القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 6
أيّ نعيمٍ في الصِّبَا والمُقْتَرَحْ
أيّ نعيمٍ في الصِّبَا والمُقْتَرَحْ / وشغلُ كفّيّ بكوبٍ وقَدَحْ
فَلا تَلُمني إنّني مُغْتَنِمٌ / مِنَ السّرورِ في زَمَاني ما مَنَحْ
فإنّهُ مُسْتَرْجِعٌ هِبَاتِهِ / وباخلٌ مِن الصِّبا بما سَمَح
وَسَقِّني من قهوَةٍ كاساتُها / تُسْرِجُ في الأيدي مصابيحَ الصّبح
لو شمَّها صاحٍ عَسيرٌ سُكْرُهُ / تحتَ لثامٍ في فدامٍ لَطَفَحْ
ولا تسوّفْني إلى ترويقها / لا يَشْتَوي اللّيثُ إذا اللّيثُ ذَبَحْ
حتى أقولَ زاحفاً من نشوَتي / يَحْسُنُ بالتزحيفِ بيتُ المنسرح
ومالئٍ زقّاً وكاهُ مردياً / سمَّ الأسَى منهُ بدُرْياقِ الفَرَح
وجاثمٍ بين النّدامَى تَرْتَوي / أشباحُهُمْ منه بما يَرْوَى شَبَح
كأنّما رَدّتْ عليه روحَهُ / سُلافَةُ الرّاح فإن مُسّ رمح
غضّ الصّبا كأنّما حديثهُ / يمازجُ النّفسَ بأنفاسِ الملح
حلّ وكاءً شدّهُ عن مُدْمَجٍ / طَلّ دم العنقودِ منه وسفح
حتى إذا ما صبّ منه رَيّقاً / سدّ على ذَوْبِ العَقيقِ مَا فتح
ترَى نجيعَ الزقّ منهُ راشحاً / كأنّهُ من وَدَجِ اللّيلِ رَشَح
مُدامَةٌ للرّوحِ أُخْتٌ بَرّةٌ / يَنْأى بها سُرورُنا عنِ التَرَح
قد عَلِمَتْ مزاجَهُ فَشُرْبُها / يَجْرَحُهُ ثُمّتَ يَأسُو ما جَرَح
وتجعلُ القارَ الذي باشَرَها / في الدنّ مسكاً للعرانينِ نفح
يحجب جسمُ الكاسِ من سعيرِها / نفحاً عن الكاسِ ولولاه نفح
والشّمْسُ منها في نقابِ غَيمِها / مخافةً من نورها أن تُفْتَضَحْ
يومٌ كأنّ القَطْرَ فيهِ لؤلؤٌ / يَنْظِمُ للرّوضِ عُقُوداً وَوُشَح
يَقدحُ ناراً من زنادِ بَرْقِهِ / ويطفئُ الغيثُ سريعاً ما قَدَح
لمّا جَرَتْ فيهِ الصَّبا عَليلةً / رقّ الهواءُ فيهِ للنّفسِ وصَح
كأنّما الكافورُ نَثْرُ ثَلْجِناْ / أو نَدَفَ البُرْسَ لنا قوسُ قزح
حتى علا الجوَّ دجىً لم يَغْتَبِقْ / فيه الثّرَى من الحيا كما اصطَبَح
غرابُ ليل فوقنا مُحَلّقٌ / يَقْبِضُ عنّا ظلّه إذا جنح
وقد محا صبغَ الدّياجي قَمَرٌ / دينارُهُ في كَفّةِ الغَرْبِ رَجَح
حتى إذا ردّ حُدا عدوّهِمْ / من كان في وادي الرّقادِ قد سرَح
نَبّهَ ذا هَذا وكلٌّ طَرْفُهُ / يلمحُ طرْفَ الشكرِ من حيثُ لمح
يسألُ في تقويمِ جيدٍ مائلٍ / لو لم يسامحْ في الحميّا لسَمَح
أضاربٌ كفّيه يَشدو سَحَراً / أم نافضٌ سقطيه فيه قد صَدَح
نبّهَ للقهوَةِ كلّ طافح / في مصرَعِ السكر قتيلاً مُطّرَح
من كلّ جذلان كأنّ رُوحَهُ / عن جسمه من شدّةِ السكرِ نَزَح
إنّ الّذي شَحَّ على إيقاظِهِ / سامَحَ في الشُّهْبِ نداماهُ فشَح
وجاءنا السّاقي بصَحنٍ مُفْعَمٍ / لو شاءَ أنْ يَسْبَحَ فيه لسَبَح
يا لائمي في الراح كم سيئةٍ / تجاوَزَ الغَفّارُ عنها وصَفَح
ماذا تُريدُ من سَبُوقٍ كُلّما / رُمْتَ وقوفاً منه باللّومِ جَمَح
أغشُّ خلقِ اللَّه عند ذي هوى / من عَرَضَ الرشدَ عليه ونصح
حتى إذا فكّرَ عَنْ بَصيرَةٍ / ذمّ من الأفعالِ ما كان مَدَح
لمّا رأَيتُ الصُّبحَ قد تَبدّى
لمّا رأَيتُ الصُّبحَ قد تَبدّى /
كَأَنَّه في الشّرْقِ سَيلٌ مَدّا /
وحاجبُ الجَوْنَةِ قد تَصَدّى /
شُهباً فَأَطبَقنَ عُيوناً رُمدا /
أَركَبتُ نَفسي شَوذَقاً مُعَدّا /
يَهدّ أركانَ الطيورِ هَدّا /
بِمِخلبٍ تُبصرُهُ مُسوَدّا /
كَأَنَّه من خِنْجَرٍ قَدْ قُدّا /
حِرصاً عَلى الصّيْدِ بنا في الرمدا /
في لَعِبٍ مِنكَ يُريكَ الجِدّا /
وفتيَةٍ يَكتَسِبونَ المَجدا /
ويَركَبونَ السّابحاتِ الجُرْدا /
ويَلبَسونَ مِنْ حديدٍ سَرْدَا /
ويُشرعون الذّابلاتِ المُلْدا /
ويَصرعونَ في الحُروبِ الأُسدا /
ويَقنِصونَ حُمُراً ورُبْدَا /
صَادوا وصَادوا ما يَجوزُ العَدّا /
فَمَن فتىً يَقْدَحُ مِنهُ زَنْدا /
وحاطبٍ طَلحاً لَهُ وَرَنْدا /
وَمشتَوٍ يوسعُ ناراً وَقْدا /
وفاتحٍ عن لذّةٍ ما سَدّا /
عَن ذَاتِ عَرْفٍ أعرَفَتهُ النّدّا /
ياقوتَةً تَلبَسُ دُرّاً عِقْدا /
مَطِيَّةً منَ السّرورِ تُحْدى /
بِمَسمَعٍ شَدواً يُثيرُ الوَجدا /
وقَد أُعيرَ مِن فَتاةٍ نَهدَا /
ومن قضيبٍ في كثيبٍ قَدّا /
فِعلُ الهَوى من ظَرفه مُعَدّى /
والوَردُ في وَجنَتِهِ مُندّى /
يَصونُ مِنهُ في لَماهُ شَهْدا /
عَيشٌ قَطَعتُ العَيشَ فيه رَغدا /
مُواصِلاً مِنهُ شَباباً صَدّا /
كانَ مُعاراً ثوبُهُ فَرُدّا /
وَلَيلَةٍ حالِكَةِ الإِزارِ
وَلَيلَةٍ حالِكَةِ الإِزارِ /
مَدّتْ جناحاً كسوادِ القارِ /
يَحْجُبُ عَنّا غُرّةَ النّهارِ /
عَقَرْتُ فيها الهَمَّ بِالعقارِ /
بِجِسمِ ماءٍ فيهِ رُوحُ نارِ /
في مَجلِسٍ ضَمَّ بَني الفَخارِ /
كَهالَةٍ تَضحَكُ عَن أَقمارِ /
تَزَاحَمَتْ بِأَنْجُمٍ دَراري /
مِن كُلِّ ذِمْرٍ في حِمَى الذِّمارِ /
مُهينُ مَالٍ وَمُعِزُّ جارِ /
يُسْقَوْنَ من ساطِعَةِ الأَنوارِ /
كَثيرَةِ الأَسماءِ وَالأَعمارِ /
أَعبَقَ مِن نَفحَةِ مِسْكٍ دَاري /
أَرَقَّ في حُسْنٍ وَفي احمِرارِ /
مِن ماءِ خَدٍّ راقَ في عجارِ /
تَكادُ ذاتُ القرطِ وَالسِوارِ /
وَالنَّغمُ الرَّطبُ على الأَوتارِ /
إِذ أَسمَعَتنا نَغَمَ الهَزارِ /
يَجري معَ الأَرواحِ في المجاري /
حَتّى إذا ما غَنَّتِ القَمَاري /
مُناغِماتٍ حِزَقَ الأَطيارِ /
صَوافِراً وَالصُّبحُ في الأَسفارِ /
قُمنا لِنَنفي عَرَضَ الخُمارِ /
عَن جَوهَرِ الأَنفُسِ في الصَّحاري /
بِكُلِّ طِرْفٍ سَلْهَبٍ مُطَارِ /
مُوَجَّهِ الإقبالِ والإدبارِ /
إِن بادَرَ السَّبقَ مَعَ المَجاري /
طَارَتْ بِهِ قَوادِمُ النجارِ /
يَتبَعُهُ كُلُّ صَيودٍ ضارِ /
ظامي الضُّلوعِ ضامِرُ الأَخْصارِ /
كَأنَّهُ في عُقدَةِ الزُّنَّارِ /
بِأَعيُنٍ لَم تُغْضِ من عُوّارِ /
كَالجَّمرِ بَينَ الهُدْبِ والأَشفارِ /
تَكادُ تَرمي الصَّيدَ بِالشرارِ /
كَأنَّما يُكَشِّرُ عَن جِمَارِ /
يُعَقِّفُ الأَذنابَ لِلصُّوارِ /
كَأَنَّها عَقاربُ القِفارِ /
وَحاكِمٌ في الوَحشِ بِالتَّبارِ /
أسْرَعُ من برْقٍ ومن إعْصَارِ /
ولَحظَةِ الصَّبِّ على حذارِ /
أَصفَرُ مِن لَونٍ جَنَى بَهارِ /
كَأَنَّما صِيغَ مِنَ النّضَارِ /
آسَدتُه وَالظَبيِ في نِفارِ /
ما بَينَ جَثجَاثٍ إِلى عَرارِ /
فَمَرَّ في غَيمٍ منَ الغُّبارِ /
يُشْكِلُ منه أحْرُفَ الآثارِ /
كَأَنَّما يَطلُبُهُ بِثارِ /
ماذا يُريدُ الظَّبيُ بِالفِرارِ /
مِنِ ابنِ ريحٍ في قَميصِ نارِ /
وَهوَ مَعَ الإِجهادِ وَالإِضرارِ /
يَحذِفُهُ بِيَرْمَعٍ صغارِ /
حَذْفَ المُوَلِّي بِاليَدِ اليَسارِ /
فَلَو تَرانا في انتِزاحِ الدَّارِ /
في رَوضَةٍ كالغادةِ المِعطارِ /
نَأكُلُ مِن صَيدِ أَبي العَقّارِ /
وَنَشرَبُ الصَّهباءَ بِالكبارِ /
ما كُنتُ إِلّا خالِعَ العِذَارِ /
حتَّى متى بَينَ اللوى فالأجْرَعِ
حتَّى متى بَينَ اللوى فالأجْرَعِ / لَوْماً فما أَمَرَّهُ في مَسمَعي
وَيحَكَ لو كنتَ وفيّاً لم تَقلْ / ويحكَ لا تبكِ برَسْمٍ بلقعِ
وهوَ الحمى سَقياً لأيّامِ الحِمى / فإنّها ولَّتْ ولمّا تَرْجعِ
ما لك لا تَبكي بُكاءً بالأسى / بين رسومٍ وَبَوَالي أربُعِ
بأدمعٍ بين الجفونِ حُوَّمٍ / وأدمعٍ على الخدود وُقّعِ
وزفرةٍ موصولةٍ بزفرةٍ / تَصْعَدُ عن نارِ حشىً مُلَذَّعِ
وقفتَ في الدار بعينٍ لا ترى / تَغَيُّرَ الرّبْعِ وأذنٍ لا تعي
ولَوعةٍ بالشوقِ غيرِ لوعتي / وأضلعٍ في الوجد غير أضلُعي
وإنّما يبكي بكائي شجناً / وَوَجِعٌ يعرف فيه وجَعي
لو أنطَقَ المربَعَ وهو أخرسٌ / تَضَرُّعٌ أنْطَقَهُ تضرُّعي
ووقعةٍ رَدّتْ قيانَ وُرْقِهِ / نَوائِحاً بِالحزنِ يَبكينَ مَعي
كَأَنَّها وما لها من أدمُعٍ / أعارها القطر سجالَ أَدمُعي
يا منزلاً تَنْشُرُه يدُ البلى / نَشْرَ يمان خَلَقٍ لم يُرْقعِ
بِاللَّه خَبِّرني أَأَنتَ رَبْعُهُمْ / أم أنْتَ مَرْعىً لِلظباءِ الرتَّعِ
فَقالَ بَل ربعُهُمُ وَإِنَّما / تَحَمّلَتْ عَنّي شموسُ مَطلَعي
أَدرئِةَ الغَوْطِ سَتَرنَ ظَبيَةً / تدير عَيْنَيْ فتنةٍ في البُرقعِ
سَيفٌ وسَهمٌ لَحظُها وَلَهذَمٌ / يا عجباً لفتكها المُنَوَّع
كَأنّما تبسمُ إن مازحتها / عن بَرَدٍ بين بروقٍ لُمّعِ
كَأُقحُوانِ روضَةٍ يَصْقُلهُ / مِدْوَسُ شمسٍ في النّدى المميَّعِ
كأنّ في فيها سلافَ قهوةٍ / صرفٍ بماءِ ظَلْمها مُشَعْشَعِ
إذا رضيعُ الكاس أصغى سَحَراً / إلى صفيرِ الطّائرِ المُرجِّعِ
خُصَّتْ مِنَ الصوتِ بمعنى مؤيسٍ / من لغة الوصل ولفظٍ مُطْمِعِ
وَمَهمَهٍ مُتَّصِلٍ بِمَهمَهٍ / مَرْتٍ بِموَّاجِ السراب مُتْرعِ
كَأَنَّ مَنشورَ المُلاءِ فَوقَهُ / متى تَمِلْ ذكاءُ عنها تُرْفَعِ
كأنّما جُنْدُبهُ مُرَجِّعٌ / نغمةَ شادٍ ذي لحون مُسْمعِ
يذيب صمَّ الصخر حرٌّ لاذعٌ / يقبضُ فيه روحَ كلِّ زعزعِ
لكلّ غارٍ فيه ماء وشَوَى / فيه أُوَارُ الشمس كلّ ضفدعِ
لا نار تُذْكَى في الدجى لسَفْرِهِ / إلا بريقُ مُقلَةِ السمعمعِ
تَعْسِلُ منه جانباه إنْ عَدا / مثلَ اضطِرابِ السمهَرِيِّ المشرَعِ
يَقْفُو رَذايا جُنَّحاً في السير لا / تُوضَعُ عَنهُنَّ سِياطُ المُزْمعِ
يَصُكّ مِنها دأياتٍ دُمِلَت / فهيَ بِشمّ الأَنفِ فيها تَرتَعي
وذاتِ أَخفافٍ سَرَت أَربُعها / مُنتَعِلاتٍ بِالرياحِ الأربعِ
كَأنَّها وللنجاةِ ما نَجَت / منهوشةٌ بين أفاعٍ لُسَّعِ
تُحْدَى بسحرِ ساهرٍ في نِغْضَةٍ / شهمِ الجنَانِ لَوذَعِيٍّ أَلمَعي
والشهبُ كالشهبِ لسبْقٍ أُرسلتْ / لمغربٍ فيه أفُولُ المطلَعِ
كَأَنَّها واضِعةٌ خُدُودَها / لهجعةٍ فيه وإن لم تَهْجَعِ
بيتُكَ فيه مَصْرَعُكْ
بيتُكَ فيه مَصْرَعُكْ / وفي الضريح مَضْجَعُكْ
غَرّتْكَ دُنياكَ الَّتي / لَها شَرابٌ يَخدَعُك
هِمْتَ بحبِّ فاركٍ / وَقَلَّما تُمَتِّعُك
يَضُرّكَ الحِرصُ بها / والزهدُ فيها يَنفَعُك
لا تَأمَنَنْ مَنِيَّةً / إنّ عَصَاها تَقْرَعُك
مَغْرِبُكَ القبرُ الّذي / يكونُ منه مَطْلَعُك
إنْ فَرّقَتْكَ تُرْبَةٌ / فَاللَّهُ سَوفَ يَجمَعُك
وَلِلحِسابِ مَوقِفٌ / أَهوالُهُ تُرَوِّعُك
كَم جَرَّ ما اشفَقتَ مِنْ / لَمْسِكَ منْهُ إصْبَعُكْ
فَكَيفَ بالنّارِ الّتي / من كلِّ وجهٍ تَلْذَعُك
يَراكَ ذو العَرشِ إِذا / نادَيْتَهُ وَيَسْمَعُك
فَثِقْ بِهِ وَلا يَكُنْ / لغيرِهِ تَضَرُّعُك
وصاحبٍ بصِحّةٍ بلا سَقَمْ
وصاحبٍ بصِحّةٍ بلا سَقَمْ / مُساعدٍ في كلّ أمْرٍ لا يُذَمْ
يقولُ في لا لا وفي نعم نعم / لا ناكبٌ عن فتية ولا برِمْ
مقلّبُ القلبِ لهمّ في الهِمَمْ / يَحِلّ عنكَ بِالغِنى عَنِ العَدم
يحرمُ بالسيف الخطوبَ لا تلم / مجوهرٌ سيفُ عُلاهُ بالكرم
مُهَذّبٌ في كلّ علم للأمم / كأنّما شيمتُهُ خمر الشيم
يحيي السرورَ ويميت كلّ همْ / نادمتُ منه سيّداً بلا نَدَمْ
من عنب سقانيه عتم / مدامةً زادتْ على عُمْرِ القدم
يحملُ من موجودها الكأس عُدَم / زجاجهُا الصافي عليها لا يَنِمْ
إلا بوصفٍ أو بذوقٍ أو بشمْ / في ليلةٍ مَرّتْ كَزَوْرَةِ الحلم
كأنّما الأنجمُ منها في الظُّلَمْ / أوجُهُ رومٍ يسبحونَ في خِضَمْ
حتى إذا ما عُمُرُ الليلِ انْصرم / وفرّ من نورِ الصّباح وانهزَمْ
كَعابِسٍ في حَنَقٍ من مبتسم / قمت لصيد الطير في قَرَا أحَمْ
كالليل إلا قبلة الصبح بفم / بحرٌ عليه بالعنانِ قد ختم
بباشقٍ متَّقِدِ العينِ قَرِمْ / ذي مخلبٍ مُعَوّجٍ لم يستقم
مثلِ هلالٍ طالعٍ مع العَتَمْ / عند انعطافٍ لا اسودادٍ مدلهم
أقنى مُعَرّىً أنفُهُ من الشّمَم / مُصَمَّمٌ على الطيور مقتحم
والطيرُ منها جبناءٌ وبُهَمْ / حتى إذا قَلّبَ عيناً كالضّرَمْ
صادقةً طرفتُها لا تُتّهَمْ / وأبصر الفُرْجةَ همَّ فاعتزم
كالليثِ قد أوفى على سرب النَّعَمْ / في روضةٍ أطيارها ذاتُ نغم
كما تَغَنّتْ فِرَقٌ من العَجَم / قامَ الرّبيع عندها على قدم
فاتحةً أعينَ زهرٍ لم تنم / تجول فيها كمدامع الرَّهَم
ففارَقَ الكفَّ إلى الصّيد فَشِمْ / خاطفَ برقٍ في غمامٍ مرتكم
ما فاتكٌ غادَرَها في المُقْتَحَمْ / فوارساً تلا أيدي الخدم
وعاوَدَ الكفَّ وفيّاً بالذممِ / بِمِنْسَرٍ يسمحُ عنه فَضْلَ دم
مسحك ميَّاع المداد بالقلم /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025