القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 2
أشهابٌ في دجى الليل ثَقَبْ
أشهابٌ في دجى الليل ثَقَبْ / أم سراجٌ نارُهُ ماءُ العِنَبْ
أم عروسٌ فوق كرسيِّ يدي / يجتليها اللهوُ في عقدِ الحبب
يا شقيقَ النفس أنفاس الصَّبا / بَرَدَت والصبح لا شكّ اقترب
قمْ أمتِّعك بعيشٍ لمْ تَقَعْ / في صفاءٍ منْهُ أقذاءُ النّوب
فلقد حانَ لضوءِ الفجر أنْ / يضربَ السرحانُ فيه بذنب
فأدِرْها تحْتَ ليلٍ سَقْفُهُ / ظلمةٌ فيها من النور ثُقَبْ
أو على برقِ سماءٍ ضاحكٍ / غيمُهُ بالدّمْع منه منسكِب
سَكِرَ الرّوضُ وغنّى طيرُهُ / أفلا ترقصُ قاماتُ القُضُب
هات دُرّاً فيه ياقوتٌ وخُذْ / جسمَ ماءٍ حاملاً روحَ لهب
قهوَةً لو سُقِيَتْها صخرةٌ / أورقتْ باللّهو منها والطّرب
يجذبُ الرّوح إليه روحُها / ألطف الشيئين عندي ما انجذب
وُلِدَتْ بالشّيبِ في عنقودها / وهيَ اليومَ عجوزٌ لم تشب
كلَّما مَوّجَها المزنُ أَرَتْ / حَبَبَ الفضّةِ في ماءِ الذهب
ما درى خمّارُها عاصِرَها / فحديثُ الصدق فيها كالكذب
خندريسٌ عُتّقَتْ في أجوَفٍ / من دم العُنقودٍ مملوءٍ نُخَبْ
واضعٌ كفَّيْه في أخصارهِ / وقيامٌ في قعودٍ قد وجب
دفنوا اللَّذةَ فيها حيّةً / وأتى الدّهرُ عليها وذهب
ظَنَّهُ كنزاً فلمّا انْتَسَبَتْ / منهُ للأنفِ درى ذاك النسبْ
قلتُ إذ أبرَزَها في قعبه / أهيَ بنت الكرم أم أمّ الحقب
قتلتني وهي بي مقتولةٌ / صولةُ الميت على الحيّ عجب
كيفَ لا تصرعُني صَوّالةٌ / وهي منّي في عروقٍ وعصب
ومليح الدلّ إنْ علّ بها / قلتَ نجمٌ في فمِ البدر غرب
شعشعَ القهوةَ في صوب الحيا / وسقاني فضلةً مما شرب
فتلاقى في فمي من كأسِهِ / ماءُ كرْمٍ وغمامٌ وشَنَبْ
وشدا من مدح يحيى نَغَماً / هزّ منه الملكُ عِطفيه طَرَب
مِن مُعِزِّ الدّين في الفخر له / خيرُ جَدٍّ وتميمٌ خيرُ أب
مَنْ له وجْهُ سماحٍ سافراً / أبداً للمجتدي لا ينْتقب
مَلِكٌ عن ثُغْرَةِ الدّين اتّقى / ورمى الأعداءَ بالجيش اللجب
في سرير الملك منه قمرٌ / يُجْتَلَى يومَ العطايا بالسحب
طاهرُ الأخلاق مألوفُ العلى / طيّبُ الأعراق مصقول الحسب
عادلٌ تعكف بالحمد على / ذكره أفواهُ عُجمٍ وعرب
سالبٌ منه الندى ما سَلَبَتْ / من أعاديه عواليه السُّلُب
في نصابٍ لم يزل من حِمْيَر / مُعْرِقاً في كلّ قومٍ مُنْتَخَب
بُهَمٌ إنْ ذُكِرَ الجيشُ بِهِمْ / هالَ منه الرعبُ واشتدّ الرّهَب
والحديدُ الصلبُ لولا بأسُهُ / لم يخَفْ في الطعنِ من لين القصب
أثبت الإقدامُ في أنفسهمْ / أنّ مرّ الضّرْبِ حُلْوٌ كالضَّرَب
يتّقي فيضَ النّدى مَنْ كَفّهُ / عيل منه لدغ دهر يَنتَهب
وإذا ما ضحكت سنّ الرضى / منه لم يُخْشَ عبوسْ في الغضب
كلّ قطر منه يلقى مشرباً / من جداه ولقد كان سرب
يحسب الطودَ حصاةً حلمُهُ / وتظنّ البحرَ نعماهُ ثُغَب
نالَ أهلُ الفضلِ منه فضلَهُمْ / ومن الشمس سنا نور الشّهب
تتّقي الأعداءُ منه سطوةً / وهو في ظلّ علاه مُحتجب
والهصورُ الوردُ يُخْشى وثبهُ / وهو في الغيلِ مقيمٌ لم يثب
كم فمٍ طاب لنا من ذكره / فهو كالمسكِ وكم ثغر عَذُب
وكأنّ الرّوضَ في أوصافِهِ / تُغْمَسُ الأشْعار فيه والخطب
ثابتٌ كالطود في معتركٍ / جائلِ الأبطال خفّاقِ العَذَبْ
ورؤوسٌ بالمواضي تُخْتَلى / ونفوسٌ بالعوالي تُنتهب
كم شجاعٍ خاض في مهجته / بسنانٍ في الحيازيم رسب
قلمٌ يمشقُ في الطّعنِ فَقُلْ / أمَحَا العيشَ أمِ الموتَ كتب
أيها الواصلُ من إحسانِهِ / سبباً من كلّ منبَتِّ السبب
ربّ رأيٍ لك جَهّزْتَ به / جحفلاً ذاقَ العدى منه الشجب
كنتَ يوم الحرب عنه غائباً / وظُبَى نصرِكَ فيه لم تَغِبْ
كالّذي يلعبُ في شطرنجه / رأيُهُ عنه تَخَطّى في اللّعب
أنا مَنْ صاح به يومَ النوى / عن مغانيه غرابٌ فاغترب
طفتُ في الآفاق حتى اكتهلَتْ / غُرْبَتِي واحتنكت سنّ الأدب
ثمّ أقبلتُ إلى الملكِ الذي / مدَّ بالطَّوْلِ على الدنيا طُنُب
منَحَ العلياء كَفّيْ ناقدٍ / فانتقى الدرّ وأبقى المخشلب
فَلَعَلّي ببقايا عُمُري / منه أقضي البعضَ من حقٍّ وَجبْ
غَيّرَتْهُ غِيَرُ الدّهرِ فشابْ
غَيّرَتْهُ غِيَرُ الدّهرِ فشابْ / ورمته كلُّ خود باجتنابْ
فغدا عند الغواني ساقطاً / كسقوط الصّفْرِ من عدّ الحسابْ
وتَولى عنه شَيطانُ الصبا / إذ رماه الشيبُ رجماً بشهاب
وكأنّ الشَّعرَ منه سَعَفٌ / يلتظي فيه شواظٌ ذو التهاب
أيها المُغْرى بِتأنيبِ شجٍ / سُلّطَ الوجدُ عليه هل أناب
هامَ لا همتَ من الغيد بمن / حُبّها عَذْبٌ وإن كان عذاب
لمتَ لا لمتَ عميداً قَلْبُهُ / عن سماعِ اللوم فيها ذو انقلاب
والهوى باقٍ مع المرءِ إذا / كان مع عَصْرِ الصِّبا عنه ذهاب
بأبي من أقبلتْ في صورةٍ / ليس للتّائب عنها منْ مَتَاب
كلُّ حُسْنٍ كامِلٍ في خَلقها / لَيتها تَنجو منَ العينِ بعاب
فالقوامُ الغُصْنُ والرِّدف النَّقا / والأقاحُ الثَّغْرُ والطَّلُ الرُّضاب
ظبيةٌ في العقد إمّا التفتَتْ / ومهاة حين ترنو في النقاب
ضَاع قَلبي فالتَمِسْهُ عِندها / تُلْفِهِ في النحر وُسْطَى بِسِخاب
روضةٌ تعبقُ نشراً ما لها / غُمِسَتْ في ماءِ وردٍ وَمَلاب
عَنّفَتْ رُسْلي وَرَدّتْ تُحَفي / وأتَتْ تقرعُ سَمعي بالعِتاب
ومحتْ أسْطُرَ شوقٍ كُتِبَتْ / بدموع نِقْسُها قلبٌ مذاب
ثُمَّ غَطَّتْ بِنِقابٍ خَدّها / مَنْ رأى الشمسَ تَوارَت بالحِجاب
بِكَلامٍ يَسْتَبي أهلَ النّهى / ويحُطّ العُصْمَ من شُمّ الهِضاب
حيثُ أخلاقي رواضٍ خَضَعَتْ / في الهَوى منها لأخلاقٍ صِعاب
كَيفَ لا أَبكي بِهذا كلّهِ / وأنا الفاقدُ ريعانَ الشَباب
صدّت البيضُ عن البيضِ أما / كانَ ما بينَ الشَبيهَين انجذاب
أفلا أبكي شباباً فَقْدُهُ / قَلَبَ الماءَ لظمآنٍ سَرَاب
أَخطَأَ الشَيبُ ظُباءً والصِّبا / لو رماها خَذَفاتٍ لأَصاب
خُذْ برأيٍ في زماع واصلٍ / طَرَفَيْهِ بِسَفينٍ ورِكاب
واغتربْ وارجُ المنى كم من فتىً / مُعْدَمٍ نالَ المُنى بَعدَ اغتراب
إِنّ أَتراحَ النَوى يعقُبُها / بِجَزيلِ الحَظِّ أفراحُ الإياب
وإذا نابكَ خَطْبٌ فَاقْرِهِ / بمهيبٍ فهوَ للإِسلامِ ناب
إنّ للقائد عزّاً جارهُ / في جوار النجم محميّ الجناب
أسَدُ الرّوع الذي حِمْلاقُهُ / يُرْسِلُ اللحظةَ موتاً فَيُهاب
صارمٌ يُبْكي دُمَى الرومِ دَماً / إن تغنّى منه في الهامِ ذُباب
في جهادٍ قَرَنَ اللَّه به / عنده الزّلفى إلى حُسْن المآب
كم بأرْضِ الشرك من معمورةٍ / أصبحت في غَزْوِهِ وهي يَبَاب
في أساطيلَ ترى أحشاءَها / لبناتِ الرّومِ فيهنّ انتحاب
ككناسٍ بَغَمَتْ غزلانُهُ / من زئيرٍ راعها مِنْ أُسْدِ غاب
كلّ مُسْوَدّ قَرَاهُ خلقةً / لابساً من ذلك الليلِ إهاب
إنّ ثعبانَ سراه يقتدي / في نعيب منه بالبّرِ غراب
شَجَراتٌ حَمْلُها البيضُ إذا / نَوّرَتْ بالمشرفياتِ العضاب
أثمرتْ بالعينِ في الماءِ وإن / ثَوّرَتْ منه عَجاجات العُبَاب
تقرأ الأعلاجُ منها للرّدَى / فوْقَ طِرْسِ الماءِ أسطارَ كتاب
من صناديدهمُ إنْ ساوروا / أُسُدَ البيد وحيّاتِ الشعاب
لستُ أدري أقلوبٌ منهمُ / أمْ صخورٌ في الحيازيم صِلاب
بُهَمٌ إنْ ثَوّبَتْ حَرْبٌ بِهِمْ / أوجفوا البُزْلَ إليها والعِراب
أيّها العزمُ الذي منه زكا / في المعالي عنصُرُ المجدِ وطاب
هاكها بنتَ ضميرٍ أعْرَبَتْ / عن معاليك بألفاظٍ عِذاب
يا لها من حكمةٍ بالغةٍ / خاطبَ الفضلَ بها فَصْلُ الكتاب
وَصِلِ الغزوَ بتدميرِ العدى / وَاحْيَ في العِزِّ لتسهيلِ الصعاب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025