زينبٌ بالطَف تدعو يابن أُمي يا شهيد
زينبٌ بالطَف تدعو يابن أُمي يا شهيد /
يا اخي ترضى بان نهدى إلى الطاغى يزيد /
يا خليلي احبسا الركب قليلاً واسألا /
أين حيٌ من لويٍ عرَّسوا في كربلا /
سادةٌ قد طوقوا بالبذل أجياد الملا /
باذلين الزاد للعالم في الجدب الشديد /
علة الإيجاد للعالم أبناء الرسول /
قادةٌ للعلم والتقوى فروعاً وأصول /
فلكم جروا على هام السهى فخراً ذيولى /
ما محا آثار ما قد شيدوا مر الجديد /
لست أنساهم وقد صالوا علىالجيش اللهام /
ثم خاضوا بالعتاق الغر في بحر القيام /
فجلا برق مواضيهم دياجير الظلام /
والعدى من بأسهم بين قتيل وطريد /
بينهم قطب رحى الإمكان شبل المرتضى /
ملكٌ دان له دون الورى أمر القضا /
يدخل الجنة من شاء ومن شاء لظى /
فهو الحاكم في الأمرين يقضي ما يريد /
حجة الرحمن راعي خلقه والمعتمد /
لم يكن في حيز الكون له كفؤاً أحد /
وهو للسبع السماوات وللعرش عمد /
حيث لولاه لخرت وقعاً فوق الصعيد /
فليس يرقى طائر الأوهام والعقل إليه /
يخضع الروح وجبريل وميكال نديه /
وحساب الخلق يوم الحشر والنشر عليه /
فهو الأول والآخر ذو البطش الشديد /
قدوة الأشراف والسادات من آل مضر /
عنده ما أثبتت في اللوح أقلام القدر /
من له الملك فهل يخفى عليه ما غبر /
لا ولا ما هو آتٍ وعلومٌ لا تبيد /
لست أنساه فريداً في محاني كربلا /
وابن سعدٍ جيشه غص به رحب الفلا /
في يديه مرهفٌ أطرافه تبري الطلا /
وهو لا ينفك يردي كل جبارٍ عنيد /
مذ رأى أصحابه مع ولده فوق الرمال /
نسجت أكفانهم من عثير الريح الشمال /
ركب المهر وبالسيف على الأبطال صال /
فانثنى الفيلق ما بين شريدٍ وحصيد /
أروعٌ يطربه يوم الوغى وقع الصفاح /
تتمارى خيفةً من بأسه سمر الرماح /
ليتني كنت فداه إذ عن الميمون طاح /
طائعاً إذ جاء الأمر من الله الحميد /
فبكته الأنس والجن وأملاك السما /
وأسالت من أماقتها الجمادات دما /
مات عطشاناً ولكن حوله الماء طمى /
وأبوه المرتضى ساقي الورى يوم الصديد /
بأبي من أوجب الله على الخلق ولاه /
بأبي من لم يدع من فلك إلا سماه /
بأبي أفدي قتيلا رضَّت الخيل قراه /
عقرت ما وطأت إلا لقرآن مجيد /
فغدا المهر إلى نسوته مندهشاً /
فوعاهن ينادين ألا وا عطشا /
فبكى حزناً وولى راجعاً مرتعشا /
ورأى السبط كسته شمأل ثوبا جديد /
برزت حاسرة الأوجه ربات الخدور /
يتسابقن من الخوف إلى الندب الغيور /
بينها زينب تسعى عجلا وهي الوقور /
فتساقطن عليه وهو محزوز الوريد /
وتداعين من الدهشة يلطمن الخدود /
ثم يندبن على ندب قضى دون الورود /
قائلاتٍ حكمت فينا بقايا قوم هود /
عجبا تلمك سادات الورى أيدي العبيد /
وعلا منهن ندب صدع الصخر الأصم /
والتي قد فقدت مثل حسين لم تُلم /
وغدت خيل الأعادي غارة نحو الخيم /
فاستجارت خيفة الأعداء بالمولى الشهيد /
أخروهن عن السبط بضرب وهوان /
فبكى حزنا على ما نالها إنس وجان /
وإذا الرجس سنان رافعاً فوق السنان /
رأس طود الحلم والعزة ذي الرأي السديد /
فتشاكين وقد ضاف عليهن المجال /
وتصارخن من الحزن إلى رب الكمال /
أركبوهن عناداً فوق أقتاب الجمال /
وابنه السجاد قهراً كبلوه بالحديد /
سيروهن على عجف المطا في كل ناد /
فبكتهن السماوات العلى والعرش ماد /
بعد أن طاف بهن القوم في كل بلاد /
أوقفوهن ضحى في مجلس الطاغي يزيد /
فدعا لما رآهم ليت أشياخي حضور /
ينظرون الآل في ذل السبا بعد الخدور /
قد قتلنا القرم من قد كان للإسلام سور /
وتركناه بلا غسل على وجه الصعيد /
ثم جاء الشمر مع زجر بن قيس بالرؤوس /
تتجلى في سما أوج العوالي كالشموس /
فغدا يضحك منها ذلك الرجس العبوس /
ثم نادى فرحاً أن قدموا رأس الشهيد /
وغدا ينكت ظلماً شفتيه بالقضيب /
كيف لم تشلل يداه إن ذا أمر عجيب /
فعلا من آله الغر بكاء ونحيب /
ودعوه راقب الجبار فينا يا يزيد /
فلقد أبرزتنا بعد حجاب وستور /
حسراً ينظرنا فوق المطا كل كفور /
سوف تلقى في غد ناراً تلظى وتفور /
إذ تنادي ربها يا خالقي هل من مزيد /
لعن الله يزيد والدعي ابن زياد /
وابن سعد وابن هند وأولى البأس الشداد /
لعنة تبقى مدى الدهر إلى يوم المعا /
وسقاهم بعدان عذبهم ماء الصديد /
يا حمى الإسلام يابن المرتضى عالي الجناب /
علة الإيجاد منكان لعلم الله باب /
ابن كموتة يرجو منك في يوم الحساب /
محوما خط من الذنب رقيبٌ وعتيد /
يا سليل المصطفى المختار يا خير البشر /
سوف أنجو بولائي لك من حر سقر /
وعليك الله صلى ما بدا ضوء القمر /
واستدار الفلك الأعلى وماكر الجديد /
وإليكم يا بني الزهراء يا خير الأنام /
غادة من عبدكم يجلو محياها الظلام /
قلدت من مدحكم سمط جمان لا يسام /
مهرها منكم جنان الخلد والعيش الرغيد /