القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 4
كيف أنسى زمناً كنت به
كيف أنسى زمناً كنت به / من أخ أغلى وأسمى من أبِ
ضقت ذرعاً بزماني وكذا / ضاقت الأيام والآلام بي
رائحاً في لجة طاغية / غادياً في عاصف مضطربِ
قد تغشاني ظلام لا أرى / فيه مغداي ولا منقلبي
صامداً للظلم والظلم له / معول يهدمني عن كثب
وأنا أدفعه عن منكبي / بيدي حتى تهاوى منكبي
وتماسكت فلم يبق سوى / كبرياء هي درع للأبي
هتفت بي النفس فلنمض إلى / ذلك الورد الكريم الطيب
إن أنطون وما أعظمه / طاهر القلب نبيل المشرب
كأس ود لم ترنق أبداً / وصفت كالذهب المنسكب
ونداماه على طول المدى / رفقة حفّوا به كالحبب
مكتب لا بل بساط عامر / بالمعالي يا له من مكتب
مكتب قد صيغ من عالي ال / مساعي ونبيل الدأبِ
مكتب يُزهي بحُر ماجد / ثابت الرأي سني المأرب
صائد الدر تراه غارقاً في / صحف أو غائصاً في كتب
مصغياً في حكمة أو مطرقاً / في وقار سامعاً في أدب
فإذا أدلى برأي تلقه / راح يدلي بالعجيب المطرب
مستفيضاً ببيان جامع / سحر هوجو وجلال العرب
ذاك أنطون وما أروعه / صفحة لا تنتهي من عجبِ
قطرات حسبت من عرق / وهي لو حققتها من ذهب
أسعد الأيام يوم ضمني / بك في دار كأفق الشهب
كُرّمت من شرف وارتفعت / بالعلا وازَّينت بالحسب
لدسوقي وما أنسى له / إنه مثلك في الفضل أبي
كيف أنسى فضله وهو الذي / ذاد عني عاديات الحقب
أنتما للمجد ذخر فابقيا / للمعالي واسلما للأدب
يا حبيبي غيمة في خاطري
يا حبيبي غيمة في خاطري / وجفوني وعلى الأفق سحابه
غفر الله لها ما صنعت / كلما شاكيتها تندى كآبه
صرخ القفر لها منتحباً / وبكى مستعطفاً مما أصابه
فأصمّ الغيث عنه أذنه / ما على الأيام لو كان أجابه
كثر الهجر على القلب فهل / من سلو أو بعاد يرتضيه
أنت فجر من جمال وصبا / كل فجر طالع ذكَّرنيه
كيف جانبتك أبغي سلوة / ثم ناجيتك في كل شبيه
أيها الساكن عيني ودمي / أين في الدنيا مكان لست فيه
عندما أزمع ركب العمر / رحلةً نحو المغاني الأخر
ظهرت تجلوك كف القدر / صورةً أروع ما في الصور
تتراءى في الشباب العطر / نفحةً تحمل طيب السحر
وقف العمر لها معتذراً / وثنى الركب عنان السفر
عندما أقفرت الدنيا جميعا / لحت لي تحمل عمراً وربيعا
إن يكن حلماً تولى مسرعاً / أجمل الأحلام ما ولى سريعا
إن يكن ما كان دَيناً يقتضي / خلني أدفعه عنك دموعا
قد شريناه عزيزاً غالياً / إن تكن بعت فإني لن أبيعا
يا ندامى الحب سُمار الهوى / سكبوا لي السهد في ذاك الشراب
أرقوني أجرع السقم وبي / صفرة الكأس وأوهام الحباب
كلما تقبل أيام المنى / تنجلى النعماء عن ذاك السراب
وترى أياميَ الحيرى على / عرسها الضاحك أحزان الضباب
لم أقيدك بشيء في الهوى / أنت من حبي ومن وجدي طليق
الهوى الخالص قيد وحده / رب حر وهو في قيد وثيق
مزّقت كفيك أشواك الهوى / وأنا ضقت بأحجار الطريق
كم ظميٍ بظميٍ يرتوي / وغريق مستعين بغريق
يا ليالي العمر ما سر الليالي / البطيئات المملات الطوال
مسرعات مبطئات ولها / خفة الموت وأثقال الجبال
كاسفات البال عرجاء المنى / عاثرات الحظ شوهاء الظلال
عجباً للعمر يمضي مسرعاً / للمنايا بسلحفاة الملال
يا قمارى الروض في أيك الهوى / جفّت الروضة من بعد النديم
حل بالأيك خريف منكر / وظلال قاتمات وغيوم
ماتت الروضة إلا طائفاً / من هوى حي على الذكرى يقوم
فإذا أنكر ما حل بها / فر يبغي سربه بين النجوم
شاهت الدنيا وجوهاً ورؤىً / وتولاها سهوم ووجوم
يا عذارى الحسن في ظل الصبا / كل حسن بعد ليلاي دميم
يا نعيم العيش في ظل الرضا / آه لو أعرف ما طعم النعيم
أنكر الجنة قلبٌ ضجر / أبدي النار موصول الجحيم
طالما موهت بالضحك فما / غير التمويه رأياً لك فيا
كلما تنظر في عيني ترى / سريَ الغافي ومعناي الخفيا
وترى في عمق روحي زهرة / قد سقاها الحزن دمعاً أبديا
ويراه الناس طلا وترى / أنت دمعاً غائماً في مقلتيا
يا فؤادي ما ترى هذا الغروب / ما ترى فيه انهيار العمر
ما ترى فيه غريقاً ذا شحوب / يتلاشى في خضم القدر
ما تراها اتأدت قبل المغيب / ورمت من عرشها المنحدر
لفتةَ الحسرةِ للشط القريب / قبل أن تسقط خلف النهر
يا فؤادي قاتل الله الضجر / وعذابي بين حَل وسفر
ما ترى قنطرةً من بعدها / راحة ترجى وبال يستقر
ذلك الجرح وما أفدحه / ما عليه لو إلى السلوى عبر
قد طواه اليوم في بردته / وأتى الليل عليه فانفجر
مرَّ يومي فارغاً منك ومن / أمل اللقيا فما أتعس يومي
أنت يومي وغدي أنت وما / من زمان مرّ بي لم تك همي
آهِ كم أغدو صغيراً حاجتي / لك كالطفل إلى رحمة أم
ولكم أكبر بالحب إلى أن / أغتدي مستشرفا آفاق نجم
أي سرٍّ فيك إني لست أدري / كل ما فيك من الأسرار يغري
خطرٌ ينساب من مفتر ثغر / فتنة تعصف من لفتة نحر
قدر ينسج من خصلة شعر / زورق يسبح في موجة عطر
في عباب غامض التيار يجري / واصلاً ما بين عينيك وعمري
ذات ليلٍ والدجى يغمرنا / أترى تذكر إذ جزنا المدينه
كلما روعتَ من نارٍ شجٍ / حرما يصلى تلمست جبينه
بيدٍ شفافة مثل الندى الرط / ب تعيد النار بردا وسكينه
أيها الآسي لناري هذه / ما الذي تصنع بالنار الدفينه
أخيالاً كان هذا كله / ذلك الجسر الذي كنا عليه
والمصابيح التي في جانبيه / ذلك النيل وما في شاطئيه
وشعاع طوفت في مائه / وظلال رسبت في ضفتيه
وحبيب وادع في ساعدي / ووعود نلتها من شفتيه
رب لحن قص في خاطرنا / قصة الحادي الذي غنّى سهاده
وكأن الصمت منه واحة / هيأت من عشبها الرطب وساده
ها أنا عدت إلى حيث التقينا / في مكان رفرفت فيه السعاده
وبه قد رفرف الصمت علينا / إنَّ في صمت المحبين عباده
رفرف الصمت ولكن أقبلت / من أقاصي السهل أصداء بعيده
تتهادى في عباب ساحر / مرسل للشط أمواجاً مديده
كم نداء خافت مبتعد / تشتهي أذن الهوى أن تستعيده
عاد منساباً إلى أعماقها / هامساً فيها بأصداءٍ جديده
رفرف الصمت ولكن ها هنا / كل ما فيك من الحسن يغني
آه كم من وتر نام على / صدر عود نومَ غاف مطمئن
وبه شتى لحون من أسى / وحنين وأنين وتمني
رقد العاصف فيه وانطوت / مهجة العود على صمت مرن
هذه الدنيا هجير كلها / أين في الرمضاء ظل من ظلالك
ربما تزخر بالحسن وما / في الدمى مهما غلت سر جمالك
ربما تزخر بالنور وكم / من ضياء وهو من غيرك حالك
لو جرت في خاطري أقصى المنى / لتمنيت خيالاً من خيالك
أنا إن ضاقت بي الدينا أفىء / لثوانٍ رحبةٍ قد وسعتنا
إنما الدنيا عباب ضمنا / وشطوط من حظوظ فرقتنا
ولقد أطفو عليه قلقاً / غارقاً في لحظة قد جمعتنا
كلما تترى المعاني أجتلي / خلف معناها لأسرارك معنى
ما الذي صبك صباً في الفؤاد / ما الذي إن أقصِه عني عاد
طاغياً يعصف عصفاً بالرشاد / ظامئاً سيان قرب وبعاد
ساهر العينين موصول السهاد / ما الذي يجري لهيباً في الرماد
ما الذي يخلقنا من عدم / ما الذي يجري حياة في الجماد
كم حبيب بعدت صهباؤه / وتبقت نفحةٌ من حببه
في نسيج خالدٍ رغم البلى / عبث الدهر وما يعبث به
ما الذي في خصلة من شعره / ما الذي في خطه أو كتبه
ما الذي في أثرٍ خلفه / من أفانين الهوى أو عجبه
ما الذي في مجلس يألفه / عقد الحب عليه موعده
ربما يبكي أسى كرسيه / إن نأى عنه وتبكي المائده
ربما نحسبها هشت إذا / عائدٌ هش لها أوعائده
ربما نحسبها تسألنا / حين نمضي أفراق لعده
كم أعدت لك ستراً في الخفاء / وتوارت عن عيون الرقباء
كم أعدت نفسها وانتظرت / واستوت موحشة تحت السماء
وهي لو تملك كفا صافحت / كفك الحلوة في كل مساء
وهي لو تملك جوداً بذلت / كل ما تملك كف من سخاء
رب كرم مده الليل لنا / فتواثبنا له نبغي اقتطافه
وعلى خيمته أسوده / عربي الجود شرقي الضيافه
وجد العرس على بهجته / وسناه دون ورد فأضافه
ثم وارت يده جنيةٌ / وطوته في أساطير الخرافه
أرج يعبق في أنحائه / حملته نحو عرشينا الرياح
كل عطر في ثناياه سرى / كان سرّاً مضمراً فيه فباح
يا لها من حقبة كانت على / قِصَرٍ فيها كآماد فساح
نتمنى كلما طابت لنا / أن يظل الليل مجهول الصباح
يا فؤادي العمر سفر وانطوى / وتبقت صفحة قبل النوى
ما الذي يغريك بالدنيا سوى / ذلك الوجه وذياك الهوى
لا تقل لي ذاك نجمٌ قد خبا
لا تقل لي ذاك نجمٌ قد خبا / يا فؤادي كلُّ شيءٍ ذهبا
ذلك الكوكبُ قد كان لعيني / السماوات وكان الشُّهُبا
هذه الأنوارُ ما أضيَعَهَا / صِرنَ في جَنبي جراحاً وظُبى
كلما أهدَت شعاعاً خَلَّفَت / بعده سجناً ومَدَّت قُضُبا
قلتُ أسلوك وكم من طعنةٍ / بالمُداراةِ وبالوقتِ تهون
فإذا حُبُّكِ يَطغَى مُزبداً / كَدفُوقِ السَّيلِ طُغيانَ الجنون
وكذا تمضي حياتي كلُّهَا / بين يأسٍ ورجاءٍ وظنون
ما على الهجر معينٌ أبداً / وعلى النّسيانِ لا شيءَ يُعين
ذلك الحبُّ الذي فُزتُ به / لا أُبالي فيه ألوان الملامه
ذلك الشطُّ الذي ذُقتُ به / بعد لُجِّ البحر أمناً وسلامه
إنّه مزَّق قلبي قسوةً / وسقاني المُرَّ من كاسِ الندامه
صارَ ناراً ودماراً في دمي / وصراعاً بين قلبٍ وكرامه
ذلك الحبُّ الذي عَلَّمَني / أن أُحِبَّ الناسَ والدنيا جميعا
ذلك الحبُّ الذي صوَّر من / مُجدِب القَفرِ لعينَيَّ ربيعا
إنه بصّرني كيفَ الورى / هدموا من قُدسِه الحِصنَ المنيعا
وجلا لي الكون في أعماقه / أعيُناً تبكي دماءً لا دموعا
لَم تُعينيني على صَرفِ النَّوى / آهِ لو كنتِ على الدهرِ أعَنتِ
قَدَرٌ نكَّسَ منّي هامتي / آذن الدهرُ بِبَينٍ وأذِنتِ
وعجيبٌ أمرُ حبٍّ لم يَهُن / هو لَو هانَ على نفسي لَهُنتِ
لهفَ قلبي لهفةً لا تنقضي / كنتِ دنياي جميعاً كيفَ كُنتِ
كنتِ في برجٍ من النورِ على / قِمةٍ شاهقةٍ تَغزو السحابا
وأنا منك فَراشٌ ذائبٌ / في لُجَينٍ من رقيقِ الضوء ذابا
فَرِحٌ بالنّورِ والنارِ معاً / طارَ للقمَّةِ محموماً وآبا
آبي من رحلتهِ مُحترقاً / وهو لا يَألُوكِ حُبّاً وعتابا
بَرِئَت نفسي من الحقدِ ولم / أُخف ضِغناً لكِ بين العَبَرات
إن يوماً واحداً أسعدَني / جمعَ الأفراحَ طُرّاً من شَتات
وهو عمرٌ كاملٌ عشتُ به / كلَّ أعمارِ الورَى مُجتمعات
لستُ أنساكِ وقد علَّمتِنِنى / كيف يحيا رجلٌ فوق الحياة
افرحي ما شِئتِ يا روحي افرحي / أنشدِي ما نَقَلتهُ الطيرُ عَنّي
واغنمي نَفح الصَّبا وانتقلي / في الصِّبا المِمراحِ من غُصنٍ لغصن
وعلى أيكِكِ نَاغي كلَّ من / مرَّ بالأيكِ ونادِي كلَّ خِدن
لن يُحِبُّوك كحبي لن تَرَي / ضاحكاً مثلي ولا حُزناً كحزني
يا كتابَ الحُسن جَلَّت آيةً / من جمالٍ وكمالٍ وشباب
زعموا أنِّيَ قد خَلَّدتُها / بأغانيَّ وألحاني العِذاب
ما أنا شادٍ ولكن قارئٌ / سُوَراً من ذلك الحسنِ العُجاب
لم أزَل أقرأُ حتى سجدوا / وَجَعَلتُ الخُلدَ عُنوان الكتاب
يا ابنةَ الأصدافِ والبحرُ أبي / قبلَ أن يُلقِي بي الموجُ هُنا
سائلي الأعماقَ عن غَوَّاصها / أنا صَيَّاد لآليها أنا
إن هَجَرنا القاعَ والليلَ إِلى / قِمَمٍ شُمٍّ وعِشنا في السَّنا
فَبِنا الأمواجُ والصخرُ وما / بَرِحَ العاصفُ في أعماقنا
عاصفٌ عاتٍ تمنّيت له / هَدأةً أينَ له ما تطلبين
اسألي عن مقلةٍ مخلصةٍ / خَبأَت رسمَكِ في جَفنٍ أمين
سَهرت تَرعاك مهما لقيت / في سبيل العهدِ والودِّ المكين
أقسمت لا تسألُ النَّومَ ولا / تطلبُ الرحمة منه بعض حين
بعدَ ما غَوَّر نجمي ودليلي / ما مسيري دون تِربٍ وخليل
في طريق الشَّوكِ والصخر وفي / شُعَب الإرهاق والكَدِّ الوبيل
الغريبانِ عليها التَقَيَا / يستعينان على الدَّربِ الطويل
ما انتفاعي بحياتي بعد ما / سَاقَكِ التيَّارُ في غير سبيلي
يا لجَهلِ اثنين أقدارَهما / آه يا ليتهما قد عَرَفَا
ما الذي نصنعُ بالعيشِ إذا / ما صَحَا القلبُ غريباً وغَفَا
ما الذي نصنعُ بالعيشِ إذا / ما السبيلان عليه اختلفا
ما الذي نصنعُ بالعيشِ إِذا / صارَ تَذكاراً فأَمسَى أسفا
عندما تُقفِرُ دارٌ من رِفاق / وتُحِسُّ السمَّ في كاسٍ وساقِ
عندما يكشِفُ بؤسٌ وجهَه / سافرَ اللّعنةِ مفقودَ الخلاق
عندما تُمسِي بِظِلٍّ عالقاً / وبخيطِ الوهم مشدودَ الوثاق
يا فؤادي انظر وفكر وأفِق / أيُّ قَيدٍ لك بالأحبابِ باق
كل جِدٍّ عَبَثٌ والدهرُ ساخر / وخبيء السرِّ للعينين ظاهر
أدَّعِي أني مقيمٌ وَغَداً / رَكبيَ المُضنَى إلى الصحراءِ سائر
عندما صافحتُ خانَتني يدي / وَوَشَى خاف من الأشجانِ سافر
كَذَبَت كفٌّ على أطرافها / رِعشَةُ البُعدِ وإحساسُ المسافر
يا دياراً يومُها من سُحُبٍ / وغيومٍ وضبابٌ أُفقُ غَد
كلّ نَبتٍ عبقريٍّ أطلَعت / جعلت منه طعاماً للحسَد
أخلَفَ الميثاقَ من كان بها / كلّ آمالي فلم يَبقَ أحد
ضاعَ عمرٌ وحصادٌ وغَدَا / من هشيم كلُّ ما كنتُ أعِدّ
قُم بنا والكونُ جَهمٌ كالدجى / نَتَلَمَّس من جحيمٍ مَخرَجا
وانج منه ببقايا رَمَقٍ / أو حُطامٍ وقليلٌ مَن نجا
لا تُدر راياً به أضيَعُ مَن / في لظاه مستعينٌ بالحِجا
واسألِ الرحمنَ أن يُصلِحَ عَه / داً كسيحاً وزماناً أعرَجا
عشتُ وامتدَّت حياتي لأرَى / في الثرى مَن كان قَبلاً في القمم
انهيار المُثُلِ العليا وإن / كار آلاءٍ وكُفرٍ بالقِيَم
مَن يَكُن عَضَّ بناناً نادماً / فأنا قَطَّعتُ إِبهامَ النّدَم
وإذا انحَطَّ زمانٌ لم تَجِد / عالياً ذا رفعَةٍ إلا الألم
ضِحكةٌ ساخرةٌ هازلةٌ / وخيالٌ تافِهٌ هذي الحياه
هذهِ الأكذوبةُ الكُبرى التي / خُدعَ الناسُ بها واأسفاه
ذلَّ فيها المالُ والجاهُ إلى / أن غدا أحقَرَها مالٌ وجاه
نَحمَدُ الله على أنَّا بها / لم نَصُن من ذِلَّةٍ إلا الجباه
عَبَثاً أهرُبُ من نفسي ومن / ذلك الساكنِ روحي والبَدَن
من لقلبٍ مُستطارِ اللُّبِّ مَن / كلما عاوده التَّذكارُ جُنّ
أينما أمضي فحولي ذِكرٌ / وحبيبٌ ومكانٌ وزمن
وربيعٌ دائمُ الخضرةِ في / روضة النفس وطَيرٌ وفَنَن
قصةٌ خالدةٌ لا تنتهي / وهي ما كان لها يومُ ابتداءِ
أنا لا أدري متى كان ولا / أين عند الله أسرارُ اللقاءِ
حينما لاحَ شِهابٌ في سمائي / أسمرُ النور رفيعُ الخُيلاءِ
عبقريٌّ مُوحشٌ منفردٌ / متعالٍ قَلِقُ الأضواءِ ناءِ
هو في الأفق بعيدٌ وهو دانِ / هو لي نفسي وروحي وكِياني
مخطئٌ من ظَنَّ أنَّا مُهجتان / مخطئٌ من ظَنَّ أنّا توأمان
هو شطرُ النَّفسِ لا توأمُها / هو منها هو فيها كلَّ آن
نحنُ نبضٌ واحدٌ نحن دمٌ / واحدٌ حتى الردى متّحدان
يا نسيم البحر ريانَ بطيب
يا نسيم البحر ريانَ بطيب / ما الذي تحمل من عطر الحبيب
صافحتني من نواحيك يدٌ / تمسح الدمعة عن جفن الغريب
وتلقَّاني رشاشٌ كالبكا / وهديرٌ مثل موصول النحيب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025