماً / وتنفست عليه الصُعَدا
وإذا في حبه مت فقد / عشت بعد الموت عيش السُعَدا
يا سقى الله زمانا بالحمى / ورعى بالشعب عيشاً رغدا
طالما كنت به طوع هوى / لم أخف في نهب وقتي أحدا
حيث غزلان النقا قد أنست / بي وبعد المنع أولتني ندا
وكحلت العين بالعين وما / بعدها عدت شكوت الرمدا
حيث أقمار البها طالعة / تتجلى ولها الروح فدا
وغصون البان لما انعطفت / طائر القلب عليهن شدا
حيث وجه السعد فينا مقبل / بالهنا والهم عنا طردا
وكؤس الأنس بالقوم صفت / وبنا الورد إليه وردا
في رياض ضحك الزهر بها / كلما السحب بكت قطر الندا
هزت النسمة من أغصانها / حين جَلَّتْها قناً مرتعدا
فلهذا كبَّر الطيرُ وقد / لبس النهر عليها زردا
والصبا يذكرنا عهد الصبا / ليت ما بالأمس لي كان غدا
ليت لو جاد زماني بالذي / كان منه قبل ذا قد عهدا
يا أصيحابي بأكناف الحمى / عللاني إن صبري فقدا
واذكرا لي سنداً أعرفه / لست ألقى لي سواء سندا
نفد الدمع على جفوته / واشتياقي والجوى ما نفدا
هو في القلب مقيم بل أنا / هو لا بل هو دوني وجدا
كذب القائل قد حل به / والذي قد قال فيه اتحدا
إنما المعشوق موجود ولا / عاشق غير التباس قصدا
لي هوى بالشعب من كاظمة / ساكن هذا الحشى والكبدا
وأنا اليوم به مشتهر / فليمت ضدي ويبلى حسدا
أنا مفتي العشق من يسألني / عن هواه يلقني مجتهدا
أنا قاضي شرع أرباب الهوى / كل حكم بينهم لي حمدا
فالذي أمنعه يشقى ومن / أجعل الحق له قد سعدا
غير أني في أناس جهلوا / ما أنا في شأنه والجهل دا
قلم يجري له النورُ يدُ
قلم يجري له النورُ يدُ / فوق لوح معه يتحدُ
يكتب الظاهر والباطن من / كل شيء كان فهو المدد
وهو عين الكل والكل له / راجع إذ هو فيهم رصد
وهو لا شك كثير بالورى / وهو في تحقيقه منفرد
مثل ما أنك ذو عقل به / تعقل الأشيا كما يعتمد
بحر ماء موجه أرواحه / راق والأجسام فيه الزبد
وإذا شئت فقل عقل وقل / هي نفس كل شيء تلد
اذبح النفس بسيف الإجتهادْ
اذبح النفس بسيف الإجتهادْ / في رضى مولاك تحظى بالمرادْ
واكشف الحجب عن القلب به / وتأمل وجه مولاك الجواد
لا تكن من نفر قد أمروا / فعموا عنه وصموا بازدياد
سألوا واستخبروا واستكشفوا / ولقد هاموا به في كل واد
ولو اَنَّ القوم فيهم رشد / فوضوا الأمر إلى رب العباد
وأتوا منه بما قد قدروا / واستطاعوا وعلى الله الرشاد
قل هو الله أحدْ
قل هو الله أحدْ / ليس في الكون أحدْ
إنما الكون له / حجة فيمن جحد
ينجلي الحق به / وهو للمطلق حد
قدَّرتْهُ قدرة / ليس عنها ملتحد
لا تقل حلَّ ولا / تقلِ الحقُّ اتحد
قل سواه باطلٌ / وهو الحقُّ الأحد
لا تظن الله معنا ها هنا في ذا الوجودْ
لا تظن الله معنا ها هنا في ذا الوجودْ / هو معنا بالتجلي بتقادير القيودْ
وتقادير القيود الكلُّ فانٍ هالكٌ / عدم لكن له يظهر بالله وجودْ
إنما الكون جميعا حادث إذ لم يكن / ثُمَّ قد كان وربي كان من غير جحود
ليس شيء معه من قبل أن يخلق لا / داخل أو خارج أو ذو اتصال أو نفود
لا زمان لا مكان لا فلان كان في / أزل الآزال فافهم وانتبه مِن ذا الرقود
وتأمل في كلامي وانتظر إن لم يكن / فاهماً فالله ربي سوف بالفهم يجود
أنت مخلوق وما تفهم مخلوقاً فكن / عارفاً نفسك خلقاً كلها دون جمود
لا تجل بالفكر في ربك لن تقدر أن / تعرف المطلق بالداخل في قيد الحدود
رفع الله السموات الطباق السبع في / نظر العين كما قد قال من غير عمود
وهو لا يظهر إلا بعد أن يفنى الورى / كلهم يظهر بالإيمان منه في الشهود
فيراه القلب غيباً مطلقاً عن كل ما / كان من قبل يراه وهو مولانا الودود
واجعل الحس يراه فهو محسوس ولا / شيء معه من جميع الخلق من بيض وسود
كل شيء هو خيط أسودُ
كل شيء هو خيط أسودُ / طوله في العلم منه يمددُ
بان عندي هو خيط أبيضٌ / هو أمر الله فجر يقد
قدراً مازال مقدوراً كما / قال في القرآن ربي أحد
فتركت الأكل والشرب له / فصيامي أبداً لا يفقد
إنما يطعمني الله كما / هو يسقيني ومنه المدد
ويبات الآن كلي عنده / حيث لا عندَ لكلي يوجد
فاعرف القول وحققه تفز / بالذي عنه أشار الصمد
قل هو الله أحد
قل هو الله أحد / ليس في الكون أحد
كل شيء هالك / غير وجه لا يحد
والذي يفنى به / مَعَ رَبِّهِ اتَّحَد
يا هنا عارفه / يا شقاء من جحد
ما له من ملجأٍ / ما له من ملتحد
نحن علْمُ الله في الله وما
نحن علْمُ الله في الله وما / لفتى منا سوى الله وجودْ
نحن معلوماته في علمه / ولنا في ذاك إكرامٌ وجود
لا تقل أوجدنا الله ولا / أننا وجودُ حقٍّ ذو حدود
نحن يا ابن اليوم شيء هالك / من قديم للفنا فيه عهود
جل وجهُ الله أن نشركه / بوجود أو بقاء أو صمود
نحن كالبرق سريعاً نختفي / ثم نبدو لمحةً ثم نعود
هكذا يذكرنا الله على / كثرة الأطوار من غير جمود
فاعرفونا تعرفوا أنفسكم / مثلنا واحترزوا من الجحود
ما له ذكر سوى من علمه / بجميع الخلق من بيض وسود
فهو لا يخرج عنه كائن / بل من العلم إلى العلم يرود
كلهم فيه ولا كل لهم / عدم حاق به محضُ وُجود
واسع قال عليم ربنا / وسعت رحمته كل الجنود
فالذي يؤمن بالحق الذي / قلته نال مقامات السعود
والذي ينكر أشقى هو من / عاقر الناقة في قوم ثمود
وهو علم الله أيضاً مثلنا / نازل للذكر من غير صعود