إنزِعي يا بلدتي ما
إنزِعي يا بلدتي ما / رثَّ من هذي الثيابِ
وإذا خِفتِ عَراءً / فسيكسوك صحابي
أمَلٌ لي فيكِ بعد الله / ينمو في الشباب
يا بني العشرين في / أعمالكم فصلُ الخِطاب
رَهنُ ما عندكم من / همة ٍ عُقبى المآب
يا شباباً نَهَضوا / والناس من هاوٍ وكابي
أيُّ باب ٍ ولجَوها / وولجتم أيَّ باب
كتب الله لك النُّصرةَ / في هذا الغِلاب
إن في أعينكم رمزاً / لأسرارٍ عُجاب
إلزموا خيرَ صِحابٍ / اقرأوا خيرَ كتاب
أطِعوا للشعر شمساً / لا تُبقِّي من ضباب
اتركوا كلَّ قديم / منه يسعى في تَباب
شمّروا واعتصبوا : / نُجحُكُمُ في الاعتصاب
أُنبُذوا منه قُشوراً / وَتَغذِّوا باللُّباب
هُزِلَ الشعرُ وأنتمْ / من مراعِه الخِصاب
لا تقولوا حسبُنا منه / وزِيدوا في الطِّلاب
قد رأيتم ما تجشَّمنا / عليه من صِعاب
ليس بالهيِّن أن / نأتيْ بأبياتٍ عِذاب
خالياتٍ من نُفورٍ / وغلوٍّ واضطراب
إنها ذوبُ قُلوبٍ / صِيغَ في لفظٍ مُذاب
لو سُئلنا كيف نظمُ الشعر / حِرنا في الجواب
لست ادري غيرَ أني / كان حبُ الشعر دابي
كاد يُلهينيَ حتى / عن طعامي وشرابي
قد قرأتُ الشعرَ في القرآنِ / من عهدِ التصابي
بقُدورٍ راسياتٍ / وجِفانٍ كالجوابي
ولكَمْ هَيَّجَ طَبْعِي / نَغْمُ عُودٍ أو رَباب
كانَ لحنُ الشعرِ فيه / بارتفاعٍ وانصباب
وإذا ما عدَّدوا / أهل نبُوغ واكتساب
لم يكنْ عندي سوى الشاعرِ / من خُلق عُجابِ
هكذا كنتُ وما زادَ / على العشر نِصابي
حبذا الشعرُ ربيعيا / طبيعيَّ الإهاب
مُظِهراً قدرةَ ربي / في وِهادٍ أو رَوابي
وصفَ نهر في الثرى / أو وردة بين الشعاب
يوم تُضحي الدمنةُ / الغبراءُ خضراءَ الجْنَاب
أو حماسياً يثير النفس / عن عارٍ وعابِ
كاشفاً عن عينها / كلَّ غطاء وحِجاب
فاذا كان مديحاً / فليقرِّب للصواب
أوَلا يأنفُ حُرٌّ / أن يُحابَى أو يُحابي
وإذا كان رِثاء / فليكن رجعَ المصاب
وإذا كان هجاء / فليُنَزَّهْ عن سِباب
ليس شأنُ المرء ِ / بل شأنُ الكلاب
إمزِجُو الطعنَ به / مزجَكُمُ شُهداً بصاب
ليّنَ اللفظ وفي / طيّاته وخزُ الحراب
قد سئِمت الشعرَ ما / فيه سِوى معنى كِذابِ
كلَّ يوم شاعرٌ / كالبوم ينعَى في خراب
وقوافٍ لا يَلحِنَ / السمعَ إلا باغتصاب
لهجةُ الصدق بها / مثلُ بياضٍ في غُراب
أنا يا شعر وإياك / سواءٌ في العذاب
أنا مما بكَ أبكيكَ / وتَبكيني لِما بي
شكَتِ القومُ حُضوري / وسيشكون غِيابي
بِزَّةُ الشاعر قد تُعرَف / من بعدِ استلاب
إن يكن للمرء أجرٌ / فهو لي يوم الحساب
إن في ايقاظِ قومٍ / رَقَدوا خيرَ الثواب
وبِعِتق الناسِ من أو / هامِهِمْ عِتقُ الرِقاب