المجموع : 48
لستُ أنسى الرَّكب بنا
لستُ أنسى الرَّكب بنا / بَعد وادي المُنحنى في لَعْلَعِ
وعلى أَرسُم ربعٍ دارسٍ / نفَّسَ الوجدُ وعاءَ الأَدمع
أَربُعٌ للَّهو كانت ملعباً / ثمَّ كانت بعد حينٍ مصرعي
كانَ للعين بقايا أَدْمُعٍ / فأَراقَتْها بتلك الأَربُع
أترى عيشاً لنا في رامةٍ / راجعاً يوماً وهل من مرجع
كانَ من ريق الحميَّا موردي / وبأَزهار الغواني مرتعي
وبأحباب مضى عهدي بهم / وبهم وَجْدي وفيهم ولعي
ولقد أَصْبَحْتُ من بعدهمُ / قانعاً منهم بما لم أَقنع
كلَّما أَذكرهم لي أَنَّةٌ / عن فؤادٍ مستهامٍ موجع
يستريب الواشي منه عبرة / أَظْهَرَتْ ما أَضْمَرَتْهُ أضلعي
وادَّعى أنِّي شجٍ مستغرمٍ / صَدَق الواشون فيما تدَّعي
هاجَتِ الوَرقاءُ وجداً كامناً / في فؤادي وأثارت جزعي
ليت في عينيك ما في أعيني / ورأت عيناك فيض الأَدمع
إنْ بكيتُ الإِلْف أثناه النوى / فابكي يا أيّتها الوُرق معي
بَلَغَ الشَّوْقُ لعمري ما أراد
بَلَغَ الشَّوْقُ لعمري ما أراد / وقَضى من مُهجةِ الصَّبِّ المُرادا
فليَدَعْهُ في الهوى عاذِلُه / يَحْسَبُ الغيَّ وإنْ ضَلَّ رشادا
يُرسِلُ الوَجْدَ إلى أجفانه / رُسُلَ الأدمع مثنى وفرادى
لم يُرقْها عَبرةً إلاَّ إذا / اتَّقَدَتْ نارُ الجوى فيه اتقادا
قد مَنعتُم أعيني طيبَ الكرى / فحريٌّ أنْ يُصارمن الرقادا
وبخلتُم بخيالِ طارقٍ / لو دنا ما بِتُّ أشكوه البعادا
فابخلوا ما شِئْتُم أن تَبْخَلوا / إنَّ طرفي كانَ بالدمع جوادا
أهلَ وُدّي لِمَ لا ترعَوْن لي / ذِمَّةَ الوُدِّ وأرعاكم ودادا
أنْفَدَ الصَّبُّ عليكم صَبْرَه / وهو لا يخشى على الدَّمع نفادا
وعلى ما أنا فيه من جوًى / ما أظنُّ الوَجْدَ يبقى لي فؤادا
فسقى عهد الهوى من مربع / بتُّ أسقيه من القطر العهادا
أيُّ ربع وَقَفَ الركبُ به / ذاكراً بالربع سلمى وسعادا
وبكى أرْسُمَ رسمٍ دارسٍ / أحْسَنَ القطرُ بكاها وأجادا
يَقِفُ المغرمُ فيها وقفةً / يخضل السَّيف عليها والنجادا
ما حَضَ النُّصحَ به مجتهداً / أخطأ الرأي به والاجتهادا
ذاكراً في الربع أيام الهوى / من لأيامك فيها أن تعادا
أينَ أسرابك ما إن سَنَحَتْ / أعْيَتْ القانِصَ إلاَّ أن يُصادا
وإذا ما نَظَرَتْ أو خَطَرَتْ / عَرَّفَتْك البيضَ والسُّمْر الصعادا
ولكَمْ من طُرَّةٍ في غُرَّةٍ / خلع الليلُ على الصُّبحِ السوادا
وقَوامٍ يَرقُصُ البانُ له / وتَثَنَّى مُعْجَباً فيه ومادا
آه من فاتكةٍ ألحاظُهُ / فتكةَ السَّهمِ إذا أصمى الفؤادا
لا تؤاخِذْ بدمي ناظِرَهُ / وقَتيلُ الحبّ يأبى أن يفادى
قد بَلَوْتُ الدهر وَصلاً وقلًى / وَوَرَدْتُ الحبَّ غمراً وثمادا
فتمنَّيْتُ مع الوصل القلى / وتخيَّرْتُ على القرب البعادا
عَرف العالمَ من خالَطَهم / واستفاد العلمَ فيهم وأفادا
وإذا ما اتقد النَّاسَ امرؤٌ / زهد النَّاسَ وملَّ الانتقادا
قل لمن ظنَّ علياً راجياً / أن يبارى في المعالي أو يحادى
وإذا ما قَدَحَتْ أيديهُمُ / بزنادٍ كانَ أوراهم زنادا
بَعُدَ النجمُ على طالبه / ومن المعجز يوماً أن يرادا
رفعةٌ قائمةٌ في ذاتِه / أطِرافاً يبتغيها أم تلادا
قمرُ النادي إذا نادَيته / حبَّذا النادي مجيباً والمنادى
لِمُلِمٍ تَتَرجَّى نَقْصَه / ونوالٍ تبتَغي منه ازديادا
أبحُر الجود وكلٌّ منهمُ / ربَّما أربى على البحر وزادا
جاذَبوا العَلياءَ فانقادت لهم / يوم قادوها من الخيل جيادا
ولئن لانوا قلوباً خَشَعَتْ / فلقد كانوا على الكفر شدادا
أعْرَضوا عن عَرض الدنيا وما / زُوِّدوا غيرَ التقى في الله زادا
سادَةَ الدّنيا وأعلام الهدى / أكرمَ الخلق على الله عبادا
حَسْبُ آل البيت من مفتخر / ولَبيتِ المجد مذ أضحى عمادا
سيْد في الغرّ من أبنائهم / لمباني مجدهم شاد وسادا
منعمٌ أمرح في أنعامه / وإذا ما زدته بالشكر زادا
يا أبا سلمان يا ربَّ النَّدى / والأيادي البيض ما أعطى وجادا
قُدْتَها مستصعباتٍ في العُلى / قد أبَتْ إلاَّ لعلياك انقيادا
رُبَّ أنْفٍ شامخٍ أرْغَمْتَه / فاستحالت نارهُ فيك رمادا
قد جَنَيْتَ العزَّ غضاً يانعاً / ومضى يخرُط شانيك القَتادا
مَنَعَ الصدقُ أكاذيب العدى / فإذا خاضوا بها خاضوا عنادا
عَقَدَ الله به ألْسِنَةً / كانت الأمس على الزور حدادا
لستُ أستوفي ثنائي فيكم / ولو انِّي أجعل البحر مدادا
أنا ممن يرتجي إحسانكم / أبَدَ الدهر وإن مات وبادا
قد مَلأتُ الأرض فيكم مِدَحاً / ذَهَبَتْ في الأرض تستقري البلادا
كلَّما أنْشَدَها مُنْشِدُها / أطربَ الإنسانَ فيها والجمادا
ولقد ألتَذُّ في مدحي لكم / في الأحاديث وإن كانَ معادا
وإذا أمْلَقْتُ أيْقَنْتُ الغنى / ثقةً بالجود منكم واعتمادا
لامَني سَعْدُ على
لامَني سَعْدُ على / وجديَ في آل سُعادِ
فَذَرِ اللَّومَ ولا تعبأ / بِغَيٍّ أو رشاد
أنا في وادٍ ومَن / لام على الوجد بواد
قوَّضَ الركبُ صباحاً / وحدا بالركب حادي
فدموعي بانسكابٍ / وفؤادي باتّقاد
قادني الوَجْدُ وقد / كنتُ له صعب القياد
وإلى الجزع وأهل الج / زع هذا القلب صادي
فسقى الجزع ومن في / الجزعِ منهلّ الغوادي
قرَّبوا منِّي تَلافي / يومَ جَدُّوا بالبعاد
وأرادوا بنواهم / في الهوى غيرَ مرادي
حانَ حَيني يا رفيقيَّ / وأبناءَ ودادي
من نعيمٍ لعُيوني / وعذابٍ لفؤادي
هذه الغاية في الحبّ / لهاتيك المبادي
دُمْتَ بالنيشان والعيد سعيدا
دُمْتَ بالنيشان والعيد سعيدا / فترى أيَّامَك الغَرّاء عيدا
أَنْتَ قد ألَّفْتَ فيما بينهم / وأغظْتَ البَرْمَ والخصم الحسودا
تترقّى رُتَب المجد الَّتي / ترتقي فيك إلى المجد صعودا
أقْبَلَ الخيرُ علينا كلُّه / ولقد أوسَعنا قبلُ صدودا
يا أميراً في كرامٍ نُجُبٍ / فَضَلوا العالم إحساناً وجودا
كانَ روضُ الأنس روضاً ذاوياً / فَغَدا من فَضْلكم غَضًّا جَديدا
شملَتْهم رأفةٌ منك بهم / وألانتهم وإنْ كانوا حديدا
تلكَ أيَّام نحوس قد خَلَتْ / واستحالت في مزاياك سعودا
قلت يا عُنْقَ المعالي فَزَهَتْ / عُنْقاً منك إلى المجد وجيدا
قد ذكرناكُم على بُعد المزار
قد ذكرناكُم على بُعد المزار / فانتَشينا بمُدام الادّكار
وتعاطينا حُميّا ذكركم / فَغنينا عن معاطاة العقار
وتجاذَبنا أحاديثَ النوى / وزمانَ الوَصلِ في قرب الديار
فكثيراً ما تمنّى قربكم / ذائبُ الدَّمع قليل الاصطبار
فكأنَّ الوَجْدَ في أحشائه / لِسَنا أوجُهِكم جذوة نار
ربَّ صَحْبٍ نظمت شملهم / ليلةٌ أحسن من نظم الدراري
فكأنّي بينهم في روضة / من شقيق وأقاحٍ وبهار
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم / فتراني في نظام ونثار
أنا ما زِلت أُداري بينَهم / غير أنّي في الهوى ممن يداري
فاذكرونا بكتاب منكم / أنا ما زِلتُ له بالانتظار
عَلّموا يا سَعدُ جيرانَ الغضا
عَلّموا يا سَعدُ جيرانَ الغضا / أنَّ نيرانَ الغَضا تَحتَ ضُلوعي
يَوْمَ راحوا يشتكيهم حُرَقاً / خِضل الأجفان تَحتَ ضُلوعي
دَنِفٌ إنْ أهرقَ الدَّمع فمن / كَبِدٍ حرّى ومن قلبٍ مروع
شَرِبَ الحبَّ بم صرفاً فما / يمزج الأدمعَ إلاَّ بنجيع
لا رعاكِ الله نوقاً أرقَلَتْ / بشموسٍ غَرُبَتْ بعد طلوع
تركتني في نزاعٍ بَعدَما / أزْمَعَتْ يوم التنائي لنزوع
وقع الهجر وما كانَ لكم / ذلك الهجران مأمونَ الوقوع
أوَما يكفيكم من دَنِفٍ / ما رأيتم من غَرامي وولوعي
يشتكيكم في الهوى مستغرم / ما شكا إلاَّ إلى غير سميع
يتشافى بعدكم في زعمِهِ / بالصَّبا النجديّ والبرق اللموع
هذه غاية صبري عنكم / إنَّها يا سَعْدُ جهدُ المستطيع
إنَّما هذا لَعمري مَرْكَبٌ
إنَّما هذا لَعمري مَرْكَبٌ / في أمانِ الله فيه من يُسافرْ
فاركبوا فيه على أمنٍ به / فهو ممّا فيه ترتاح الخواطر
يملأ القلبَ سروراً ويرى / منه في البحر إذا ما سار طائر
وإذا سُخِّرتِ الريح له / كانَ من أمثاله في السير ساخر
وسموا نصرةَ شاهٍ باسمه / ناصر الدِّين لدين الله ناصر
شاه إيران وفي أيامه / جابرٌ أضحى لهذا الفلك واثر
خلَّد الله تعالى ملكه / وَوَقاه ربّه مما يحاذر
إنْ يكن جابرُ من أنصاره / فهو منصور وللأعداء كاسر
ثم لما كانَ في نصرته / أرّخوه نصرة الشاه بجابر
وَقَفَ الرَّبْع على مُرْتَبَعٍ
وَقَفَ الرَّبْع على مُرْتَبَعٍ / قد خلا يا سعدُ من آل سعاد
ورسومٍ رحت أستسقي لها / من عيون الركب منهلَّ الغوادي
فبكاها كلُّ صبٍّ بدمٍ / نائباً عني وما ذاك مرادي
وهذيم لم يجد ممّا به / جَلداً وهو قويٌّ في الجلاد
فتعجبت على علمي به / أنَّه صَلْدُ الصفا واري الزناد
من صبابات جوًى أضمرها / ودموعٍ فوق خدَّيْه بوادي
قائلاً كيف مَضَتْ أيامنا / وهوًى لم يك منها بالمعاد
وانقضى المعهد فَلِمْ لا تنقضي / زفرات الوجد من هذا الفؤاد