المجموع : 20
أَمَورِدٌ يَا نَاظرِي أَم وريدْ
أَمَورِدٌ يَا نَاظرِي أَم وريدْ / فكن شهيداً إِن نَوْمِي شهيد
قد قُتِلَ النَّومُ وعاشَ الأَسى / وزَلَّ بل عِمادُ العميدْ
وبي وإِنْ بَان الصِّبا صبوةٌ / شبَّ بها الشَّيخُ وشَابَ الوَلِيدْ
خليعُ قَلْبي لَمْ يزل هَائِماً / في كُلِّ يومٍ بحبِيب جَدِيدْ
وأَغْيَد صُورتُه عُوذةٌ / لأَنَّ شَيْطانَ غرامي مَرِيد
مُذْ كَسَر الجفْنَ أَصَاب الحشَا / والقوسُ مكسورٌ بسهمٍ سدِيد
وجْنَتُه الحمراءُ مع قلبِه ال / معرِضِ ذَا خزُّ وهَذا حَدِيدْ
وثغرُه درٌّ نظيمٌ فكَمْ / يَظْلِمُه من قال طَلْعٌ نَضِيدْ
فالعاذِلُ العَاذِرُ والجاهِل ال / عَاقِلُ فيه والغَوِيُّ الرَّشِيد
عَهْدِي بِغزْلانِ الفَلا مِنْ الفَلاَ / تُصادُ لكن ذَا غَزالٌ يَصيدْ
جليدُ قَلبي ذَابَ مِنْ وَجْهه / والشَّمْسُ ما زالَتْ تُذيبُ الجَليدْ
يُرى ولكن من بعيدٍ نَعم / كذلِكَ الشَّمْسُ تُرى مِنْ بَعيدْ
يا ذهبيَّ اللَّونِ أَذْهَبْتَني / ويا فريدَ الحسنِ دَمْعِي فَرِيدْ
بِذكْرِكُم بِتْنَا كَما نَشْتَهِي / عَينٌ لعينٍ ثُمَّ جِيدٌ لجِيدْ
ما كان فيها شَاهِدي غائِباً / عَنِّي وَلاَ كَان رَقيبي عَتِيدْ
بات رَقيبي حَارِسي بَعْد أَنْ / مدَّ ذِراعيه لَنا بِالوَصَيدْ
ذاك زمانٌ قَدْ مَضَى وانْقَضَى / وبادَ سُبحانَ الَّذي لاَ يَبيدْ
وشابَ رَأْسِي قبلَ أَن يَلْتَحِي / مَنْ حُسنُه في كُلِّ يوم يَزيدْ
وكان يَوْمَ العيد لي وجهه / فصار يوم العيد يوم الوعيد
وأصبح الجوهر عِندي حصىً / وصارَت الأَغْصَانُ عِنْدي جَريدْ
شَيَّبني بُعديَ عَنْ مجلس / أُسِّس لكِنْ بالعَلاءِ المَشِيدْ
مجلِس عبدِ اللهِ ذَاك الَّذي / تُرى مُلوكُ الأَرضِ فيه عَبِيدْ
غبتَ فيا شَوْقِي إِلى وَقْفَةٍ / فيه أُوَالي بالمديحِ النَّشِيدْ
وأَنْقَعُ الغُلَّةَ مِنْ طَلْعَةٍ / تُفيدُ رِيَّ القلبِ لِلْمُستَفِيدْ
وأَجْمَعُ الشَّملَ ونيلَ العُلاَ / وبعده صِرْتُ الفَقِيرَ الفَقِيدْ
وأَبلغُ القصدَ بِقَصْدِي لَه / وإِنَّه للقصدِ بيتُ القصيدْ
هذا مُرادي مِنْ إِلهي وَمَا / يكذِبُ في الله مُرادُ المُريدْ
لو أَسعدَ الدَّهرُ بما أَرْتَجي / من قُربِه كُنْتُ كَنَعْتي السَّعِيدْ
لابدَّ أَنْ أَطْوِي الفَيافِي إِلى / جَامعِ شملِ المكْرُماتِ البَدِيدْ
الصَّاحِب السَّاحبِ أَذْيالَه / تِيهاً على الصَّاحِب وابْنِ العَميد
ذلَّ به الجبَّارُ حتَّى لكَمْ / مِنْ أَسدٍ أَضْحى له وهْو سِيدْ
واستعبدَ الخلقَ له أَنَّه / ذُو خلقٍ ليِّنٍ وبأْسٍ شَديدْ
والدَّهرُ قد قسم أعداءه / قسمين إما هلك أو شريد
وكانوا جِبالاً ثم عادُوا حصىً / بل أَصْبَحوا منْه كَحَبِّ الحَصِيدْ
يكْفِيه أَنَّ اللهَ سُبحانه / أَجْرى المقادِير عَلَى مَا يُريد
يَسير وَالسَّادةُ منْ حولِه / لكنْ تَرَاهُ في عُلاه وَحِيدْ
ففي عُلاَه مَالَه مُشْبهٌ / وفي نَداهُ مَالَه مِنْ نَدِيدْ
يُعيدُ ما يُبدِي نَدَاه فَما / تَقولُ قَدْ أَبْدأَ حتَّى يُعيدْ
يُعْطِي الَّذِي يَطْلُبُ منه الَّذِي / يُطلَبُ مِنه وَلَديهِ مَزِيدْ
يُجيد ما يُعطيه مِنْ جُوده / لِوَفْدِه فَهْو الْجَوادُ المُجيدْ
يسأَلُه الإِمساكَ من يَجْتدِي / مِنْه ويَستَعْفِيه مَنْ يَسْتَزِيدْ
يا مُعْطِيَ الدُّنيَا لِمَنْ أَمَّه / ثُمَّ يراهَا كالعَطاءِ الزَّهِيدْ
أَنْتَ الَّذي السؤدُدُ مما تُني / ل الخلقَ والعلياءُ مِمَّا تُفِيدْ
أَشْكُو إِليكَ الشَّوقَ فَهْو الَّذِي / لِنَارهِ بَيْن ضُلوعِي وَقِيدْ
وإنَّني الصَّادِي الَّذِي قَدْ رَأَى ال / مَوْرِدَ لكِنْ كُلَّمَا رَامَ ذِيدْ
قد ذقْتُ طعمَ الموتِ من بعده / ذلك مَا قَدْ كُنتُ مِنه أَحِيدْ
وصِرْتُ مدفوناً فما مَسْكَني / في مَصرَ لكن مَسْكني في الصَّعِيد
لو لم أَكُنْ أَشْعَرَهَا لم أُطِقْ / نظماً لبيت ولو أَنِّي لَبِيدْ
لأَنَّ هَمِّي مُقعِدٌ خاطِري / وعن يَميني وشِمَالي قَعيدْ
لكنْ لُهَى الصَّاحِب يستنطِق ال / معجَم عِيّاً ويُذْكي البَلِيدْ
فقلتُها طنانةً جودةً / لأَنه جاد فَلِمْ لا أُجيد
وكُلُّ شِعْرٍ قلته في مَجْدِه / شَدَا بِه الشَّادِي وسَارَ البَريدْ
أَسكنتُه منه قصورَ العُلا / فكُلُّ بيتٍ منه قصرٌ مَشِيدْ
أَوحَشنِي الأَوَانِسْ
أَوحَشنِي الأَوَانِسْ / هُنَّ الظِّبَا الكَوانِسْ
غارَتْ بِها هَوَادِجٌ / أَغَارَتْ الْمَجالِس
لا تعجبَنْ أَنَّ الدُّمى / تكونُ في الكَنائس
أَقْبَلْن كالشُّموسِ بَلْ / أَعْرضْنَ كالشَّوامِس
مِنْ كُلِّ مَنْ فِي مِثْلِها / يُنَافِس المُنَافِس
ريحانةُ المجلِس بَلْ / فَتَّانةُ المجالِس
كالرِّيمِ وهْو سَانح / والغُصْنِ وهْو مَائس
شمسٌ وإنْ شككْتَ في / ها فاسْأَل الْحَنَادِس
تُطِّيبُ الطِّيبَ كَما / تَلْبَسُها الْملابِسْ
عُشَّاقُها من حَلْيِها / إِذ لهمُ وساوسْ
جِسْمِي بِعَيْنيها وخِصْ / رَيْها لِسُقمي خَامِس
كم فَرَست من رَاجلٍ / ورَجَلَتْ مِنْ فَارِسْ
عَلَتْ على الفِكْرِ فَمَا / يَرْقَى إِلَيْها هَاجسْ
لا يَصل الفكرُ لَها / فكيفَ كفُّ اللاَّمس
رُضَابُها شُعاعُ نو / ر للشُّعاعِ عَاكِسْ
ما حُرِسَتْ وهَلْ عَلى / شمسِ الضُّحى مِنْ حَارِس
وبَعْد هَذا حَوْلَها / مِنْ قَوْمِها عَنَابِسْ
كِنَاسُها مِنْهُمْ قَناً / تحمِلها قَنَاعِسْ
يَغْدوا عَليها فِي الضُّحى / ليلُ العَجَاجِ الدَّامس
ونَصَّبوا إِنْسَانَها / يُحنِّنُ الأَحَامِس
السِّحرُ فيه ضَاحِكٌ / والموتُ فيه عَابِس
في يَده قائِمُ سَيْ / فِ الَّلحظِ وَهْوَ جَالِسْ
عُلِّقْتُها تَشْغَلني / عَن خَصْمِي الْمُشَاكس
خَصْمِي همِّي إِنَّه / لي ناهشٌ ونَاهِسْ
أُساورُ الهمومَ بَلْ / أُطَاعِنُ الْفَوَارِسْ
رَمَانِي الزَّمَانُ بالدَّ / هَائِم الدَّهَارِس
واجتَثَّ أَصْلِي فَلِذَا / فؤَادِي ذاوٍ يابسْ
وصرتُ عُريانَ أَرى / غَيْري لثوبِي لابس
نهبيَ في عُيينَة / والأَقرعِ بنِ حابس
فجاز أَنْ يعلو عَلى ال / ملائِكِ الأَبَالِسْ
وربَّما يَعْدُو عَلَى الضَّ / راغِمِ الْهجَارِس
تجري الْمقادِيرُ عَلي / ضِدَّ قياسِ الْقَائِس
هَلْ نافِعي أَنِّيَ يق / ظانٌ وجدِّيَ ناعِسْ
وأَنني أَبسِمُ وال / أَيّامُ لي عَوابِسْ
لابُدَّ أَنْ يرفعني / عَنْ هَذِه الْخَسائِس
وربّما أَرْغَم مِن / أَعدائيَ المَعَاطِس
الفاضلُ المعيدُ رَبْ / عَ المجدِ وهْو دارِس
ومشتَري الحمدَ فلم / يَمْكُسْ ولم يماكس
نَجلُ الكرامِ السَّادةِ ال / أَكَابِر الأَشاوِس
ذَوِي المراتِب الْعُلا / والأَنْفُسِ النَّفَائِس
وطَابَت الفروع لمّ / ا زَكَتِ الْمَغَارِس
عبدُ الرَّحِيمِ مُذْهِبُ ال / بأَسِ ومُغْنِي الْبَائِس
يأْتِي إِليه وفدُهم / كَرادساً كَرَادِس
يَنْشر لها الآمالَ إِذ / تُطْوى لَهَا البَسابِسْ
سَادَ وسَاسَ وهو خي / ر سَائِدٍ وسَائِس
وكُلُّ من سَادَ سوا / ه إِنَّه الفَلاقِس
وحَرَسَ اللهُ بِه الدِّ / ينَ فَنِعْم الحارِس
وهْو الَّذِي قد غَرس ال / مُلْكَ فَنِعْم الْغَارِس
أَنت الَّذِي له الأَعا / دِي كُلُّها وفَرائِس
وإِذا تكَلَّمتَ فما / ينبسُ فيهم نَابِسْ
الصِّيتُ منهم خَاملٌ / والصَّوْتُ منهم هَامِسْ
أَنت الَّذي تَستَخْدم ال / جواريَ الخوانِسْ
أَنت الفريدُ في زما / نٍ نَاسُه نَسانِسْ
أَنت الَّذي في وَحْشَةٍ / مِنْ عَدَمِ المجالِسْ
غير أُناسٍ سَلَفُوا / أَنْتَ بهم مُستَانِسْ
للخمسةِ الأَشباح في / تقواكَ أَنْتَ سادِسْ
أَنتَ الذي تُنْحلني ال / قصائِرَ الْعَرائس
تجعلُ لي ذِكراً لها / يَجُول في الْمَجَالِس
أَرَدْت أَن تكبتَ لِي / نَفَس الَّذِي يُنَافِس
وأَن أُرَى مِن أَجْلها / عِند الملوكِ جَالِس
وأَنْ تَشِيعَ في الْورَى / جَواهِري النفائِسْ
فيكَ كَلامي مُصْحَبٌ / وفي سِوَاك شَامِسْ
وهْو فتاةٌ مُعْصِرٌ / فيكَ وفيهمُ عَانِس
والعُذرُ في وُضوحِه / نارٌ بكفِّ قابس
صِدقُ مديحي مُطْلَقٌ / لِمقْوَلي لاَ حَابِس
وكذبُه لي مُخْرِسٌ / ولا أَقولُ خَارِس
وبعْدَ ذا لي مَطْلبٌ / بين الضلوعِ كَانِس
تتركُهُ البُلْهُ وتَجْ / ري خَلْفَه الأَكَايِس
واللهِ لو رُمستُ في ال / قبر ورَاحَ الرَّامس
ما كنتُ مِنه بكَ في / يِومِ النُشُورِ آيس
أَهلاً به من ولدٍ مباركٍ
أَهلاً به من ولدٍ مباركٍ / يسلُك من طُرْق أَبيه ما سلكْ
بدرٌ جلا عنا الدَّياجيَ نورُه / وكَمْ مَحا ضوءُ أَبيه من حَلَك
بشَّرَت العليا به والده / بشارةً تعُمُّ أَرضاً وفَلك
قالت لقد نلتُ به من أَمَلي / بلَّغ الله تعالى أَمَلَك
فكلُّنا أَصبحَ مسروراً به / لأَنَّه قرَّةُ عينٍ لي ولك
أًحسنتُم إِن تُحسنوا في الفِعْلِ
أًحسنتُم إِن تُحسنوا في الفِعْلِ / بقطعِ قَطْعِي وبَوَصْلِ وَصْلي
أَنعمتمُ من قبلِ أَنْ أَسأَلكم / ما نالَ هذا عاشقٌ مِنْ قَبْلي
أَسرتُمُ سرِّي بإِنعامِكم / كما عقَلْتم بالنَّعيم عقلي
للناس أَشغالٌ ولكنكم / وحقِّكم دونَ الأَنامِ شُغْلي
قد كنتُ أَخشَى القتلَ من صدِّكم / فكان منكُم بالوصالِ قَتْلي
فوصلُكم ولا عدمتُ وصلَكم / إِن شئتَ يغْري أَو أَردت يسلي
في كُلِّ حال أَنا مقتولُ الهوى / ما أَنتَ مِنِّي يا هوىً في حِلِّ
وكُلَّ يومٍ لفُؤادِي فتنةٌ / بفاتِن الحسنِ نحيفٍ عبْلِ
فخِصْرُه أَنحفُ من عاشِقِه / وردفُه مثلُ كثيبِ الرَّمْل
بل رِدْفُه كالجدِّ تحت خِصْرِه / وخِصْرُه من فوقِه كالهزل
يقول للأَنجمِ في سمائِها / أَهلاً وسهلاً بكُمُ يا أَهْلي
كالبدر في سَنَائِه وسِنِّه / بل هو أَبهى منه للمُسْتَجْلي
فيا طفيليَّ عِذَارِ خدِّه / لقد تطفلتَ على ذا الطِّفل
يريكَ قدَّ الرُّمحِ من قامَتِه / وطرفُه يريكَ قدَّ النَّصل
فطرفُه كُوِّنَ من مضائه / والخدُّ من فِرِنْدِهِ والصَّقْل
كم قال لي من تِيهه وعجْبِه / مثلُك لا يَعْشَقُ إِلاَّ مِثْلي
فمَنْ إِلى سُوقِكَ ساقَ فِتْنَتي / ومَن عَلى قتلِك دلَّ دَلِّي
وحسنُه المقبل في شَبَابه / يعجب من شبابِي المولِّي
يا غُلةً لي في الحَشا على الصِّبا / ما أَنت إِلاَّ للحشا كالغلِّ
ولايةُ الشباب كانت عزَّتي / فذقت طعمَ الذُّلِّ يوم عزلي
وسوف أَسلوهُ ويَبْلَى ذِكْرُه / فالدَّهر يُسْلِي والزمانُ يُبْلي
وربما أَشكره مُوَلِّياً / كراحتِي من استماعِ العَذْل
فقل لعذَّالي عني إِنَّني / أَنَخْتُ إِبْلِي وحَطَطْتُ رَحْلي
ومذ رماني الشَّيْبُ عن قوسِ النهى / رميتُ قَوْسِي وكَسَرْت نَبْلِي
وإِن يكن بالحبِّ حقّاً للورَى / نَقْصِي فبالأَفضل بان فَضْلِي
وسار ذكْرى وارتقت منزلتي / وطال فَرْعي واسْتقَرَّ أَصلي
وجلَّ قدري بكتابٍ جاءَني / منهُ دَعانِي فيه بالأَجَلِّ
عَلَتْ به مَرْتَبتي ولم يَزَلْ / يعلو عَليٌّ في الورى ويُعلي
أَيُّ كتابٍ قد حوت سطُوره / جوداً جزيلاً بكلام جزل
فكل طول قد أتى في طيه / وكل فَضْلٍ قد أَتى في فَصْلِ
كأَنه من عند ربِّي جاءَني / بأَنَّ في جنَّةِ عَدْنٍ نُزْلي
فكان في رفْعي له كملْكِي / وكان من لثمي له كخِلِّي
أَقلُّ هذا البر حازَ أَكثري / وبعضُ هذا الفضْلِ حَاز كُلِّي
للهِ ما أَعجزَنِي عن شُكْرِه / والعَجْزُ لا أَعهدُه من فِعْلي
وكيف لي بشكر من أَذْهلَنِي / حتى غَدا علمِيَ مثل جَهلي
وكم لنورِ الدِّين عِنْدي مِنْ يَدٍ / قد نَوَّرَتْ إِلى العَلاءِ سُبْلِي
متى أَراني قاصِداً جنابَهُ / أَحثُّ خيلي وأَحُثُّ رجلي
متى أَراني ساكناً في ظله / يا حرَّ أَشواقي لذاك الظِّل
متى أَرَاني داخلاً من بابه / وقد وَضَعْتُ خَلْفَ ظَهْرِي ثِقْلي
متى أَراني وَاطِئاً بِساطَه / أَسْعى برأْسِي فوقَه لاَ رِجْلِي
متى أَراني كاتِباً لدَسْتِه / أَكتبُ فيه مُعْجِزِي وأُمْلِي
أَكتب عنه ما يُحلِّي ملكَه / ومِثْلُ ما أَكتبُه يُحلِّي
أَكتب ما يُدْني له مَرامَه / ويجعلُ الصَّعْبَ له كالسَّهل
أَكتب ما يُغْنِيه عن كتائبٍ / مراجلُ الحروبِ فيها تغلي
والأَمر في أَمري إِليه راجعٌ / إِليه عَقْدِي وإِليه حَلِّي
وإِنَّما عيبي زماني عاجزٌ / إِني الحُسام في يَدِ الأَشل
لابدَّ أَن يرفعَ شَأْنِي مَلِكٌ / يَعرفُ لي نَباهَتي ونُبْلي
ملِكٌ ملوكُ الأَرضِ تَروِي فضلَه / حُبّاً ومن أَفْعالِه تَسْتَملي
مُحيي الهُدى ببأْسه على العدى / وقاتلُ الجَوْرِ بسيفِ العدل
فعدلُه ودام فينا عدْلُهُ / طهَّر أَخلاقَ الزمانِ الرَّذْل
يفخرُ من يقتلُه بسيفِه / إِذ كَان يحيا ذِكْرُهُ بالقَتْل
هذا عَليٌّ كعليٍّ في الوغى / هذا الأَميرُ كأَميرِ النحل
جمعتُ شملَ الشِّعرِ فيك مادحاً / لمَّا جمعتَ بالنَوال شَمْلي
ولم أَزل على نداك والجاً / إِنِّي على نَدَاك كالمُدْلِ
وقلَّ قَوْليَ في كثيرٍ نِلْتُه / يا رحمةَ المكثِر لِلْمُقِلِّ
شَربتُ شربَ الهيمِ
شَربتُ شربَ الهيمِ / من فمِ ذاكَ الرِّيم
فضَّ لثمِي الختمَ عن / رحيقهِ المختومِ
حتَّى سمعتُ بفمِي / التَّسليمَ من تَسْنِيم
كَمْ لي بِذَاكَ الرِّيم من / ريم بِغَيْرِ مِيمِ
يا عاذِلي في حُكْمه ال / محكَمِ بالحَكِيمِ
وقَدْ سَقَاني حَبي / بي بكَأسه حَميم
أَلْقَى سَفِيهَ عَذْلِه / بِعشْقِيَ الحليمِ
حاشايَ من عشقٍ خئو / نٍ أَو هوىً لئيم
يعذِلُني رخيمُه / في شادنٍ رَخيم
كالبدرِ لاَ حَاشَاه مِنْ / خَدٍّ لهَ مَلطوم
وأَيْنَ ذاك القَدُّ مِنْ / عُرجونِه القديم
كالظَّبْي لا حاشَاه مِنْ / فَمٍ له مَهْتُوم
قد غُمَّ بدرُ التِّم من / ه فهْو في الغُمُومِ
تلكَ الغُمُومُ هي ما / سمِّي بالْغُيومِ
يلدغُنِي عقرب ليْ / لِ صُدْغِه البِهيمِ
لِذاك قد لبستُ حُلْ / ىَ وجُهِه الوَسيمِ
حَلْى حُلاه في يمي / نِ قلبيَ السَّليم
أَنزلْتُه في خَاطري / مُجاوراً هُمومِي
وقد رقمتُ حُبَّه / في القلبِ وفي الصَّمِيمِ
فصار منه آمِناً / في ذَلِكَ الْحَرِيم
مستيْقِظاً لا نَائِماً / في الكهْف والرَّقِيم
لا تبعثِ الطَّيفَ فإِ / نّ الطَّيْفَ من خُصوم
يكادُ يَنْفي من مُحا / لِ جَهْلِه عُلومِي
فالطَّيفُ معنىً عند عش / قِي ليس بالمفْهومِ
وأَشعَرِيُّ الحبِّ لا / يقولُ بالمعدوم
والقلبُ لا يرْضَى من ال / غرامِ بالشَّميم
آهٍ لطرف ظالمٍ / في صُورة المظلومِ
وهْو الصَّحيحُ ولَقَدْ / تَراه كالسَّقيم
وآهِ من عصرٍ تو / لَّى ليسَ بالذَّميمِ
عصرِ شبابٍ طار بالنْ / عْمَةِ والنَّعِيم
واشتَعَل الشَّيبُ كمث / لِ النَّارِ في الهَشيم
وأَصْبحَتْ جَنَّةُ إِطرا / بِيَ كالصَّريمِ
ومُلكي أُزيلَ من / شيطانِيَ الرَّجِيم
فاليومَ لا إِلْفي ولاَ / كأْسي ولا نَديمِي
وكنتُ كالمخصومِ / ثُمَّ عُدت كالْمَعْصُوم
وخادِمُ الفاضل / بَرٌّ ليسَ بالأَثِيمِ
تُعدِّيه تقواه فتُنْ / جيه مِنَ الجَحيم
ذاكَ الكريمُ ابنُ الكري / مِ ابْنُ الكريمِ الخِيم
يدعُوهُ بالأَوَّابِ وال / أَوَّاهِ والْحَليم
المالِكُ الناسِكُ مح / يي دولةِ الْعُلوم
وعامرُ الدِّين وبا / ني رُكْنِه المهدوم
والواهِبُ الآلافِ لِلس / ائِلِ والمحْرُومِ
وأَوجدَ الجودَ يعمّم / بالنَّدى العمِيمِ
وأَعدَم الْعُدْمَ فما / في الخلْقِ مِنْ عَديم
وأَبرأَ الحالَ النحي / فَ بالنَّدى الجسيم
فجاءَنا المسيحُ مِن / هُ بيدِ الكَليم
تَخْفَى الملُوكُ صُغَّراً / لقدرِه العَظيمِ
كما عَنَتْ أَوْجُهُهَا / لوجْهِه الْكَرِيمِ
أَتَت إِلى مَوْرِدِهِ / مثلَ العِطاشِ الهيمِ
وسقَطَتْ على الخبي / رِ منْه والعَليمِ
يكفُّها بخوفِه / عن طَبْعِها الظَّلُومَ
ونِعمَةُ الظَّالمِ بالظَّ / المِ كالظَّليم
ويُنتج السَّعْدُ لَها / فِي مُلكِهِ العَظِيم
كما أَقامَتْ مِنْه في / نعيمِها المُقيمِ
لَوْ لَمْ يَرُمَّ مُلْكَها / لكان كالرَّمِيم
وكانَ كالمثلوبِ لو / لاَه وكالْمثلُوم
وكان لَو لَمْ يَدْعه / يُدَعّ كاليتيمِ
وكَمْ له من قَلمٍ / والٍ على إِقْليمِ
وذاكَ إِقليمٌ من ال / هندِ لأَقْصَى الرُّومِ
وذلِك الموقوفُ مِنْ / كِتَابه المرقُومِ
ولفظُه المنثورُ مث / لُ اللؤلؤِ المنظومِ
يا سيِّداً سِرُّ ندا / هُ ليسَ بالمكْتُومِ
يا مُسْهِرِي بِشكرِه / وجودُه مُنيمِي
أَشكُو وما أَشكو نَعَمْ / أَشْكُو إِلى رَحيمِ
أَشْكُو إِليك أَنْعُماً / قد مَلأَتْ حَيْزُومِي
قد أَثْقَلتْ ظهرِي وقدّ / تْ بالْحَيَا أَدِيمي
وصرتَ إِذ قصَّرتُ يا / محمودُ كالمَذْمُومِ
وربما أغرق مز / ن الغيث بالسجوم
وربَّما عادَتْ نجو / مُ الأُفْق كالرُّجُومِ
أَقلُّ ما يوليه تب / جيليَ مَعْ تَعْظيمِي
ووصْفُ تصنيفي ومن / ثوريَ مَعْ مَنْظومِي
ومنكَ تعليمي ومَا / عُلِّمت مَعْ تَفْهيمي
وعَمَّرْتُ دار طرا / زِي منكَ بالمَرقُوم
كذا مُوشَّحاتِي صر / نَ مِنْك كالطَّمِيمِ
وأَنْتَ إِنْ شَكَرْتَ فالشُّ / كْرُ إِليكَ يُومِي
ولي عِدىً أَنفاسُهم / كالسُّمِّ والسُّمُومِ
هُمْ عِلَّة الأَنْفُسِ / والأَرواحِ والجُسومِ
رفَعْتني عنْهم مَن / التُّخومِ للنُّجومِ
ورَكَدَتْ ريحُهمُ / عِنْدَك من نَسيمِ
أَقمْتَنِي فرجَعُوا / في المقْعَدِ المُقيمِ
وقد قَضى تأخيرُهم / ما شئتَ من تَقْديمِ
وصرتَ مخدومِي فصا / رَ كلُّهم خَديمِي
فاهْنَأ بعيدٍ قادمٍ / بأَسعدِ الْقُدومِ
أَتاكَ بالتكْميل لل / آمالِ والتَّتْمِيمِ
تُحيي به السُّنَّةَ من / أَبيكَ إِبْراهيم
وتنحرُ الأَعداءَ في / هِ بدالَ الْقُرومِ
وتعزمُ الهباتِ / والْغرْمُ على الرَّغيم
وتَجعلُ العارِضَ مِنْ / روضِيَ كالْحَميمِ
يا نعمةَ اللهِ علىَ / عبدِ الرَّحيمِ دُومِي
يا ويْح نفسٍ عَشِقَت
يا ويْح نفسٍ عَشِقَت / مصريةً تدمْشَقَت
ساذَجةٍ لكنَّها / بالحُسْنِ قد تَزوَّقت
كالشَّمْسِ حين شرَّقت / والشَّمْسِ حينَ أَشْرَقَت
والرَّوضَةِ الغنَّاءِ حين / أَزْهَرت وأَوْرَقتْ
وتَبَّعتْ بدرَ الدُّجى / فَلَحَّقَتْ وسَبَّقَتْ
كأَنَّها من جَنَّةِ ال / خُلدِ إِلينا طَرَقَتْ
أَو غَفِل الحارسُ في ال / جنَّة حتى سُرِّقَتْ
كم وعدت وكذَّبَتْ / وأَوعَدَتْ وصَدَّقَتْ
وعاقَبَتْ وما ارْعَوَتْ / وقَتَّلَتْ وما اتَّقت
وسوَّفَتْ وما وَفَتْ / وأَعْطَشَتْ وما سَقَتْ
وسدَّدت أَسْهُمَ عَتْ / بٍ بالتجَنِّي فَوَّقَتْ
وأَمْطَرَتْ دمْعَ الآ / لٍ كاللآلي نُسِّقَتْ
فبالعِتَابِ أَرْعَدَتْ / وبالثَّنَايا أَبْرَقَتْ
فكم لها من تائِبٍ / تَوْبَتُه قَدْ أَبقتْ
وكم لها من مُقْلَةٍ / بِدَمْعِها قد شَرِقَتْ
وكم لها من مُهجةٍ / بنارها قد حُرِّقَتْ
وكم لها من عَاشِقٍ / لِحْيتُه قد حُلِقَتْ
هوِيتُ منها عُلقةً / من نَظْرةٍ تَعَلَّقَتْ
تقنَّعَت تعمَتْ / تسوَّرتْ تَمَنْطَقَتْ
ظبيٌ إِذا ما سَكَتَت / وظبيةٌ إِن نَطَقَتْ
وزوّدَتْ لحيةَ مس / ك نفحَت وعَبَّقَتْ
وما اكتفت بِكَتْب نُو / ن الصُّدْغِ حتى مَشَقَتْ
قد عَلِقَتْ نفسِي بِها / وهْي بنفْسي عَلِقَتْ
ولم تَدعْ لي رَمَقاً / بالطَّرْفِ حِينَ رَمَقَتْ
قد خُلِقَتْ لِمِحْنتي / يا لَيْتَها ما خُلِقَتْ
ذكرتُ والقلبُ أَسيرُ الذِّكْرِ
ذكرتُ والقلبُ أَسيرُ الذِّكْرِ / ليلَةَ وَصْلٍ سَلَفَتْ مِنْ عمْرِي
أَقْصَرُ من تجلُدي وصَبْري / رقَّت فكادت رقَّةً أَن تَجْرِي
كأَنَها مخلوقةٌ من شِعْرِي / تفضُلُ عِنْدِي أَلْفَ أَلِف شَهْر
ما هي إِلاَّ خالُ وجْهِ الدَّهْرِ / فَضَحْتُ فيها بَدْرَها ببَدْرِي
وبان فيها عذرُها وعُذْرِي / وبعْتُ فيها صحْوَتِي بسُكْرِي
منْ خَصِر الريق رقيقُ الخَصْرِ / أَحسنَ من سلْمَى وأُم عمرو
ذي مُقْلةٍ مل فترَتْ من فَتَرٍ / قد عُوضت من إِثْمِدٍ بالسِّحرِ
واللهِ لو كانَ إِليَّ أَمْري / رميتُ كَسْرَ جَفْنِهَا بِجَبْرِ
لعلَّ أَن تَجْبُر مِني كَسْري / وبتُ أُخْفِي ضوءَ ذاك الثَّغْر
كي لا أَرُوعَ لَيْلَتي بفَجْرِي / يا ليلةً قد أَسرفتْ في بِرِّي
مضَتْ ولم يمض عليها شُكْرِي / رُزِئت منها اليومَ خيرَ ذُخْرِي
فأَعْظَمَ اللهُ عَلَيْهَا أَجْرِي /
أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ
أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ / قَلْبي لِوائي الخفَّاقِ
وَإِنَّه كِنَانةٌ / فيها سهام الأَحْدَاقْ
وإِنَّه مُخَيِّمٌ / له القلوبُ أَوطاق
خيَّم فيه مَلِكٌ / له الجُسُومُ رُسْتَاقْ
قد مَلَكَ المُلْحَ وقد / فاق مِلاَحَ الآفاقْ
مُثْرٍ من الحسن فما / يُخْشَى عليه الإِمْلاَقْ
وَمُدْنَفُ الطَّرفِ فما / يُدْعَى لَهُ بالإِفْرَاقْ
وسِحْرُهُ حَقٌّ فكم / قد حَقَّ بي وقد حاقْ
مَعَ أَنَّ قَلْبي مَعَهُ / كُلِّي إِليْهِ مُشْتَاقْ
يَنْثَالُ لَثْمِي كلَّما انْ / ثالتْ عليه الأَشْوَاقْ
يبيتُ من خَوْفي علي / هِ للعِنَاق أَغْلاَقْ
إِذا تَثَنَّى قَدُّهُ / فالغُصْنُ بَيْنَ الأَوْراقْ
وَمَنْ رَأَى مَبْسِمَهُ / رأَى عُقُودَ الأَحْقَاقْ
وإِن تَغنَّى حَلْيُهُ / فهل سَمِعْتَ إِسْحَاقْ
عِذَارُه وخَدُّهُ / سَطْرٌ عَلَيْهِ أَلْحَاقْ
وَبَعْدَ ذَا صِيَانَةٌ / قد بَرَّحَتْ بالعُشَّاقْ
كَمْ نَصَحُوا مِنْها وَكَمْ / صَاحُوا وكَمْ قالُوا قَاقْ
سَلْنيَ عن مِعْصَمِهِ / ولا تَسَلْ عَنِ السَّاقْ
ما أَحْسَنَ الخَلقَ وَمَا / أَحْسَنَ تِلْكَ الأَخْلاَقْ
عَواذِلي بِحُسْنِهِ / قد خَضَعُوا بالأَعْنَاقْ
وسكَتُوا لأَنَّهُمْ / قد شَرِقُوا بالأَرْيَاقْ
لَمْ يَنْظُروا وأُخْرسُوا / هَذَا عَمىً وذَا خنَاقْ
لم يَحْكِ جَفْني بَعْدَهُ / إِلاَّ السَّحابُ الغَدَّاقْ
كان لتُرْب الأَرْض في / دُمُوعِ عَيْنِيَ أَرزاقْ
يَا عَجباً لأَدْمُعِي / تَزْكُو بطولِ الإِنْفَاقْ
شُفِيتَ يا قلبُ بهِ / فقالَ لي وَالآمَاقْ
وأَصْلُ ذُلِّي نظرةٌ / تسَلَّقتْ إِلى النِّطاقْ
وَسَرْقةٌ فعُوقِبَ / الجِسمُ عِقابَ السُّرَّاقْ
هذا هو الظلمُ الَّذِي / يُقْضى بِهِ للعُشَّاقْ
يا قاتِل الصَّبِّ هوىً / لا ذُقْتَ مِنْهُ ما ذاقْ
أَمَتني بنظرة / فأَحْيِني بإِطْرَاقْ
أَمتَّني فأَحْيِني / يا سُمُّ أَو يَا دِرْيَاقْ
أَغْرقتُ في النَّزع وما / حرَّمتني بالإِعْرَاقْ
لم يَبْقَ شيءٌ فيَّ أَو / شَمِلْتَهُ بالإِحْرَاقْ
وإِنَّ شَيْبي أَسودٌ / لأَنَّ شيْبي حُرَاقْ
لي أُسوةُ الشمسِ التي / أَثْكَلْتَها بالإِشْرَاقْ
ومزنةٌ ضَحِكَتْ إِذَا / فجَّعْتَها بالإِبْرَاقْ
إِن كان أَسْرِي سَرَّهُ / فالأَسْرُ مثلُ الإِطْلاَقْ
أَو ضاقَ صدراً بي فَصَدْ / رِي بالهُمُومِ ما ضَاقْ
أَو خانَ مِيثاقي / فإِنِّي لا أَخونُ المِيثاقْ
يا من بدا من فيه لي
يا من بدا من فيه لي / راح كعَرْفِ المَنْدلِ
لم يأْت من قُطْرُبُّلٍ / وهي شراب العسل
حَدَّدْتهُ بالقُبَل / لكنْ عَلَى رأْي عَلي
بمُهجتي أَفديه مِنْ
بمُهجتي أَفديه مِنْ / فصيحِ لَفْظِ مُعْجَمِهْ
لا يستطيعُ اللفظُ أَنْ / يَخْرُجَ من ضِيقِ فمِه
يأَيها البرقُ الذي
يأَيها البرقُ الذي / يجلو الدُّجَى إِلى فَمِه
قل لحبيبي إِنَّني / صادٍ إِلى ميمِ فَمِه
وإِن فعلت فحَوَيْ / تَ لَمْعَةً مِنْ مَبْسِمِه
لي أَملٌ لا ينتهي
لي أَملٌ لا ينتهي / وعاذِلٌ لا يَنْتَهِي
يقول لي ما تشتهي / فقُلْتُ أَلاَّ تشتهي
نهاني الحبيبُ عن حُبِّي له
نهاني الحبيبُ عن حُبِّي له / قلت نعم إِنِّي إِليك أَنْتهِي
فقال لي مِثْلِي كثيرٌ قلت من / مِثْلُك قل لي فلعلِّي أَنتهي
فقال ليَ البَدْرُ فقلت أَنْت هُو / فقال لي الشمسُ فقلت أَنْتَ هي
زَهادَتي في جَلْسَتِكْ
زَهادَتي في جَلْسَتِكْ / زَهادَتي في قُبْلتِكْ
لأَنَّ شعرَ لِحيتك / طُحلُب مَاءِ وَجْنَتك
حَمْزةُ كلبٌ يَعْوِي
حَمْزةُ كلبٌ يَعْوِي / يُريدُ غيرَ الْهجْوِ
فبِئْسَ مِنْ هِجَائِه / فالهجْو مثلُ النَّجْوِ
فما يُبالي عِرْضُه / بِكُلِّ هجوٍ مَرْوِي
ولا يُبالي رأْسُه / بضربِ أَلْفِ دلْو
نريدُ من يُزيلُ عنَّ / ا وجْههُ ويُزْوِي
نُريد من يَقْتُل من / ه رأسَه يَلْوي
نريدُ مَن يطبخُ من / أَعضائِه ويَشْوِي
نريدُ من يَنْشُره / وبَعْد هذا يَطْوِي
صفعوه بالعوانيه
صفعوه بالعوانيه / لا سِرَّ بَلْ عَلاَنِيه
وصفعُوا ناصيةً / كاذبةً خاطِيه
قطَّعوا قذاله / بِقرْبة ورَاوِيه
فقال كُفُّوا الصَّفْع إِني / للحديثِ رَاوِيه
قالُوا لَه قَضَى بِذَا ال / جَمْعِ جِناسُ القافِيه
قدْ كُنْتَ في عافيةٍ / فما شَكَرْتَ العافِيه
ودِنْت من أَمْرِ الهوى / دهتْك مِنْه داهِيه
لكن تحككت بَغاً / حتَّى دهتْك داهِيه
وكمْ له مِنْ وقْعةٍ / لم تُبقِ منه بَاقيه
وما عليه قطُّ مِن / صَفْعِ النِّعال وَاقِيه
وهذه عَاشِرَةٌ / لا تحسبوها ثانيه
لكنه جلْفُ القذا / لِ وغليظُ الحاشِيه
بالله فُتَّ كَبِدِي يا هَمِّي
بالله فُتَّ كَبِدِي يا هَمِّي / وغمَّ قَلْبي بالجَوَى يا غمِّي
وابْلُ جسْمي بالضَّنىَ يا سُقْمِي / فبَعدَ رُوحي لا أُرِيدُ جِسمي
وبعد دِرْياقي أُريدُ سمِّي / مُصيبتي لمَّا انتهت في العَظْمِ
قد سخرت من الجِبَالِ الصمِّ / توسَّعَتْ فضاقَ عَنها كَتْمِي
دفنت أَهلي كلَّهم بَرَغْمِي / أَخِي وأُختي وأَبي وأُمِّي
وكم دفنتُ غَيْرَ مَنْ أُسمِّي / من رُفْقَةٍ مثلِ بدورِ التِّم
ومن بهاليلَ عظامٍ شُمِّ / دفنت كلاًّ منهمُ عَنْ علْم
في موحشٍ أَسْوَدَ مُدْلَهمِّ / في قَعْر قَبْرٍ تَحْت أَلفِ رَدْمِ
تلك قبورٌ بُنيت لهَدْمِي / لم تُبْن إِلاَّ بدَمِي ولَحْمِي
مَناظرٌ كما رأَيتَ تُعْمِي / وتَقْصِدُ القلبَ بكُلِّ هَمِّ
لقبر ذَا ضَمِّي وهَذَا لَثْمِي / وعِشْتُ مِنْ بَعدِهم بِرَغْمي
لِشُؤْمِ بَخْتي ولسُوءِ قَسْمِي / كالسَّيفِ في الوَحْدَةِ لا كالسَّهْم
في فَقْرٍ صُوفيٍّ وذمي / قد ضاع عقلي بعدهم وحلمي
وكنت في غِنىً وغُنمِ / في نعمةٍ وفي نعيمٍ جَمِّ
وكنت لا أُرْمَى بِهم وأَرْمِي / وكُنْتُ لا أُصْمَى بهم وأُصْمِي
يرون حُبِّي كالقضاءِ الحَتْم / ورَسْمُهم أَن ينتهوا لرَسْمِي
ويَسْتعيذوا في الهُمومِ باسْمِي / لم يَجْرِ مَوْتُ كلَّهم في وَهْمِي
ما لِحياتي بَعْدَهم مِنْ طَعْمِ / فيا افْتِقَارِي بَعْدَهُم وعُدْمِي
ويا ضَلالي بعد فقد نَجْمِي / ويا هموماً لاَ تَزَالُ تَنْمِي
ويا دُموعاً لا تَزال تَهْمِي / تَكْثُر أَنْ أَسْتُرَها بكُمِّي
ويا زماناً جائراً في الحُكْمِ / لا غرو أَنْتَ حاكمي وخَصْمِي
بأَيِّ ذَنْبٍ وبأَيِّ جُرْمِ / ظَلَمْتَني ومَا يَحلُّ ظُلْمِي
لله حَمْدِي ولدَهْري ذمِّي /
عزَّ إِلَهُ العَالَمْ
عزَّ إِلَهُ العَالَمْ / وذلَّ ابنُ آدمْ
يُخَاصِمُونَ ربَّهم / والرَبُّ لا يخَاصَمْ
وحاكَموه للنَّهي / وعِنْدَهُ تُحاكَمْ
وقائلٍ لِمْ كَانَ ذا / وقائل لِمْ لاَ ولم
قد سَلِمُوا لو سلَّموا / وقد نَجا مَنْ سَالَمْ
ومدَّع بأَنَّه / في العِلْم لا يُقَاوَمْ
رأَى الزَّمانَ حَادِثاً / فقالَ قد تَقَادَمْ
وما دَرَى بأَنَّه / لِفعْلهِ قَدْ صَادَمْ
يُفْحِمُه وَيدَّعِي / بأَنَّه قَدْ كَاتَمْ
يا حُسْنَ ما جاءُوا بِه / لو تمَّ لكِنَّ مَا تَمْ
إن يرج إلا حربه / ما تم إلا ما تم
مَاتَ الهُدَى ما بَيْنَنا / فكلُّنَا مآتِمْ
لقد لقيتُ نصباً
لقد لقيتُ نصباً / وقد سُقيت وَصَبَا
بجسدٍ لي قد غدَا / مُبَغَّضاً محبَّبا
الحَبُّ قد عَنَيْتُ ما / عنَيْت حُبَّ زينبا
أَنْبَتَ لي الحَبُّ به / أَلف جَرِيبٍ جَرَابا
يا عَجباً من جَرَتٍ / أَبصرتُ مِنْه عجبا
اجتمع الضِّدان فيه / مِقةً واصْطَحَبَا
الماءُ منه قد جَرى / والجَمر قد تَلَهَّبَا
تجري القُيوح أَو أقو / لُ بَلغَ السَّيلُ الزُّبى
والنّار تُذْكَى أَو أَرى / لها عِظَامي حَطَبا
أَنَامِلي السَّلَى وإِن / أَبْصَرْتُ منه رُطَبا
قد خَتموها فضةً / من حَصَفٍ وذهَبا
ترى بها الياقوت وال / جوهرَ والمَخْشَلبا
من حَصَفٍ وجربٍ / قد أَلْهَبا وأَنهبا
يقول من أَبصَرني / ذَا الأُفْق قد تَكوْكَبا
فكَوْكَبٌ في مَشْرِقٍ / وليس يأْتي مَغْربَا
يُظلم عيشي كلَّما / أَبْصَرْتُ فيها كوكبا
فما رأَيْتُ حيَّةً / إِلاَّ رَأَيْتُ عَقْربَا
أُنْخَسُ بالشَّوكِ وقد / أُطعَنُ فيها بالشَّبا
أَكتم كَفَّيَّ عن النَّ / اسِ حَياءً وإِبَا
ما لاح إِلاَّ واخْتَفى / كَفِّيَ عنهمْ واخْتَبا
من الهوانِ عاد كَفِّ / ي مَلَكاً مُحَجَّبَا
تطرِّزُ القيوحُ والدِّ / ماءُ ثَوبِي والقَبَا
أَلْبَسُ ثَوْباً ساذجاً / ثم أَراه مُذْهَبَا
من جُملةِ الجمال صرْ / تُ حين صِرْتُ أَجْرَبَا
وأَصبح القطْرانُ وال / كِبْريتُ مِسْكي الكبَا
يا جرَباً إِن لم أَقل / من جَربِي واجَرَبَا
أَصبحتُ ذَا القروح لا / شِعراً ولكن كَرَبَا
ممزَّقَ الجِلدِ مُرا / قَ الدَّم مهجورَ الخِبَا
فكلُّ من يأْلفُني / قد صار لي مُجْتَنِباً
وكلُّهم خَوفاً من ال / عَدْوى يَفِرُّ هَرَبَا
يُعدي الوَرى الأَجربُ / حتى ثوبُه كالثُؤَبَا
يا مَرضاً صِرتُ به / في منزلي مُغْتَرِبَا
ودونَ أَهْلِي مُفْرداً / وعندهم مُذَبْذَبَا
أرْمَى وكَنْتُ أُصْطَفَى / أُقْلَى وكُنْتُ أُجْتَبى
والرأْسُ كنْتُ ثَم صرْ / تُ من ذُنُوبِي ذَنَبَا
غَضِبْتُ من حَالي / وحَقِّي أَنْ أَموتَ غضَبا
لا مرحباً بالعيشِ بل / بالموتِ أَلْفَ مرْحَبَا
مرَّتْ حَياتي فوجَدْ / تُ المَوْتَ حُلْواً طَيِّبا
فما أَلذُّ مَطْعَماً / ولا أُسِيغُ مَشْرَبَا
لا عِشْتُ إِن كنْتُ أَعي / ش هَكَذَا مُعذَّبَا
قوتي حياتي وكذا / سلامتي أن أعطب
أُفٍّ لدنيا لا يزَا / ل المرُء فيها مُتْعَبَا
تَجْرِي المقاديرُ بما / يكره شاءَ أَوْ أَبَى
هنَّ السِّقامُ والعَنا / ءُ والشَّقاءُ والوَبَا
وَبيْنَما يَكُونُ كالطَّ / وْدِ يَعودُ كالهَبا
وكم يلاقي مَهْلَكاً / إِذا أَراد مَطْلبَاً
والحقُّ ما أَقولُ ما / أَقولُ قَطُّ الكذِبَا
كُنْ بشَراً أَو مَلِكَا / أَو مَلَكاً مُقَرَّبا
ما دُمْت موجوداً فما / تَنْفَكُّ تَلْقَى التَّعَبا
وسوسنٍ أَحْوَى جَنى الغَرْسِ
وسوسنٍ أَحْوَى جَنى الغَرْسِ / يَذْوِي مِنَ اللَّحْمَةِ قَبْلَ اللَّمْس
أَوْرَاقه في رقَّةِ الدِّمقْسِ / تَصْبُو إِلى تَقبيلِهنَّ نَفْسي
لأَنها مثلُ شفاهِ لُعْسِ /