القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 3
ربَّتي ربَّةُ أشعاري وحُبِّي وغنائي
ربَّتي ربَّةُ أشعاري وحُبِّي وغنائي /
هي حوريَّةُ غابٍ لم تَبنْ للشعراءِ /
وعروسٌ من بنات الجنِّ لم تبْدُ لرائي /
مثلَها لم يَرَ صَيَّادٌ على صفحةِ ماءِ /
فِتنةُ الشاعر في وحدتهِ كلَّ مساءِ /
غنَّتِ الأحلامُ في غرفتهِ لحنَ اللِّقاءِ /
وسرَتْ ترْقُصُ حوليْهِ على خَفق الهواءِ /
ورفيفِ السُّحبِ والأنجم والشهبِ الوضاءِ /
ولغيري لم تكنْ تخطرُ في هذا الرواءِ /
لا ولم تروِ كهذا اللحنِ في هذا الصّفاءِ /
وليالي الصيفِ منها كأماسيِّ الشتاءِ /
بِتُّ أسقيها وتسقيني على محض الوفاءِ /
خمرةً ما قبَّلتْ غير شفاهِ الأنبياءِ /
خمرةً في الغيبِ كانت قطراتٍ من ضياءِ /
خُتِمَتْ بالشفَق الورديِّ في أصفى إناءِ /
جُبلتْ فخّارتاهُ من صفاءٍ ونقاءِ /
حدَّثوا عنها وما أحلى حديثَ الندماءِ /
قال منهم واحدٌ في غير زهوٍ وادِّعاءِ /
هذه الخمرةُ كانتْ لملوكٍ أتقياءِ /
عصروها من جنى الربَّاتِ في فجر شتاءِ /
ثم آلتْ لغلامٍ رائعٍ جمِّ الذكاءِ /
شرِهِ النظرة عربيدٍ شديدِ الغُلواءِ /
عشقَ البحرَ وعافَ القصرَ مرفوعَ البناءِ /
ومضى يضربُ في الكون على غير اهتداءِ /
عاش كالقرصانِ يطوي كلَّ بحرٍ وفضاءِ /
بشراعٍ صُنْعُهُ إحدى أعاجيبِ الخفاءِ /
غَزلاً يملك بالشعر مقاليدَ النساءِ /
كلما هام بأُنثى أو صَبا بعد اشتهاءِ /
وشكا الكأسُ إليهِ طولَ هجرٍ وجفاءِ /
همَّ أن يشربَ فارتدَّ فأغضى في حياءِ /
ضَنَّ بالقطرة منها وكذا شرعُ الولاءِ /
ومضى جيلٌ وجيلٌ وهو مشبوبُ الدماءِ /
ضارباً في العاصفِ الثائرِ والرِّيح الرُّخاءِ /
وأتاهُ القدرُ الساخرُ أو حكم القضاءِ /
فدعا الرَّباتِ واستصرخَ من فرطِ عياءِ /
فأتَتْهُ ربَّة الشعر على رغم التنائي /
قال إنْ متُّ فما أجدرُ مثلي بالرثاءِ /
ورثاءٌ منك يُحييني على رغم الفناءِ /
وحباها سِرَّهُ الخالدَ أو سرَّ البقاءِ /
هامساً والنُّورُ في ناظره وَشْكَ انطفاءِ /
لكِ ما اسُتودِعتُ أو ما صُنتُ في هذا الإناءِ /
لا تذودي عنه معشوقكِ يا بنتَ السماءِ /
إنه مَلاحُ بحرٍ ما لهُ من نُظراءِ /
فيهِ أحيا وبه أنشرُ في البحر لوائي /
هذه خَمرة أشعاري وحُبِّي وغنائي /
في قصيدٍ مُحدَثٍ أو في حديثِ القدماءِ /
إسمعي أيَّتُها الروحُ أفي الكون غِناءُ
إسمعي أيَّتُها الروحُ أفي الكون غِناءُ /
وانظري هل في نواحي الأرض بالليل ضياءُ /
لا تُرَاعي أنْ يكنْ قصَّرَ عنكِ البُشراءُ /
فالنواقيس التي حيَّتكِ أشجاها القضاءُ /
الشَّجَى رَجْعُ صداها والأسى والبُرحاءُ /
والتراتيلُ من البيعَة نوحٌ وبكاءُ /
ردَّدتهنَّ الثكالى واليتامى الشهداءُ /
والمصابيحُ التي كان بها يُزهى المساءُ /
خنقتْها قبضةُ الشرِّ فما فيها ذَماءُ /
صبغوها بسوادٍ فهيَ والليلُ سواءُ /
مأتمٌ للنور قام الويلُ فيه والشقاءُ /
تحت ليلٍ ما له بدءٌ ولا منهُ انتهاءُ /
أيها المبعوث لا ضنَّتْ برُجعاكَ السماءُ /
أُنظرِ الأرضَ فهل في الأرض حُبٌّ وإخاءُ /
نسِيَ القومُ وصاياكَ وضلُّوا وأساءوا /
وكما باعوكَ يا منقذُ بِيعَ الأبرياءُ /
ليلةَ الميلاد والدنيا دموعٌ ودماءُ /
في ربوعٍ كانَ فيها لكِ بالسلم ازدهاءُ /
باسمه يشدو المغنُّون ويشدو الشُّعراءُ /
أين ولَّتْ هذه الفرحةُ أم أين الصَّفاءُ /
لم تصافحكِ من الأطفال أحلامٌ وِضاءُ /
رقدوا غيرَ عيونٍ رِيعَ منهنَّ الفضاءُ /
ترقب الآباءَ هلْ عادوا وهل حان اللقاءُ /
بين أيدي أُمهاتٍ بِتنَ والليل جفاءُ /
في طوايا النفس يبكين وقد عزَّ الرجاءُ /
ويحهم أين تُراهم هؤلاء الأشقياءُ /
هم وراء الليل أجسادٌ وأرواحٌ هباءُ /
ووجوهٌ رسَمَ الرعبُ عليها ما يشاءُ /
خندقوا في مأزقِ الموتِ وما منهُ نجاءُ /
بين موجٍ من سعيرٍ يتوقَّاه الفناءُ /
وجبالٍ من رُكام الثلج يُرسيها الشتاءُ /
وحديدٍ طائرٍ يحذر مسراه الهواءُ /
وعجيبٌ فيمَ للموت يُساق التعساءُ /
في سبيل الخبز والخبز اكتسابٌ ورضاءُ /
في سبيل الحقِّ والحقُّ لدى القوم طلاءُ /
في سبيل المجد والمجدُ من البغي براءُ /
أو في المجزرة الكبرى تنالُ المجدَ شاءُ /
كذب الباغي وللسيف بكفَّيه مَضاءُ /
وخداعٌ كلُّ ما قال وزورٌ وافتراءُ /
أيها الشرق الذي خصَّته بالرُّوح السماءُ /
هذه الروح التي شيدَ بكفَّيها البناءُ /
والتي من نورها العالم يُجْلى ويُضاءُ /
يا أبا الحكمة لا هانَ عليك الحكماءُ /
نادِ أوربا فقد ينفعها منك النداءُ /
حانتِ الساعةُ يا أختاهُ أم حقَّ الجزاءُ /
دِنتِ بالقوَّة حتى صَرَعَتكِ الكبرياءُ /
أرقصي في النَّار أنتِ اليوم للنار غذاءُ /
واشربي في حانة الشيطان ما فاض الإناءُ /
حانةٌ للموتِ فيها من دَمِ القتلى انتشاءُ /
نادِمي مَن شئتِ فيها فالمنايا الندماءُ /
وارفعي الكأس وغنّي وعلى الدنيا العفاءُ /
يا قوياً لم يَهُنْ يوماً عليه الضعفاءُ /
وضعيفاً واسمه يفزعُ منه الأقوياءُ /
وأنا المسلمُ لا يجحَدُ عندي الأنبياءُ /
أنتَ في القرآن حُبٌّ وجمالٌ ونقاءُ /
عَجبٌ فِديتُك المُثلى وفي القول عزاءُ /
ألهذا العالَمِ الشرِّير قد ضاع الفداءُ /
كم شهيدٍ فيكِ مهدور الدِّماء
كم شهيدٍ فيكِ مهدور الدِّماء / لا تُراعِي أنتِ أمُّ الشُّهداءْ
كلُّ غالٍ من مناعٍ ودمٍ / لكِ يا مصرُ وما عزَّ الفداءْ
إيهِ يا مصرُ خُذي ما شئتِهِ / ولداعي المجد منا ما يشاءْ
قيل أودى بأمين قاتلٌ / كيف يُودي ببنيك الأُمنَاءْ
كيف يُودَى بفتىً من خُلقِهِ / كلُّ معنىً من سماحٍ ووفاءْ
كمنَ الغدر لهُ ثم رمى / عن يدٍ عسراءَ شعواءَ الرّماءْ
صاعداً يرقى على سُلَّمهِ / دَرَجَ المجد ومرموقَ العلاءْ
دمُهُ المسفوك حُبٌّ وندىً / ومزاجٌ من حياءٍ وإِباءْ
ورحيقٌ عَطِرٌ من نفحه / يثْمَل الأعداءُ قبل الأصدقاءْ
وهوىً للوطن الحر الذي / خرَّ في حومته بعض ذماءْ
لو أتاهُ نبأٌ عن قتله / قال وهمٌ وأحاديثُ افتراءْ
فتنةٌ حمراءُ شَبَّتْ نارها / شهواتٌ يَنتحينَ الأبرياءْ
عربدتْ هوجاءَ واستشرتْ قُوى / واستبدَّتْ بعقول الضعفاءْ
باطلٌ إن مرّت الرِّيحُ به / طارَ عن صاحبهِ وهو هباءْ
وإِذا ما لمح النُّورَ جَرَى / وتخفَّى تحت جنحٍ من مساءْ
لا تقولوا طائشٌ في رأيهِ / إِنما الرأيُ من الغدر براءْ
إِنما الناسُ لهمْ آراؤهم / وهمو الأحرار فيها الطُّلقاءْ
وعلى ودٍّ وبرٍّ وهدى / لهمو فيها فراقٌ ولقاءْ
غير ما مسَّ دماً فاجهر به / وتَحدَّ الحاكمين الأقوياءْ
واذكر الأوطان لا تأخذ بما / يكتب الحقدُ ويُمليهِ العداءْ
ليس من مصر ولا من أهلها / مُزْهِقُ الأرواح أو مُجري الدماءْ
يا زعيمَ الشعب هذي محنةٌ / فوق ما يحمل طوقُ الزعماءْ
ليست الأُولى وقد كنتَ لها / غَرَضاً منه لك الرُّوحُ وقاءْ
قدَّرَ اللّه وما قدَّرهُ / ليس يُعْفى منه سكانُ السماءْ
من يكن مثلَكَ في إِيمانه / كيف أدعوه لصبرٍ أو عزاءْ
إِنني أرثي لمصر رجلاً / مصرُ منا فيهِ أحرى بالرثاءْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025