القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 16
صَدّتْ وما كان الّذي صدّها
صَدّتْ وما كان الّذي صدّها / إِلّا طلوعُ الشّعَرِ الأشهبِ
زار وكَمْ من زائرٍ للفتى / حلَّ بواديهِ ولم يُطلبِ
رَكبته كُرْهاً ومن ذا الّذي / أركبه الدّهر فلم يركبِ
كأنّه نارٌ لباغي القِرَى / أضرمها القومُ إلى مَرْقَبِ
أو كوكبٌ لاحَ على أُفقِهِ / أو بارقٌ يلمعُ في غَيْهَبِ
لحمي وقد أصبحت جاراً له / زادي ودمعي وحدَه مشربي
وإنّني فيه ومن أجلِهِ / مُعاقبُ القلبِ ولم يُذنِبِ
وليس لِي حظٌّ وإن كنتُ مِنْ / أهلِ الهوى في قَنَصِ الرّبْرَبِ
وما رأينا قبلَه زائراً / جاء إلينا ثُمّ لم يذهبِ
قُل للّذي راحَ بِعزٍّ وَاِغتَدى
قُل للّذي راحَ بِعزٍّ وَاِغتَدى / يسحبُ منه مِطْرَفاً مورّدا
صنيعَ مَنْ يطمعُ أنْ يُخلَّدا / جمعتَ ما لا بدّ أنْ يُبدّدا
إنْ لم يزُلْ في يومِهِ زال غدا / يا جامعاً لغيره مُحتشِدا
نَضَدتَ مالاً هل نَضَدتَ أمَدا / سيّانِ مَنْ سار يجرّ العَدَدا
ومن يَظِلّ واحداً مُنفردا / كلاهما مفارقٌ ما وَجدا
وَصائِرٌ ما يَقتَنيهِ قِددا / وإنْ أتاه حَتفُه لا يُفتَدى
هيهاتَ ما أغفلنا عن الهُدى / وأوضحَ الحقَّ لنا لو قُصدا
كم نركبُ الوَعْرَ ونفرِي الجدَدَا / ونأخذُ الغيَّ ونُلْقِي الرَّشَدا
وَكَم يَرى الراؤُون فينا الأَوَدا / قد آن في زهيدنا أنْ نزهدا
وبعد جورٍ قد مضى أنْ نقصِدا / وأنْ نُرى عن الدّنايا حُيَّدا
صَبراً عن الوِرْدِ وإنْ طال الصّدى / إنْ فاتنِي العِدُّ أبيتُ الثَّمَدَا
ولستُ أرضى بالهِجانِ النَّقَدا / أما ترى زمانَنا ما أنكدا
كأنّنا إذا سألناه الجِدا / نُرْحِلُ منه بازلاً مُقيّدا
أو نجتلِي الشّمسَ بعينَيْ أرْمَدا / أو نمترِي النّارَ بزندٍ أصلَدا
وصاحبٍ أيقظنِي ورَقَدا / ورام أنْ يصلحنِي فأفسدا
يحسُدنِي ولا أرى أن أُحسدا / بات يُلاحينِي على بذلِ النّدا
فقلتُ لمّا لامنِي وفنّدا / مصوِّباً وتارةً مُصعّدا
أليس عدلاً بالغنى أنْ أُحَمدا / بِتْنا بذاتِ العَلَمين سُهَّدا
نرقُبُ في ليلٍ طويلٍ أسودا / كأنّما ذرَّ علينا الإِثْمِدا
أو كان بالطّولِ لِزاماً سَرْمدا / فجراً كمصقولِ الغِرارِ جُرِّدا
كأنّما الأُفقُ به إذا بدا / حالَ لُجيناً لونُهُ وعَسجدا
وإنّما ننشد أوْتارَ العِدى / بكلِّ عُريانِ العِذارِ أَمْرَدا
ذِي هِمّةٍ لم تَرمِ إلّا صُعُدا / إِذا اِحتذى بالحمدِ يوماً وَاِرتَدى
وَمَدَّ بِالبيضِ أوِ السُّمرِ يدا / لَم يَدنُ من حَيزومِهِ خوفُ الرّدى
أَسؤدداً ولا أرومُ سؤدُدا / وما قضيتُ في الأعادِي موعِدا
ولَم أرِمْ طولَ الحياةِ البلَدا / مُجتمعاً أَحسَبُ هِمّاً صَرِدا
مُزَمَّلاً بكلِّ وتْرٍ مُكْمَدا / موطِّئاً للمُثقِلاتِ الكَتَدا
مَنْ شاء أنْ يعدُوَ في ما لِي عدا / نَهْضاً فقد أَمكن ألّا تقعُدا
وَاِستلَّ للفرصةِ نَصْلاً مُغمَدا / ورِدْ حياضَ العزِّ فيمن وردا
فَمن بغى المجدَ بجِدٍّ أُيِّدا /
إنْ قَطَعتْني عِلّتِي عن قصدي
إنْ قَطَعتْني عِلّتِي عن قصدي / وصدّني الزّمانُ أيَّ صَدِّ
عن مِشيتي وَخَبَبِي وشدِّي / فإنّني لحاضرٌ بِوُدِّي
وبوفائي وبحسنِ عهدِي / سِيّانِ قربي معه وبُعدِي
قلْ لعميدِ الدّولةِ الأشدِّ / وَالمُعتلِي في هضباتِ المجدِ
والمشتري الغالي مدىً من حمدِ / من مالِهِ وجاهِهِ بالنّقْدِ
مُمضي عَطاياه بِغير وَعْدِ / كم لك من بحر فخارٍ عدِّ
يفوت إحصائي ويُعيي عَدِّي / حوشيتَ من مكرِ اللّيالي النُّكْدِ
ومن خصامِ النائباتِ اللُّدِّ / قد زارك الحولُ بكلِّ سَعدِ
وبالبقاءِ الواسعِ الممتدِّ / فَاِجرُرْ بهِ ما شئته من بُرْدِ
فوتَ الرّدى ممتّعاً بالخُلدِ / ثِقْ بِالإِلهِ المُتعالي الفَرْدِ
وَلا تَخفْ في مطلبٍ من ردِّ / ما لبنِي عبد الرّحيم الأُسدِ
من مُشبهٍ في سؤددٍ ومجدِ / خيرِ كهولٍ في الورى ومُرْدِ
وخير حرٍّ بيننا وعبدِ / فيهم هوى حَلّي وفيهمْ عَقدِي
إنْ ركبوا يوماً لداءٍ معدِ / رأيتَ جُرداً فوق خيلٍ جُردِ
متى أكن فيهمْ معيناً وحدِي / فلنْ ينالوا للعدى بحَشْدِ
ولا يجِدّون لديهمْ جِدِّي / غيرُ كلامي فيهمُ لا يُجدِي
وكلُّ زندٍ غير زندي يُكدِي / ما مسّهمْ فهْوَ إليَّ يُعدِي
وما فَراهمْ فهْوَ فارٍ جِلدي / ما لَهمُ واللَّه مِثلي بَعدِي
عرّجْ على الدّارسة القَفْرِ
عرّجْ على الدّارسة القَفْرِ / ومُرْ دموعَ العين أن تجري
فلو نهيتُ الدّمعَ عن سَحِّهِ / والدّار وحشٌ لم تُطِعْ أمري
منزلةٌ أسلمها للبِلى / عَبْرُ هبوبِ الرّيح والقَطْرِ
فُجِعْتُ في ظلمائها عنوةً / بطلعةِ الشّمسِ أو البَدرِ
لهفانُ لا من حرّ جمرِ الجَوى / سكرانُ لا من نَشْوَةِ الخَمرِ
كأنّنِي في جاحمٍ من شجىً / ومن دموع العين في بحرِ
عُجتُ بها أُنفِقُ في آيِها / ما كان مذخوراً من الصّبرِ
في فِتْيَةٍ طارتْ بأوطارهمْ / في ذيلهمْ أجنحةُ الدَّهرِ
ضِيموا وسُقّوا في عِراص الأذى / ما شاءت الأعداء من مُرِّ
كلِّ خميصِ البطن بادي الطَّوى / ممتلئِ الجلد من الضُّرِّ
يَبْرِي لِحا صَعْدَتِهِ عامداً / بَرْيَ العَصا من كان لا يبري
كأنّه من طول أحزانِهِ / يُساق من أمنٍ إلى حِذْرِ
أو مفردٌ أبعده أهلُهُ / عن حَيّهِ من شَفَقِ العُرِّ
يا صاحبي في قعر مطويّةٍ / لو كان يرضى لِيَ بالقَعْرِ
أما ترانِي بين أيدي العِدا / ملآنَ من غيظٍ ومن وِتْرِ
تسري إلى جلدِيَ رُقْشٌ لهمْ / والشَّرُّ في ظلمائها يسري
مردّدٌ في كلّ مكروهةٍ / أُنقلُ من نابٍ إلى ظُفرِ
كأنّني نَصْلٌ بلا مِقْبَضٍ / أو طائرٌ ظلّ بلا وَكْرِ
بالدّار ظلماً غيرُ سكّانها / وقد قرى من لم يكن يَقْرِي
والسَّرحُ يرعى في حميم الحِمى / ما شاء من أوراقه الخُضْرِ
وقد خبا لِي الجمرَ في طيّهِ / لوامعٌ يُنذرنَ بالجَمْرِ
لا تَبكِ إنْ أنتَ بكيتَ الهدى / إلّا على قاصمةِ الظَّهرِ
وَاِبكِ حُسَيناً والأُلى صُرِّعوا / أمامَه سطراً إلى سطرِ
ذاقوا الرّدى مِن بعد ما ذوّقوا / أمثالَهُ بالبيضِ والسُّمْرِ
قتلٌ وأسْرٌ بأبي منكُمُ / من نيل بالقتل وبالأسرِ
فقلْ لقومٍ جئتَهم دارَهمْ / على مواعيدٍ من النَّصرِ
قَرَوْكُمُ لمّا حللتُمْ بها / ولا قِرى أوعيةَ الغَدْرِ
وَاِطّرحوا النَّهْجَ ولم يَحفِلوا / بما لكمْ في محكم الذّكرِ
وَاِستَلبوا إِرْثَكُمْ منكُمُ / من غير حقٍّ بيدِ القَسْرِ
كسرتُمُ الدّين ولم تعلموا / وكسرةُ الدّين بلا جَبْرِ
فيا لها مَظْلَمَةً أُولِجَتْ / عَلى رَسولِ اللَّه في القبرِ
كَأنّهُ ما فكّ أعناقكمْ / بكفّهِ من رِبَقِ الكُفرِ
وَلا كَساكمْ بَعد أَن كنتُمُ / بلا رِياشٍ حِبَرَ الفَخرِ
فَهو الّذي شادَ بِأَركانِكمْ / من بعد أن كنتم بلا ذِكْرِ
وَهوَ الّذي أَطلَعَ في لَيلكمْ / من بعد يَأْسٍ غُرّةَ الفجرِ
يا عُصُبَ اللَّه وَمَن حبُّهمْ / مخيّمٌ ما عشتُ في صدرِي
وَمَن أَرى وُدَّهُمُ وحدَهُ / زادي إذا وُسّدتُ في قبري
وَهوَ الّذي أعددتُهُ جُنَّتِي / وعصمتي في ساعةِ الحَشرِ
حَتّى إذا لم أكُ في نصرَةٍ / من أحدٍ كان بكمْ نصري
بموقفٍ ليس به سلعةٌ / لتاجرٍ أنفقُ من بِرِّ
في كلّ يومٍ لكُمُ سيّدٌ / يُهدى مع النِّيبِ إلى النَّحْرِ
كم لكُمُ من بعد شِمْرٍ مرى / دماءَكمْ في التربِ من شِمْرِ
وَيْحَ ابنِ سَعْدٍ عُمَرٍ إِنَّهُ / باع رسولَ اللّهِ بالنَّزْرِ
بَغى عليهِ في بنِي بنتِهِ / وَاِستلّ فيهم أنصُلَ المَكْرِ
فهْوَ وإنْ فازَ بِها عاجلاً / مِن حَطَبِ النّار ولا يدري
متى أرى حقَّكُمُ عائداً / إليكُمُ في السّرِّ والجَهْرِ
حَتّى مَتى أُلْوى بموعودكمْ / أُمطَلُ من عامٍ إلى شهرِ
لولا هَناتٌ هنّ يلويننِي / لبُحتُ بالمكتومِ من سرّي
وَلَم أَكُن أَقنع في نَصركمْ / بنَظْمِ أبياتٍ من الشّعرِ
فَإِنْ تَجلَّتْ غُمَمٌ رُكَّدٌ / تَركنني وَعْراً على وَعْرِ
رَأَيتُمونِي وَالقنا شُرَّعٌ / أبذُلُ فيهنَّ لكمْ نَحْرِي
على مَطا طِرْفٍ خفيفِ الشَّوى / كأنّه القِدْحُ من الضُّمْرِ
تَخالُهُ قَد قدَّ مِن صَخرةٍ / أو جِيبَ إذْ جِيبَ من الحَضْرِ
أعطيكُمُ نفسي ولا أرتضِي / في نصركمْ بالبذل للوفْرِ
وَإِنْ يَدُمْ ما نَحنُ في أَسرِهِ / فاللّهُ أَولى فيهِ بِالعذرِ
يا إبلي كوني قِرَى الأضيافِ
يا إبلي كوني قِرَى الأضيافِ / فليس عند الجود بالإنصافِ
أَإِنّ لي نعلاً وجاري حافِ / وإنّني مُثرٍ وجاري عافِ
يُؤْمننِي اللوّامُ أن تخافي / وَأن تَبِيتي نُهْزَةَ الطّوّافِ
إذا دنا ضيفٌ إلى طِرافي / فالويلُ للكوماءِ من أسيافي
في ليلةٍ حالكةِ الأَسدافِ / كأنّما تَشُكُّ في الأطرافِ
مِن خَصَرٍ فهنّ بالأثافي / يا بُعْدَ بين ممسكٍ طفّافِ
جَعْدِ اليدين ضيّق العِطافِ / يُرْتِعُكُنَّ أبْرَقَ العَزّافِ
فيما تَمَنَّيْتُنَّ من إزيافِ / في حَرَمٍ مُمَنَّعِ الأكنافِ
خافٍ من اللّوِم عن القوافي / أعيا على الرُّوّادِ والسُّوّافِ
وَبين سَمحٍ واهبٍ مِتْلافِ / تراه إمّا همَّ بالإسعافِ
لا يفتدي السِّمانَ بالعِجافِ / يا صاحبي ولستَ لِي بالوافي
ولا لدائي عندكمْ مِن شافِ / نكصتَ عنّي ليلة الإيجافِ
وخفتَ مرعوباً بلا مَخافِ / وطِرتَ كالزِّفّةِ بالسَّواِفي
ماذا عليك يا أبا الحجّافِ / من راسبٍ فيك وطَوْراً طافِ
ما أنتَ مِن عِدِّي ولا نِطافِي / ولا لتَقْتِيري ولا إسرافي
لا تُنكِرَنْ صدّي ولا اِنحرافي / وَأنت طلّاعٌ إلى خِلافي
وكادِرٌ لِي ولغيري صافِ / وواصلٌ لكلّ مَن لِي جافِ
ما عاد سَبْري لك واِستشفافي / وعاد تقويمِيَ أو ثِقافي
ودَلَجي نَحوك وَاِعتسافي / إلّا بخلٍّ منك غيرِ كافِ
ملآنَ مِن مَطْلٍ ومن إخلافِ / سيراً ذوي الأحساب والآنافِ
عن موطنِ اللُّؤِم الدَّريسِ العافي / ليس بمشتىً لا ولا مصطافِ
ولا رمادَ فيه للأَثافي / حيث تُهانُ نخوةُ الأشرافِ
وتستوي الأخفافُ بالأظلافِ / بَينَ الأُلى جاءوا من الأقرافِ
ليس عتابٌ منهُمُ لجافِ / ولا لَعاً عندهُمُ لهافِ
فإنّما الدّيارُ بالأُلّافِ /
أرّقَ عيني طارقٌ
أرّقَ عيني طارقٌ / يا ليتَه ما طرقا
فبتُّ ليلِي ساهراً / أرقُبُ ذاك الفَلَقا
ملآنَ همّاً وشجاً / ولوعةً وحُرَقا
كأنّ ليلي موقَداً / بغير نارٍ مُحرقا
ليلُ لديغٍ مُوجَعٍ / ما نجعتْ فيه الرُّقى
أُغضِي وَكَم أغضَى الفتى / على قذىً وأطْرَقا
وأكتُمُ الدّمعَ وكمْ / جرى دماً واِستَبقا
لا صبرَ لِي وكلَّما / أمسكتُ صبراً مَرَقا
في ليلةٍ مرهوبةٍ / نادمتُ فيها الأَرَقا
أُنفِقُ من دمعٍ ومَنْ / أصابَ دمعاً أنفقا
وَطالَ همّي وَهوَ ما / طال عليَّ الغَسَقا
مِن نبأٍ أُنبِئْتُهُ / وددتُ أنْ لا يصدُقا
شككت فيه خدعةً / لمهجتي أو شفقا
وطالما شكّ اِمرؤٌ / في خُبْرِ ما تحقّقا
نَعَوْا إليَّ صاحباً / موافقاً موفّقا
يُخلصُ لِي حيث ترى / في كلّ صَفوٍ رَنَقا
فإنْ عرى خطبُ ردىً / فدي بنفسي ووقى
أو سلّ قومٌ في وغىً / عنِّيَ عَضْباً ذَلِقا
وإنْ يخُنْ قومٌ وفى / أو كذّبوني صدّقا
ما كنتُ فيه باِمرئٍ / أخجل لمّا وثقا
وفارجٌ بالقول إِذ / رأى مقاماً ضيّقا
كيف التّلاقي واللّقا / ءُ بيننا مُشفٍ لَقَى
ودوننا حِقْفُ لوىً / يُفضي إلى دِعْصِ نَقا
فإنْ قطعتُ أبرَقاً / وجدتُ دوني أَبْرَقا
قد كنتَ فينا جَدِلاً / محقّقاً مدقّقا
ما فاتك العلمُ ولا / ضَلَلْتَ فيه الطُّرقا
لحقتَ ما طلبتَه / كم طالبٍ ما لحقا
ما أطيبَ العيشَ وإنْ / كان لنا مرنَّقا
له نسيمٌ أرِجٌ / يُمسك منّا الرَّمَقا
لا تحرِمَنْ محرومَه / واِرحمْ به مَن رزقا
وَلا يَغرّنْك اِمرُؤٌ / في قُلَّةٍ تحَلَّقا
فَإنّه يَهبط مِنْ / عليائها كما رقى
يهوَى الفتى طولَ البقا / وللفنا قد خُلقا
اِنظر إلى الدّهر فكم / فرّق منّا فِرَقا
أخلَقَ كلَّ جِدَّةٍ / وهوَ الّذي ما أخلَقا
مُنتضلاً سهامه / تُصيب منّا الحَدَقا
أفنى اليمانين وقد / كانوا الجبال الشُّهَّقا
ومضرٌ جهّزها / إلى المنايا حِزَقا
أسْمَنَهمْ ثمّ اِنتقى / عظامَهمْ واِعتَرَقا
وَاِجتثّ مِن إعطائهمْ / مَن كان أعطى الوَرِقا
مِن بعد أن كانوا على ال / عافي بحوراً فُهَّقا
وقوَّدوا نحو طِلا / بِ العزّ جُرْداً سُبَّقا
واِستَمطَروا يوم الوغا / من العوالِي العلَقَا
واِستَفرَشوا ولبسوا الد / دِيباجَ والإستبرَقا
فما نلاقِي منهُمُ / إِلّا رَميماً مُخْلَقا
أيُّ نعيمٍ لم يزلْ / مُجَمَّعاً ما اِفترقا
وأيُّ ماشٍ بين أث / ناءِ الورى ما زلقا
سقاك ربّي رحمةً / ورأفةً إِذا سقى
ولا يزلْ قبرٌ به / أنتَ مضيئاً مشرقا
وإِنْ يُصِبْه صَيِّبٌ / لاطَفَهُ ورقَّقا
فاِذهبْ إِلى القوم الأُلى / كنتَ بهمْ مستوثِقا
وردْ ندى حوضهمُ / في الحشر يوم المُستَقَى
فلستُ مَعْ جاههمُ / عليك يوماً مُشفقا
يا جالباً للأرَقِ
يا جالباً للأرَقِ / ومورثاً للحُرَقِ
ومَن إليه وحده / خوفاً عليه قَلَقِي
وهاجري في فَلَقٍ / وزائري في الغَسَقِ
هل نافعي عذبُك يا / عذبٌ ومنه شَرَقي
كيف تضِنُّ بالهوى / بموعدٍ لم يصدُقِ
ونظرةٍ يسرقها / مَن لم يُزَنْ بالسَّرَقِ
تسيءُ تعويلاً على / تعويلِك المُلَفَّقِ
طيفُكَ ما أبصرَهُ / بقَطْعِ ذاكَ الأَبرَقِ
خيّل أنّا نلتِقي / زُوراً وليس نَلْتقي
وافى إِلينا والكرى / يُثنى إليه عُنُقي
عينُ رقيبٍ مُشفقٍ / مُوَكّلٍ بالحَدَقِ
كأنّها ساهرةٌ / حائرةٌ لم تُطرِقِ
أعجبْ بها زيارةً / لعانِفٍ لم يَرْفُقِ
باطلةً كأنّها / هناك من محقِّقِ
كأنّ شوقاً قادها / وهي كمن لم يشتقِ
بتُّ بها أُغلوطةً / أُمِسكُ منها رَمَقِي
وُمخفقٍ كأنّه / من طمعٍ لم يُخفقِ
لمّا دنا الصّبحُ إلى / وِسادِه كاليَقِقِ
أضحى يعضّ كفَّه / على الدّجى مِن حَنَقِ
في فتيةٍ تعوّدوا / بالسّيف ضربَ المَفْرقِ
وطعنَ كلِّ ثُغرَةٍ / من أسمرٍ بأزرقِ
كأنّهمْ أُسْدُ الشّرى / أو جِنَّةٌ من سَمْلَقِ
من كلّ ركّابٍ إلى ال / هولِ ظهورَ السُّبَّقِ
وصادمٍ بفيلقٍ / يوم الوغى لفَيْلَقِ
في كلّ يومٍ يعتلِي / ظَهْرَ عُلاً ويرتقي
كأنّه من كرمٍ / إلى ندىً لم يُسبَقِ
تهوين أنْ أرقى ذُرا الممالكِ
تهوين أنْ أرقى ذُرا الممالكِ / والعمرُ يمضي في خلال ذلِكِ
هالكةٌ تتبع إثْرَ هالكِ / كم مِن أخٍ لي أو حميمٍ شابِكِ
ولّتْ به عنّي يدُ المهالكِ / فَجْعُ الرّدى متمّماً بمالِكِ
بعُدْتَ يا يحيى بعادَ الهالكِ / بِعادَ لا قالٍ ولا مُتارِكِ
لكنّه أخذُ الرّدى للواشكِ / لاقي الجبانِ والشّجاعِ الفاتكِ
بُدِّلْتَ بالأرض ثرى الدّكادِكِ / وبالضّياءِ قعرَ لَحْدٍ حالكِ
وبالأنيسِ رَنَّةً من ساهكِ / سادكةٌ قد ظفرتْ بسادِكِ
مسالكٌ ما رجعتْ بسالكِ / أعيَتْ على الأخفافِ والسَّنابِكِ
سُقيتَ صوبَ الدِّيَمِ السّوافكِ / من كلّ ذاتِ هَيْدَبٍ مباركِ
دلّاحةٍ كالنَّعَمِ الأواركِ / دنيايَ ما دارَ مقامٍ دارُكِ
هيهات أنْ أعْلَقَ في حبالِكِ / وما عفا من جسدي جراحُكِ
وهذه الفَعْلةُ من فِعالِكِ /
ما لَكِ فيَّ ربّةَ الغَلائِلِ
ما لَكِ فيَّ ربّةَ الغَلائِلِ / والشّيبُ ضيفُ لِمَّتي من طائلِ
أما ترين في شَواتي نازلاً / لا مُتعةٌ لي بعده بنازلِ
محا غرامي بالغواني صبغُه / واِجتَثّ من أضالِعي بَلابِلي
ولاح في رأسِيَ منه قَبَسٌ / يَدُلُّ أيّامي على مَقاتِلي
كان شبابي في الدُّمى وسيلةً / ثمّ اِنقَضتْ لمّا اِنقَضتْ وسائلي
يا عائبي بباطلٍ ألِفْتَهُ / خذ بيديك مِنْ تَمَنٍّ باطلِ
لا تعذلنّي بَعدَها على الهوى / فقد كفاني شيبُ رأسي عاذلي
وقلْ لقومٍ فاخرونا ضَلَّةً / أين الحُصَيّاتُ من الجَراولِ
وأين قاماتٌ لكمْ دميمةٌ / من الرِّجال الشَّمَّخِ الأطاوِلِ
نحن الأعالي في الورى وأنتُمُ / ما بينهمْ أسافلُ الأسافِلِ
ما تستوي فلا تروموا مُعوِزاً / فضائلُ السّاداتِ بالرّذائلِ
ما فيكمُ إلّا دَنيُّ خاملٌ / وليس فينا كلّنا من خاملِ
دعوا النّباهاتِ على أهلٍ لها / وعرّسوا في أخفضِ المنازلِ
ولا تعوجوا بمهبٍّ عاصفٍ / ولا تقيموا في مصبِّ الوابلِ
أما ترى خيرَ الورى معاشري / ثمّ قبيلي أفضلَ القبائلِ
ما فيهمُ إن وُزِنوا من ناقصٍ / وَليسَ فيهم خبرةٌ من جاهِلِ
أقسمتُ بالبيتِ تطوف حولَهُ / أقدامُ حافٍ للتُّقى وناعِلِ
وما أراقوه على وادي مِنىً / عند الجِمارِ من نَجيعٍ سائلِ
وأذرُعٍ حاسرةٍ ترمي وقدْ / حان طلوعُ الشّمسِ بالجنادلِ
وَالمَوْقفين حطّ ما بينهما / عن ظهره الذُّنوبَ كلُّ حامِلِ
فإنْ يَخِبْ قومٌ على غيرهما / فلم يخِبْ عندهما من آملِ
لَقَد نَمَتنِي من قريشٍ فِتيَةٌ / ليسوا كمن تعهد في الفضائلِ
الورادين من عُلاً ومن تُقىً / دون المنايا صفوةَ المناهلِ
قومٌ إذا ما جُهِلوا في معركٍ / دَلّوا على الأعراق بالشّمَائلِ
لأنّهم أُسدُ الشّرى يوم الوغى / لكنّهمْ أهِلّةُ المحافلِ
إنْ ناضلوا فليس من مناضِلٍ / أو ساجلوا فليس من مساجِلِ
سلْ عنهمُ إنْ كنتَ لا تعرفُهمْ / سَلَّ الظُّبا وشُرَّعَ العواملِ
وكلَّ منبوذٍ على وجهِ الثَّرى / تسمع فيه رنّةَ الثّواكلِ
كأنّما أيديهمُ مناصِلٌ / يلعبن يوم الرَّوْعِ بالمناصلِ
من كلّ ممتدِّ القناةِ سامقٍ / يقصر عنه أطولُ الحمائلِ
ما ضرّني والعارُ لا يطورُ بي / أن لم أكن بالملك الحُلاحِلُ
ولم أكنْ ذا صامتٍ وناطقٍ / ولم أرُحْ بباقرٍ وجاملِ
خيرٌ من المالِ العتيدِ بذلُهُ / في طرقِ الإفضالِ والفواضلِ
والشّكرُ ممّنْ أنتَ مغنٍ فقرَه / خيرٌ إذا أحرزتَه من نائلِ
فلا تعرّضْ منك عِرْضاً أملساً / لخدشةِ اللُّوّامِ والقوائلِ
فليس فينا مقدمٌ كمُحجِمٍ / وليس منّا باذلٌ كباخِلِ
وما الغِنى إلّا حِبالاتُ الثَّنا / فاِنجُ إذا شئتَ من الحبائلِ
إلى متى أحملُ من ثِقْلِ الورى / ما لم يُطِقْه ظهرُ عَوْدٍ بازلِ
إنْ لم يزرني الهمُّ إصباحاً أتى / وَلم أعِره الشّوقَ في الأصائلِ
وكم مُقامٍ في عراصِ ذِلَّةٍ / وعَطَنٍ عن العَلاء سافلِ
وكم أظلُّ مُفَهقاً من الأذى / مُعَلَّلاً دهرِيَ بالأباطِلِ
كأنّني وقد كملتُ دونهمْ / رضِي بدون النَّصْفِ غيرُ كاملِ
محسودةٌ مضبوطةٌ ظواهري / لكنَّها مرحومةٌ دواخلي
كأنّني شِعبٌ جفاه قطرُه / أو منزلٌ أقفرُ غيرُ آهلِ
فقل لحسّادي أفيقوا فالّذي / أغضبكمْ منِّيَ غيرُ آفلِ
أنا الّذي فضحتُ قولاً مِصْقَعاً / مُقاولي وفي العُلا مطاولي
إنْ تبتنوا من العدا معاقلاً / فإنّ في ظلّ القنا معاقلي
لا تَستروا فضلِي الّذي أُوتيتُه / فالشّمسُ لا تحجبُ بالحوائلِ
فقد فررتمْ أبداً من سَطْوَتي / فرَّ القطا الكُدْرِ من الأجادلِ
ولا تذقْ أعينكم طعم الكرَى / وعندكم وفيكمُ طوائلي
تقوا الرّدى وحاذروا شرَّ الّذي / شبّ أُواري فَغَلَتْ مَراجلي
وجُنّ تيّارُ عُبابي واِشتَكتْ / خروقُ أسماعِكمُ صلاصلي
إنْ لم أطِرْ كمْ فَرَقاً تحملكمْ / نُكْبُ الأعاصير من القساطلِ
فلا أجبتُ من صريخٍ دعوةً / ولا أطعتُ يوم جودٍ سائلي
ولا أناخَ كُلُّ قومي كَلّهُمْ / في مَغْنَمٍ أو مَغْرَمٍ بكاهلي
وفي غدٍ تُبصرها مغيرةً / على المَوامِي كالنّعامِ الجافلِ
يخرجن من كلّ عجاجٍ كالدّجى / مثل الضّحى بالغُرَرِ السوائلِ
مَنْ يَرهنَّ قال مَن هذا الَّذي / سدّ المَلا بالنَّعَمِ المطافلِ
وفوقهنّ كلُّ مرهوبِ الشَّذا / يروي السّنانَ من دم الشّواكلِ
أبيضُ كالسّيف ولكنْ لم يعُجْ / صِقالُه على يمين صاقلِ
حيث ترى الموت الزُّؤام بالقنا / مستحبَ الأذيال والذَّلاذِلِ
وَالنَّقْعُ يغشى العينَ عن لِحاظها / والرَّكْضُ يرمي الأرضَ بالزَّلازِلِ
وبُزّتِ الأسلابُ أو تمَخّضَتْ / بلا تمامٍ بطنُ كلِّ حامِلِ
ولم يَجُزْ همُّ الفتى عن نفسه / وذُهِلَ الحيُّ عن العقائلِ
إنْ لم أنلْ في بابِلٍ مآربي / فلي إِذا ما شئتُ غيرُ بابِلِ
وإنْ أبِتْ في وطنٍ مُقَلْقَلاً / أبدلتُه بأَظهُرِ الرَّواحلِ
وإنْ تَضِقْ بي بلدةٌ واحدةٌ / فلم تضق في غيرها مَجاولي
وإنْ نبا عنّي خليلٌ وجفا / نَفَضتُ مِن ودّي له أناملي
خيرٌ من الخِصْبِ مع الذُّلِّ به / مَعَرَّسٌ على المكان الماحلِ
أرسلها ترعى أَلاءً ونَفَلْ
أرسلها ترعى أَلاءً ونَفَلْ / تامكةً بين الجبالِ كالجبلْ
حنّ لها نبتُ الخُزامى باللّوى / وشبّ حَوْذانُ العميم واِكتَهلْ
مِن يَعْمَلاتٍ ما وردن عن هوىً / ولم تَبِتْ مِن شلّها على وَجَلْ
كرائمٌ يبذلن للضّيف قِرىً / ودونهنّ البيضُ تدمى والأَسَلْ
يوسعْنَنَا الرَّسْلَ مقيمين وإنْ / سرنا فيوسعن الرّسيمَ والرَّمَلْ
كَمَلْن حتّى ما يُعَيَّرْن إذا / جدّ فخارٌ بسوى قربِ الأجلْ
قد قلتُ للسّارين يبغون العُلا / وربّ سارٍ عَمِيَتْ عنه السُّبُلْ
في مَهْمَهٍ مُلتَبسٍ أقطارُه / لو نَسَلَ الذّئب به صبحاً لَضلْ
يسترجف الطِّرْفَ إذا خبّ به / غبَّ السُّرى ريح النّعامى والشَّمَلْ
أمّوا بها مالكَ أملاكِ الورى / عمادَ هذا الدّين سلطانَ الدُّوَلْ
حيث تُرى الهامُ إليه سجّداً / وأرضُه معمورةٌ من القُبَلْ
والسُّؤْدُدُ الرَّغْدُ وأموالُ الغنى / تُهان في عِراصِهِ وتُبتَذَلْ
وَمَنبتُ الجود الّذي نُوّارُه / يُمطَرُ في كلّ صباحٍ ويُطَلْ
الثّابتُ العزمِ إذا طيشٌ هفا / والواجدُ الرّأي إذا الرّأي بَطَلْ
ذو فكرةٍ تُنير كلَّ ظلمةٍ / كأنّها جَذوة نارٍ تشتعلْ
ظَلْتَ بحرّ الحرب في عصابةٍ / يُحرّمون الطّعنَ إلّا في المُقَلْ
من كلّ سيّارٍ إلى الذّكرِ وإنْ / شتّتَ ذاك الذّكرُ شملاً أو قُبَلْ
كأنّه أَقنى على مَرْقَبةً / يُدمِي إذا ضمَّ وإنْ أُدْمِي نَشَلْ
حتّى حميتَ جانبَ الملكِ وقد / خِيف عليه ثَلَلٌ بعد ثَلَلْ
لَولا مداواتُك مِن أمراضهِ / بالضّربِ والطّعنِ جميعاً ما أبَلْ
كم صعبةٍ ركبتها معضلةٍ / تُطعمها الريثَ إذا أكدَى العَجَلْ
وطامحٍ بغير حقٍّ للعُلا / زحزحتَه عن التّراقي فنزَلْ
وجامحٍ إلى الهوى ومائلٍ / عن النُّهى رددتهَ عن المَيَلْ
أيُّ فتىً من قبل أنْ أرشدتَه / قعقع أبوابَ المعالي فدخَلْ
وأيُّ خرقٍ عَبَقَ الجود به / لم يُسألِ المعروفَ يوماً فبذَلْ
وَأَيُّ ماشٍ في مزلّاتِ الرّدى / جاز ولم يُخش عليه مِن زَلَلْ
وأين ما حُمّل ما حُمّلتَه / بين عظيمٍ وجسيمٍ فحملْ
مِن معشرٍ ما خُلقتْ إلّا لهمْ / أَسِرَّةُ الملكِ وتيجانُ الدُّوَلْ
ما وُلدوا إلّا وفي أيديهمُ / أزمّةُ الدَّوْلاتِ مِن عَقْدٍ وَحلْ
في حُلَلِ الملك لهمْ كاسيةً / أجسادَهمْ مَنْدوحةٌ عن الحُلَلْ
قد جاءني ما كنتَ تهديه على / شَحْطِ النّوى طوراً وفي قربِ النَّزَلْ
قولٌ وفعلٌ ألحقاني بالعُلا / والماءُ قَد يلحق غصّاً بالطُّوَلْ
فضّلتني على الورى وكلُّ مَنْ / فضّلته على الورى كلّاً فَضَلْ
وقلتَ ما حَلَّيْتَنِي الدّهَر به / وكم ثويتُ موسعاً من العَطَلْ
كَم لكَ عِندي نِعَمٌ فُتن المُنى / ولم تنهلنّ بُنيّاتُ الأَسَلْ
أرفلُ منهنّ وكم ماشٍ أرى / على الثّرى في مثلهنّ ما رَفَلْ
يا أيّها المالك منّي رِبْقَةً / أعيتْ على الشُّمِّ العرانين الأُوَلْ
كَم رامَ منّي بعضَ ما أجرَرْتُه / مَن مدّ ضَبْعَيه له فما وَصَلْ
أَيقَظتني على القريض بعدما / نكّب غاويه طريقي وعَدَلْ
وقال في مجدك إنْ كنتَ تفي / عقدتَ أنْ لا تقرضَ الشّعرَ فَحَلْ
فخذ كما أثَرْتَها قافيةً / كأنّما شيءٌ سواها لم يُقَلْ
نزّهتُها لمّا أردتُ سَوْقَها / إلى علاك من نسيبٍ وغَزَلْ
كأنّما هشّتْ وقد صِيغتْ بها / حَبُّ القلوب من سرورٍ وجَذَلْ
لا ملّك اللّهُ لنا غيرَكمُ / ولا نأى عزّكُمُ ولا اِنتقلْ
ودارُ ملكٍ أنتَ فيها لم تزلْ / مأهولةً من الوفود والخَوَلْ
ودرّتِ النُّعمى عليكمْ ثَرَّةً / ونلتموها عَلَلاً بعد نَهَلْ
جسيمةٌ حمّلها جسيمُ
جسيمةٌ حمّلها جسيمُ / على العظيم يصبر العظيمُ
مصيبةٌ خفّ بها الحليمُ / مسكنُها من الفتى الصّميمُ
ليس بها غمضٌ ولا تهويمُ / كأنّها بكرعِكِ الخُرطومُ
رامك من دهرك ما ترومُ / واِرتُجعَ الرِّفْدُ فمنْ تلومُ
مضتْ إِفالٌ وثَوَتْ قُرومُ / وَالبدرُ باقٍ فلتَبن نجومُ
فلتسلُ عنه إنّك السَّليمُ / ساوَى السخيَّ في الرّدى اللّئيمُ
وذاقه المرزوق والمحروم / نحن على طرق الرّدى جُثومُ
ونحوه الإيجافُ والرّسيمُ / لولا الرّدى وإنّه الهَجومُ
ما شمتتْ بناتجٍ عقيمُ / ولا اِستوى الصّحيحُ والسّقيمُ
الموتُ داءٌ للورى قديمُ / سِيطَ به الممدوحُ والمذمومُ
ما عنه تعريجٌ ولا تحويمُ / وليس تأخيرٌ ولا تقديمُ
لا تَشكُوَنْ وغيرُك المظلومُ / كلٌّ بما لاقيتَهُ أميمُ
صبراً وإِنْ أوجعتِ الكُلومُ / ولْتَنأَ عن جانبك الهمومُ
ففي البلاءِ يُعرفُ الكريمُ / خيرٌ من الزّائل ما يدومُ
لك النّعيمُ إِنْ يَفُتْ حميمُ / لا كان منك جانبٌ مثلومُ
ولا مشتْ في صدرك الغُمومُ / ولا عراك القَدَرُ الغَشومُ
سقى ثراه الهاطلُ السَّجومُ / وجادَه هَيْدَبُه المركومُ
وَاِعتُصِرتْ في قبره الغيومُ / ففيه نجمٌ ثاقبٌ مقيمُ
إنّ على رَمْلِ العقيق خِيَما
إنّ على رَمْلِ العقيق خِيَما / زوّدني مَنْ حلّهنَّ السَّقَما
بِنّا فما نأمل من لقائِنا / ذاتَ الثّنايا الغُرِّ إلّا الحُلُما
أَهوى وإِن كان لنا تعلَّةً / طيفاً يوافي منكم مسلِّما
يبذل لِي من بعد أن ضَنَّ به / وشافعي النومُ العِذارَ والفما
وجاد حِلّاً والدُّجى شعارُنا / بنائلٍ لو كان صبحاً حَرَما
حُبَّ بها إِلْمَامةً مأمونةً / وزَوْرَةً يُزيحُ فيها التُّهما
وجَدْتُ فيها كلّما أحببتُه / لكنَّ وجداناً يضاهي العَدَما
ما علمتْ نفسي بماذا حُبِيَتْ / ولا الّذي جاد عليها عَلِما
عجبتِ يا ظَمْياءُ من شيبٍ غدا / مُنتَشِراً في مَفْرَقي مبتسما
لو كان لي حكمٌ يُطاعُ أمرُهُ / حميتُ منه لمّتي واللِّمَما
تَهوَيْنَ عن بيضٍ برأسي سُودَه / وعن صباحٍ في العِذارِ الظّلَما
قَليْتِ ظلماً كالثَّغامِ لونُهُ / ولونُ ما تبغين يحكي الفحما
صِبغُ الدّجى أبعدُ عن فاحشةٍ / ولم يزلْ صبغُ الدُّجى متّهما
مَنْ عاش لم تجنِ عليه نُوَبٌ / شابتْ نواحي رأسه أم هرما
أَما تَرى صاحِ اِلتِماعَ بارقٍ / طالعني وميضُهُ من الحِمى
مُعَصْفَرَ الأرْفاغِ مَوْشِيَّ المَطا / مضرَّجاً إمّا دماً أو عَنْدَما
لَولا اِختِلاسي في الدّجى لوَمْضِهِ / رأيت منه في صُحارٍ إِضَما
لم أدرِ ما جَدواهُ إلّا أنّه / أذكرني إلمامُهُ ذاتَ اللَّمى
عجبتُ من سهمٍ له أقْصَدَني / ولم يَسِلْ لي مقتلٌ منه دما
وَعاج مَن أودى الهَوى فؤادَه / بحبّها يعجب ممّن سَلِما
قلْ لبني الحارث خلّوا نَعَمي / فلستُمُ ممّنْ يَشُلّ النّعَما
يشلّها كلُّ غلامٍ مُنْتَمٍ / يوم الوغى إلى القنا إنِ اِنتمى
تراه إنْ خِيف الرّدى ضلالةً / صَبّاً بأسبابِ الرّدى متيّما
كتمتُمُ البغضاءَ دهراً بيننا / فالآن قد شاع الّذي تكتّما
وخلتمونا شحمةً منبوذَةً / يأخذها مَن شاءَها ملتقما
لو كنتُمُ باعدتُمُ شِرارَكمْ / عن يابس العَرْفَجِ ما تضرّما
وطالما كنّا وأنتُمْ نُكَّصٌ / نَجْبَهُ إِمّا عاملاً أو لَهْذَما
ضاغمتمونا جَهْلَةً وإنّما / ضاغمتُمُ مَن كان منكمْ أضغما
وإنّما طُلتمْ بما جُدْنا به / ولم نَذَرْه عندنا مخيِّما
فعاد ما صُلتم به وطُلْتمُ / قد رَثَّ أو أخلَقَ أو تهدّما
فَما الّذي أطعمكمْ ولم تكنْ / أهلاً لأطماعكمُ وما رَمَى
تركتُمُ أعراضَكمْ مبذولةً / وصُنتمُ دينارَكمْ والدِّرهما
وقلتمُ إنّ النِّجارَ واحدٌ / كم من أديمٍ فاق فضلاً أُدُما
في كلّ يومٍ ليَ منكم صاحبٌ / أضاء في وداده وأظلما
أقسَمَ أنْ يَفْضُلني وطالما / في مفخرٍ أحنثتُ منه قسما
وذو اِعوجاجٍ كلّما محّصني / صادفَ منّي صاحباً مقوِّما
فإنْ فخرتمْ بذوي تنعّمٍ / فقومُنا لم يعرفوا التَّنَعّما
باتوا قياماً في الدّجى وبِتُّمُ / من بعد سوْآتٍ مضين نُوَّما
ولم يكونوا في ضُحىً وأنتُمُ / في كِظَّةِ الإكثارِ إلّا صُوَّما
لا تَأمنوا اللّيثَ على إطْراقِهِ / قد يعزم اللّيثُ إذا ما أرزما
وحاذروا عازمَ قومٍ آده / فوتُ المُنى ففاعلٌ من عزما
إلى متى أنتَ على سَمْتِ الأذى / تَكظِم داءً قد أبى أنْ يُكظَما
هل نِلتَ إنْ نِلْتَ الأمانِيَّ الّتي / تَروم إلّا مَشرباً أو مطعما
إنّا مقيمون بدار ذلّةٍ / نُسقى بها في كلِّ يومٍ علْقما
ومُهْمَلون لا يُجازى محسنٌ / ولا يَخاف جرمَه من أجرما
نَهْضاً إلى العزّ فمن عاف القَذى / ولم يَهبْ وِرْدَ الحِمام أقدما
كأنّني بهنّ أعجاز السُّرى / يلُكْن عن لَوْكِ العَلِيق اللُّجُما
يخبطن غِبَّ الضّرب والطّعنِ وقد / سَئِمْنَ إمّا لِمَّةً أو أعظما
وَفَوقهنّ كلّ مرهوبِ الشّذا / إِذا همَى اِنهلّ وإن زاد طما
مِن مَعشرٍ إنْ حاربوا أو غالبوا / لم يعرفوا مَلالةً أو سَأَما
أَهِلَّةُ النّادي وآسادٌ إذا / كان القنا في الرَّوْع منهم أَجَما
هُمْ طَردوا الإِمْلاقَ عن دِيارهمْ / وأمطروا في المُعتَفين النِّعَما
دَعْ شَجرَ القاعِ لمن يَخبِطُهُ / يَخْبِطُ إمّا نَشَماً أو سَلَمَا
فَما الفتى كلُّ الفتى إلّا اِمرُؤٌ / زمَّ خياشِيمَ الهوى أو خطما
والرّزق يأتيك ولم تبسط له / كفّاً ولم تَسْعَ إليه قدما
لا نزل الرّزقُ على مستمطرٍ / لِرزقه من المخازي دِيَما
ولا ثوى اليُسْرُ بدارِ باخلٍ / متى يُسَلْ بذل اليَسارِ جَمْجَما
ولا رعى اللَّهُ أخا مَكْرُمَةٍ / أوسعها من بعد فوْتٍ نَدَما
زارك زَوَّارُ الحُلُم
زارك زَوَّارُ الحُلُم / مسلماً بذي سَلَمْ
في ليلةٍ ظلماؤها / حالكةٌ من الظُّلَمْ
كأنّها إِثْمِدَةٌ / أوْ صَلْدَةٌ من الفَحَمْ
جاء وسادي عائداً / فلم أبِنْ من السَّقَمْ
والرّكبُ في ظلِّ نَقىً / لو زَعزعوه لاِنهدمْ
كأنّما مَرُّ الصَّبا / رَقَّشَ فيه بقلَمْ
في فِتْيَةٍ جابوا الدُّجى / إلى الضُّحى جَوْبَ الأُدُمْ
عارين من كلِّ قَذىً / كاسين من صَفْوِ الشِّيَمْ
توسّدوا أذْرُعَهم / من الكَلالِ والسَّأَمْ
وَاِفتَرشوا من الكَرى / على الثَّرى تلك اللِّمَمْ
من سَبْسَبٍ خافي الصُّوى / لا إِرَمٌ ولا عَلَمْ
مَن عاذِرِي وأَين لِي / من عاذرٍ فيما يَلُمْ
يُؤْلمني جزاءُ ما / داويتُه من الأَلَمْ
وإنْ غفرتُ جُرمَهُ / أعاد ما كان جَرَمْ
يَبْغِي سقاطي وَالّذي / يريده أعيَا الأُمَمْ
ويرتجي أنِّيَ في الن / ناسِ كما كان زَعَمْ
متى أُرِدْ شيئاً أبى / أوْ قلتُ لا قال نَعَمْ
عن الفتى سَلْ فعلَهُ / ودَعْ أُصولاً وجِذَمْ
ما ينفع المرءَ بلا / نَحيزةٍ خالٌ وعَمْ
ومِن يَدَيْ كلِّ اِمرئٍ / يصيبُهُ حَمْدٌ وذَمْ
لا خيرَ في مبتذَلٍ / يصغُر في يومِ العِظَمْ
هان فلا قَدْرٌ له / مثلُ لفيظٍ من عَجَمْ
يُغضِبُهُ إنْ لِيمَ في / سيّئَةٍ ولم أُلَمْ
وإنّني رِمْتُ عن ال / فحشاءِ وهْوَ لم يَرِمْ
عدِّ عن القومِ لهمْ / مَنٌّ ولم يُسْدُوا نِعَمْ
ضلّوا عن الخيرِ كما / ضلَّ شَرودٌ عن لُقَمْ
وعن مكانٍ لم يُقِمْ / غيرُك فيه لا تُقِمْ
إنّ لفخر الملك عِنْ / دي نِعَماً فُقْنَ النِّعَمْ
جِئْنَ غِزاراً حُفَّلاً / يفْضَحْنَ في السَّحِّ الدِّيَمْ
ما سرّني وكنّ لِي / بأنّ لي حُمْرَ النَّعَمْ
أَنت الّذي أولَيْتَنِي / من العُلا ما لم أرُمْ
وكنتُ عنها غافلاً / وقاعداً لو لم تُقِمْ
فَالآن يمشي قدمي / بحيثُ لم تمشِ قَدَمْ
والآن أُثني مُعلناً / بكلِّ غرّاءِ البُهَمْ
يَسمَعُها مَن بينه / وبينها كلُّ صَمَمْ
من ذا يُعالينِي وقدْ / ساندني الصّخرُ الأصَمْ
سَقْياً لفخر الملكِ مِنْ / مُغتفرٍ ومنتقمْ
ومَن أطاعتْ أمرَه / عُرْبُ الفيافي والعَجَمْ
كم ذا على أرْجائِهِ / زَمَّ أُنوفاً وخَزَمْ
وكم على رِفْقٍ به / قوَّضَ بيتاً وهَدَمْ
وَهوَ كَما شاء له / ذاك النِّجارُ والكَرَمْ
قد قلتُ للقومِ وقد / غُرّوا بطولِ ما كَظَمْ
حِذارِ من خافي السُّرى / أسرى بجُنْحٍ من ظُلَمْ
كالصّلِّ إذْ همَّ مَضى / واللّيث إنْ ضَمَّ عَذَمْ
والبحرِ إنْ زاد طَمى / والغيث إنْ جاد سَجَمْ
وموقفٍ ضَنْكِ الخُطا / ملآنَ من لَحْمٍ ودَمْ
يُذَمّ مَن عفّ كما / يُحمدُ فيه مَن ظَلَمْ
كأنّما القومُ به / من قَلَقٍ على ضَرَمْ
حَضَرْتَهُ بهمّةٍ / أَوْفَتْ على كلّ الهِمَمْ
وأنتَ طَلْقٌ باسمٌ / في لاتَ حينَ مُبتَسَمْ
تُشبِعُ فيه بالقّنا / مَن زاره مِنَ الرَّخَمْ
إنَّيَ عَضْبٌ باتِرٌ / فاِستلّني في كلِّ هَمْ
والسِّرُّ عندي راهنٌ / أَكتُمهُ عمّنْ كَتَمْ
وإنْ ألمَّ حادثٌ / فإنّنِي لِما أَلَمْ
سِيّانِ عندي في هوىً / ترومُهُ بُرٌّ وَيَمْ
وأيُّ خطبٍ مُعضِلٍ / ضرّم ناراً فاِضطرمْ
وَاِنقَبضتْ عنه الخُطا / واقفةً لمّا اِدْلَهَمْ
فَاِجعَلْ عِياني دونَهُ / لسدِّ ما منه اِنثَلَمْ
فإِنّني من بينهمْ / فرّاجُ هاتيك الغُمَمْ
ولا تعُجْ في خُطّةٍ / عن ناصحٍ بمتَّهَمْ
وَاِجدَعْ أُنوفاً رَغَمَتْ / من كلّ ذي أنفٍ رَغَمْ
ودُمْ على شكر الذي / خوَّلك اللهُ يَدُمْ
والمِهْرَجانُ مُخبرٌ / أنّ لك العُمرَ الأَتَمْ
تبقى لأمثالٍ له / في نِعَمٍ لا تنثَلِمْ
لا بُدِّلَ العِزُّ الّذي / أُولِيتَه ولا اِنصَرَمْ
وبابُك المعمورُ لا / عُطِّلَ من وَفْدِ الخَدَمْ
وعشتَ ما شئتَ لنا / لا عَدَمٌ ولا هَرَمْ
ضَرّمَ قَلبي فاِضطرمْ
ضَرّمَ قَلبي فاِضطرمْ / في أُفقِه ذاك الضَّرَمْ
كأنّه نجمٌ هوى / أو عَلَمٌ على عَلَمْ
يخفق في جُنحِ الدّجى / مُضَوّئاً تلك الظُّلَمْ
يقول مَن يُبصرهُ / مَنْ ضرّج الأُفْقَ بِدَمْ
كأنّما خالَطَهُ / مَسُّ جُنونٍ أوْ لَمَمْ
شككتُ لمّا لمْ تقفْ / حالٌ له على قَدَمْ
وخلتُ من رَيْبِي به / أنّي أراهُ في الحُلُمْ
كأنّه ذو بُخُلٍ / يقول لا بعد نَعَمْ
أو جَسَدٌ مُرَدَّدٌ / بَين العوافي والسَّقَمْ
فاللّيلُ مُبْيَضٌّ به / وقبلَه كان الأَحَمْ
كان بهيماً فاِنْثَنى / منه أغرَّ ذا رَثَمْ
عجبتُ واللّيلُ على / قُطوبه كيف اِبتَسَمْ
زار ولم يَجرِ له / ذكرٌ ولم يَدْعُ بفَمْ
ما نامَ عنّي وَمْضُهُ / طولَ الدُّجى ولم أنَمْ
أذكرني إِيماضُهُ / عَيشاً تَقضّى واِنْصَرَمْ
وَفِتْيَةً مُفهَقَةً / صدورُهمْ من الهِمَمْ
مِن نِعَمٍ مخلوقةٌ / أيديهمُ ومِن نِقَمْ
ما فيهمُ إلّا فتىً / ممتلئٌ من الكرَمْ
كم قد سرى في كَرَمٍ / فَما اِشتكى من السَّأَمْ
وكم علا في سُؤْدُدٍ / ظهرَ ثَبيرٍ وإِضَمْ
إِذا اِدَّعى ما شاء من / فَضيلةٍ فما ظَلَمْ
وزائرٍ ما أجْبَنَهْ
وزائرٍ ما أجْبَنَهْ / ما زار إلّا في سِنَهْ
وعنّ لي في غَلَسٍ / فلا عَدِمْنا عَنَنَهْ
ذو دَدَنٍ وإنّما / نعشَقُ منه دَدَنَهْ
يهجرني مجاوراً / يُسمِع قولي أُذُنَهْ
حتّى إذا حلَّ النّوى / حدا إليَّ ظُعُنَهْ
لم يأتِ إلّا في دُجىً / وصبحُه ما أمِنَهْ
وزارني في وطني / مُخَلِّياً لي وَطَنَهْ
ثمَّ أطاب وَسَنِي / لمّا أطار وَسَنَهْ
أبدَلنِي هِجرانُهُ / بزَوْرَةٍ مؤتَمَنَهْ
باطلةٍ لكنَّها / منَ المسيءِ حَسَنَهْ
ما أحسنَ النصرَ على / مُقاطعٍ ما أَحسَنَهْ
فليتَهْا زيارةٌ / تكون منه ديدنَهْ
ما بعث الواشي إلى / ما نحن فيه ظِنَنَهْ
ولا رمى ذو فِطَنٍ / إليه يوماً فِطَنَهْ
فبِتُّ ليلي كلَّه / أَضَمُّ منه غُصُنَهْ
وألثِمُ الصُّدغَ الّذي / عَقْرَبَهُ وزَرفَنَهْ
لولا الدّجى يشفع لِي / لَما لقيتُ مِنَنَهْ
جاد به مسترخصاً / وَما نَقدت ثمنهْ
في ساعةٍ كأنّها / لَذَاذَةً ألفُ سَنَهْ
واصَلَ فيها سَكَنٌ / بعد فراقٍ سَكَنَهْ
ما أنصف الدّهرُ الّذي / أخافَنِي وآمَنَهْ
أُلْقِي إِليه رَسَنِي / ثمّ أجرُّ رَسَنَهْ
ما أغبَنَ الحبَّ لمنْ / حُمِّلَهُ ما أغبَنَهْ
مُمتَحَنٌ يكره إنْ / فارق منكْم مِحَنَهْ
وسابحٌ في دَرَنٍ / ولا يُميط دَرَنَهْ
ثمّ طعينٌ هَمُّهُ / تقبيلُهُ مَن طَعَنَهْ
أوْ زمَنٌ يموت من / حيث غشومٌ أَزْمِنَهْ
قلتُ له فقراً إلى / نَوالِهِ ومَسْكَنَهْ
يا مالكاً لِي بهوىً / أسْرَرْتُهُ وأعلَنَهْ
ومن إذا غابن حُسْ / ناً بَدْرَ تَمٍّ غَبَنَهْ
هل عودَةٌ لمثلها / فقال لِي ما أهْوَنَهْ
كتَمْتُ من أسماءَ ما كان عَلَنْ
كتَمْتُ من أسماءَ ما كان عَلَنْ / يومَ طلولٍ ورسومٍ ودِمَنْ
لولا ليالِي الخَيْفِ ما كان لنا / قلبٌ على حبِّ الغواني مُرْتَهَنْ
عَنَّ لنا منكِ على وادي مِنى / نَوْءُ غرامٍ ليته ما كان عَنْ
لم تَقصدي رَميَ الجِمارِ إنّما / رميتِنا دون الجِمارِ بالفِتَنْ
كم صادنا ثَمَّ فصِرْنا رِقَّهُ / مِنْ شَعَرٍ جعدٍ وَمِن وَجهٍ حَسَنْ
ليتَ قَطيناً بان عنّا باللِّوى / مِن بعد أنْ أوْرَطَ حُبّاً لم يَبِنْ
وليتَه مَنَّ بوصلِ حَبْلِهِ / على قلوبٍ لم تُطِقْ حَمْلَ المِنَنْ
نِمْتُمْ وما تعرف منّا أعيُنٌ / من بعد أنْ ظَعَنْتُمُ طَعْمَ الوَسَنْ
راعكِ يا أسماءُ منّي بارقٌ / ضوّأ ما بين العِذارِ والذَّقَنْ
لا تنفري منه ولا تستنكري / فهو صباحٌ طالما كَان دُجَنْ
ثاوٍ نأى إذْ رحل الدّهرُ به / وأيُّ ثاوٍ في اللّيالِي ما ظَعَنْ
إِنْ كانَ أَحيا الحِلْمَ فينا والحِجى / فإنّه غالَ المِزاحَ والأَرَنْ
كم كعَّ مملوءَ الإهابِ من صِباً / عن العُلا وأطْلَق الهمَّ اليَفَنْ
نَحن أُناسٌ ما لنا محلّةٌ / إلّا قِلالُ الرّاسياتِ والقُنَنْ
ما نَقتَنِي إلّا لهبّاتِ الوَغى / سُمْرَ الرّماحِ والصّفاحِ والحُصُنْ
مِنّا النبيُّ والوصِيُّ صِنْوُهُ / ثُمّ البَتولُ والحسينُ والحَسَنْ
وَعمُّنا العبّاسُ مَن كعمِّنا / أبناؤه الغرُّ مصابيحُ الزّمنْ
من كلّ مرهوبِ الشّذا دانتْ له / ممالكٌ لمّا تَدِنْ لذي يَزَنْ
جرّوا الجيوشَ والزُّحوفَ مثلما / جرّ اليمانيّون أذيالَ اليُمَنْ
وَاِعتَصبوا بالعزّ لمّا اِعتَصَبتْ / ملوكُ لَخْمٍ بالنُّضارِ في شَدَنْ
وكم لنا مفخرةٌ دِينيَّةٌ / أحْذَتْ نِزارٌ كلّها هامَ اليَمَنْ
سائِل بِنا إنْ كنت لا تعرفنا / سَلَّ الظُّبا البِيضِ وهزّاتِ اللُّدُنْ
وكلَّ شَعْواء لها غَمْغَمَةُ الش / شاكي إذا حَنّ لمنْ يشكو وأنْ
مُغبرّةٌ بالنَّقْعِ حمراءُ الثّرى / إذْ ليس عينٌ للفتى ولا أُذُنْ
نعدُّ في يومِ الوغى أنجبَنا / مَن ضرب القَرْنَ بسيفٍ وطَعَنْ
ومَن تراه خائفاً حتّى إذا / تورّد الحَوْمةَ في الرَّوْعِ أمِنْ
وَمن إِذا اِعتَنَّ هِياجٌ لم يَخِمْ / أوْ جاد بالنَّيْلِ الجزيلِ لم يَمُنْ
لَم تَدخلِ الفَحشاءُ في أبياتنا / ولم تُشِرْ يوماً إليهنّ الظِّنَنْ
ليس بهنّ صَبْوَةٌ ولا صِباً / ولم يُصَبْ فيهنّ لَهْوٌ أو دَوَنْ
مَرافِدُ الفقرِ وَأَبوابُ الغِنى / وعصمةُ الخوفِ وعزُّ المُمتَهَنْ
وَليسَ فينا كِظَّةٌ من مَطْعَمٍ / ولم نُعَبْ قطُّ بما تجني البِطَنْ
فَقُل لقَومٍ فاخرونا قبل أنْ / ينفّضوا أعراضهمْ من الدَّرَنْ
أين رؤوسُ القومِ من أخامصٍ / في مَفخرٍ أمْ أين وَهْدٌ من قُنَنْ
كَيف تُرامونا وأنتمْ حُسَّرٌ / أَم كيف تغشَون الظُّبا بلا مَجِنْ
فد كنتُمُ هادنتمونا مرّةً / ثمَّ اِلتَويْتُمْ هُدْنَةً على دَخَنْ
وإنْ تكنْ عِيدانُكمْ صيغَتْ لنا / مِنْ أُبَنٍ فإنّنا بلا أُبَنْ
وَإِنْ يَبِتْ أَديمكمْ ذا لَخَنٍ / فلم يكنْ فينا أديمٌ ذا لَخَنْ
شَنَنْتُمُ بغضاءكمْ فينا وكمْ / شَنّ اِمرؤٌ في قومِهِ ما لم يُشَنْ
وكم وَرَدْتُمْ صَفْوَنا ولم نَرِدْ / مِن صَفوكمْ إلّا أُجاجاً قد أَسِنْ
وَلَم نَزلْ نحملُ من أثقالكمْ / ما عجزتْ عنه ضَليعاتُ البُدُنْ
دعوا لنا ظاهركمْ ثمّ اِجعلوا / قَبيحكم إنْ شِئتُمُ فيما بَطَنْ
ماذا على مَنْ بجميلٍ ضَنُّهُ / على أخٍ لو كان بالشَّنعاءِ ضَنْ
لَولا اِحتِقاري لكُمُ بَريْتُكم / ولم أرِدْ تقويمَكمْ بَريَ السَّفَنْ
لا تحذروا رَبَّ حُسامٍ صارمٍ / وحاذروا رَبَّ بيانٍ ولَسَنْ
يَفْنَى الفتى وقولُهُ مخلَّدُ / يمضي عليهِ زمنٌ بعد زمَنْ
خلِّ لأبناءِ الغِنى دُنياهمُ / فمنْ يُهِنْ هذا الثَّراءَ لم يَهُنْ
فَإنّما الرّاحةُ في هجر الغِنى / والمالُ للألبْابِ هَمٌّ وحَزَنْ
سيّانِ والدّهرُ أخو تبدّلٍ / خِصْبٌ وجَدْبٌ وهِزالٌ وسِمَنْ
وَلَيس يُنجي من ردىً ساقتْ إلى / ورودِه الأقدارُ مالَ مُختَزِنْ
ولا الرّماحُ والكفاحُ بالظُّبا / ولا الخيولُ والدُّروعُ والجُنَنْ
ولا تُقِمْ على الأذى في وَطَنٍ / فحيثُ يعدوك الأذى هو الوَطنْ
فإنّما بيتُ فتىً ذِي أَنَفٍ / إمّا السّماءُ شاهقاً أو الجَنَنْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025