يا باكِياً لِدِمنَةٍ وَأَربُعِ
يا باكِياً لِدِمنَةٍ وَأَربُعِ / اِبكِ عَلى آلِ النَبِيِّ أَو دَعِ
يَكفيكَ ما عايَنتَ مِن مُصابِهِم / مِن أَن تبكّي طَلَلاً بِلَعلَعِ
تُحِبُّهُم قَلبي وَتَبكي غَيرَهُم / إِنَّكَ فيما قُلتَهُ لَمُدَّعِ
أَما عَلِمتَ أَنَّ إِفراطَ الأَسى / عَلَيهِمُ عَلامَةُ التَشَيُّعِ
أَقوَت مَغانيهِم فَهُنَّ بِالبُكا / أَحَقُّ مِن وادي الغَضا وَالأَجرُعِ
يا لَيتَ شِعري مَن أَنُوحُ مِنهُمُ / وَمَن لَهُ يَنهَلُّ فَيضُ أَدمُعي
أَلِلوَصِيِّ حينَ في مِحرابِهِ / عُمِّمَ بِالسَيفِ وَلَمّا يَركَعِ
أَم لِلَّذي أَودَت بِهِ جَعدَتُهُم / يَومَئِذٍ بِكاسِ سُمٍّ مُنقِعِ
وَإِنَّ حُزني كَقَتيلِ كَربَلا / لَيسَ عَلى طُولِ البِلى بِمُقلِعِ
إِذا ذَكَرتُ يَومَهُ تَحَدَّرَت / مَدامِعي لِأَربَعٍ في أَربَعِ
يا راكِباً نَحوَ العِراقِ جُرشُعا / يُنمَى لِعَبدِيِّ النِّجارِ جُرشَعِ
إِذا بَلَغتَ نِينَوى فَقِف بِها / وُقُوفَ مَحزُونِ الفُؤادِ مُوجَعِ
وَاِلبِس إِذا اِسطَعتَ بِها ثَوبَ الأَسى / وَكُلَّ ثَوبٍ لِلعَزاءِ فَاِخلَعِ
فَإِنَّ فِيها لِلهُدى مَصارِعاً / رائِعَةً بِمثلِها لَم يُسمَعِ
فَاِسفَح بِها دَمعَكَ لا مُستَبقِياً / في غَربِهِ وَبُح غَراماً وَاِجزَعِ
فَكُلُّ دَمعٍ ضائِعٌ مِنكَ عَلى / غَيرِ غَريبِ المُصطَفى المُضَيَّعِ
لِلّهِ يَوماً بِالطُفوفِ لَم يَدَع / لِمُسلِمٍ في العَيشِ مِن مُستَمتَعِ
يَومٌ بِهِ اِعتَلَّت مَصابيحُ الدُجى / بِعارِضٍ مِنَ الضَلالِ مُفزِعِ
يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ مِن دَعامَةٍ / تَشُدُّ رُكنَ الدِينِ لَم تُضَعضَعِ
يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ مِن داعِيَةٍ / تَدعُو إِلى الشَيطانِ لَم تُبتَدَعِ
يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ مِن غَمامَةٍ / تُحيي ثَرى الإِسلامِ لَم تُشَيَّعِ
يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ قَطُّ رايَةٌ / تَهدي إِلى ضَلالَةٍ لَم تُرفَعِ
يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ قَطُّ مارِنٌ / وَمَعطِسٌ لِلحَقِّ لَم يَنجَدِعِ
يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ مِن وَسيلَةٍ / حقّاً لِآلِ المُصطَفى لَم تُقطَعِ
يَومٌ بِهِ الكَلبُ الدَريعُ يَعتَدِي / عَلى هِزبَرِ الغابَةِ المُدَرَّعِ
يَومٌ بِهِ غُودِرَ سِبطُ المُصطَفى / لِلعاسِلاتِ وَالضِباعِ الخُمَّعِ
لَهفي لَهُ يَدعُو الطّعان مُعلِناً / دُعاءَ مَأمُونِ الفِرارِ أَروَعِ
يَقُولُ يا شَرَّ الأَنامِ أَنتُمُ / أَكفَرُ مِن عادٍ وَقَومِ تُبَّعِ
كاتَبتُمُوني بِالمَسيرِ نَحوَكُم / وَقُلتُمُ خُذ في المَسيرِ أَو دَعِ
فَنَحنُ طَوعٌ لَكَ لَم نَنسَ الَّذي / لَكُم مِن العَهدِ وَلَم نُضَيِّعِ
حَتّى إِذا جِئتُ لِما يُصلِحُكُم / مِن إِرثِ جَدّي وَذرَارِيهِ مَعي
لَقِيتُمُوني بِسُيُوفٍ في الوَغى / مُنتَضَياتٍ وَرِماحٍ شُرَّعِ
هَل كانَ هَذا في سِجِلّاتِكُمُ / يا شَرَّ مَرأىً لِلوَرى وَمَسمَعِ
هَل لَكُمُ أَن تَفُوا بِبَيعَتي / أَن تَسمَحُوا لي عَنكُمُ بِمَرجعِ
قالَوا لَهُ هَيهاتَ ذاكَ إِنَّهُ / ما لَكَ في سَلامَةٍ مِن مَطمَعِ
بايِع يَزيداً أَو تَرى سُيوفَنا / هامَكُمُ يَقَعنَ كُلَّ مَوقِعِ
فَعِندَها جَرَّدَ سَيفاً لَم يَضَع / نِجادَهُ مِنهُ عَلى أَيِّ مَوضِعِ
وَعاثَ في أَبطالِهِم حَتّى اِتَّقى / مِن بَأسِهِ الحاسِرُ بِالمُقنَّعِ
وَحَولَهُ مِن صَحبِهِ كُلُّ فَتىً / حامي الذِمارِ بَطَلٍ سَمَيذَعِ
كَم غادِرٍ غادَرَهُ مُجَدَّلاً / وَالخَيلُ تُردي وَالكُماةُ تَدَّعي
حَتّى رَماهُ الرِجسُ شُلّت يَدُهُ / عَن بارِعِ الرَميَةِ صُلبِ المَنزَعِ
فَخَرَّ وَالهَفا لَهُ كَأَنَّما / عَلَيهِ رَدعٌ أَو خَلوقٌ أَودَعِ
مِن بَعدِ أَن لَم يَبقَ مِن أَنصارِهِ / غَيرُ طعامِ أَنسُرٍ وَأَضبُعِ
ثَمَّتَ مالُوا لِلخيامِ مَيلَةً / قالَت لِرُكنِ الدِينِ إِيهاً فَقَعِ
ضَرباً وَنَهباً وَاِنتِهاكَ حُرمَةٍ / وَذَبحَ أَطفالٍ وَسَلبَ أَذرُعِ
لَقَد رَأَوا في الفِكرِ تَعساً لَهُم / رَأيَ قُدارٍ رَأَيُهُم فَيَصدَعِ
وَأَينَ عَقرُ ناقَةٍ مِمّا جَنَوا / يا لَلرِجالِ لِلفِعالِ الأَشنَعِ
ما مِثلُها في الدَهرِ مِن عَظيمَةٍ / لَقَد تَعَدَّت كُلَّ أَمرٍ مُفظِعِ
تُسبى ذراري المُصطَفى مُحمَّدٍ / رِضاً لِشانيهِ الزَنيمِ الدُكَّعِ
يا لَهفَ نَفسي لِلحُسَينِ بِالعَرا / وَقَد أُقيمَ أَهلُهُ بِجَعجَعِ
لَهفي لِمَولايَ الشَهيدِ ظامِئاً / يُذادُ عَن بَحرِ الفُراتِ المُترَعِ
لَم تَسمحِ القَومُ لَهُ بِشَربَةٍ / حَتّى قَضى بِغُلَّةٍ لَم تُنقَعِ
لَهفي لَهُ وَالشَمرُ فَوقَ صَدرِهِ / لِحَينِ أَوداجٍ وَهَشمٍ أَضلُعِ
لَهفي لَهُ وَرَأسُهُ في ذائِلٍ / كَالبَدرِ يزهى في أَتَمِّ مَطلَعِ
لَهفي لِثَغرِ السِبطِ إِذ يَقرَعُهُ / مَن سَيَوَدُّ أَنَّهُ لَم يُقرَعِ
يا لَهفَ نَفسي لِبناتِ أَحمَدٍ / بَينَ عِطاشٍ في الفَلا وَجُوَّعِ
يُسَقنَ في ذُلِّ السِبا حَواسِراً / إِلى الشآمِ فَوقَ حَسرِ أَضلُعِ
يَقدُمُهُنَّ الرَأسُ في قَناتِهِ / هَدِيَّةً إِلى الدَعِيِّ اِبنِ الدَعِي
يَندُبنَ يا جَدَّهُ لَو رَأَيتَنا / نُسلَبُ كُلَّ مِعجَرٍ وَبُرقُعِ
نُهدَى إِلى الطاغي يَزيد لُعثاً / شُعثاً بِأَسوا حالَةٍ وَأَبدَعِ
يَحدي بِنا حادٍ عَنيفٌ سَيرُهُ / لَو قِيلَ إِرتَع ساعَةً لَم يَرتَعِ
يُتعِبُنا السَيرُ فَيَستَحِثُّنا / إِذا تَخَلَّفنا بِضَربٍ مُوجِعِ
وَلَو تَرى السَجّانَ في كُبُولِهِ / يَضرِبُ ضَربَ النَعَمِ المِسلَعِ
يَعزِز عَلَيكَ جَدَّنا مُقامُنا / وَمَصرَعٌ في الطفِّ أَيُّ مَصرَعِ
اِستَأصَلوا رِجالَنا وَما اِكتَفوا / بِسَبيِ نِسوانٍ وَذَبحِ رُضَّعِ
ثُمَّ يَصِحنَ يا حُسَينَاهُ أَما / بَعدَ فِراقِ اليَومِ مِن تَجَمُّعِ
خَلَّفتَنا بَعدَكَ وَقفاً محجِراً / عَلى الحَنينِ وَالنَوى وَالجَزَعِ
واعَجَباً لِلأَرضِ كَيفَ لَم تَثُخ / وَلِلسَماءِ كَيفَ لَم تُزَعزَعِ
فَلَعنَةُ الرَحمَنُ تَغشى عُصبَةً / غَزَتهُمُ وَعُصبَةً لَم تدفَعِ
يا آل طَهَ أَنتُمُ وَسيلَتي / عِندَ الإِلَهِ وَإِلَيكُم مَفزَعي
واليتُكُم كَيما أَكونَ عِندَكُم / تَحتَ لِواءِ الأَمنِ يَومَ الفَزَعِ
وَإِن مَنَعتُم أَن يُوالي غَيرَكُم / إِن يَردِ الحَوضَ غَداً لَم يُمنَعِ
إِلَيكُمُ نَفثَةَ مَصدُورٍ أَتَت / مِن مُقحَمِ الشِعرِ إِلى مِصقَعِ
مَغرِبيٌّ عَرَبيٌ طَبعُهُ / وَنَجرُهُ وَلَيسَ بِالمُدَرَّعِ
يُنمى إِلى البَيتِ العُيونِيِّ إِلى / أَجَلِّ بَيتٍ في العُلى وَأَرفَعِ
عَلَيكُمُ صَلّى الإِلَهُ وَسَقى / أَجَلّ بَيتٍ في العُلى وَأَرفَعِ