المجموع : 6
ما كَذَبَ العاذِلُ لا بَل قَد صَدَقْ
ما كَذَبَ العاذِلُ لا بَل قَد صَدَقْ / كُلُّ جَديدِ الحُسنِ ذو عَهدٍ خَلَقْ
أَقولُ إِذ مَرَّ عَلَيَّ سانِحاً / سُبحانَ مَن قَد صاغَ ظبياً مِن عَلَقْ
وَماءِ عَينٍ نارُ قَلبٍ دونَها / كَالجيدِ قَد أَلبَستَهُ ثَوبَ المَلَقْ
غَرَّتكَ أَبدانٌ وَأَردانُ
غَرَّتكَ أَبدانٌ وَأَردانُ / ذا الشَأنِ ما مِن تَحتِهِ شانُ
في العَينِ إِنسانٌ فَإِن خِلتَها / وُدّاً فَما في العَينِ إِنسانُ
وَإِنَّما الإِنسانُ مَحصولُهُ / إِن قَبِلَ التَحديدَ إِحسانِ
قالوا كِرامٌ وَأَتى بَعدَهُم / لِلُّؤمِ أَزمانٌ وَأَزمانُ
وَلَم يَكونوا اليَومَ فَاِستَثبِتوا / لَعَلَّهُم بِالأَمسِ ما كانوا
قَد أَفلَحَ الجودُ فَلا قَطرَةٌ / مِنهُ وَهَذا البُخلُ طوفانُ
ماتَت كَما ماتوا أَحاديثُهُم / فَالكُتبُ وَالأَوارقُ أَكفانُ
كَيفَ إِذا ما سُحُبٌ أَقلَعَت / يَبقى عَلى النَضرَةِ بُستانُ
أَصبَحَ في دارِ ضُلوعي الأَسى / قَلبي كَما أَصبَحَ عُثمانُ
مَحصورَةٌ أَموالُهُ ما لَهُ / مَعَ اِشتِدادِ الحصرِ إِمكانُ
قَد أَحدَقَ الهَمُّ بِأَرجائِهِ / جَيشاً فَضَرّابٌ وَطَعّانُ
فَيا زَماني إِن جَرَت قَطرَةٌ / مِن دَمِ قَلبي فَلَها شانُ
في ذَمِّ عُثمانَ الَّذي قَد حَوى / جَرَت مِنَ الأَحداثِ أَلوانُ
لا كُنتِ يا ذَهلُ هُمومي وَلا / أَبوكِ دَهري فَهوَ شَيبانُ
ذَووا الحَفيظاتِ لَهُم لوثَةٌ / لانوا فَلا غَرَو إِذا هانوا
نُدِبتُ لِلخَطبِ حَثوثاً فَما / قاموا وَلا إِذ قامَ بُرهانُ
غَمودُهُم كُسوَةُ أَسيافِهِم / لا حُمِلَت وَالشَرُّ عُريانُ
كَم زِقّ خَمرٍ فيهِمُ ناطِقٍ / سَكرانَ بَل راجيهِ سَكرانُ
فَلا تُراجِعهُ وَلا لَفظَةً / وَلا تَزِد فَالزِقُّ مَلآنُ
فَاليَأسَ يا ناسُ وَيَكفيكُمُ / فَقُوَّةُ الأَلسُنِ سُلطانُ
مَنزِلُنا مِن بَطِنِها واحِدٌ / وَاِختَلَفَت في الظَهرِ بُنيان
وَفي بِناءِ القَبرِ يا قُربَ ما / يَغدِرُ ديوانٌ وَإِيوان
وَيَعمُرُ الدارَ عَلى أَنَّهُ / ما لِخَرابِ العُمرِ عُمرانُ
كَما رَجاءُ اللَهِ إيمانُ / كَذا رَجاءُ الناسِ كُفرانُ
هَذا مَضى وَالشِعرُ بُستانُنا / وَفيهِ قَد تَرتَعُ أَذهانُ
وَفيهِ لِلروحِ إِذا ما جَرى / ذِكرُ الهَوى رَوحٌ وَرَيحانُ
فَإِن خَلا مِن ذاكَ بُستانُهُ / فَلا تَقُل شِعري بُستانُ
وَنَحنُ قَومٌ سَلمُنا وَالوَغى / يُذكيهِما سَيفٌ وَأَجفانُ
يَهتَزُّ لِلطَعنَةِ ما بَينَنا / في المَوقِفَينِ النَبعُ وَالبانُ
إِنّا إِلى اللَهِ فَكَم قَد جَرَت / بِحَتفِنا خَيلٌ وَأَظعانُ
كُنّا إِلى الأَحبابِ نَشكو الهَوى / ناراً وَقالوا هِيَ أَشجانُ
حَتّى إِذا أَجرى اللِقاءَ الدِما / فاضَت لِتَصديقِكَ نيرانُ
فَليَعلَم الأَحبابُ أَنّا لَهُم / وافونُ في الحُبِّ وَإِن خانوا
تِلكَ دُموعٌ في سِوى طَرفِها / لَها جِراحاتُكَ أَجفانُ
وَاِعتَقَلَ الكِتمانُ مَأسورَها / ما بَعدَ ذا الكِتمانِ كِتمانُ
مِن أَعيُنٍ بانَت قُلوبٌ لَنا / وَالكُلُّ في الأَجسامِ حَيرانُ
كانَ البُكا بِالجَفنِ أَولى وَما / يَبقى عَلى الباكينَ أَجفانُ
وَعاذِلٍ صَدَّعَني عَذلُهُ / وَقالَ وَالأَقوالُ أَلوانُ
ما وَجهُ مَن دِنتَ لَهُ قِبلَةٌ / قُلتُ وَلا قَولُكَ قَرآنُ
عَذلُكَ كَالريحِ وَتُعدَى بِما / يَحمِلُهُ سافيهِ أَجفانُ
عَلَيَّ لا أَفزَعُ مِن ريحِهِ / وَإِنَّما الأَحبابُ أَغصانُ
أَمسِك لِساناً عَنهُ أَو أَسمِعَن / أَذني فَمَن أَهواهُ غَيرانُ
تُريدُ أَن تَشرَبَ خَمرَ اِسمِهِ / أَنا مِنَ الغَيرَةِ سَكرانُ
وَقَلَّ في تَسمِيَةِ قَتلَةٌ / في مِثلِها تُخلَعُ أَديانُ
فَاِسكُت فَما أَسكُت عَن ذِكرِهِ / وَفي سُكوتي لَكَ إِذاعانُ
مَولايَ حورِيُّ جِنانٍ وَما / يَطمِثُهُ إِنسٌ وَلا جانُ
وَما اِسمُهُ عِندَكَ في مَوضِعٍ / فَهوَ عَلى لَفظِكَ حَيرانُ
فَوِّض إِلى أَكبادِنا ذِكرَ مَن / يَفيضُ مِن ذِكرِكَ غُدرانُ
وَباعِثِ الطَرفِ بِشاطِي الهَوى / وَأَنتَ يا صاحِبُ كَسلانُ
لَم يَختَلِف لِلَيلِ حالٌ إِذا / لَم يَتلُهُ وَصلٌ وَهِجرانُ
الوَصلُ وَالهِجرانُ ميزانُهُ / وَأَنتَ ما عِندَكَ ميزانُ
هَل بِتَّ في لَيلِ هَوىً راكِدٍ / يَقظانَ وَالكَوكَبُ وَسنانُ
يُعَذِّبُ المُسلِمَ أَو لا فَلِم / أَلبَسَهُ الأَثوابَ رُهبانُ
هَل جُلتَ في مُعتَرَكٍ لِلأَسى / فَاِضطَرَمَت لِلدَمعِ أَقرانُ
وَهَل قَذَفتَ الدَمعَ شُهباً إِذا / ما اِستَرَقَ السَلوَةَ شَيطانُ
هَل اِستَغَثتَ الصُبحَ مُستَصرِخاً / فَقال ما في الحُبِّ أَعوانُ
أَيا فَتى أَسفِر فَقالَت أَلا / نَجمٌ وَإِنّا بَعدُ فِتيانُ
فَنَم لِذا مِنّا عَلى جانِبٍ / ما لَكَ روحٌ أَنتَ جُثمانُ
أَسرَفتَ في نَهبي فَأَعرَيتَني / وَزائِدُ الزائِدِ نُقصانُ
وَالعَدلُ إِن أَفرَطَ عُدوانُ / وَالماءُ إِن أَفرَطَ طوفانُ
فَتَحتَ هَذا البابَ لِلبِرِّ
فَتَحتَ هَذا البابَ لِلبِرِّ / فَاِزدَحَمَ الوَفدُ مِنَ الشُّكرِ
سُمِّيَ بابَ السِرِّ وَالبِرِّ ما / جاءَ إِلى المَبرورِ في السِرِّ
أَصبَحتُ في عُرى وَفي عُسرٍ
أَصبَحتُ في عُرى وَفي عُسرٍ / أَلبَسُ كَفَّيَّ مِنَ القُرِّ
قَد مَسَّني الضُرُّ وَها أَنتَ قَد / صِرتَ عَزيزَ المُلكِ في مِصرِ
مِمسَحَةٌ نَهارها
مِمسَحَةٌ نَهارها / يُجِنُّ لَيلَ الظُلَمِ
كَأَنَّها قَد خُلِقَت / مَنديلَ كَمِّ القَلَمِ
تَبّاً لِدُنيا ساحِرَه
تَبّاً لِدُنيا ساحِرَه / مِنَ الأَماني ساخِرَه
وَأَنفُسٍ قَد جَهِلَت / أَنَّ النُفوسَ عابِرَه
أَما تَرى الدُنيا بِها / كَيفَ تَبَدَّت عامِرَه
طوبى لِعَينِ لَبِسَت / ثوبَ الدَياجي ساهِره
بِدَمعَةٍ في خَدِّها / وَبِخُشوعٍ عائِرَه
تِلكَ الوُجوهُ الناضِرَه / إِلى الإِلَهِ ناضِرَه
كَرَّتُها مُربِحَةٌ / لَيسَت كَأُخرى خاسِره
تِلكَ الوُجوهُ الباسِرَه / حَلَّت عَلَيها الفاقِرَه
لَها قُلوبٌ تثَبَتَت / وَهيَ لِخَوفٍ طائِرَه
إِن جَهِلَت مَعادَها / فَالمَوتُ بابُ الآخِره
مَوعِظَةٌ ما عَدِمَت / إِلّا القُلوبَ الحاضِرَه