ما لآفاقِكَ يا قلبيَ سوداً حالكاتْ
ما لآفاقِكَ يا قلبيَ سوداً حالكاتْ /
ولأوْرادِكَ بَيْنََ الشَّوْكِ صُفراً ذاوياتْ /
ولأطْياركَ لا تلغو فأينَ النَّغَماتْ /
ما لمِزْمارِكَ لا يشدو بغير الشَهَقاتْ /
ولأوتارِكَ لا تَخْفُقُ إلاَّ شاكِياتْ /
ولأنغامِكَ لا تَنْطُقُ إلاَّ باكِياتْ /
ولقد كانتْ صَباحَ الأمْس بَيْنَ النَّسَماتْ /
كعذارى الغابِ لا تعرِفُ غيرَ البَسَماتْ /
هو ذا يا قلبيَ البَحْرُ وأمواجُ الحياةْ /
هو ذا القارِبُ مشدوداً إلى تِلْكَ الصَّفاةْ /
هو ذا الشاطئُ لكنْ أينَ رُبَّانُكَ ماتْ /
أين أحلامُك يا قلبي لقد فاتَ الفَواتْ /
تِلْكََ أطيارٌ أنيقاتٌ طِرابٌ فرِحاتْ /
غرَّدتْ ثمَّ توارتْ في غياباتِ الحَياةْ /
أَنْتَ يا قلبيَ قلبٌ أنضجَتْهُ الزَّفَراتْ /
أَنْتَ يا قلبيَ عُشُّ نَفَرَتْ عنهُ القَطَاةْ /
فأطارَتْهُ إلى النَّهْرِ الرِّياحُ العاتِياتْ /
فَهو في التيَّار أوراقٌ وأعوادٌ عُراةْ /
أَنْتَ حقلٌ مُجْدبٌ قَدْ هَزَأتْ منه الرُّعاةْ /
أَنْتَ ليلٌ مُعْتِمٌ تَنْدُبُ فيه الباكياتْ /
أَنْتَ كهفٌ مظلِمٌ تأوي إليه البائِساتْ /
أَنْتَ صرْحٌ شادَهُ الحُبُّ على نهرِ الحياةْ /
لِبَناتِ الشِّعْرِ لكنْ قوَّضَتْهُ الحادِثاتْ /
أَنْتَ قبرٌ فيه من أيامِيَ الأولى رُفاتْ /
أَنْتَ عودٌ مزّقت أوتارَه كفُّ الحياةْ /
فهو في وحشته الخَرساءِ بَيْنَ الكائِناتْ /
صامتٌ كالقبرِ إلاَّ من أنينِ الذِّكريات /
أَنْتَ لحنٌ ساحرٌ يَخْبُطُ في التِّيهِ المَواتْ /
أَنْتَ أنشودةُ فَجْرٍ رتَّلَتها الظُّلُماتْ /
أَيُّها السَّاري مع الظُّلْمةِ في غير أناةْ /
مُطرِقاً يَخْبُطُ في الصحراءِ مَكْبوحَ الشَّكاةْ /
تُهْتَ في الدُّنيا وما أُبْتَ بغيرِ الحَسَراتْ /
صلِّ يا قلبي إلى الله فإنَّ الموتَ آتْ /
صَلِّ فالنّازعُ لا تبقى له غيرُ الصَّلاةْ /