مَن عَذيري مِن سَقامٍ
مَن عَذيري مِن سَقامٍ / لَم أَجدْ مِنهُ طبيبا
وَهُمومٍ كأُوارِ ال / نارِ يسكنّ القُلوبا
وَكروبٍ لَيتَهنَّ ال / يَومَ أَشبهْنَ الكروبا
وَخطوبٍ مُعضلاتٍ / بِتن يُنسين الخُطوبا
شيّبتْ منّيَ فَوْدَي / يَ ولم آتِ المشيبا
وَرَمتْ في غصنِيَ اليَبْ / سَ وَقَد كانَ رَطيبا
بانَ عَنّي وَتَناءى / كُلّ مَن كانَ قَريبا
وَتَعرَّيتُ مِنَ الأَحْ / بابِ في الدّنيا عُزوبا
وَسَقاني الدّهرُ مِن فُر / قَةِ مَن أَهوى ذَنوبا
إِنَّ يومَ الطفِّ يومٌ / كانَ لِلدّينِ عَصيبا
لَم يَدعْ في القَلب منّي / لِلمَسرّاتِ نَصيبا
إِنّه يَومُ نحيبٍ / فَاِلتَزِمْ فيهِ النّحيبا
عُطَّ تامورَك وَاِتركْ / معشراً عطّوا الجيوبا
وَاِهجر الطيبَ فَلم يت / رُك لَنا عاشور طيبا
لَعَنَ اللَّه رجالاً / أترعوا الدّنيا غُصوبا
سالموا عَجزاً فلمّا / قَدروا شنّوا الحروبا
في المَعرّات يهبّو / نَ شمالاً وجنوبا
كُلّما لِيموا عَلى عَي / بِهمُ اِزدادوا عُيوبا
رَكِبوا أَعوادَنا ظُل / ماً وَمازِلنا رُكوبا
وَدَعونا فَرأوا من / نا عَلى البُعد مُجيبا
يَقطع الحَزْن وَيطوِي / في الدّياجيرِ السُّهوبا
بِمَطِيٍّ لا يُبالي / نَ عَلى الأَيْنِ الدُّؤوبا
لا وَلا ذُقنَ عَلى البُع / دِ كَلالاً ولُغوبا
وَخُيولٍ كَرِئالِ ال / دوِّ يَهززنَ السّبيبا
فَأَتَوْنا بِجُموعٍ / خالَها الراؤونَ رُوبا
بِوجوهِ بَعدَ إسْفا / رٍ تَبرقعنَ العُطوبا
فَنَشِبْنا فيهم كُرْ / هاً وَما نَهوى النُّشوبا
بِقُلوبٍ لَيسَ يعْرف / نَ خفوقاً ووجيبا
وَلَقَد كانَ طَويلُ ال / باعِ طَعّاناً ضَروبا
بِالظُّبا ثمّ القَنا يَفْ / ري وَريداً وَتَريبا
لا يرى وَالحربُ تُغلى / قدرُها مِنها هَيوبا
فَجَرى مِنّا وَمِنهم / عَنْدمُ الطّعن صَبيبا
وَصَلِينا مِن حَريق ال / طَعنِ وَالضّربِ لَهيبا
كانَ مَرعانا خَصيباً / فَبِهمْ عادَ جَديبا
لَم نَكُنْ نَألف لَولا / جورُهم فينا خُطوبا
لا وَلا تُبصرُ عَينٌ / في ضَواحينا نُدوبا
طَلَبوا أَوْتارَ بَدْرٍ / عِندَنا ظُلماً وحُوبا
وَرَأوا في ساحَةِ الطّف / فِ وَقَد فاتَ القليبا
قَد رَأَيتمْ فَأَرونا / مِنكمُ فَرداً نَجيبا
أَو تَقيَّاً لا يُرائى / بِتُقاهُ أَو لَبيبا
كُلَّما كُنّا رُؤوساً / لِلوَرى كُنتُم عُجوبا
ما رَأَينا مِنكُم بِال / حقِّ إِلّا مُستريبا
وَصَدوقاً فَإِذا فت / تَشتَهُ كان كَذوبا
وَخَليعاً خالِياً عنْ / مَطمَعِ الخَير عَزوبا
وَبَعيداً بِمَخازي / هِ وَإِن كانَ نَسيبا
لَيتَ عُوداً مِن غشومٍ / حقَّنا كانَ صَليبا
وَبِودّي أَنَّ منْ يأْ / صلُنا كان ضريبا
في غَدٍ ينضُبُ تيّا / رٌ لكم فينا نُضوبا
وَيَقيءُ البارِدَ السَّلْ / سالَ من كان عَبوبا
ويعودُ الخَلَقُ الرّث / ثُ مِنَ الأمرِ قَشيبا
وَالّذي أَضحى وَأَمسى / ناشِباً يُضحِي نكيبا
آل ياسين وَمَنْ فَض / لُهُم أَعيا اللّبيبا
أنتُمُ أمْنِي لدَى الحش / رِ إِذا كنتُ نَخيبا
أنتُمُ كشّفتُمُ لِي / بِالتّباشيرِ الغُيوبا
كَم رَدَدتمْ مِخلَباً عن / ني حديداً ونيوبا
وَبكم أَنجو إِذا عُو / جِلتُ موتاً أن أَنوبا
وَإِلَيكم جَمَحاني / ما حَدا الحادونَ نيبا
وَعَلَيكُم صلَواتي / مشهداً لِي ومغيبا
يا سَقَى اللَّهُ قُبوراً / لكمُ زِنَّ الكثيبا
حُزنَ خير الناسِ جَدّاً / وَأَباً ضَخْماً حسيبا
لَقِي اللَّهَ وَظنَّ ال / ناسُ أَن لاقى شعوبا
وَهوَ في الفِرْدَوسِ لَمّا / قيلَ قَد حَلَّ الجُبوبا