المجموع : 26
كواكب جرت من السماءِ
كواكب جرت من السماءِ / فأمسكتها شبكات الماءِ
وعاقها طبع التراب والهوى / والنار عن مسارح الفضاء
ولو يشاء ربها أطلقها / عن قيدها الوهميِّ بالأشياء
وهي وجوه الغافلين حوِّلت / عن نور وجه الحق للظلماء
محجوبة بعقلها وحسها / عنه وعن ظهوره للرائي
حكم عليها أزلي لم يزل / بمقتضى التقدير والقضاء
ألا هلموا نحونا لتعلموا / علم اليقين صورة المرائي
وتكشفوا بالعقل عن أمثال ما / عليه نفس الأمر في الأنباء
ويعرض الحق على نفوسكم / ليذهب التكدير بالصفاء
فإن تكونوا مستعدين له / وفيكم القبول للوفاء
تذعن للحق بغير ريبة / قلوبكم لطلب اهتداء
فتؤمنون بالكتاب كله / حقاً بلا شك ولا مراء
وتعلمون منزل الأفعال عن / تحقق بالداء والدواء
وههنا الشيوخ تنتهي بكم / في أمر إرشاد وفي استيلاء
فلو تقدموا هنا لاحترقوا / واستوت الشمس على الأفياء
وبعد هذا إن أراد ربنا / أوقفكم هنا عن ارتقاء
في منزل العلم به ومن لهم / فيه الرسوخ صفوة اجتباء
وإن أراد زادكم بفضله / عين اليقين منزل الأسماء
وفصل الأمر الإلهيْ عندكم / ذوقاً بلا رمز ولا إيماء
فتدركون أنكم موتى وما / ثم سوى الحق من الأحياء
وهو الذي في الغيب والأسماء قد / قمتم بها في حضرة الإحصاء
وقد دخلتم جنة عالية / قطوفها دانية اجتناء
ثم إذا أراد زادكم به / حق اليقين حضرة انتهاء
وهو فناؤكم به ذوقاً فلا / موجود غيره من ابتداء
وههنا تم الكلام والذي / من بعد لا يدخل في الاناء
إذا الحقيقة تبدت تنجلي / للكل بالكل بلا خفاء
وكل شيء هالك فيها إذا / بدت وكل الشيء في الفناء
لنا الثبوت لا الوجود عندها / والعدم الصرف بلا انتفاء
عزت وجلت عن جميع ما بدا / بها لها في الأرض والسماء
نور بها تبين في ثبوتها / لأنها توجد باستقصاء
وهي الوجود وحدها الصرف الذي / يجل عن مدح وعن ثناء
وعن كمال نحن ندريه وعن / كل معاني القرب والثنائي
هما إحاطتان بالأشياءِ
هما إحاطتان بالأشياءِ / إحاطة العلم بلا اختفاءِ
كذا إحاطة الوجود وهما / لم يُخرجا شيئاً من انتفاء
إحاطةُ الوجود للذات كما / لعلمه إحاطةُ الأشياء
بكل شيء ربنا عليمٌ / قد قال في القرآن ذو العلاء
وقال أيضا ربنا محيط / بكل شيء مظهر الأشياء
والشيء ليس خارجاً من عدم / بالعلم والوجود في استقصاء
وإنما هما إحاطتان قل / بذلك الشيء بلا امتراء
والشيء شيء هالك فانٍ ولم / يخرج عن الهلاك والفناء
ولو أحاط ربه علماً به / ولو وجوداً لعيون الرائي
وانظر إلى الظل الذي به أحا / طت شمسه ما زال في الظلماء
وانظر إلى إحاطة الخطوط في / دوائر فارغة الأثناء
وافهم كلامي واتبع القرآن لا / تعدل إلى العقول والآراء
فإن فيهن ضلالات الورى / بهن قد مالوا عن اهتداء
كن عارفا بوحدة الوجود
كن عارفا بوحدة الوجود / وقامعاً بكثرة الموجود
وميز الحادث من قديم / وخلص الثابت من مفقود
واحذر من التباس من تجلَّى / بغيره في حالة الشهود
فوحدة الوجود في اصطلاحنا / كناية عن رؤية الودود
بالحس والذوق الصحيح الطاهر ال / طهور من شك ومن حجود
لا بخيال العقل والفكر وما / تأتي به طبائع الجلود
منزهاً مقدساً مسبحاً / عن كل والد وعن مولود
وعن دخول وخروج في سوى / وعن جميع مقتضى الحدود
وعن كمال نحن ندريه وعن / نقص وعن زوال أو نفود
وإنما كماله بمقتضى / ما قاله عن نفسه بالجود
نعلمه نحن بما علمنا / به من الوفاء بالعهود
والصدق والقيام بالحق له / على سبيل الركع السجود
من زاد عجزاً عنه زاد علمه / به مدى الصدور والورود
يا أيها الناظر بالعقل احترز / أن تفهم المطلق بالقيود
واصبر إلى أن يفتح الله ولا / تهجم على مرابض الأسود
ودع علوم الله عند أهلها / واردع حجا جاهلك المكنود
وإن أردت فاترك الدنيا وغب / عن علمك المزخرف المرصود
وعدِّ عن جاهٍ ومنصب وعن / أهل وعن أصل وعن جدود
واقنع بمن تطلبه دون الورى / واخرج عن القيام والقعود
واخلص له النية واصبر واصطبر / على مراده بك المقصود
ولا تظن وحدة الوجود ما / تفهم من وحدة ذا الوجود
تفهم معنى وتقول أنه / هو مراد الأكملين القود
وليس ذا مرادهم لأنهم / فاتوك في منابر الصعود
وأنت في الحضيض مأسور الهوى / بشهوة كالنار في الوقود
أسلك سبيلهم وقل بقولهم / تدري الذي دروا بلا صدود
فإن تقوى الله من يخلص بها / حلت عقال عقله المعقود
هيهات هيات لفرد واحد / يدخل في مراتب المعدود
ومطلق حتى عن الإطلاق لا / يفهم في عقد من العقود
وأين نور الحق ممن عقله / في ظلمات من سواه سود
إن المعاني كلها حوادث / منفية عن ربنا المشهود
لأنه مسبح عنها بها / في سيلان هي أو جمود
وإنما الأمر الذي نريده / بوحدة الوجود في المعهود
أمر عظيم خارج عن كل ما / تدري ذوو الشقوة والسعود
حقيقة تفنى الجميع إن بدت / للعقل عنها العقل في رقود
ومن أتى بها عليه في الورى / بُغِي بسوءٍ وَاِفْتِرَا وَعُودي
لأنها السر الذي جاء به / نبينا رغماً عن الحسود
وهو الذي في آدم لما بدا / خرت له الأملاك بالسجود
وقد أبى إبليس عن سجوده / له فلا يزال بالمطرود
فيه النصارى بالحلول كفرهم / والكفر بالتجسيم في اليهود
وعنه زاغت عصبة وألحدوا / حتى بهم آل إلى اللحود
وقد مضت نبوة به وقد / أتت خلافة بلا جنود
في كل عصر واحد فواحد / إلى قيام الساعة الموعود
هذا المراد عندنا بوحدة ال / وجود نتلوه على الشهود
ليشهدوا لنا به في موقف / يفي به الكريم في الوعود
وتظهر الحجة بالشاهد أن / قد بَلَّغَ الغائبَ ذا الهجود
نحن بهذا قائلون دائماً / ونوره فينا بلا خمود
لا أننا نقول بالمعنى الذي / تقول أهل المذهب المردود
فالله من ضلالهم يعصمنا / بفتح باب دونهم مسدود
ومن علينا يفتري بغير ما / قلنا رهين يومه المشهود
كلام أهل الله في
كلام أهل الله في / دين الهدى نفع العبادْ
حقائق لها إلى / شريعة الحق استنادْ
علم إشارة فلا / لفظ ولا معنى يرادْ
سر خفي خارج / من الفؤاد للفؤادْ
وظاهر لذي اعتقا / د باطن عن ذي انتقادْ
فآمنوا به وسل / لموه يا أهل العنادْ
فهو المجرد اللطي / ف عن كثائف الموادْ
خيطان خيط أبيض وهو الوجودْ
خيطان خيط أبيض وهو الوجودْ / والعدم الأسود يبدو ويعودْ
كلاهما كلمع برق ظاهر / لعارف محقق له الشهود
حياكة الحق لثوب خلقه / يقذف أمره لأنواع الحدود
ثوب طويل وعريض واسع / يلبسه الحق بنا شكل البرود
وليس غير الأبيض الخيط الذي / هو الوجود الحق من فجر العمود
وقد أبيح الأكل والشرب لنا / حتى نرى البياض من خيط الوجود
فإن رأيناه فلا أكل ولا / شرب ولكن صفة الرب الصمود
إلى غروب نوره عنا وعن / جميع ما نراه من بيض وسود
قولوا معي تبارك الله الذي / له الصيام وبه يجزي الوفود
كما أتانا في حديث المصطفى / بالخبر القدسي عن رب ودود
لا رؤية ولا شهودْ
لا رؤية ولا شهودْ / في غير مرآة الوجودْ
بل ليس شيئاً ظاهراً / إلا بها بخل وجود
فيها السموات العلا / والأرض تبدو وتعود
وكل إدراك الورى / وفهمهم فيها يرود
والروح والعقل الذي / له اعتراف أو جحود
وجملة الأجسام لل / أبناء جمعاً والجدود
يبدون في المرآة مع / فنائهم بعد النفود
مع غيبة المرآة عن / كل المعاني والعقود
وليس يدري أحد / بها علت عن القيود
والكل ظاهر بها / لأنها الرب الودود
وهو الوجود الحق لا / سواه والكل حدود
تقذفهم من غيبها / على عماء أو شهود
هذا هو الدين الذي / من ارتقى به يسود
وهو اعتقاد أمة / مضوا من القوم الأسود
أهل الشريعة الأُلَى / هم في الركوع والسجود
على الصلاة دائمو / ن في القيام والقعود
عليهم الرضوان من / ربي مدى تحريك عود
كن عارفاً بنعمة الله وكن
كن عارفاً بنعمة الله وكن / محققاً لها بفرط رفده
فالشيء لا يعرف في وجدانه / وإنما يعرف وقت فقده
والعطر لا ينشقه عطاره / والغير يدريه لبعد وجده
يا خبراً عني إذا
يا خبراً عني إذا / قلت أنا أنت الأبرْ
لا شك إني مبتدا / والمبتدا عين الخبرْ
فإنك ابتدأتني / خلقاً لهذه العبر
وقائم وقاعد / أنت إذا المرء اختبر
وقال أنت فاعل / بالوصف قولاً فيه بر
واختلف النحاة في / شرط اعتماد يعتبر
كحرف الاِستفهام أو / نفيٍ وبعض ما اعتبر
واعلم بأن النحو تو / حيد به الله جبر
ولغة للعَرَب ال / عَرْبا لسانُ من غبر
والواضع الله على ال / قول الصحيح المعتبر
وأنزل الله به ال / قرآن كلُّه عبر
فكيف لا يكون لل / عرفان بحراً وهو بر
فافهم كلامي إنه / أدق من خرم الإبر
واصبر عليه واصطبر / نال المنى من اصطبر
وإن تكن جهلتَه / فإنها إحدى الكُبَر
نحن الملوك الفُقرا
نحن الملوك الفُقرا / في الناس حكمنا جرى
ولا جنود عندنا / ولا نريد عسكرا
ولا لنا مال ولا / جاهٌ ولا قدرٌ يرى
وما لنا من مسعف / ولا معين في الورى
ومن يردْ يدوسنا / برجله دوس الثرى
وكم علينا يُعتَدى / وكم علينا يُفتَرى
وصبرنا حصن لنا / من الأذى والافتِرا
ونحن لا نحن ولا / ذات ولا وصف سرى
ولم نزل في عدم / نقرّ في أمِّ القرى
وهو المحقق الذي / به نراه لا مِرا
بل لا يراه غيره / ومن داره ما درى
لو خلق الله وجوداً للورى
لو خلق الله وجوداً للورى / لكان مثله ومثله افترا
والله ليس مثله شيء كما / قد جاء في القرآن عند من قرا
والوهم في العقول ذاهب إلى / أن الوجود اثنان هكذا جرى
وجود خلق ووجود خالق / هو اشتراك وهو شرك يُمترى
وإنما الخلق جميعاً عدم / مقدِّرٌ له الإلهُ قدرا
وكلهم في العلم مفروضاته / وعلمه القديم محلول العرى
وقد تجلى بالتقادير التي / قدرها جميعها فظهرا
منزهاً مقدساً عنها وعن / جميع ما في العقل قد تصورا
فهو الوجود الحق ظاهر لنا / وباطن عن غيرنا مستترا
لأن غيرنا يرى تقديره / ولا يراه لا رأى ولا درى
وكل تقدير بلا مقدر / هو المحال المحض في عقل الورى
ومن يصور صورة من عدم / فإنه وجودها الذي يرى
لكنها محجوبة عنه بها / والعلم يكشف الذي تقررا
والجاهل المغرور هذا عنده / مستبعد ضل به فأنكرا
ونحن نعلم التقادير التي / قدرها الباري الذي لها برى
ونحن من جملتها أجمعنا / وهو الوجود الحق ما فيه امتِرا
وإنه غيب ولا نعرفه / وعجزنا عنه لنا تحررا
فاتبع طريقنا وقل بقولنا / إن رمت شيخنا الكبير الأكبرا
حروف أرواح سقطْ
حروف أرواح سقطْ /
لها من الجسم نقطْ /
فالكل للذنب التَقَطْ /
من ذا الذي ما ساء قطّْ / ومن له الحسنى فقطْ
كن يا إلهي منقذي /
من كل شيطان بذي /
فشافعي من هول ذي /
محمد الهادي الذي / عليه جبريل هبط
يشف ثوب عنه لي مخيطُ
يشف ثوب عنه لي مخيطُ / والله من ورائهم محيطُ
ثوب الورى يشف عن وجوده / مركَّب ذلك أو بسيط
فيحسب الثوب بأنه له / وإنما الله به يحيط
يا من يروم حجَّ بيتِ ربِّه / بالقلب وهو عاجز حطيط
في عرفاته الوقوف شرطه / تلبية ويُنزَعُ المخيط
فإنه الإحرام والإحرام إن / فات فلا حج هو التخبيط
الله أكبر الذي ليس له / أب فذاك ابن زنى لقيط
يمشي بنفسه على مراده / والعقبات كم بها سقيط
وليس يدريها ويشرب الذي / يراه ماء أو دم عبيط
إن رسوم الكائنات دائماً / محوٌ وإثباتٌ هي التخطيط
مقدرات كلها من عدم / قُدِّرَ هاربٌ بها محيط
وما لها إلا وجود ربها / فإنها به لها تقسيط
ولا تقل حلَّ ولا تقل هما / متحدان فهمُكَ العمريط
فإن هذا كله كلام من / نام له في نومه غطيط
كيف وجود ربنا في عدم / يقال حلَّ أو هما خليط
فافهم كلامي واعتقده أو فلا / يغلبْ عليك عقلُك السقيط
فتجحد الحق على أصحابه / بغير علم ولك الأطيط
والكفر لازم على جحود ما / تجحده والعملُ الحبيط
وأنت مأسور الظلام والردى / ونفسك الموثوقة الربيط
وفاتك الركب الذي يمموا / نور الهدى وفاتك الخليط
وأنت لابس غليظ فروة / والقوم لبسهم حلىً وريط
فاز المخفون الذين ما لهم / في غيرهم ظن ولا تفريط
وما لهم شغل بغير نفسهم / عنها الأذى هموا بأن يميطو
واحدهم هو الكثير في الورى / وفي الكمالات هو النشيط
يصبح في خير ويمسي سالماً / وما له لغيره تغليط
من يعرف الله فليس يسألُ
من يعرف الله فليس يسألُ / والله لا يُسأَلُ عما يفعلُ
كما أتى سبعون ألفاً تدخلُ / لجنةٍ بلا حساب يحصلُ
وعارف بربه لا يجهلُ / وهو به لأمره يمتثلُ
هم يسألون عنه حيث انفصلوا / بالنفس قاموا لا به ما اتصلوا
والعارف الذي به يتصل / وجاهل عنه هو المنفصل
معنى انفصاله الحجاب يسدل / عليه وهو النفس معنى يبطل
في نفسه يقول نفسي يبخل / بها على الله لها لا يبذل
والإتصال ربه لا يعزل / عنه يوليه عليه فاعقلوا
لا ربه في النفس منه يَحْلُل / أو باتحاد فيه عنه يَجْلُل
معبوده به عليه مقبل / لا ذاك معنى في الخيال يأفل
ونفسه بالله قامت تعمل / فهو الإمام الكامل المكمل
لا يدعي أمراً فلا التحوُّل / له ولا القوة فيما يجعل
وكل ذا ذوق له مفصل / لا أن هذا عنده تخيل
والله للخير هو المؤمل / والشر لا إليه فيما ينقل
والنفس منها كل شيء يفعل / وهي وما منها إليه يُوكل
وفعله لكل فعل يشمل / لأنه الآخر وهو الأول
فالصادق الذي إليه يصل / بالصدق في التوحيد ذوقاً يكمل
عن نفسه بربه مشتغل / وربه كما يقول المرسل
سمع له وبصر وأرجل / يعني به ينشط ليس يكسل
يصعد بالقرب له لا يسفل / والرب بالذكر عليه ينزل
ثم لديه كل شيء يبطل / والحق حق فيزول المشكل
والله حيث الشر عنه يهمل / يهمل عن عارفه لا يحمل
لأنه مصور ممثل / يظهر فيه علمه والعمل
وهو لسره النزيه هيكل / يروق للوارد منه المنهل
طينته للشر ليس تقبل / وهو على الخير به منجبل
فما ترى يصدر منه الزلل / وبالتقى يضرب فيه المثل
تحرسه عين الهدى وتكفل / والله يعطيه الذي يؤمل
وربه حافظه لا يخذل / في عمره حتى يحل الأجل
بعزمه صعب الأمور يسهل / وهو الذي يقال فيه الرجل
شهم همام لوذعيٌّ بطل / يفعل ما يقصر عنه الأسل
بدعوة يندكُّ منها الجبل / ودعوةٍ غيثُ المنى ينهمل
لانَ له صمُّ الحصى والجندل / وانقادت الشم الأنوف الطوَل
فاسمع مقالاً فاح منه المندل / وفيه قد رق الصبا والشمأل
وانكشف الأمر وهان المعضل / لدى أناس ليس فيهم جدل
وخذ بما قال الإمام الأفضل / وخل عنك ما تقول العذَّل
فإنهم لكل قلب علل / ويكثر الخطا بهم والخطل
وقولهم تقطع فيه السبل / ويذهب الخير وتمضي الدول
لأنهم على الفساد انجبلوا / فحقهم أن يتركو أو يهملوا
كم غادة كاملة في حسنها
كم غادة كاملة في حسنها / لو يدرك البدرُ سناها لاختبلْ
لبَّستُها ثوبَ حريرٍ ناعم / بكراً وزررتُ عليها بالقُبَلْ
ولي فؤاد بالحسان مغرم / يَدكُّه محبوبه دكَّ الجبلْ
واللات والعزى ظهورانِ له / بما وراهما وما ورا هبل
والحب كالحب هو الأصل وما / تبدو له الفروع إلا بالسبل
الناس موصوفون بالأفعالِ
الناس موصوفون بالأفعالِ / بسائرِ الأقوال والأعمالِ
من غير تأثير لهم في كل ما / يكون من ذلك باستئصال
فإن معنى أنهم قد أثروا / أي أظهروا من عدم للحال
والله وحده هو المظهر لا / سواه في الماضي والإستقبال
فإن تكن نفوسهم قد ادعت / إظهار فعل هم على الضلال
لا يظهرون من جميع ما به / قد وصفوا فعلا من الأفعال
في ظاهر أو باطن وإنما / يظهره الخلاق ذو الجلال
وكلهم خلقُ الإلهِ ربنا / مع كل الاَفعال على التتالي
يا طالبا للحجر المُكَرَّمِ
يا طالبا للحجر المُكَرَّمِ / وراغباً في اسم الإله الأعظمِ
وسائلا عن صنعة الإكسير كن / محققاً لما أقول وافهمِ
فإنها ثلاثة مشهورة / عند الورى مثل الطراز المُعْلَمِ
حارت عقول الناس في إدراكها / كم عربي تائه وأعجمي
وما اهتدوا منها إلى شيء ولا / فاز بها سوى الشجاع الضيغم
مشوا إليها في سوى طريقها / وحاولوها بالخيال المظلم
يعرفها من نفسه كل امرئ / بحسن تقواه بلا تفهم
فالحجر المكرم الذي متى / تجده تظفر بالمنى وتغنم
أمر بسيط ما له تركُّبٌ / جوهره صافٍ يُرى كالعندم
ينبت بالتدريج في ترابه / شيئاً فشيئاً كنبات الكُرْكُمِ
تُلقي على الأجزاء جزءاً منه إن / أردت يقلبها إليه فاعلم
ويستحيل الكل شمساً خالصاً / أو قمراً به كماء أو دم
بالشمس إن أوصلته لأصله / بالغسل والتخليص والتنعم
وإن تركت لبه في قشره / فالقمر الأبيض بسام الفم
وركِّبِ الإكسيرَ إن أردت من / نون وميم مطلق وملجم
وامزجهما معاً بأيدٍ منهما / ممدودة كدرجات السُّلَّمِ
والإسم في الرسم من الغيب بدا / مُسَلَّطاً عليك مثل الطلسمِ
بالهاء والواو به هويَّةٌ / في ملكوت واضح ومبهمِ
واعرف حروفه التي أنت بها / مثلَّث الشكل إليها تنتمي
حققه واحفظ لفظه وادع به / وأنت في كعبته والحرم
تجده في الحال مجيباً بالذي / تريد من نصيبك المنقسم
واستعمل الصدق له وسيلة / ولا تكن عنه بما رمت عمي
قد جاء ربُّنا لنا
قد جاء ربُّنا لنا / في ظلل من الغمامْ
وإن نشأْ جئنا له / إن زال عنا الإنبهامْ
والظلل التي أتى / بها ذواتُنا الجسام
تظلنا من نوره / كيلا يكون الإنعدام
وهي بخار عدم / نشا من الأسما العظام
عناصر أربعة / مثل الذي في ذا المقام
مقام دنيانا التي / بربها لها القيام
وأصلها بأنه / حيٌّ عليم لا يرام
وهو مريد قادر / أركان إيجاد العوام
أما الخواص فهو لا / وجود فيه يستدام
كالمثل المضروب في / عالمنا هذا المرام
يقول عنه ربنا / في منزل من الكلام
معناه ضرب مثل / فاستمعوه يا كرام
والمثل الأعلى له / في الأرض والسما يقام
فحققوا يا إخوتي / ما قلته من النظام
واستكشفوا بربكم / عنه وذوقوا ذا الطعام
فإنه لب وقد / أزيل قشره الجهام
فتوحُ وقتٍ رائقٍ / يجلو لكم كأسَ المدام
فتعرفون ربكم / من ذاتكم دون الأنام
وتفرقون بينه / وبينكم طول الدوام
وتعلمون أنه / حق به الجميع هام
وباطل أنتم كما / قال تعالى والسلام
إمامُنا هو الإمامُ الأعظمُ
إمامُنا هو الإمامُ الأعظمُ / أبو حنيفة الفتى المقدَّمُ
نمشي به في حضرةٍ ظاهرةٍ / نحن بها لغيرنا المعلم
وشيخنا الشيخ الهمام الأكبر / في باطن الأمر الذي لا يفهم
فاصبر علينا لنريك ما نرى / وانظر إلى النور بدا يا مظلم
هذا صراط الله مثل شعرة / دقيقة وأنت غر أبلم
يديرك الوسواس كيفما جرى / عدل من الله وأنت تظلم
نحن الذين عقلنا من تحتنا / وعلمنا من الإله نعلم
وأنت عقلك الذي عشت به / فوقك مسدول عليك مغرم
والعقل نور الله لكن هو في / ظلمة طبع فيك منك يحكم
بمقتضى ما قدر الله به / عليك فاتق الإله تسلم
وكن بشرع الله عاملاً ولا / تعرض عن الشرع ودع ما يحرم
أنا الذي أدعو إلى الشرع كما / أدعو إلى حقيقة الشرع اعلموا
كلامنا نعرفه
كلامنا نعرفه / نحن ومن يعرفنا
وإنما يفهمه / في الناس من يفهمنا
ولم يكن يجهله / إلا الذي يجهلنا
ومن يرده فليكن / ملازماً مجلسنا
أو مجلساً لكل من / تَلْمَذَهُ الصدقُ لنا
وقلبه معتقد / ويحسن الظن بنا
ويسمع التقرير عن / كلامنا من فمنا
ولا يقلد جاهلاً / بالحق فيما طعنا
فالناس فيهم حسد / وسوء ظن كمنا
والجهل بالله لهم / قد صار شيئاً حسنا
وكل شخص يدعي / ما ليس فيه علنا
ولا حياء عندهم / منهم ولا من ربنا
وإن يكونوا جهلوا / فروضهم والسننا
فقربهم هو الردى / وبعدهم هو المنى
نحن من المنسوبين
نحن من المنسوبين / لسنا من المطلوبين
أرسل ذا القول لنا / والدنا بالتعيين
في سبب نعرفه / بشارة للتحصين
وأمر القائل أن / يخبرنا في ذا الحين
وذاك في نصف جما / دى أوّل بالتهوين
لمائة والألف من / هجرة ذخر الناجين
وكان في واقعة ال / رؤيا لبعض الأهلين
أَحْفَظَهُ ألفاظَها / وزاده في التلقين
وقال قل له كذا / عني لفرط التحنين
فإنه يعلم ما / أقوله بالتبيين
نعم به أعلم عن / قطع بدون التخمين
يعني به نسبتنا / لله حقاً والدين
وللعلوم والتقى / وسيرة المهديين
وللكمال والمعا / رف العلى والتمكين
وللمقامات التي / تمكينها في تلوين
وللجمال والجلا / ل إرث آل ياسين
وإرث من كلمه ال / حق بطور سينين
ومن عليه أُنبتت / شجرة من يقطين
وكل مأمون على ال / وحي الذي بجبرين
والنسب الذاتي الذي / جل عن المخلوقين
الطاهر الظاهر في / شهم أشم العرنين
فما له من أحد / يطلبه بالتكوين
بعزة الشان وما / لديه من فرط اللين
فليس مطلوباً لمن / سواه من معلومين
وهو الذي يطلب من / شاء مقام المسكين
أعزنا الله به / وزادنا في التمكين
ولم تزل حلَّتنا / بحسنه في تحسين
ما أسفر الصبح وصا / ح طيره بالتلحين
ولبس الروض من ال / زهور ثوب التزيين
وما انجلى الغصن على / نسيم عرف النسرين