القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 2
ضَجَّت الأنجمُ في آفاقها
ضَجَّت الأنجمُ في آفاقها / ذاتَ ليلٍ تشتكي طولَ الأبَدْ
فمضتْ تصرخُ من أعماقها / أيُّهذا الليلُ نبِّهْ من رقدْ
أطلِقِ الجنّ يرفرفْ لائذا / بالرُّبى يصرخُ من خلفِ الرموسْ
أيها الأحياءُ ما الكونُ إذا / تنثرُ الشُّهْبُ وتندكُّ الشموسْ
أحياةٌ سمْتُها صخرٌ ونارْ / حَفَّتِ الأشواكُ من يسلكهُ
تنقضي الآجالُ فيه والسِّفارْ / أبديٌّ ويحَ من تُهلكهُ
إحملوا أمسِ إلى حفرتهِ / وتخطوا هوَّةَ الوادي السحيقْ
واحفزوا النجمَ إلى ثورتهِ / واحطموا أنوالَ ليلٍ لا يُفيقْ
أيقظوا في الليلِ ثاراتِ الرعودْ / إنَّها ثاراتُ جبّارِ السماءْ
إن يَشأ أرسلها فوق الوجودْ / فإذا الكونُ هشيمٌ وهباءْ
لو تمشَّتْ بمناياها الرجومْ / لاستحال الخلقُ والكونُ سُدى
ورأيتَ الأرض حيْرى والنجومْ / تذرع الجوَّ على غير هدى
أيها الأحياءُ يا أسرى القضاء / كيف أمسيتم بدنيا الحدَدِ
وعليكم في غياباتِ الشقاء / ضرَبَتْ آفاقُها بالسَددِ
صرخةٌ في الكون دوَّت يا لها / خَلعَت أصداؤُها قلبَ الزمنْ
قف منها الشوكُ وارتجَّ لها / معبَدُ الليلِ على شُمِّ القُننْ
صرخةٌ منها السمواتُ انثنتْ / وقد استعصت على طارِقها
صاحَ منها الوحش ذعراً والتفتْ / يسألُ الوديانَ عن خالقها
وإذا الموتى يَشقَونَ الوهادْ / كالضواري كلُّهم عاري البدَن
رحمةَ الله أذا يومُ المعادْ / فنسوا من هولِه حتى الكفنْ
أين منكَ الشمسُ يا مشرقها / أتُراها خلف أسوارِ الأبدْ
حجبتها فهيَ لن تطلقَها / يومَ لا يبقى على الأرضِ أحدْ
هبَّتْ الجنُّ تنادي بالثبورْ / في كهوف الأرضِ يا أهلَ الكهوفْ
احشدوا الريحَ على ظهر الصخورْ / وابعثوها ذاتَ نقشٍ وزفيفْ
انزعوا الصخرَ من الطودِ المنيعْ / واجعلوه زادَكم عند الكفاحْ
واصعقوا قُنَّةَ واديه الرفيعْ / تتهدمْ تحت أقدامِ الرياحْ
لا تُصيخوا دق ناقوسُ القضاءْ / فاحملوا أشلاءَ هذا العالمِ
احملوها واعبروا جسرَ الفناءْ / واسبحوا فوق العماء الحالمِ
سألوني عن بياني وقصيدي
سألوني عن بياني وقصيدي / أسفاً باريس قد مات نشيدي
لك ذكراكِ ولي عهدٌ بها / كيف أنسى ذكرياتي وعهودي
أنا لا أنسى لياليّ على / روضك الرفاف بالزهر النضيد
ثمرُ الفكر ومجنى نورِه / ومراح العين والقلب العميد
خطرةٌ عابرةٌ عدت بها / عودة الغوّاصِ بالدرّ الفريد
فاعذري المزهرَ في كفّي إذا / أخسرتهُ ضجة الرزء الشديد
يوم قالوا جلّلَ القيد يدا / حطمَت بالأمس أصفاد العبيد
حملت مشعل حرّياتهم / في شراة من شباب المجد صيد
كيف يا باريس باللّه هوى / ذلك النجم من الأفق البعيد
إن ينل منك المغيرون فما / فتحوا غير تخومٍ وحدود
لستِ بنيانا ولا أرضاً ولا / غاب آسادٍ ولا جنّة غيدِ
أنت معنىً عالمُ الفكر به / يتحدّى قبضة الباغي المريد
كعبة الأحرار هذي محنةٌ / راعت الأحرارَ في أكرم عيد
صرع النورُ به وانحسرت / جبهة الشمس عن النور الشهيد
وأتى الليلُ ومن أهوالهِ / أن تُرَي بين ظلامٍ وقيود
أين من فرساي أفقٌ ضاحكٌ / مشرقٌ عن أملِ الشعب السعيد
وعلى كل طريق موكبق / صادح الأبواقِ خفّاق البنود
لكأني اليوم ألقى مأتما / وأرى الكنكرد كالقبر الحريد
حال شدو الماء في أحواضهِ / نفثة الغرقى ببحرٍ من صديد
وقفت مصر به ساخرة / من نحوسٍ تتوالى وسعود
غلَبَ الصمتُ عليها وهي في / صمتها الخالدِ طلّسمُ الوجود
ساحة الباستيل حانَ الملتقى / وتعالت صرخة الفجر الوليد
أين أبطالك ماذا أترى / ضرب الليل عليهم بالوصيد
أغمدوا أسيافهم ويح وما / عوّدوا أسيافهم حبسَ الغمود
ويحهم قد شيّعوا أعيادهم / بين عصف النار أو قصف الحديد
فوق أرض صبغت من دمهم / وتحدّت كل جبار عنيد
فوق أحجارك صرعى أمسهم / فلذاتٌ كتبَت سفر الخلود
فاذكريهم بالذي مرّ بهم / واقرئي تاريخهم ثم أعيدي
أيها العائد من غاراته / راقداً تحت قباب الأنفليد
تلك راياتك فانظر أترى / من سيوف تحتها أو من جنود
أين من موسكو ومن آفاقِها / جيشك الظافر بالجيش البديد
تطأ الأرض إلى مشرقها / موغلاً في أثر الدبّ الشريد
ففرنسا همة لا تنثني / أمشت في النار أم تحت الجليد
بالقليل الجمعِ من أبنائها / تنزع النصر من الجمع العديد
أممٌ ترسف في أحقادها / دتتها بالصفح والصنع الحميد
لم تسيّر فوقها دبّابة / أو تباغتها بطيرٍ من حديد
شرَفُ الحرب كما لقّنتَهُ / ملتقى سيفين في ظلّ البنود
فاعذر اليومَ فرنسا إنها / وثقت بالعهد في دنيا الجحود
قرَعت للنصر كأسا ويحها / صرعتها خمرة النصر التليد
رقدَت عن غدرها وانتبهت / حيثُ لا ينفع صحو من رقود
أسفرت سيدان عن مأساتها / وتهاوى حجرُ الحصن المشيد
ثغرةٌ أنفذِ منها خنجرٌ / قد تلقّته على حزّ الوريد
شهِدَ المجد لها باسلةً / خضّبت بالدم من نحر وجيد
فابعث العزّة من تاريخه / وتألّق بسناه من جديد
واطلع اليوم عليها سيرةً / وكن الشاعر واهتف بالقصيد
أيها الفاتحُ لا يغررك ما / أنت فيه من حصونٍ وسدود
لك فيّ العبرةُ المثلى فلا / تأمَنِ الزلةَ في أوج الصعود
ربّةَ النور سلاماً كلّما / هتف الشعر بماضيك المجيد
لك في كلّ خيالٍ صورةٌ / برئت من وصمة العصر الجديد
غير ذكرى يرجع الفكر بها / لليالٍ من عصور الظلم سود
لهف نفسي لدمشق ولمن / خرّ فيها من جريحٍ وشهيد
من شواظٍ يقذفُ الموت على / ركّعٍ في ساحة اللَه سجود
فأنا الشرقيّ لا أنسى الذي / حاقَ من حكمك بالشرق العتيد
ألمساواةُ التي أعلنتها / أعلنتَه بنذير ووعيد
والإخاءُ الحرّ ما كان سوى / مدفعٍ يرمي بمرد ومبيد
وطني الروحيّ إن أغضب له / فلآباء كرامٍ وجدود
وتراثٍ خالدٍ من أدب / أنا فاديه بروحي ووجودي
كفرت ثورتك الكبرى به / وهو المحسنُ يجزى بالكنود
سارَ بالإسلامِ نوراً وهدى / بسنى عيسى خطى الحقِ الطريد
ألنبيّونَ همو ثوارُه / حاملو الشعلة أعداء القيود
فخذي بالحق والروح الذي / هزّ بالثورة أركان الوجود
وابعثيها ثورة أخرى فما / يعرفُ الأحرارُ معنى للجمود

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025