المجموع : 53
لا يُقيمَنَّ عَلى الضَيمِ الأَسَد
لا يُقيمَنَّ عَلى الضَيمِ الأَسَد / نَزَعَ الشِبلُ مِنَ الغابِ الوَتَد
كَبُرَ الشِبلُ وَشَبَّت نابُهُ / وَتَغَطّى مَنكِباهُ بِاللُبَد
اِترُكوهُ يَمشِ في آجامِهِ / وَدَعوهُ عَن حِمى الغابِ يَذُد
وَاِعرُضوا الدُنيا عَلى أَظفارِهِ / وَاِبعَثوهُ في صَحاراها يَصِد
فِتيَةَ الوادي عَرَفنا صَوتَكُم / مَرحَباً بِالطائِرِ الشادي الغَرِد
هُوَ صَوتُ الحَقِّ لَم يَبغِ وَلَم / يَحمِلِ الحِقدَ وَلَم يُخفِ الحَسَد
وَخَلا مِن شَهوَةٍ ما خالَطَت / صالِحاً مِن عَمَلٍ إِلّا فَسَد
حَرَّكَ البُلبُلُ عِطفَي رَبوَةٍ / كانَ فيها البومُ بِالأَيكِ اِنفَرَد
زَنبَقُ المُدنِ وَرَيحانُ القُرى / قامَ في كُلِّ طَريقٍ وَقَعَد
باكِراً كَالنَحلِ في أَسرابِها / كُلُّ سِربٍ قَد تَلاقى وَاِحتَشَد
قَد جَنى ما قَلَّ مِن زَهرِ الرُبا / ثُمَّ أَعطى بَدَلَ الزَهرِ الشُهُد
بَسَطَ الكَفَّ لِمَن صادَفَه / وَمَضى يَقصُرُ خَطواً وَيَمُد
يَجعَلُ الأَوطانَ أُغنِيَتَه / وَيُنادي الناسَ مَن جادَ وَجَد
كُلَّما مَرَّ بِبابٍ دَقَّهُ / أَو رَأى داراً عَلى الدَربِ قَصَد
غادِياً في المُدنِ أَو نَحوَ القِرى / رائِحاً يَسأَلُ قِرشاً لِلبَلَد
أَيُّها الناسُ اِسمَعوا أَصغوا لَهُ / أَخرِجوا المالَ إِلى البِرِّ يَعُد
لا تَرُدّوا يَدَهُم فارِغَةً / طالِبُ العَونِ لِمِصرٍ لا يُرَد
سَيَرى الناسُ عَجيباً في غَدٍ / يَغرِسُ القِرشُ وَيَبني وَيَلِد
يُنهِضُ اللَهُ الصِناعاتِ بِهِ / مِن عِثارٍ لَبَثَت فيهِ الأَبَد
أَو يَزيدَ البِرَّ داراً قَعَدَت / لِكِفاحِ السُلِّ أَو حَربِ الرَمَد
وَهوَ في الأَيدي وَفي قُدرَتِها / لَم يَضِق عَنهُ وَلَم يَعجِز أَحَد
تِلكَ مِصرُ الغَدِ تَبني مُلكَها / نادَتِ الباني وَجاءَت بِالعُدَد
وَعَلى المالِ بَنَت سُلطانَها / ثابِتَ الآساسِ مَرفوعَ العَمَد
وَأَصارَت بَنكَ مِصرٍ كَهفَها / حَبَّذا الرُكنُ وَأَعظِم بِالسَنَد
مَثَلٌ مِن هِمَّةٍ قَد بَعُدَت / وَمَداها في المَعالي قَد بَعُد
رَدَّها العَصرُ إِلى أُسلوبِهِ / كُلُّ عَصرٍ بِأَساليبَ جُدُد
البَنونَ اِستَنهَضوا آبائَهُم / وَدَعا الشِبلُ مِنَ الوادي الأَسَد
أَصبَحَت مِصرُ وَأَضحى مَجدُها / هِمَّةَ الوالِدِ أَو شُغلَ الوَلَد
هَذِهِ الهِمَّةُ بِالأَمسِ جَرَت / فَحَوَت في طَلَبِ الحَقِّ الأَمَد
أَيُّها الجيلُ الَّذي نَرجو لِغَدٍ / غَدُكَ العِزُّ وَدُنياكَ الرَغَد
أَنتَ في مَدرَجَةِ السَيلِ وَقَد / ضَلَّ مَن في مَدرَجِ السَيلِ رَقَد
قُدتَ في الحَقِّ فَقُد في مِثلِهِ / مِن نَواحي القَصدِ أَو سُبلِ الرَشَد
رُبَّ عامٍ أَنتَ فيهِ واجِدٌ / وَاِدَّخِر فيهِ لِعامٍ لا تَجِد
عَلِّمِ الآباءَ وَاِهتِف قائِلاً / أَيُّها الشَعبُ تَعاوَن وَاِقتَصِد
اِجمَعِ القِرشَ إِلى القِرشِ يَكُن / لَكَ مِن جَمعِهِما مالٌ لُبَد
اُطلِبِ القُطنَ وَزاوِل غَيرَهُ / وَاِتَّخِذ سوقاً إِذا سوقٌ كَسَد
نَحنُ قَبلَ القُطنِ كُنّا أُمَّةً / تَهبِطُ الوادي وَتَرعى وَتَرِد
قَد أَخَذنا في الصِناعاتِ المَدى / وَبَنَينا في الأَوالي ما خَلَد
وَغَزَلنا قَبلَ إِدريسَ الكُسا / وَنَسَجنا قَبلَ داوُدَ الزَرَد
إِن تَكُ اليَومَ لِواءً قائِداً / كَم لِواءٍ لَكَ بِالأَمسِ اِنعَقَد
أَحمُدُكَ اللَهَ وَأُطري الأَنبِياء
أَحمُدُكَ اللَهَ وَأُطري الأَنبِياء / مَصدَرَ الحِكمَةِ طُرّاً وَالضِياء
وَلَهُ الشُكرُ عَلى نُعمى الوُجود / وَعَلى ما نِلتُ مِن فَضلٍ وَجود
اُعبُدِ اللَهَ بِعَقلٍ يا بُنَيَّ / وَبِقَلبٍ مِن رَجاءِ اللَهِ حَي
اُرجُهُ تُعطَ مَقاليدَ الفَلَك / وَاِخشَهُ خَشيَةَ مَن فيهِ هَلَك
اُنظُرِ المُلكَ وَأَكبِر ما خَلَق / وَتَمَتَّع فيهِ مِن خَيرٍ رَزَق
أَنتَ في الكَونِ مَحَلُّ التَكرِمَه / كُلُّ شَيءٍ لَكَ عَبدٌ أَو أَمَه
سُخِّرَ العالَمُ مِن أَرضٍ وَماء / لَكَ وَالريحُ وَما تَحتَ السَماء
اُذكُرِ الآيَةَ إِذ أَنتَ جَنين / لَكَ في الظُلمَةِ لِلنورِ حَنين
كُلَّ يَومٍ لَكَ شَأنٌ في الظُلَم / حارَ فيهِ كُلُّ بُقراطٍ عَلَم
كانَ في جَنبِكَ شَيءٌ مِن عَلَقَ / حينَ مَسَّتهُ يَدُ اللَهِ خَفَق
صارَ حِسّاً وَحَياةً بَعدَما / كانَ في الأَضلاعِ لَحماً وَدَما
دَقَّ كَالناقوسِ وَسطَ الهَيكَل / في اِنتِفاضٍ كَاِنتِفاضِ البُلبُل
قُل لِمَن طَبَّبَ أَو مَن نَجَّما / صَنعَةُ اللَهِ وَلَكِن زِغتُما
آمِنا بِاللَهِ إيمانَ العَجوز / إِنَّ غَيرَ اللَهِ عَقلاً لا يَجوز
أَيُّها الطالِبُ لِلعِلمِ اِستَمِع / خَيرَ ما في طَلَبِ العِلمِ جُمِع
هُوَ إِن أوتيتَهُ أَسنى النِعَم / هَل تَرى الجُهّالَ إِلّا كَالنَعَم
اُطلُبِ العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا / لِظُهورٍ باطِلٍ بَينَ المَلا
عِندَ أَهلِ العِلمِ لِلعِلمِ مَذاق / فَإِذا فاتَكَ هَذا فَاِفتِراق
طَلَبُ المَحرومِ لِلعِلمِ سُدى / لَيسَ لِلأَعمى عَلى الضَوءِ هُدى
فَإِذا فاتَكَ تَوفيقُ العَليم / فَاِمتَنِع عَن كُلِّ تَحصيلٍ عَقيم
وَاِطلُبِ الرِزقَ هُنا أَو هَهُنا / كَم مَعَ الجَهلِ يَسارٌ وَغِنى
كُلُّ ما عَلَّمَكَ الدَهرُ اِعلَمِ / التَجاريبُ عُلومُ الفَهِمِ
إِنَّما الأَيّامُ وَالعَيشُ كِتاب / كُلَّ يَومٍ فيهِ لِلعِبرَةِ باب
إِن رُزِقتَ العِلمَ زِنهُ بِالبَيان / ما يُفيدُ العَقلُ إِن عَيَّ اللِسان
كَم عَليمٍ سَقَطَ العِيُّ بِهِ / مُظلِمٌ لا تَهتَدي في كُتبِهِ
وَأَديبٍ فاتَهُ العِلمُ فَما / جاءَ بِالحِكمَةِ فيما نَظَما
إِنَّ لِلعِلمِ جَميعاً فَلسَفَه / مَن تَغِب عَنهُ تَفُتهُ المَعرِفَه
اِقرَإِ التاريخَ إِذ فيهِ العِبَر / ضاعَ قَومٌ لَيسَ يَدرونَ الخَبَر
كُن إِلى المَوتِ عَلى حُبِّ الوَطَن / مَن يَخُن أَوطانَهُ يَوماً يُخَن
وَطَنُ المَرءِ جَماهُ المُفتَدى / يَذكُرُ المِنَّةَ مِنهُ وَاليَدا
قَد عَرَفتَ الدارَ وَالأَهلَ بِهِ / كُلُّ حُبٍّ شُعبَةٌ مِن حُبِّهِ
هُوَ مَحبوبُكَ بادٍ مُحتَجِب / يَعرِفُ الشَوقَ لَهُ مَن يَغتَرِب
لَكَ مِنهُ في الصِبا مَهدٌ رَحيم / فَإِذا وُريتَ فَالقَبرُ الكَريم
كَم عَزيزٍ عِندَكَ اِستَودَعتَهُ / وَعُهودٍ بَعدَكَ اِستَرعَيتَهُ
وَدَفينٍ لَكَ فيهِ كَرُما / تَذرِفُ الدَمعَ لِذِكراهُ دَما
كُن نَشيطاً عامِلاً جَمَّ الأَمَل / إِنَّما الصِحَّةُ وَالرِزقُ العَمَل
كُلُّ ما أَتقَنتَ مَحبوبٌ وَجيه / مُتقَنُ الأَعمالِ سِرُّ اللَهِ فيه
يُقبِلُ الناسُ عَلى الشَيءِ الحَسَن / كُلُّ شَيءٍ بِجَزاءٍ وَثَمَن
اِنظُرِ الآثارَ ما أَزيَنَها / قَد حَباها الخُلدَ مَن أَتقَنَها
تِلكَ آثارُ بَني مِصرَ الأُوَل / أَتقَنوا الصَنعَةَ حَتّى في الجُعَل
أَيُّها التاجِرُ بُلِّغتَ الأَرَب / طالِعُ التاجِرِ في حُسنِ الأَدَب
بابُ حانوتِكَ بابُ الرازِقِ / لا تُفارِق بابَهُ أَو فارِقِ
وَاِحتَرِم في بابِهِ مَن دَخَلا / كُلُّهُم مِنهُ رَسولٌ وَصَلا
تاجِرُ القَومِ صَدوقٌ وَأَمين / لَفظَةٌ مِن فيهِ لِلقَومِ يَمين
إِنَّ لِلإِقدامِ ناساً كَالأُسُد / فَتَشَبَّه إِنَّ مَن يُقدِم يَسُد
مِنهُمو كُلُّ فَتىً سادَ وَشاد / مِنهُمو إِسكَندَرٌ وَاِبنُ زِياد
وَشُجاعُ النَفسِ مِنهُم في الكُروب / كَشُجاعِ القَلبِ في وَقتِ الحُروب
وابِلٌ سُقراطُ وَالشُجعانُ طَل / إِنَّما مَن يَنصُرُ الحَقَّ البَطَل
هُم جَمالُ الدَهرِ حيناً بَعدَ حين / مِن غُزاةٍ أَو دُعاةٍ مُصلِحين
لَهُمُ مِن هَيبَةٍ عِندَ الأُمَم / ما لِراعي غَنَمٍ عِندَ الغَنَم
قُل إِذا خاطَبتَ غَيرَ المُسلِمين / لَكُمو دينٌ رَضيتُم وَلِيَ دين
خَلِّ لِلدَيّانِ فيهِم شانَهُ / إِنَّهُ أَولى بِهِم سُبحانَهُ
كُلُّ حالٍ صائِرٌ يَوماً لِضِدّ / فَدَعِ الأَقدارَ تجري وَاِستَعَدّ
فَلَكٌ بِالسَعدِ وَالنَحسِ يَدور / لا تُعارِض أَبَداً مَجرى الأُمور
قُل إِذا شِئتَ صُروفٌ وَغِيَر / وَإِذا شِئتَ قَضاءٌ وَقَدَر
وَاِعمَلِ الخَيرَ فَإِن عِشتَ لَقي / طَيِّبَ الحَمدِ وَإِن مُتَّ بَقي
مَن يَمُت عَن مِنَّةٍ عِندَ يَتيم / فَرَحيمٌ سَوفَ يُجزى مِن رَحيم
كُن كَريماً إِن رَأى جُرحاً أَسا / وَتَعَهَّد وَتَوَلَّ البُوَسا
وَاِسخُ في الشِدَّةِ وَاِزدَد في الرَخاء / كُلُّ خُلقٍ فاضِلٍ دونَ السَخاء
فَبِهِ كُلُّ بَلاءٍ يُدفَعُ / لَستَ تَدري في غَدٍ ما يَقَعُ
جامِلِ الناسَ تَحُز رِقَّ الجَميع / رُبَّ قَيدٍ مِن جَميلٍ وَصَنيع
عامِلِ الكُلَّ بِإِحسانٍ تُحَب / فَقَديماً جَمَّلَ المَرءَ الأَدَب
وَتَجَنَّب كُلَّ خُلقٍ لَم يَرُق / إِنَّ ضيقَ الرِزقِ مِن ضيقِ الخُلُق
وَتَواضَع في اِرتِفاعٍ تُعتَبَر / فَهُما ضِدّانِ كِبَرٌ وَكِبَر
كُلُّ حَيٍّ ما خَلا اللَهَ يَموت / فَاِترُكِ الكِبرَ لَهُ وَالجَبَروت
وَأَرِح جَنبَكَ مِن داءِ الحَسَد / كَم حَسودٍ قَد تَوَفّاهُ الكَمَد
وَإِذا أُغضِبتَ فَاِغضَب لِعَظيم / شَرَفٍ قَد مُسَّ أَو عِرضٍ كَريم
وَتَجَنَّب في الصَغيراتِ الغَضَب / إِنَّهُ كَالنارِ وَالرُشدُ الَحطَب
اِطلُبِ الحَقَّ بِرِفقٍ تُحمَدِ / طالِبُ الحَقِّ بِعُنفٍ مُعتَدِ
وَاِعصِ في أَكثَرِ ما تَأتي الهَوى / كَم مُطيعٍ لِهَوى النَفسِ هَوى
اُذكُرِ المَوتَ وَلا تَفزَع فَمَن / يَحقِرِ المَوتَ يَنَل رِقَّ الزَمَن
أَحبِبِ الطِفلَ وَإِن لَم يَكُ لَك / إِنَّما الطِفلُ عَلى الأَرضِ مَلَك
هُوَ لُطفُ اللَهِ لَو تَعلَمُهُ / رَحِمَ اللَهُ اِمرَءاً يَرحَمُهُ
عَطفَةٌ مِنهُ عَلى لُعبَتِهِ / تُخرِجُ المَحزونَ مِن كُربَتِهِ
وَحَديثٌ ساعَةَ الضيقِ مَعَه / يَملَلأُ العَيشَ نَعيماً وَسَعَه
يا مُديمَ الصَومِ في الشَهرِ الكَريم / صُم عَنِ الغيبَةِ يَوماً وَالنَميم
وَإِذا صَلَّيتَ خَف مَن تَعبُدُ / كَم مُصَلٍّ ضَجَّ مِنهُ المَسجِدُ
وَاِجعَلِ الحَجَّ إِلى أُمِّ القُرى / غِبَّ حَجٍّ لِبُيوتِ الفُقَرا
هَكَذا طَهَ وَمَن كانَ مَعَه / مِن وَقارِ اللَهِ أَلّا تَخدَعَه
وَتَسَمَّح وَتَوَسَّع في الزَكاه / إِنَّها مَحبوبَةٌ عِندَ الإِلَه
فَرَضَ البِرَّ بِها فَرضُ حَكيم / فَإِذا ما زِدتَ فَاللَهُ كَريم
لَيسَ لي في طِبِّ جالينوسَ باع / بَيدَ أَنَّ العَيشَ دَرسٌ وَاِطِّلاع
اِحذَرِ التُخمَةَ إِن كُنتَ فَهِم / إِنَّ عِزرائيلَ في حَلقِ النَهِم
وَاِتَّقِ البَردَ فَكَم خَلقٍ قَتَل / مَن تَوَقّاهُ اِتَّقى نِصفَ العِلَل
اِتَّخِذ سُكناكَ في تَلقِ الجَواء / بَينَ شَمسٍ وَنَباتٍ وَهَواء
خَيمَةٌ في البيدِ خَيرٌ مِن قُصور / تَبخَلُ الشَمسُ عَلَيها بِالمُرور
في غَدٍ تَأوي إِلى قَفرٍ حَلِك / يَستَوي الصُعلوكُ فيهِ وَالمَلِك
وَاِترُكِ الخَمرَ لِمَشغوفٍ بِها / لا يَرى مَندوحَةً عَن شُربِها
لا تُنادِم غَيرَ مَأمونٍ كَريم / إِنَّ عَقلَ البَعضِ في كَفِّ النَديم
وَعَنِ المَيسِرِ ما اِسطَعتَ اِبتَعِد / فَهوَ سُلُّ المالِ بَل سُلُّ الكَبِد
وَتَعَشَّق وَتَعَفَّف وَاِتَّقِ / مادَرى اللَذَّةَ مَن لَم يَعشَقِ
حَبَّذا الساحَةُ وَالظِلُّ الظَليل
حَبَّذا الساحَةُ وَالظِلُّ الظَليل / وَثَناءٌ في فَمِ الدارِ جَميل
لَم تَزَل تَجري بِهِ تَحتَ الثَرى / لُجَّةَ المَعروفِ وَالنَيلِ الجَزيل
صُنعُ إِسماعيلَ جَلَّت يَدُهُ / كُلُّ بُنيانٍ عَلى الباني دَليل
أَتُراها سُدَّةً مِن بابِهِ / فُتِحَت لِلخَيرِ جيلاً بَعدَ جيل
مَلعَبُ الأَيّامِ إِلّا أَنَّهُ / لَيسَ حَظُّ الجِدِّ مِنهُ بِالقَليل
شَهِدَ الناسُ بِها عائِدَةً / وَشَجى الأَجيالَ مِن فِردي الهَديل
وَاِئتَنَفنا في ذَراها دَولَةً / رُكنُها السُؤدَدُ وَالمَجدُ الأَثيل
أَينَعَت عَصراً طَويلاً وَأَتى / دونَ أَن تَستَأنَفَ العَصرُ الطَويل
كَم ضَفَرنا الغارَ في مِحرابِها / وَعَقَدناهُ لِسَبّاقٍ أَصيل
كَم بِدورٍ وُدِّعَت يَومَ النَوى / وَشُموسٍ شُيِّعَت يَومَ الرَحيل
رُبَّ غَرسٍ مَرَّ لِلبِرِّ بِها / ماجَ بِالخَيرِ وَالسَمحِ المُنيل
ضَحِكَ الأَيتامُ في لَيلَتِهِ / وَمَشى يَستَروِحُ البُرءَ العَليل
وَاِلتَقى البائِسُ وَالنُعمى بِهِ / وَسَعى المَأوى لِأَبناءِ السَبيل
وَمِنَ الأَرضِ جَديبٌ وَنَدٍ / وَمِنَ الدورِ جَوادٌ وَبَخيل
يا شَباباً حُنَفاءً ضَمَّهُم / مَنزِلٌ لَيسَ بِمَذمومِ النَزيل
يَصرِفُ الشُبّانَ عَن وِردِ القَذى / وَيُنَحّيهِم عَنِ المَرعى الوَبيل
اِذهَبوا فيهِ وَجيئوا إِخوَةً / بَعضُكُم خِدنٌ لِبَعضٍ وَخَليل
لا يَضُرَّنَّكُمو قِلَّتُهُ / كُلُّ مَولودٍ وَإِن جَلَّ ضَئيل
أَرجَفَت في أَمرِكُم طائِفَةٌ / تُبَّعُ الظَنِّ عَنِ الإِنصافِ ميل
اِجعَلوا الصَبرَ لَهُم حيلَتكُم / قَلَّتِ الحيلَةُ في قالَ وَقيل
أَيُريدونَ بِكُم أَن تَجمَعوا / رِقَّةَ الدينِ إِلى الخُلقِ الهَزيل
خَلَتِ الأَرضُ مِنَ الهَديِ وَمِن / مُرشِدٍ لِلنَشءِ بِالهَديِ كَفيل
فَتَرى الأُسرَةَ فَوضى وَتَرى / نَشأً عَن سُنَّةِ البِرِّ يَميل
لا تَكونوا السَيلَ جَهماً خَشِناً / كُلَّما عَبَّ وَكونوا السَلسَبيل
رُبَّ عَينٍ سَمحَةٍ خاشِعَةٍ / رَوَّتِ العُشبَ وَلَم تَنسَ النَخيل
لا تُماروا الناسَ فيما اِعتَقَدوا / كُلُّ نَفسٍ بِكِتابٍ وَسَبيل
وَإِذا جِئتُم إِلى ناديكُمو / فَاِطرَحوا خَلفَكُموا العِبءَ الثَقيل
هَذِهِ لَيلَتُكُم في الأَوبِرا / لَيلَةُ القَدرِ مِنَ الشَهرِ النَبيل
مِهرَجانٌ طَوَّفَ الهادي بِهِ / وَمَشى بَينَ يَدَيهِ جِبرَئيل
وَتَجَلَّت أَوجُهٌ زَيَّنَها / غُرَرٌ مِن لَمحَةِ الخَيرِ تَسيل
فَكَأَنَّ اللَيلَ بِالفَجرِ اِنجَلى / وَكَأَنَّ الدارَ في ظِلِّ الأَصيل
أَيُّها الأَجوادُ لا نَجزيكُمو / لَذَّةُ الخَيرِ مِنَ الخَيرِ بَديل
رَجُلُ الأُمَّةِ يُرجى عِندَهُ / لِجَليلِ العَمَلِ العَونُ الجَليل
إِنَّ داراً حُطتُموها بِالنَدى / أَخَذَت عَهدَ النَدى أَلّا تَميل
هَذِهِ أَوَّلُ خُطوَه
هَذِهِ أَوَّلُ خُطوَه / هَذِهِ أَوَّلُ كَبوَه
في طَريقي لِعَلِيٍّ / عَنهُ لَو يَعقِلُ غُنوَه
يَأخُذُ العيشَةَ فيهِ / مُرَّةً آناً وَحُلوَه
يا عَلي إِن أَنتَ أَوفَي / تَ عَلى سِنِّ الفُتُوَّه
دافِعِ الناسَ وَزاحِم / وَخُذِ العَيشَ بِقُوَّه
لا تَقُل كانَ أَبي إِيّا / كَ أَن تَحذُوَ حَذوَه
أَنا لَم أَغنَم مِنَ النا / سِ سِوى فنجانِ قَهوَه
أَنا لَم أُجزَ عَنِ المَد / حِ مِنَ الأَملاكِ فَروَه
أَنا لَم أُجزَ عَنِ الكُت / بِ مِنَ القُرّاءِ حُظوَه
ضَيَّعَ الكُلُّ حَيائي / وَعَفافي وَالمُرُوَّه
كانَ لِلغربانِ في العَصرِ مَليك
كانَ لِلغربانِ في العَصرِ مَليك / وَلَهُ في النَخلَةِ الكُبرى أَريك
فيهِ كُرسِيٌّ وَخِدرٌ وَمُهود / لِصِغارِ المُلكِ أَصحابِ العُهودِ
جاءَهُ يَوماً ندورُ الخادِمُ / وَهوَ في البابِ الأَمينُ الحازِمُ
قالَ يا فَرعَ المُلوكِ الصالِحين / أَنتَ ما زِلتَ تُحِبُّ الناصِحين
سوسَةٌ كانَت عَلى القَصرِ تَدور / جازَت القَصرَ وَدَبَّت في الجُدور
فَاِبعَثِ الغِربانَ في إِهلاكِها / قَبلَ أَن نَهلِكَ في أَشراكِها
ضَحكَ السُلطانُ في هَذا المَقال / ثُمَّ أَدنى خادِمَ الخَيرِ وَقال
أَنا رَبُّ الشَوكَةِ الضافي الجَناح / أَنا ذو المِنقارِ غَلّابُ الرِياح
أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور / أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور
ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام / قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام
وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها / فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها
فَهَوَت لِلأَرضِ كَالتَلِّ الكَبير / وَهَوى الديوانُ وَاِنقَضَّ السَرير
فَدَها السُلطانَ ذا الخَطبُ المَهول / وَدَعا خادِمَهُ الغالي يَقول
يا نُدورَ الخَيرِ أَسعِف بِالصِياح / ما تَرى ما فَعَلَت فينا الرِياح
قالَ يا مَولايَ لا تَسأَل نُدور / أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور
نَظَرَ اللَيثُ إِلى عِجلٍ سَمين
نَظَرَ اللَيثُ إِلى عِجلٍ سَمين / كانَ بِالقُربِ عَلى غَيطٍ أَمين
فَاِشتَهَت مِن لَحمِهِ نَفسُ الرَئيس / وَكَذا الأَنفُسُ يُصيبُها النَفيس
قالَ لِلثَعلَبِ يا ذا الاِحتِيال / رَأسُكَ المَحبوبُ أَو ذاكَ الغَزال
فَدَعا بِالسَعدِ وَالعُمرِ الطَويل / وَمَضى في الحالِ لِلأَمرِ الجَليل
وَأَتى الغَيطَ وَقَد جَنَّ الظَلام / فَرَأى العِجلَ فَأَهداهُ السَلام
قائِلاً يا أَيُّها المَولى الوَزير / أَنتَ أَهلُ العَفوِ وَالبِرِّ الغَزير
حَمَلَ الذِئبَ عَلى قَتلى الحَسَد / فَوَشى بي عِندَ مَولانا الأَسَد
فَتَرامَيتُ عَلى الجاهِ الرَفيع / وَهوَ فينا لَم يَزَل نِعمَ الشَفيع
فَبَكى المَغرورُ مِن حالِ الخَبيث / وَدَنا يَسأَلُ عَن شَرحِ الحَديث
قالَ هَل تَجهَلُ يا حُلوَ الصِفات / أَنَّ مَولانا أَبا الأَفيالِ مات
فَرَأى السُلطانُ في الرَأسِ الكَبير / مَوطِنَ الحِكمَةِ وَالحِذقِ الكَثير
وَرَآكُم خَيرَ مَن يُستَوزَرُ / وَلِأَمرِ المُلكِ رُكناً يُذخَرُ
وَلَقَد عَدّوا لَكُم بَينَ الجُدود / مِثلَ آبيسَ وَمَعبودِ اليَهود
فَأَقاموا لِمَعاليكُم سَرير / عَن يَمينِ المَلكِ السامي الخَطير
وَاِستَعَدَّ الطَيرُ وَالوَحشُ لِذاك / في اِنتِظارِ السَيِّدِ العالي هُناك
فَإِذا قُمتُم بِأَعباءِ الأُمور / وَاِنتَهى الأُنسُ إِلَيكُم وَالسُرور
بَرِّؤوني عِندَ سُلطانِ الزَمان / وَاِطلُبوا لي العَفوَ مِنهُ وَالأَمان
وَكَفاكُم أَنَّني العَبدُ المُطيع / أَخدُمُ المُنعِمَ جَهدَ المُستَطيع
فَأَحَدَّ العِجلُ قَرنَيهِ وَقالَ / أَنتَ مُنذُ اليَومِ جاري لا تُنال
فَاِمضِ وَاِكشِف لي إِلى اللَيثِ الطَريق / أَنا لا يَشقى لَدَيهِ بي رَفيق
فَمَضى الخِلّانِ تَوّاً لِلفَلاه / ذا إِلى المَوتِ وَهَذا لِلحَياه
وَهُناكَ اِبتَلَعَ اللَيثُ الوَزير / وَحَبا الثَعلَبَ مِنهُ بِاليَسير
فَاِنثَنى يَضحَكُ مِن طَيشِ العُجول / وَجَرى في حَلبَةِ الفَخرِ يَقول
سَلِمَ الثَعلَبُ بِالرَأسِ الصَغير / فَفَداهُ كُلُّ ذي رَأسٍ كَبير
كانَتِ النَملَةُ تَمشي
كانَتِ النَملَةُ تَمشي / مَرَّةً تَحتَ المُقَطَّم
فَاِرتَخى مَفصِلُها مِن / هَيبَةِ الطَودِ المُعَظَّم
وَاِنثَنَت تَنظُرُ حَتّى / أَوجَدَ الخَوفُ وَأَعدَم
قالَتِ اليَومَ هَلاكي / حَلَّ يَومي وَتَحَتَّم
لَيتَ شِعري كَيفَ أَنجو / إِن هَوى هَذا وَأَسلَم
فَسَعَت تَجري وَعَينا / ها تَرى الطَودَ فَتَندَم
سَقَطَت في شِبرِ ماءٍ / هُوَ عِندَ النَملِ كَاليَم
فَبَكَت يَأساً وَصاحَت / قَبلَ جَريِ الماءِ في الفَم
ثُمَّ قالَت وَهيَ أَدرى / بِالَّذي قالَت وَأَعلَم
لَيتَني لَم أَتَأَخَّر / لَيتَني لَم أَتَقَدَّم
لَيتَني سَلَّمتُ فَالعا / قِلُ مَن خافَ فَسَلَّم
صاحِ لا تَخشَ عَظيما / فَالَّذي في الغَيبِ أَعظَم
بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً
بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً / في شِعارِ الواعِظينا
فَمَشى في الأَرضِ يَهذي / وَيَسُبُّ الماكِرينا
وَيَقولُ الحَمدُ لِل / هِ إِلَهِ العالَمينا
يا عِبادَ اللَهِ توبوا / فَهوَ كَهفُ التائِبينا
وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ ال / عَيشَ عَيشُ الزاهِدينا
وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن / لِصَلاةِ الصُبحِ فينا
فَأَتى الديكَ رَسولٌ / مِن إِمامِ الناسِكينا
عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ / وَهوَ يَرجو أَن يَلينا
فَأَجابَ الديكُ عُذراً / يا أَضَلَّ المُهتَدينا
بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي / عَن جدودي الصالِحينا
عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن / دَخَلَ البَطنَ اللَعينا
أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ ال / قَولِ قَولُ العارِفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً / أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا
وَقَفَ الهُدهُدُ في با
وَقَفَ الهُدهُدُ في با / بِ سُلَيمانَ بِذِلَّه
قالَ يا مَولايَ كُن لي / عيشَتي صارَت مُمِلَّه
متُّ مِن حَبَّةِ بُرٍّ / أَحدَثَت في الصَدرِ غُلَّه
لا مِياهُ النيلِ تُروي / ها وَلا أَمواهُ دِجلَه
وَإِذا دامَت قَليلاً / قَتَلَتني شَرَّ قتلَه
فَأَشارَ السَيِّدُ العالي / إِلى مَن كانَ حَولَه
قَد جَنى الهُدهُدُ ذَنباً / وَأَتى في اللُؤمِ فَعلَه
تِلكَ نارُ الإِثمِ في الصَد / رِ وَذي الشَكوى تَعِلَّه
ما أَرى الحَبَّةَ إِلّا / سُرِقَت مِن بَيتِ نَملَه
إِنَّ لِلظالِمِ صَدراً / يَشتَكي مِن غَيرِ عِلَّه
كانَ ذِئبٌ يَتَغَذّى
كانَ ذِئبٌ يَتَغَذّى / فَجَرَت في الزَورِ عَظمَه
أَلزَمَتهُ الصَومَ حَتّى / فَجَعَت في الروحِ جِسمَه
فَأَتى الثَعلَبُ يَبكي / وَيُعَزّي فيهِ أُمَّه
قالَ يا أُمَّ صَديقي / بِيَ مِمّا بِكِ غُمَّه
فَاِصبِري صَبراً جَميلاً / إِنَّ صَبرَ الأُمِّ رَحمَه
فَأَجابَت يا اِبنَ أُختي / كُلُّ ما قَد قُلتَ حِكمَه
ما بِيَ الغالي وَلَكِن / قَولُهُم ماتَ بِعَظمَه
لَيتَهُ مِثلَ أَخيهِ / ماتَ مَحسوداً بِتُخمَه
هِرَّتي جِدُّ أَليفَه
هِرَّتي جِدُّ أَليفَه / وَهيَ لِلبَيتِ حَليفَه
هِيَ ما لَم تَتَحَرَّك / دُميَةُ البَيتِ الظَريفَه
فَإِذا جَاءَت وَراحَت / زيدَ في البَيتِ وَصيفَه
شُغلُها الفارُ تُنَقّي الر / رَفَّ مِنهُ وَالسَقيفَه
وَتَقومُ الظُهرَ وَالعَص / رَ بِأَورادٍ شَريفَه
وَمِنَ الأَثوابِ لَم تَم / لِك سِوى فَروٍ قَطيفَه
كُلَّما اِستَوسَخَ أَو آ / وى البَراغيثَ المُطيفَه
غَسَلَتهُ وَكَوَتهُ / بِأَساليبَ لَطيفَه
وَحَدَّت ما هُوَ كَالحَمّا / مِ وَالماءِ وَظيفَه
صَيَّرَت ريقَتَها الصا / بونَ وَالشارِبَ ليفَه
لا تَمُرَّنَّ عَلى العَينِ / وَلا بِالأَنفِ جيفَه
وَتَعَوَّد أَن تُلاقى / حَسَنَ الثَوبِ نَظيفَه
إِنَّما الثَوبُ عَلى الإِن / سانِ عُنوانُ الصَحيفَه
إنما البنت وإن ضاقوا بها
إنما البنت وإن ضاقوا بها / سعة يرزقها الله عباده
أثر الرحمة من والداها / ودليل البر عنوان الوداده
يا سماء أطبقت هالاتها / أمطري أقمار عز وسعادة
أمطرى مصر وشرق الأرض من / ولد الأمجاد أملاكا وساده
ثم مدِّى من بنيهم سرحة / تملأ النيل قراه وبلاده
يسكن الناس إلى أفيائها / ويوافي تحتها الكل مَراده
يا أمير الحلم لا تضجر فما / خاب من أيدّ بالصبر مُراده
إننا نطمع من هذا الصبا / بالذرارىّ الكثير المستزاده
فهو للملك عماد وكفى / إن توانى النسل لم يرفع عماده
قد رضينا قسمة الله لنا / وقرنّا بالرضا شكر الإرادة
أنا في تطلابه وهو لدىّ
أنا في تطلابه وهو لدىّ / مطلب مرَّ ولم يلو علىّ
قد تركت الهند أطويها له / وهو يطويها وما يدرى إلى
والتقينا ما خطا لي خطوة / لا ولم أنقل إليه قدمى
يا لملك راح عني نائيا / كان لو فتشت عنه في يدي
لِيُعِنّا كل معبود معين
لِيُعِنّا كل معبود معين / نحن حزب البكسِر المتفقين
كي نبيد الغرباء الماردين / إنهم في الصين كانوا مفسدين
ليس ذاك الجنس من نسل البشر / إن شككتم أمعنوا فيه النظر
إنه يا قوم مزرقّ البصر / من بنى إبليس شيطان لعين
جفت الأرض وجافاها السما / وديور الكفر أوقفن السما
أسخط الأرباب منها ما سما / وتولى الجنّ عنا مغضَبين
قد دعونا لنخلّى ديننا / ولنستهزى بأرباب لنا
ولنشرى بالمروءات الخنا / ولنزني والزنا شئ مهين
دونكم يا قوم إيقاد البخور / وألفظوا ألفاظ سحر لا يبور
وإذا شئتم رَدَى أهل الشرور / أتقنوا الحرب علوما وفنون
ها أتى الأرباب من أجبالهم / وتبدى الجنّ من أوغالهم
كي يُروا الأعداء من أفعالهم / أى لكم بشمال ويمين
فانزعوا من أرضكم خط الحديد / واقطعوا أسلاك برق لا تفيد
واخرقوا فُلك العدا كيما تبيد / وأريحوا الصين من شر السفين
ففرنسا ذلك الشعب العزيز / ما له من بأسكم حرز حريز
ألحقوا الروس به والانكليز / واحفظوا الملك على شنك المكين
يا مريضا بالمناصب
يا مريضا بالمناصب / داؤك الداء العضال
لم ترد بحر المكاسب / يا غريقا في الضلال
أنت إن عشت نزيها / بين عزل واعتزا ل
وإذا ما مت فيها / مات بالفقر العيال
ذا رئيس ذا وكيل / ذا على الاثنين عال
أنت للكل ذليل / قابلٌ حكم الرجال
إن للسفن لرزقا / غير محدود المجال
أزرع الأرض وأفلح / تنبت التبرَ الجبال
أتقن الصنعة تُفلح / وتُوفَّق للكمال
إن للسعد لراية / ظلها الوافى ينال
عملت للناس آية / عملٌ ثم اتكال
أنا بنت البر أم الفقرا
أنا بنت البر أم الفقرا / ليس دوني ملجأ للقاصدين
لا ترى حولي إلا معسرا / حين أُعطِى بشمال ويمين
لي صغار كلهم في المكتب / يتلقون به العلم المبين
ورجال كلهم لي كالأب / صادق في حبه واف أمين
كم بيوت ضاقت الدنيا بها / بعدما عزت على طول السنين
جاءها الإسعاف من أبوابها / حين وافاها رسول المحسنين
قل لمن حصّل مالا واقتنى / أقرِض الله فيا نعم المُدين
وتصدّق فهو حصن للغنى / وسلام النفس في دنيا ودين
كل عام تتجلى ليلتي / ليلة الأيتام عين البائسين
أشتكى لله فيها عيلتي / ورجاء الله رَوح اليائسين
إيدسن ماذا ترى في الكهرباء
إيدسن ماذا ترى في الكهرباء / أنت في الأرض فمن ذا في السماء
إن تكن تحكم في أزرارها / إنه في يده زر القضاء
كلما حركه في خلقه / ذهب العقل وجنّ العقلاء
فتأمّل هل ترى من حيلة / في سلوك مرسلات من ذكاء
قد حكيت الشمس حتى غضبت / من نحاس تجعل الصيف شتاء
من رآها قال قد سخّرها / لك من سخرها للأنبياء
لُعبة الناظر في غرفته / أم أفاد العلم أم أجدى الثراء
يا ملوك المال فيما زعموا / هل ملكتم خطرات من هواء
ليت لي الريح فسامتكمو / وأخذت الملك بيعا وشراء
أُشرك البائس في نعمائه / وأسوِّى القسم بين الفقراء
صدق الواهم منكم إنها / لهي الدنيا خيال وهباء
كل ما ساء وما سرّ بها / ينقضى بين صباح ومساء
زعموا اللؤلؤ من طول النوى
زعموا اللؤلؤ من طول النوى / يظهر السقم ويبدى الاصفرار
فإذا رُدّ إلى موطنه / في جوار البحر يشفيه الجوار
وترى الأصداف لا تعطفها / فرقة الدار ولا بعد المزار
وكذاك النفس في احوالها / حسب الجوهر منها والنجار
إن تكن من صدف تنس الحمى / او تكن من لؤلؤ تبك الديار
كان في الروم عظيم
كان في الروم عظيم / ينتهى الجود إليه
جاءه يوما حكيم / يشتكي بين يديه
قبل النعل وأبدى / أعظم الذل لديه
فرأى ذلك قوم / أنكروا الأمر عليه
قال ما قبّلت رج / ليه ولكن أذنيه
إنَّ من كان كهذا / أذنه في قدميه
يا كريم العهد يا ابن الأكرمين
يا كريم العهد يا ابن الأكرمين / كل عيد لك عيد للبنين
مصر ترجوهم وترجوك لهم / في ذَرا العباس خير المالكين
وترى شأنك فيها شأنهم / أصلح الله شؤون الناشئين
ورعاهم لك واسترعاهم / بك مأمونا على العهد أمين
لك في مهد المعالي دولة / حسب الطفل عليها والجنين
أبدا عباس يبنى ركنها / لبنيه وبنينا باليمين
وأميري في غد ساعده / ومن الأشبال لليث معين
يشرق الكرسي من نورهما / كلما لاحا جبينا لجبين