أَصُبَيْحٌ شِيمَ أَمْ بَرْقٌ بَدَا
أَصُبَيْحٌ شِيمَ أَمْ بَرْقٌ بَدَا / أَمْ سَنَا المَحبوبِ أَوْرَى أَزنُدَا
هَبَّ مِن مرْقدِهِ مُنْكَسِراً / مُسْبِلاً للْكُمِّ مُرْخٍ للرِّدا
يمْسحُ النَّعْسةَ مِنْ عيْنَيْ رشا / صائِدٍ في كُلِّ يوْمٍ أَسدا
أَوْرَدتهُ لُطُفا آيتُهُ / صفْوةَ العيْشِ وأَرْعتْهُ ددا
فَهْوَ مِن دلٍّ عراهُ زُبْدةٌ / مِن صريحٍ لم يُخَالِطْ زَبدا
قُلْتُ هَبْ لي يا حبِيبِي قُبْلَةً / تَشْفِ مِن غَمّك تَبريح الصَّدى
فانثَنَى يَهْتَزُّ مِن مَنكِبِه / قائِلاً لا ثُمَّ أَعْطَانِي اليدا
كُلَّما كَلَّمنِي قَبَّلْتُهُ / فَهْو إِمّا قال قَوْلاً ردَّدا
كاد أَنْ يرْجِع مِن لَثْمِي له / وارْتِشَافِي الثَّغْر منه أَدْرَدَا
قال لي يلْعبُ صِدْ لي طائِراً / فترانِي الدَّهْر أَجْرِي بالكُدَى
وإِذا اسْتَنْجَزْتُ يَوْماً وَعْدَه / قالَ لي يَمْطُلُ ذَكِّرْنِي غَدا
شَرِبَتْ أَعْطَافُهُ خَمْرَ الصِّبا / وسَقَاه الحُسْنُ حَتَّى عَرْبَدَا
وإِذا بِتُّ به في رَوْضة / أَغْيَداً يَعْرُو نَباتاً أَغْيَدَا
قامَ في اللَّيْلِ بجيدٍ أَتْلَعٍ / يَنْفُضُ اللمّةَ مِن دَمْعِ النَّدَى
رَشَأٌ بَلْ غادةٌ مَمْكُورةٌ / عُمِّمَتْ صُبْحاً بلَيْلٍ أَسْوَدَا
أَحَحَتْ مِن غَضَّتِي في نَهْدِها / ثُمَّ عَضَّتْ حُرَّ وَجْهي عَمَدَا
فَأنَا المجْرُوحُ مِن عَضَّتِهَا / لا شَفانِي اللَّهُ منها أَبَدَا
ومَكانٍ عازِبٍ مِن جِيرَةٍ / أَصْدِقَاءٍ وهُم عَيْنُ العِدَا
ذِي نباتٍ طَيِّبٍ أَعْرَافُهُ / كَعِذَارِ الشَّعْر في الخَدِّ بَدَا
تَحْسَبُ الهَضْبَةَ منه جَبَلاً / وحُدُورَ الماءِ منه أَبْردَا
قُلْتُ إِذ خَيَّمْتُ فيه قاطِناً / وتَلاقَتْنِي الأَمَانِي سُجَّدَا
وَرَأَيْتُ الدَّهْرَ خَوْفِي ساكِناً / وبَنِي الأَحْرَارِ حَوْلِي أَعْبُدَا
جادَ مَن أَصْبَحْتُ في أَيَّامِه / والرَّدى يَحْذَرُ مِن خَوْفِي الردَى
مَلِكٌ يُحْسَبُ عَدْلاً مَلَكاً / وإِمامٌ أَمَّ فينا فَهَدَى
خِلْتُهُ والرُّمْحُ في راحَتِهِ / قَمَراً يَحْمِلُ منه فَرْقَدَا
نِعمَ ما اخْتَرْتُ لنَفْسِي فاعْلَمُوا / إِنْ زَمَانٌ جارَ أَوْ صَرْفٌ عَدَا
لَيْسَ من يَعْشُو إِلى نار القِرى / مِثْلَ مَن يَعْشُو إِلى نارِ الهُدَى