أعربت لي بك ألحان الغنا
أعربت لي بك ألحان الغنا / السن البشري بنيل الأرب
وغدت تحلب لي كف المنى / بكؤوس الأنس ضرع الطرب
حيث برق السعد بالأفق بدا / وبه انهل سحاب الفرح
فكسا الروض من اليمن ردا / أخضراً وشته بيض المنح
وبه ناتج آمالي غدا / قطفه دان به لم يبرح
كلما فاح شذىً عرفنا / عرفه أفراح كل الحقب
في ليال عدن بالوقت السعيد / وبها شمل الهنا قد جمعا
فهي أيام غدت أيام عيد / ناهجاً للإنس نهجاً مهيعا
قد صفا فيهن لي عيش رغيد / مذ غدا روض الملاهي ممرعا
إذ تلا يهزج في روض العنا / بلبل الأنس بنادي الطرب
رشأ يختال في أبهى البرود / فسباني جيده لما سنح
نرجسي اللحظ وردي الخدود / يمنع الريق ويسخو بالقدح
أبيض المنظر مسود الجعود / كلما استمسك يثنيه المرح
ما حكاه كل من قد حسنا / كيف يحكى وهو بالحسن نبي
قام يجلو راحة في راحتيه / خلتها شمساً لها البدر مدير
وزهت شهب الدجى بين يديه / فترى الآفاق فيها تستنير
لاح في مرآتها من وجنتيه / إذ جلاها وهي في نشر العبير
حمرة الياقوت بل أبهى سنا / وبها شعت لئالي الحبب
أشرقت في كفه مشكاة نور / بالتهاب من حباب كالنجوم
قام فيها ناشراً من في القبور / فهي الروح أعيدت للجسوم
إنها أقوى براهين الثغور / لك فيما تدعيه وتروم
كيف أسقاها ومشروع القنا / حكمت منه بمنع الطلب
ولبيض القضب من سود المقل / برق استمطر منه العطبا
أترى إن جئت في صادي الغلل / كيف من ثغرك أسقي الضربا
وبها عنون محتوم الأجل / لم أجل لي عن شباها مهربا
آه من ذي صبوة قد فتنا / فيك لا يحظى بغير العطب
وبك أنهل دماً دمعي وقد / صبغت حمراً به مني الثياب
وبقلبي قبس الشوق وقد / فلك النور ولي منه الشهاب
يا رشيقاً قلبه للقلب قد / أفلا ترحم صباً فيك شاب
ولماذا لم أنل منك المنى / أفلا تغفر ذنب المذنب
من لصب كلما رام لماك / رغبة فيه عن الكأس الدهاق
أو بخلاً فيه قد حرمت فاك / أم دلالاً منك يا واهي النطاق
لم يزل فيك وإن قل وفاك / شغفاً مورىً بنار الاشيتاق
أنا في حبك قاسيت العنا / لم أجد غيرك في من مذهب
لم أزل أطوي الليالي في قلق / حين أبدلت عن الوصل الصدود
وأسأل الوجد دمعي في الحرق / لا هباً ينهل من فوق الخدود
يا بديع الحسن يا ساهي الحدق / أتراك اليوم موفٍ بالعهود
وترى ينتظم الشمل لنا / بعد ما ولى كعنقا مغرب
حبذا طيب وصل لا يعود / بك في مغنى الغنا آنسه
كان لي فيك به مخضر عود / والنوى ما بيننا أيبسه
أترى الدهر بما فات يجود / يأخذ اليوم ويعطي أمسه
فلقد كان به منهجنا / مهيعاً للكاعبات العرب
عربٌ تسطع ما بين السجوف / فتحاكي بسناها النيرين
ولها من فاحم الشعر صفوف / قد حكى لسعاً أفاعي الواديين
تتلوى فأرى فيها الحتوف / ترصد الصب بأعلى المنكبين
أو بها أرسلن نحوي شطنا / فمنحن الدمع من ذا الوصب
قال رائيها بأكناف المراح / كمصابيح انجلت في خندس
أصباح لاح أم بيضٌ صباح / أسفرت تجلو دياجي الغلس
بيض أوراكٍ صقيلات الصفاح / لم تزل مولعة بالميس
بدرياتٌ لها البدر عنا / وغدت تخجل زهر الشهب
نشرت أنفاسها عرف الخليط / بشذا قيصومها أو شيحها
وطوت أيدي مطاياها البسيط / تترامى في مرامي فيحها
فغدا بحر دموعي كالمحيط / حيث أشجاني صدى تطويحها
وبه أجرى دموعي سننا / من هيامي للحسان الكعب
فلها لا زلت خوار العنان / وعن الحب لها صعب القياد
ليت تجب العيس قد كان بطان / كورها لما سرت مني الفؤاد
أو فجنبي لطلاح البزل كان / مطرحاً تمرح فيه بالوهاد
أو فعيني بوأتها مسكنا / من جفاها ورفيع الطنب
لست أنفك على طول الدهور / لهجاً في ذكر أقمار حسان
سرحت عاقدة تاج الشعور / حائزات الحسن في سبق الرهان
ولوت في جيدها أطواق نور / كالتواء السعد في جيد الزمان
إذ تغنت لي في لحن الهنا / ألسن البشرى بنيل الأرب