القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الملك الأَمجَد الكل
المجموع : 8
قد حالَ عمّا تَعْهَدُهْ
قد حالَ عمّا تَعْهَدُهْ / ربعُ اللَّوى ومعهَدُهْ
كم شاقني غزالُهُ / وراقَ طرفي جَيَدُه
معهدُ لهوٍ شفَّني / بعدَ المها تأبُّدُهْ
فلا أرى في ربعِهِ / اِلاّ الحَمامَ يُنْشِدُه
وقفتُ فيهِ باكياً / وقد شجاني غُرَّدُه
أُسعِدُهُ بالدمعِ لو / أنَّ الدموعَ تُسعِدُه
دمعٌ على كثرةِ ما / يُنْزَح جَمٌّ مَدَدُه
فَوَيْحَ صَبًّ دمعُهُ / بعدَ الفراقِ مَوْرِدُه
أحبابَهُ طالَ الى / ربعكُمُ تردُّدُه
يَنْشُدُ فيهِ قلبَهُ / وكم عساهُ يَنْشُدُه
وليس إلا نُؤْيُهُ / تجيبُهُ أو وتِدُه
يستنجدُ الطلولَ / والطلولُ كيفَ تُنْجِدُه
تسربلَ السَّقامَ مذْ / بانَ الخليطُ جسدُه
أمسى خفيّاً لا تراهُ / من نحول عُوَّدُه
ملقًى على فُرْشِ الضنى / لِقًى تداعى جَلَدُه
بالِله سلْ عنِ الخليطِ / أينَ حلَّ أغيدُه
فليتَهُ بقربِهِ / بعدَ نواهُ يَعِدُه
أحورُ قد هامَ هوًى / بما حَوَى مقلَّدُه
تقطَّعتْ لبعدِهِ / لمّا تنامَى كَبِدُه
هل عائدٌ بهِ زمانٌ / لم يَشُبْهُ نكدُهْ
زمانُ قربٍ ساعفَتْهُ / بالوصالِ خُرَّدُه
يهوى رجوعَ مثلِهِ / بنفسِهِ لو يَجِدُه
لم يحمِ عنه ربعَهُ / عديدُهُ وعُدَدُه
مهفهفُ القامةِ غُصْنيُّ / القَوامِ أملَدُه
نحيلُ خَصْرٍ لينُهُ / يَحُلَّهُ ويعقِدُه
ذو شَنَبٍ معطَّرٍ / مُنْيَتُهُ لو يَرِدُه
آليتُ ما الغيثُ بدًا / مُبرِقُهُ ومُرعِدُه
وحلَّ خيطَ مزنِهِ / فساحَ منه بَدَدُه
على ثرًى أُخْلِفَ مِن / رىَّ الغمامِ موعدُه
وغُصَّ مِن أتيَّهِ / سَبْسَبُهُ وفَدْفَدُه
أغزرَ مِن دمعي اِذا / البينُ تمادَى أمدُه
وقوّضَ الحيُّ وقدْ / حثَّ المطايا أعبُدُه
في مهمهٍ هجيرُهُ / أذكاهُ جمراً مُوِقدُه
يحدو بها في خَرْقِهِ / جُنْدُبُهُ وجُدْجُدُهْ
مَنْ مُنجِدٌ لي يومَ / سارَ مستقلاً مُنجِدُه
وقعقعتْ بعدَ سكونٍ / طالَ منها عُمُدُه
يا راكباً تسري بهِ / نحوَ الخيامِ أُجُدُه
تفلي الفلا مُعنِقةً / شِبْهَ الظَّليمِ جَلْعَدُه
حيَّ العقيقَ منزلاً / اِنْ كنتَ مِمَّنْ يَقْصِدُه
فثمَّ كلُّ وَطَرٍ / أضحى الزمانُ يُبعِدُه
أبالبِعادِ دهرُهُ / وجَوْرِهِ يُهَدَّدُه
يخشاهُ مَنْ قد قَصُرَتْ / عمّا يرجَّيهِ يدُه
وهكذا عاداتُهُ / مِن حيث كرَّتْ مُدَدُه
ملعبُ حورٍ منذُ / بانوابانَ عنه رَصَدُه
يستوقفُ العينَ إذا / اجتزتَ عليهِ مَشْهَدُه
فحبَّذا ثُمامُه / وأثلُهُ وغَرْقَدُه
وحبَّذا حمامُهُ / هيَّمني تغرُّدُهْ
أطربني غناؤه / فقلتُ عاشَ مَعْبَدُه
بانُ العقيقِ لم يزلْ / يَشْغَفُني تأَوُّدُه
سقاه دمعي أن مَزا / دُ المُزْنِ شدَّتْ عُقَدُه
خَلَّ المطيَّ تَخْدي
خَلَّ المطيَّ تَخْدي / لاحتْ ربوعُ هندِ
هيّمَها نفحُ الصَّبا / عن عَذَباتِ الرَّندِ
فأرقلتْ مُسرِعَةً / تطلُبُ أرضَ نجدِ
حتّى كأنَّ عندَها / مِنَ الجَوى ما عندي
أعدَى غرامي حُبَّها / اِنْ الغرامَ يُعدي
نجائبٌ تسخَرُ مِنْ / وخدِ النعامِ الرُّبْدِ
تقنعُ مِن مشربِها / بكلَّ نَزْرٍ ثَمْدِ
أحبابَنا نقضتُمُ / تلكَ العهودَ بعدي
وما حسبتُ أنكمْ / تَنْسَوْنَ حَقَّ وُدي
أضعتموهُ عَبَثاً / بَعْدَ النَّوى كعهدي
حُمَّلْتُ عِبْءَ الحبَّ مِن / دونِ الرفاقِ وحدي
ولم أحُلْ عمّا عهدْتُمْ / مِن قديمِ وجدي
بنتمْ فأضحى الدمعُ مِن / بعدِ الفراقِ وِرْدي
منتثراً يهمي كما / يُقْطَعُ سِلْكُ العِقْدِ
حتّى لقد خدَّدَ / تَسكابُ الدموعِ خدّي
عذَّبتُمُ مَن لا يرى / عذابكُمْ بالبُعْدِ
أرضى بما ترضَوْنَهُ / غيرَ النوى والصدِ
وعاذلٍ كشَّفَ لي / عنِ اِحَنٍ وحِقْدِ
تراهُ أمسى في هَوَى / الأحبابِ وهو ضدّي
حوشيتُ أن يُصبحَ / كفئي أو يعودَ نِدَّي
مالي وللبينِ يُثَنَّي / بالمآلِ قصدي
أعادَ فيضَ أدمعي / لِبُعْدِهمْ كالعَهْدِ
ما مزنةٌ تُحْدَى الى / روضِ الحِمَى برعدِ
يلوحُ فيها البرقُ وهناً / كالحسامِ الهندي
تسوقُها ريحُ الصَّبا / في عارضٍ مسوَدَّ
تُرخي عزاليها على / هُضْبِ الحِمى والوهدِ
أغزرَ مِن دمعي وقد / قُوضَ حيُّ دَعْدِ
يا بانةَ الأجْرَعِ مِن / ذاكَ الكثيبِ الفَرْدِ
ويا أُثيلاتِ اللَّوى / هل النداءُ مجدي
أتعلَمِنَّ ما أُجِنّ / مِن غرامٍ مُرْدي
عَدِمْتُ مذ بانَ / الخليطُ واستقلَّ رشدي
قَنِعْتُ أن يعَّللوا / مهجورَهُمْ بالوعدِ
يا جيرةً ساروا / يُحَفّ سربُهُمْ بالأُسدِ
آسادِ غيلٍ لِبسُها / نسجُ الحديدِ السَّرْدِ
حمتهُمُ بالأَسَلِ / المثقفاتِ المُلْدِ
وكلَّ ليثٍ باسلٍ / على أقبَّ نَهْدِ
يتبعُهُ أشباهُهُ / على الجيادِ الجُرْدِ
ما بينَ أشياخٍ على / متونِها ومُرْدِ
لولاكمُ لَقِيتُهمْ / بعزمَتي وجدّي
مُجَرَّداً كالسَّيْفِ / شِيمَ لامعاً مِن غِمْدِ
ماضي الشَّبا والحَدَّ / والمَضْرِبِ والفِرِنْدِ
با أدمُعي في رسمِها الجاري
با أدمُعي في رسمِها الجاري / أوضحتِ للّوامِ أخباري
بعدكِ مَنْ يكتمُ سِرّي وقد / أعلنتِ بالأحبابِ أسراري
سترتُه عنكِ إلى أن بدا / مخالِفاً وجدي وإيثاري
والدمعُ نمّامٌ ولا سيَّما / عندَ وقوفِ الصبَّ في الدارِ
تُذْكِرُني أوطانُها كلَّما / رأيتُها سالِفَ أوطاري
موكَّلٌ طرفي وقلبي وقد / بانوا بِتَذارفٍ وتَذكارِ
سقى ديارَ الحَيَّ مِن رامةٍ / غمامُ ذاكَ العارضِ الساري
مرابعٌ مذْ بَعُدَتْ غيدُها / عاوَدْتُ أحزاني وأفكاري
جنيتُ منهنَّ ثِمارَ المُنى / والدَّهْرُ غِرٌّ غيرُ غدّارِ
واليومَ أن خاطبتُ أطلالَها / لم أُلفِ فيها غيرَ أحجارِ
يحمِلُني الدهرُ وأيامُه / على عُلالاتي وأعذاري
أسهرُ أن لاحَ على لَعْلَعٍ / برقٌ بدا كالقَبَسِ الواري
في دِيمةٍ وطفاءَ هطّالةٍ / على رُبى الخَلْصاءِ مِدرارِ
عادتْ بما تَسْمَحُ مِن قَطْرِها / ذاتَ أزاهيرٍ وأنوارِ
كأنَّها دمعي على أرسُمٍ / للقومِ فيها طيبُ آثارِ
ينفحُ بالنَّدَّ ثراها كما / تضوَّعتْ فأْرَةُ عطّارِ
منازلٌ كنتُ بسكّانها / بينَ قَماريًّ وأقمارِ
أيامَ ظِلُّ البانِ ضافٍ وبَدْ / رُ الخِدرِ في تَمًّ واِبدارِ
والدوحُ مُخْضَلٌّ بقَطْرِ النَّدى / في روضةٍ غَنّاءَ مِعطارِ
يخترقُ الجدولُ أرجاءَها / كالأيمِ بينَ النبعِ والغارِ
والوُرْقُ تُبدي فوقَها نوحَها / ما بينَ أشجارٍ وأنهارِ
يُغنيكَ ترجيعُ أساجيعِها / في البانِ عن عُودٍ ومِزمارِ
يُسكِرُني تغريدُها سُحْرَةً / كأنَّه قهوةُ خمّارِ
في زمنٍ سائر أوقاتِهِ / في الطيبِ والحُسنِ كأيّارِ
عصرٌ إذا رمتُ سِواه فقد / طلبتُ عصراً غيرَ مختارِ
حتى إذا عيسُهُمُ للنوى / شُدَّتْ بأَنْساعٍ وأكْوارِ
وثوَّروها بهمُ ترتمي / ما بينَ أنجادٍ وأغوارِ
ورجَّعَ الحادي أراجيزَه / في مهمهٍ بالآلِ موّارِ
راحتْ تَهادى في البُرى بُزْلُها / كموجِ طامي الغَمْرِ زَخّارِ
مِن فوقِها أشباحُ وجدٍ غَدَوا / في الحبَّ أشياعي وأنصاري
كلُّ فتىً فوقَ مَطا عَنْسِهِ / لم يُلْفَ منهمْ غيرَ أطمارِ
باتتْ لذاذاتُ الهوى والصَّبا / والغيَّ لم تُؤذِنْ باِقصارِ
وبانَ طيبُ العيشِ لمّا نأوا / بفاتنِ المقلةِ سَحّارِ
أصبحتُ في حبّي واِعراضِهِ / ما بينَ نَهّاء وأمّارِ
فكيفَ يا قلبُ بُعَيْدَ النوى / لم تَسْلُ عن وجدٍ واِصرار
أهكذا كلُّ محبًّ اِذا / فارقَ أمسى غيرَ صبّارِ
أم هذه شيمةُ قلبٍ بهِ / للشوقِ ريحٌ ذاتُ اِعصارِ
هبَّتْ على أعشارِه فانثنى / مِن لذعِها المؤلمِ في نارِ
وأىُّ قلبٍ يُرتجَى بُرْؤه / مُصَدَّعٍ بالوجدِ أعشارِ
أبارقاً شِمتَه بالغَورِ لمّاحا
أبارقاً شِمتَه بالغَورِ لمّاحا / أهدَى لقلبِكَ أشجاناً وأتراحا
بُدَّلْتَهُ بعدَما قد كنتَ مغتبطاً / بالقربِ تصحبُ راحاتٍ وأفراحا
ما أنتَ أوَّلَ مَنْ أودَى بمهجتِهِ / جِدُّ الغرامِ وخَالَ الوجدَ مزّاحا
ذقِ النميرَ الذي استعذبتَ مشربَه / جهلاً فأصبحتَ لّما غاضَ مُلتاحا
هذا دواؤكَ كم لبَّيتَ داعيَه / لمّا دعاكَ وما استرشدتَ نُصّاحا
ركِبتَ مِن وَلَهٍ بحرَ المنى غَرَراً / وطالما جمحَ المغرورُ أو طاحا
حتى أعادكَ ما تنفكُّ مِن وَلَهٍ / تسبُّ طرفاً إلى الأحبابِ طَمّاحا
تهيمُ عندَ طلوع الصبحِ مِن أَرَحٍ / يَهديهِ بَرْدُ نسيمِ الروضِ نَفّاحا
تُبدي ارتياحاً إذا استنشقتَ نفحتَه / حتى كأنَّكَ قد عاطيتَه الراحا
ما مزنةٌ بتُّ أستجدي مدامِعُها / وباتَ منها هزيمُ الغيثِ سَحّاحا
مُثْعَنْجِراً ملأَ الغيطانَ زاخِرُه / فساخَ في الأرضِ ريّاً بعدَما ساحا
أحيا نباتاً قلتْهُ السحبُ آونَةً / كأنّما ردَّ فيهِ القَطْرُ أرواحا
يوماً بأغزرَ مِن دمعي على دِمَنٍ / عَفَّى الغمامُ مغانيِهنَّ دَلاَّحا
تَهمي إذا ما ظلامُ الليلِ مدَّ على / عِطفيهِ مِن حِندسِ الظلماءِ أمساحا
واِنْ تألَّقَ برقُ المزنِ هيَّجَني / اِذا تبدَّى كنصلِ السيفِ أو لاحا
يهتزُّ بينَ سَواري السحبِ منتصباً / أغرَّ أبلجَ للسارينَ وضّاحا
أشيمُه فَيَنِدُّ الدمعُ مِن حَرَقٍ / والدمعُ ما زالَ للمشتاقِ فضّاحا
يُذكي الهديلُ غرامي عندَ وقفتِهِ / مِنَ الحنينِ على الأغصانِ صدّاحا
فأنثَني للهيبِ الشوقِ في كَبِدي / نضّاخُ دمعٍ لنارِ الشوقِ نَضّاحا
أبكي ولم أدرِ مِن حُزْنٍ ومِن وَلَهٍ / غنَّى الحمامُ على الباناتِ أو ناحا
وأسترُ الوجدَ والتَّذكارُ يَفْضَحُهُ / اِذا تنسَّمَ عَرْفُ الرَّندِ أو فاحا
يَحكي قلائدَ سلمى طيبُ هبَّتِهَ / أيامَ كنتُ لعَرْفِ الوصلِ مُمتاحا
أسري اليها قريرَ العينِ مبتسماً / وأنثني مِن رُضابِ الثغرِ مُرتاحا
اِذا ضللتُ هداني برقُ مبسمِها / حتى كأني قد استنورتُ مِصباحا
كأنَّني مِن سرورٍ نالني ثَمِلٌ / قد عُلَّ مِنْ عنبرىَّ الراحِ أقداحا
فاعتضتُ مِن بعدِه بُعداً على مَضَضٍ / والدهرُ ما زالَ منّاعاً ومنّاحا
يا منزلاً نحوَه للنجبِ مُنْعَرَجٌ / في البيدِ يذعرنَ رضراضاً وصُفّاحا
يقطعنَ أعراضَها غُلْبَ الرقابِ الى / مرمًى يُعيدُ عِتاقَ العيسِ أشباحا
خوصُ العيونِ بَراها الخَرْقُ لاغبةً / في الخُطْمِ تسري قصارَ الخطوِ أطلاحا
حياكَ منّي حَيا دمعي بمندَفِقٍ / أمسى عليكَ مُلِثُّ القَطْرِ سفّاحا
فما ترى بعدَ أن يسقيكَ وابِلُه / مِن صَّيبِ الجَوْدِ مُلتاحا ومُجتاحا
عهدي بمغناكَ تُصبيني نضارتُه / ضحيانَ منفسحَ الأرجاءِ فيّاحا
فكيفَ أبلتْ صروفُ الدهرِ جدَّتَه / وكيفَ أصبحَ روضُ اللهوِ مُنصاحا
وكيفَ أبلسَ حتى جئتُ أسألُه / فما أجابَ واِنْ اسهبتُ اِلحاحا
لا ذنبَ لِلجَلْدِ يُبدي ما يكابِدُه / من الفراقِ إذا ما ناحَ أو باحا
يا ناقِدَ الدرِ أصبتْهُ قلائدُه / وموضحَ الكلماتِ الغرَّ ايضاحا
خُذها إليكَ مِنَ الاِقواءِ سالمةً / تعيدُ بحرَ بُناةِ الشَّعرِ ضَحْضاحا
قصائدٌ تُفْحِمُ المِنطيقَ شرَّدُها / عِيّاً واِنْ كانَ جزلَ القولِ مَدّاحا
يُخَجَّلُ الأفوهَ الأودىَّ ناظِمُها / وجَرْوَلاً وجريراً والطَّرِمّاحا
اِذا تغزَّلَ ردَّ الوُرْقَ ساجعةً / واِنْ تنكَّرَ سَدَّ الأّفقَ أرماحا
نوقٌ براهنَّ السُّرى
نوقٌ براهنَّ السُّرى / طِرْنَ بنا لولا البُرى
حنَّتْ وقد لاحَ لها / البرقُ على وادي القُرى
فأرقلتْ تؤمُّ مِن / فرطِ الحنينِ الأجفُرا
روازحٌ يأمرُها / حنينُها أن تَصْبِرا
كم يسَّرَتْ مِن مطلبٍ / قد طالما تَعَسَّرا
وسهَّلَتْ لي أرَباً / مِن قبلِها تعذَّرا
هل تُبْلِغَنَّي الريحُ عن / أحبابِ قلبي خَبَرا
يسرى اليَّ نشرُه / في طيِّها معطَّرا
بانوا كأنِّي ما / قضيتُ من لقاءٍ وَطَرا
وأظهرتْ في بُعدِهم / لنا الليالي عِبَرا
يا مربعاً راعَ الفِرا / ق ظبيه والجؤذرا
ومنزلاً سقيتُهُ / دمعاً يُحاكي المَطَرا
ما بَخِلَ المزنُ / على الأطلالِ اِلاّهَمَرا
وجادَ تربَ أرضِه / مغْلَنْطِفاً مُتْعَنْجِرا
يا ملعباً كانَ بهِا / الوصالُ غَضّاً نَضِرا
كم قد شَمَمْتُ مِن / ثراكَ مَنْدَلاً وعَنْبَرا
أحيانَ جرَّتْ ذيلَها / فيكَ النُّعامى سَحَرا
وأودَعَتْها زينبٌ / طيبَ شذاها الاذْغَرا
فكادَ أن يُسكرَني / نسيمُها لمّا سَرى
للّهِ كم غازلتُ في / الربعِ غزالاً أحْوَرا
يرنو اليَّ لظُهُ / فيستَبيني نَظَرا
بدرٌ تبدَّى فأهنْ / ت في هواهُ البِدَرا
وأخجلَ الشمسَ بها / ءُ نُوُّرِه والقمرا
ما مالَ مِن سُكرِ الصَّبا / وتيههِ أو خَطَرا
الا رَكْبتث في هواهُ / مِن غرامي خَطَرا
والحبُّ ما أورثَني / بعدَ الخليطِ السَّهرا
بُعْدُ الدِّيار والمَزارِ / مَنَعا جفني الكَرى
وشرَّداهُ عن طروقِ / مضجعي ونفَّرا
حتى بقيتُ شَبَحَاً / للعائدينَ لا أُرى
مَنْ لي بعودِ الوصلِ لو / عادَ رطيباً أخْضَرا
رَياّنّ قد أينعَ لي / بقربهَ وأثمرا
يَرِفُّ أويميلُ / كالنَّزيفِ عُلَّ المَسْكِرا
أسحبُ تحتَ ظِلِّهِ / مِنَ السُّرورِ الاُزرا
همتُ غراماً بالبروقِ اللمَّعِ
همتُ غراماً بالبروقِ اللمَّعِ / لاحتْ على روضِ الحمى ولَعْلَعِ
أومضَ لمعُ برقِها لمقلةٍ / بعدَ النوى ساهرةٍ لم تَهْجَعِ
وجرَّدَتْ سيوفَها على حشاً / بعدَ أحبابيَ الأولى مقطَّعِ
بانوا فأيُّ ناظرٍ مِن بعدِما / بانوا على عصرِهمُ لم يَدْمَعِ
وأيُّ قلبٍ والحدوجُ قد سَرَتْ / عنِ الحِمى مُزمِعةً لم يَجزَعِ
فيا أمانيَّ النفوسِ بعدَما / بانوا إذا لم يَرجِعوا لا تَرجعي
ويا سروري بعدَ جيرانِ النقا / اِنْ شئتَ بالظعنِ اللحاقَ فاتبَعِ
فلستُ آسي وهمُ قد رحلوا / على فراقٍ ظاعنٍ أو مُزمِعِ
ودَّعْتُ طيبَ العيشِ يومَ ارقلَتْ / نُجبُهمُ بالظاعنِ المودَّعِ
للهِ كم قد خلَّفوا مِن مهجةٍ / حرّى وقلبٍ للغرامِ موجَعِ
وكم على أطلالِهم مِن مدمعٍ / اجراهُ تغريدُ الحمامِ السُّجَّعِ
ومغرمٍ لمّا نأى أحبابُه / عنِ الحِمى بالعيشِ لم يَنتفِعِ
يُقلِقُه نوحُ الحمامِ كلَّما / شدا على غصنِ النقا المزعزَعِ
غرَّدَ لمّا اينعتْ غصونُه / رغبَّ شآبيبِ الغيوثِ الهُمَّعِ
ونحتُ مِن فرطِ الغرامِ والهوى / فيها كنوحِ الهائمِ المُفَجَّعِ
في كلَّ يومٍ لي على آثارِهم / دمعٌ يسحُّ في عِراصِ الباقعِ
وزفرةٍ مِن بعدِ أهلِ حاجرٍ / تكادُ أن تنقدَّ منها أضلُعي
وحنةٍ تَعقُبُها مِن بعدِها / أنَّةُ محزونٍ بهمْ مفجَّعِ
يا لوعتي مِن بعدِ سكّانِ الحِمى / زيدي ويا راحةِ سِرّي ودَّعي
ويا عذولي كفَّ عن لومي فقد / آليتُ لا أُعطي العذولَ مسمعي
هل يُرجِعُ العذلُ محبّاً كلَّما / رَدَدْتَهُ عنِ الهوى لم يرجِعِ
هامَ بهمْ فكلَّما عذلْتَهُ / في حبَّهمْ من الغرامِ لا يَعي
مغرًى بتسآلِ الربوعِ والهوى / يضطرُّه إلى سؤالِ الأربعِ
يا ويحَهُ ماذا الذي يُفيدُه / سؤالُ دارٍ بالعراءِ بلقعِ
تبدَّلتْ مِن بعدِ أُنسِ أهلِها / منهمْ بِتَنعابِ الغرابِ الأبقعِ
واستبدلتْ عينايَ عن هجوعِها / طوالَ السُّهادِ في الظلامِ الأسفعِ
أبعدَما بانَ الخليطُ وانبرى / يؤمُّ باناتِ اللَّوى فالأجرَعِ
أرجو الكرى يَطرُقُ طرفي في الدُّجى / كما عَهِدْتُ أو يزورُ مضجعي
علالةٌ ارجوه أن يزورَني / ولا ارى في الدارِ أحبابي معي
كففتُ بعدَ جيرتي وبعدَهم / عنهمْ وعن لذَّةِ عيشي مطمعي
أهلُ الحِمى قد أودَعوا
أهلُ الحِمى قد أودَعوا / قلبي جوًى وودَّعوا
فقلْ لعُذالي اعذلوا / بعدَ نواهمْ أو دعوا
بانوا فهل لقربهمْ / بعدَ التنائي مَرجِعُ
أم هل لنا في عودِهمْ / الى الديارِ مطمعُ
تُذْكِرُني أيامَهمْ / حمامةٌ تُرجَّعُ
فأنثني وقد تروَّتْ / مِن دموعي الأربٌعُ
وليس للدارِ وللتذَّكارِ / إلا الأدمُعِ
قولوا لجيرانِ العقيقِ والنقا
قولوا لجيرانِ العقيقِ والنقا / حتامَ يُهدونَ الينا القَلقَا
يا ساكني قلبي عسى مبشَّرٌ / يُخبرني متى يكون الملتقى
ما لبقائي بعدَ بعدَ بُعدي عنكمُ / معنًى فاِنْ لقيتكم طابَ البقا
أشقانيَ الدهرُ فاِنْ أسعدني / بجمع شملي بكم زال الشقا
أهواكم وأنقي وقلما / بجمعِ ما بينَ الغرامِ والتقى
حبكمُ سفينةٌ ركبتُها / مأمونةٌ فكيف أخشى الغرقا
حاشا لِمَنْ أصبحَ يرجو الوصلَ أنْ / يُمسي بنارِ هجرِكم مُحترِقا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025