القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أُسامَة بنُ مُنْقِذ الكل
المجموع : 16
ما هَاجَ هذا الشوقَ غيرُ الذكْرِ
ما هَاجَ هذا الشوقَ غيرُ الذكْرِ / وزَوْرةُ الطيفِ سَرَى من مصْرِ
من بعد طُولِ جفوةٍ وهَجرِ / كم خاضَ بحراً وفَلاً كبحرِ
يَجوبُه الليلَ حليفَ ذُعرِ / حتى أتى طَلائِحاً في قَفرِ
قد انْطوَيْنَ من سُرىً وضُمرِ / حتى اغتدينَ كهلالِ الشهرِ
يَحمِلنَ كلَّ ماجدٍ كالصّقْرِ / كأَنّه مُهنّدٌ ذُو أَثرِ
بعيدُ مَهوَى همّةٍ وذِكرِ / للمجدِ يَسعى لا لكسبِ الوَفرِ
فأمَّ رَحلِي دُونَ رَحلِ السّفْرِ / يُذكِرُني طيبَ الزَّمان النَّضرِ
واهاً لَهُ مِن زَمنٍ وعُمرِ / ما كانَ إلاّ غُرّةً في الدَّهرِ
إذ الصِّبا عند التّصابي عُذري / وغايةُ المُنيَةُ أمُّ عَمرِو
غَرّاءُ أبهى من ليالِي البدرِ / بعيدةُ القُرط هضيمُ الخَصرِ
أحسنُ من شَمسٍ بِغبِّ قَطرِ / تفعلُ بالألبابِ فعلَ الخَمرِ
تبسِمُ عن مثلِ نظيمِ الدُّرِ / كأنّهُ لآليءٌ في نَحْرِ
إذا انْثَنَت قبلَ نَمُوم الفجرِ / تَنَفَّست عن مثلِ رَيّا الزّهرِ
كأنّ فَاهَا جُونَةٌ لِعطرِ / وإن مَشَت مثقلةً بِالبُهرِ
مَشْيَ النسيم بمِياهِ الغُدْر / رأيتَ سِحراً أو شَبيهَ سحْرِ
رَاكِدَ ليلٍ تحتَ شمسٍ تَسري / ضِدّان فيها اتّفقا لأمرِ
يا لائِمي إنّ الملامَ يُغري / هيّجتَ أشواقِي ولستَ تَدرِي
لا بكَ ما بِي من جَوىً وفكرِ / إذا أراحَ الليلُ همَّ صدرِي
أَبيتُ أرعَى كل نجمٍ يَسرِي / كأنَّما حَشِيَّتي من جَمْرِ
كيفَ العزاءُ وصروفُ الدّهرِ / تقرِفُ قَرحِي وتَهيضُ كَسرِي
كأنّها تطلُبُني بِوَترِ / والصّبرُ لو خبِرتَهُ كالصّبرِ
لمّا رَأوْا وجْدِي بهم تَجرَّمُوا
لمّا رَأوْا وجْدِي بهم تَجرَّمُوا / وأَلزَمُوني الذّنبَ والجاني هُمُ
قالُوا اِستَزارَ طيفَنَا تَبّاً لَهُ / من مُغرَمٍ وهَل ينامُ المغرَمُ
أَينَ شهودُ ما أدَّعَى مِن حُبِّنا / أَينَ السّهادُ والجَوى والسّقَمُ
أَينَ دموعٌ كُلَّما غيَّضْتُها / تَدفَّقَتْ ومازَجَ الدّمعَ دَمُ
أَخفَى الملالُ عنهُمُ ما بِيَ مِن / بَرْحِ قِلاهُمُ والمَلالُ أبكَمُ
كذَبتُ فِيهِم ما رَأَيتُ مِن قِلىً / فلِمْ أطاعُوا فِيَّ ما تَوهَّموا
يا قمرٌ أعْجَبُ مَا فيهِ
يا قمرٌ أعْجَبُ مَا فيهِ / دُرّ بديعُ النّظِم في فيهِ
قد زدتَ في التّيه ومن لا يَرَى / مثلاً لَه يُعذَرُ في التّيهِ
يَا نَازِحينَ واصطِبَارِي والأَسَى
يَا نَازِحينَ واصطِبَارِي والأَسَى / يُجِمُّ ذَا دَمعِي وهَذا يَنزَحُ
لا أَسأَلُ الأَيّامَ تعويضاً بِكُم / لِأَنَها بِمِثلِكُم لا تَسمَحُ
غِبتُم وأَشباحُكُمُ بِنَاظِري / كأَنَّها إِنسانُهُ لا تَبرحُ
وَلائِمٍ يَلومُ فيكُم والهَوى / يُصحِبُهُ طوراً وطوراً يَجْمَعُ
يلجُّ في نُصحي وما أشْغَلَني / بالبَينِ والهِجرانِ عمَّن يَنْصَحُ
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى
قد مَرِنت قلوبُنَا على النّوى / فما تَشكّى من أليمِ الوَجْدِ
كأنّ حُسنَ صَبْرِهَا على لَظَى / أشواقِها حُسنُ اصطبارِ الزّندِ
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا
أتْهَم فيكُم لائمي وأنْجَدا / وما أفادَ سلوةً إذْ فنّدَا
أرشدَنِي بزعمه وما أرَى / سُلُوَّ قلبي عن هَواكمُ رَشَدَا
يَا لائمِي فيهِمْ أعدْ ذكْرَهُمُ / واللومَ فيهم واتّخِذْ عندي يَدَا
روِّح بذكْرَاهُم فؤاداً مضرَماً / لو مَاتَ حولاً كاملاً ما بَرَدَا
لو كان ما يشكُوهُ من حَرّ الأسَى / ناراً لَباخَتْ أو زِنَاداً أصْلَدا
لا تحسبَنّ اليأسَ أسْلاَني ولا / أنْسانَي النّأيُ هَوَى من بَعُدَا
شرطُ الهَوَى لهُمْ عَليّ أنّنِي / بهم مُعَنّى القلب صبٌّ أبدَا
لا أستَفِيقُ من هوىً إلاّ إلى / هَوىً ولا أسلُو وإن طالَ المَدَى
أفْدِي خيالاً زارَ رحْلي موهناً / على تَنَائي دَارِه كيفَ اهْتَدى
عهدتُه مُوسَّناً رَأْدَ الضّحى / فكيفَ جابَ في الظلامِ الفَدْفَدَا
عُلالةٌ عَلّلنِي الشّوقُ بها / والماءُ في الأحلامِ لا يُروى الصّدَى
ثُمّ هَبَبْتُ لاَ بكَ الوجدُ الذي / حرّكهُ طيفهُمُ وجدّدَا
مُدلّهاً أمسحُ عَيْنَيّ عسَى / تراهُ يَقظى وأجُسّ المَرْقَدا
كَقانِصٍ فاتَ القنيصُ يَده / أو واجدٍ أضَلّ ما قَد وَجَدَا
أحبَابَنَا وحبّذَا نداؤُكُمْ / لو كُنُتمُ لدعوةِ الدّاعِي صَدَى
غالَت يدُ الأيام من بَعدِكُم / ذَخائِري حتّى الإسَى والجَلَدا
ما لاصْطِبَاري مَددٌ بَعد النّوى / فويحَ دَمْعي مَن حَباهُ المَدَدَا
لكنّنِي ما رُمت إطفاءَ الجوَى / بفيضِه إلا الْتَظَى واتّقَدَا
يا رَوعَتَا لطائرٍ نَاحَ على / غُصْنٍ فأغْرى بالأسَى من فَقَدَا
أظنّه فارق أُلاّفاً كَما / فارقتُ أو كَما وجدتُ وجَدَا
أدمى جراحاتٍ بقلبي للنّوى / وما علمتُ ناحَ حُزناً أم شَدَا
لكن يَهيجُ للحزِين بثُّه / إذا رأى على الحَنين مُسعدَا
فَقُل لمن أشْمَتَه فِراقُنا / وسرَّه أن جَار دهرٌ واعْتَدى
إن سرّك الدهرُ بنا اليومَ فهَل / أمِنْتَ أن يَسّرنا فيك غَدا
إلى مَتَى أُمسي وأُضْ
إلى مَتَى أُمسي وأُضْ / حِي بالنّوى مُرَوّعَا
مُرتَحِلاً كُرهَا عن ال / أحبابِ أو مُوَدّعَا
تُرَى اللّيالِي نَذَرَتْ / ألاّ نُرَى يوماً مَعَا
كَم تُرْزمي وكم تَحِنّي يَانَاقْ
كَم تُرْزمي وكم تَحِنّي يَانَاقْ / حَسْبُكِ قَد هجتِ الجَوَى والأشْوَاقْ
هِي النّوَى فما غَناءُ الإشفاقْ / تَقَسّمَتْنَا بالشّتاتْ والآفَاقْ
كأنّها خَلْقٌ ونَحن أرْزاقْ / حتّى إذا أدْمَى البكاءُ الآماقْ
أصْقَبَتِ الدّارُ وقَلبِيَ مُشتاقْ / ما أتعَبَ الحاملَ قلباً تَوَّاقْ
كالبرقِ مشبوبَ الضّرامِ خَفّاقْ /
يا نَاقُ شطّتْ دَارُهُمْ فَحِنِّي
يا نَاقُ شطّتْ دَارُهُمْ فَحِنِّي / وأعْلنِي الوجْدَ الّذي تُجِنّي
ما أرزَمَتْ وَهْناً لفقد إلْفِها / إلاّ رَمتْ جَوارِحي بِوَهْنِ
تذكّرتْ ألاّفَها فَهَيَّجَتْ / لاَعِجَ شَوقي وذَكَرْتُ خِدْني
أبكِي اشتياقاً وتَحِنُّ وحْشةً / فَقد شَجانِي حُزنُها وحُزني
حَسْبُكِ قَد طالَ الحنينُ والأسَى / وما أرى طُولَ الحنينِ يُغْنِي
ولا تَمَلّي مِنْ مَسِيرٍ وَسُرىً / في مَهْمَهٍ سَهلٍ وَوَعْرٍ حَزِنِ
حتّى تُناخِي تحتَ بَاناتِ الحِمَى / سَقَى الحِمَى والبانَ صوبُ المُزنِ
أهْوَى الحِمى وأهلَه وبانَه / وإنْ نأيتُ وتنَاءَوْا عَنّي
شَطّوا وشطّتْ بيَ دَارِي عنهُمُ / وهُمْ إلى قَلبيَ أدنَى مِنّي
لم يُذكَروا لي قَطّ إلا امتلأتْ / بالدّمعِ أجفانِي وقَالتْ قَطْني
وهُم أعزُّ إن نأوْا وإنْ دَنَوْا / مما حَوى خِلْبي وضَمّ جَفْنِي
نَفسي فِداءُ من أُوَرِّي بالحِمَى / والبَانِ عن أسْمَائِهمْ وأَكْنِي
هُمُ إذا قُلتُ سقَى أرضَ الحِمَى / وبَانَه صوبُ الحيَا مَن أعْنِي
ضَنّا بِهم عن أَنْ يطورَ ذكْرُهُم / بمَسْمَعٍ وَهُمْ مكانُ الضّنّ
أحبَبْتُهُم من قَبلِ يَنْجابُ دُجَى / فَودِي عن الصّبحِ ويَذوِي غُصْنِي
حُبّاً جَرَى مَجرى الحياةِ من دَمِي / أصَمَّ عن كلِّ نصيحٍ أُذنِي
فلو تَعوّضتُ بهم عَصْرَ الصِّبَا / لَبانَ في صَفقَةِ بَيْعِي غَبْنِي
فَارقتُهم أشْغَفَ ما كنتُ بِهِم / وعُدتُ قد أدمَتْ بَنَانِي سِنّي
أُلْزِمُ كفَّيَّ فُؤاداً مَالَهُ / من بَعدهم رَوْحٌ سِوَى التّمنِّي
لكنّني أدعُو لجمعِ شَمْلِنا / مُسيِّرَ الشُّهْبِ ومُجري السّفْنِ
يا عجباً من وشْكِ بَينٍ ما رَغَتْ
يا عجباً من وشْكِ بَينٍ ما رَغَتْ / فيه مطايَانَا ولا الحادي حَدَا
نرَى الجِمَالَ المصحِباتِ بينَنا / مُهمَّلاتٍ والرجالَ بَدَدَا
مَوقفُ تَوديعٍ ترى البيضَ به / شُهباً وهَابي النّقعِ ليلاً أسودَا
وللطِّعانِ في الكُماةِ أعيُناً / تَهمِي على السّردِ نجيعاً مُزبِدَا
فيا له من مَوقِفٍ رقيبُه / كتَائِبُ الأعداءِ والواشي الرّدَى
لو لم تكُن عادَتِيَ الإقدامَ في / أمثاله قضيتُ فيه كَمَدَا
لا تَحسبَنَّ الرّزءَ أوهَى جَلَدِي / إنّ النّسِيم لا يَفُضُّ الجَلْمَدَا
وهل يَروعُ الخطْبُ قلبَ أروعٍ / إن كَلِبَ الدَّهرُ عليهِ أَسِدَا
متَى رآني الشّامتُون ضَرِعاً / لنكبةٍ تَعرُقُنِي عَرق المُدَى
هُم يَعلمونَ أنّني أصلَبُ مِن / صُمِّ الصَّفَا فما عَدا مِمَّا بَدا
هل بِزّنِي الخطبُ سِوى وفْرِي الذي / كان مُباحاً للنَّوالِ والنَّدَى
إنْ جمَعوا المالَ فأوعَوْا أتلفَتْ / يَدي طريفَ ما حوتْ والتَّلِدَا
هُمُ يَروْن المالَ ذُخراً باقياً / وإنّما ذُخُر الفَتى أن يُحمَدَا
لا تُودَعنْ سَمع أخٍ شكيّةً
لا تُودَعنْ سَمع أخٍ شكيّةً / فالقلبُ أولى بالذي أَجَنَّا
وكلُّ ما نشكوهُ من زمانِنا / نزولُ عَنهُ أو يَزولُ عَنَّا
أمَا رأوْا تقلُّبَ الدنيا بِنَا
أمَا رأوْا تقلُّبَ الدنيا بِنَا / وفتكهَا بِمَنْ إليهَا أخْلَدَا
كم نَسَفَتْ أيدِي الخطوب جَبَلاً / وصيَّرَتْ لُجّةَ بَحْرٍ ثَمَدَا
وكم أعَادَتْ ذَا ثَرَاءٍ مُعْدَماً / وذا قَبِيلٍ وعَدِيدٍ مُفْرَدَا
عَلِمْتُ مَا لم يَعْلَمُوا ونَظَرتْ / عَيْنَاي دَهْرِي مَصْدَراً ومَوْرِدَا
فما رأيتُ غيرَ ظلٍّ زائلٍ / كلٌّ يَمُدُّ نَحْوَهُ جَهْلاً يَدَا
ما زلتُ في غِبطةِ عِيشى عالِماً
ما زلتُ في غِبطةِ عِيشى عالِماً / أن سيزولُ بالهمومِ ما غَبَطْ
وأَنّ صرْفَ الدَّهرِ يأتي بالّذي / ساء اعتماداً وبما سَرَّ غَلَطْ
بينا الفَتى تعلو به جُدودُهُ / إذْ أسلَمَتْهُ للرّزايا فَهَبَطْ
حتّى يرِقَّ حاسدٌ لحالهِ / مِن بعدِ ما نافَسَ فيها وغَبَطْ
يا أوحد العصر علا وعنصرا
يا أوحد العصر علا وعنصرا / وبحر فضل بالعلوم زخرا
أفحمني شكرك عن أن أشكرا / نثرت من ذكري علي جوهرا
طوقتني درا وفاح عنبرا / وطاب من فيك فصار سكرا
حناني الدهر وأف
حناني الدهر وأف / نتني الليالي والغير
فصرت كالقوس ومن / عصاي للقوس وتر
أهدج في مشيي وفي / خطوي فتور وقصر
كأنني مقيّد / وإنما القيد الكبر
والعمر مثل الماء في / آخره يأتي الكدر
واوحشتي في الدار لما أصبحت
واوحشتي في الدار لما أصبحت / موحشة من الظباء العين
كانت عرينا وكناسا فاغتدت / مقفرة الكناس والعرين
تقارن الأسد بها عين المها / والدهر قطاع قوى القرين
فأصبحت كما ترى ليس بها / إلا دواعي الوجد والحنين

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025