المجموع : 6
وَمارِقٍ مُعتَدِلِ الكُعوبِ
وَمارِقٍ مُعتَدِلِ الكُعوبِ /
يَقِلُّ أَفعى مُعَدَّةَ التَركيبِ /
تَدُبُّ في الجَوِّ بِلا دَبيبِ /
ما كُلُّ ذاتِ مِخلَبٍ وَنابِ
ما كُلُّ ذاتِ مِخلَبٍ وَنابِ / مِن سائِرِ الجارِحِ وَالكِلابِ
بِمُدرِكٍ في الجِدِّ وَالطِلابِ / أَيسَرَ ما يُدرِكُ بِالعِقابِ
شَريفَةُ الصِبغَةِ وَالأَنسابِ / تَطيرُ مِن جَناحِها في غابِ
وَتَستُرُ الأَرضَ عَنِ السَحابِ / وَتَحجُبُ الشَمسَ بِلا حِجابِ
يَظَلُّ مِنها الجَوُّ في اِغتِرابِ / مُستَوحِشاً لِلطَيرِ كَالمُرتابِ
ذَكِيَّةٌ تَنظُرُ مِن شَهابِ / ذاتُ جِرانٍ واسِعِ الجِلبابِ
وَمَنكِبٍ ضَخمٍ أَثيثٍ راى / وَمَنسِرٍ مُوَثِّقِ النِصابِ
وَراحَتي لَيثِ شَرىً غَلّابِ / نيطَت إِلى بَرائِنٍ صِلابِ
مُرهَفَةٍ أَمضى مِن الحِرابِ / وَكُلُّ ما حَلَّقَ في الضَبابِ
لِمُلكِها خاضِعَةُ الرِقابِ /
يا رُبَّ سِربٍ آمِنٍ لَم يُزعَجٍ
يا رُبَّ سِربٍ آمِنٍ لَم يُزعَجٍ / غادَيتُهُ قَبلَ الصَباحِ الأَبلَجِ
بِزُّمَّجٍ أَدلَقَ حوشٍ أَهوَجِ / مُضَبَّرِ المنكبِ صلبَ المنسج
ذي قَصَبٍ عَبلٍ أَصَمَّ مُدمَجِ / وَجُؤجوءٍ كَالجَوشَنِ المُدَرَّجِ
وَعُنُقٍ سامٍ طَويلٍ أَعوَجِ / وَمَنسِرٍ أَقنى فَسيحَ مُسرَجِ
مُنخَرِقِ المُدخَلِ رَحبِ المَخرَجِ / وَمُقلَةٍ تَشِفُّ عَن فَيروزَجِ
ناظِرَةٍ مِن لَهَبٍ مُؤَجَّجِ / وَهامَةٍ كَالحَجَرِ المُدَملَجِ
وَمُستَديرٍ مُعجَمَ التَقسيمِ
وَمُستَديرٍ مُعجَمَ التَقسيمِ /
مُنتَسِبِ الأَشكالِ وَالرُسومِ /
دَبَّرَهُ فِكرُ اِمرىءٍ حَكيمِ /
فَصاغَهُ في صِغَرِ التَجسيمِ /
مُساوِياً لِلفَلَكِ العَظيمِ /
مُقتَطِعا لِسائِرِ النُجومِ /
وَمُسمِعٍ لَيسَ بِذي لِسانِ
وَمُسمِعٍ لَيسَ بِذي لِسانِ /
مُحكمٍ في صَمَمِ الآذانِ /
سِرٌّ يُؤَدّيهِ إِلى إعلانِ /
مَن مُنصِفي مِن مُحكِمِ الكِتابِ
مَن مُنصِفي مِن مُحكِمِ الكِتابِ / شَمسُ العُلومِ قَمَرُ الآدابِ
أَضحى لِأَوصافِ الكَلامِ مُحرِزا / وَسامَ أَن يَلحَقَ لَمّا بَرَزا
وَهل يُجارى السابِقُ المُقَصِّرُ / أَم هَل يُساوي المُدرِكُ المُعذرُ
ما زالَ بي عَن غَرضٍ مُعرِضاً / وَلي بِما يُصدِرُهُ مُستَنهِضا
فَتارَةً يَعتَمِدُ الخَطافا / بِبِدَعٍ تَستَغرِقُ الأَوصافا
وَتارَةً يعني بِنَعتِ القَبجِ / مِن مَنطِقي لِفَضلِهِ مُحتَجِّ
يَحومُ حَولَ غَرضٍ مَعلوم / وَمَقصَدٍ في شِعرِهِ مَفهومِ
حَتّى تَجَلَّت رَغوَةَ الصَريحِ / وَسَلَم التَلويحُ لِلتَصريحِ
وَصَحَّ أَنَّ البَبَّغاءَ مَقصِدُهُ / بِكُلِّ ما كانَ قَديماً يُوردُهُ
فَلَم يَدَع لِقائِلٍ مَقالا / فيها وَلا لِخاطِرٍ مَجالا
أَهدي لَها مِن كُلِّ نَعتٍ أَحسَنَهُ / وَصاغَ مِن حُلى المَعاني أَزيَنَهُ
أَحالَ بِالريشِ الأَشيَبِ الأَخضَرِ / وَبِاِحمرارٍ طَوقَها وَالمُنسِرِ
عَلى اِختِلاطِ الرَوضِ بِالشَقيقِ / وَأَخضَرَ الميناءِ بِالعقيقِ
تَزهى بِدَوّاجٍ مِنَ الزُمُرُدِ / وَمُقلَةٍ كَسَبجٍ في عَسجَدِ
وَحُسنُ مِنقارٍ أَشَمَّ قاني / كَأَنَّما صيغَ مِنَ المُرجانِ
صَيَّرَها اِنفِرادُها في الحَبسِ / بِنُطقِها مِن فُصَحاءِ الإِنسِ
تَمَيَّزَت في الطَيرِ بِالبَيانِ / عَن كُلِّ مَخلوقٍ سِوى الإِنسانِ
تَحكي الَّذي تَسمَعهُ بِلا كَذِبِ / مِن غَيرِ تَغييرٍ لِجَدٍّ أَو لَعِبِ
غِذاؤُها أَزكى طَعام رَغَدا / لا تَشرَبُ الماءَ وَلا تَخشى الصَدا
ذاتُ شُغىً تَحسَبُهُ ياقوتا / لا تَرتَضي غَيرَ الأَرُزُّ قوتا
كَأَنَّما الحبَةُ في مِنقارِها / حَبابَةٌ تَطفو عَلى عُقارِها
إِقدامها بِبَأسِها الشَديدِ / أَسكَنَها في قَفَصِ الحَديدِ
فَهِيَ كَخودٍ في لِباسٍ أَخضَرِ / تَأوي إِلى خَركاهَةِ لَم تستَتِر
وَوَصفها المُعجِزُ مالا يُدرَكُ / وَمِثلُهُ في غَيرِها لا يُملَكُ
لَو لَم تَكُن لي لَقَباً لَم أَختَصِر / لَكن خَشيتُ أَن يُقالَ مُنتَصِر
وَإِنَّما تُنعتُ بِاِستِحقاقِ / لِوَصفِها حذقُ أَبي إِسحاقِ
شَرَّفها وَزادَ في تَشريفِها / بِحكمٍ أَبدَعَ في تَفويفِها
فَكَيفَ أَجزي بِالثَناءِ المُنتَخِبِ / مَن صَرفَ المَدحَ إِلى اِسمي وَاللَقَبِ