المجموع : 4
ماذا على النوائب
ماذا على النوائب / لو جانبت جوانبي
إلى متى تنوبني / بطارقي وصاحبي
عفَّت ربوع جيرتي / وأبعدت أقاربي
ووكلت بينهم / قوائم النجائب
فخبطت بظعنهم / أفئدة السباسب
وفرقتهم فرقا / شتى بكل جانب
فعيل صبري ووهت / لبينهم مناكبي
ما للزمان لم يزل / يعبث بالأطايب
فكم له من وقعةٍ / بغلب آل غالب
حيث الحسين قادها / شوقاً على السلاهب
لخوض تيار الردى / ومورد الحرائب
رماحهم شواجرٌ / كالشهب الثواقب
ينصب عن حرابها / سوط العذاب الواصب
من كل مغوار عن / الغارة غير راغب
في الحرب غير تآكلٍ / في لكر غير ناكب
يلوي غرار عزمه / ألوية الكتائب
يرى مشارب الردى / من أعذب المشارب
دون الحسين علة / الإيجاد ذي المناقب
حتى قضوا بجهدهم / حق الجهاد الواجب
وكابدوا على ظما / حرارة القواضب
غداة غص الرحب بالبيض / وبالقعاضُب
فعانقوها كعناق / الخرد الكواعب
فاخترق الصفوف شبل / المرتضى بالقاضب
منتهباً أرواحها / فديته من ناهب
فصوَّبت هاماتها / كصيّب السحائب
وذكر القوم أباه / مظهر العجائب
كأنما الموت لديه / لذةُ للشارب
والقوم بين عافرٍ ثاوٍ / وبين هارب
محامياً عن دينه / وآله الأطائب
وقلبه من الظما / مثل شواظ اللاهب
ضاق الفضا وأعصوصبت / عصائب النواصب
هذا ولو شاء لما / أبقى على محارب
فشفه الوجد إلى / سامية المراتب
والفوز بالزلفى من الله / الكريم الواهب
وحين حان حينه / رمي بسهم صائب
وخرَّ عنه ساجداً / مثل سجود الراهب
وفاز بالزلفى وأسنى / الفوز بالمراتب
فديته بمهجتي / ومعشري وصاحبي
شلواً تدوس صدره / سنابك السلاهب
وأبرزت نسوته / تهتف بالذوائب
أين علي المرتضى / مقهقر الكتائب
لم تلف غير زاجرٍ / يزجرها وضارب
وشاتم والدها / وشامتٍ وسالب
نوادباً واحسرتي / للحسر النوادب
يشهرن في المدن / على الجف من الركائب
وما لها من ساتر / عن أعين الأجانب
مصائب قد عظمت / فلسن كالمصائب
فلو تعيها الأرض / مارت بقوى الأخاشب
أَعادَ رزءَ المُرتَضى وَجدَّدا
أَعادَ رزءَ المُرتَضى وَجدَّدا / رزؤفتىً أَحيى الدُجى تَهجّدا
المُرتَضى عَلامَة الدَهر الَّذي / من مَصدَر العِلم تَلقى المَدَدا
وَاللَهُ جَلَّ شَأنَهُ بِرشدِه / أَيده بِروحِهِ وَسَدَّدا
فَكَم لَهُ دَقائِقٌ جِهاتها / أَبَت وَيَأبى اللَهُ أَن تَحددوا
لَم يَرو إِلّا آيَةً مُحكَمَةً / مِن الكِتابِ أَو حَديثاً مسنَدا
بالِغ في تَبليغِها وَنَفسه / أَتعَبَها في حِفظِها وَأَجهَدا
سَل اللَيالي مَن طَوى أَسحارَها / تَهجداً لِرَبِّهِ مُمَجَّدا
وَسَل أُصول الدينِ أَو فُروعِها / مَن ذا الَّذي أَحكَمَها وَشَيَّدا
فَضائِل تَعقبها مَناقِبٌ / أَعدادها لا تَتَناهى عَدَدا
كانَ بِه شَمل الهُدى مُجتَمِعاً / ثُمَّ غَدا مِن بَعدِهِ مُبَدَّدا
من لِليَتامى وَالمَساكينِ وَأَبنا / ءِ السَبيلِ بَعدَه يولي النَدى
ومن لأبناء العلوم بعده / يكون قيَّما عليهم مرشدا
ضاع الهدى من بعد فقد وجهه / من بعد فقد وجهه ضاع الهدى
قد راح ينحو مقعد الصدق الذي / أعده الله له ومهدا
وما ظننت قبل حمل نعشه / أن يحمل العود الهدى والرشدا
لو لم يكن سلمان خيرَ زاهدٍ / لقلت سلمان بزهده افتدى
من الصلاح وجهه كأنه / وجه الصباح بهجة إذا بدا
وكوكب الإيمان من غرته / كان على الكفر شهاباً رصدا
تقلبت في الساجدين نفسه / في حضرة القدس فزان المسجدا
من المعزى أحمداً بالمرتضى / بالمرتضى من المعزي أحمدا
ومن يعزي المرتضى بخير من / بعد بنيه وذويه فقدا
مضى حميداً وتعالى ربّنا / من بعده أن يترك الناس سدى
في العلماء الراشدين بعده / كفايةٌ لمن تحرَّى رشدا
وحجة الإسلام ذاك حجةٌ / بالغةٌ لمن أناب واهتدى
قد ورث العلوم من أجداده / الغرّ الميامين وحاز الرشدا
قد اصطفاه المصطفى لشرعه / والمرتضى قد ارتضاه وَلدا
ماذا أعزّي بفتىً مصابهُ / عمَّ الورى فلم يغادر أحدا
كأنما الجو درى بموته / من قبل أن يقضي فأمسى أسودا
وانتثرت نجومه وقلبه / بالكوكب المنقض قد توقدا
والناس خلف نعشه في جزعٍ / أوشك أن يقضى عليه كمدا
كأنما الصبر قضى لبينه / وما قضى حتى أباد الجلدا
والفزع الأكبر قد فاجأها / أو قيل إن موعد الحشر غدا
لا بارح الريحان روحه التي / تقدَّست والروح ذاك الجسدا
ولا عدا الغفران مثواه ولا / بارحت الرحمة ذاك المرقدا
عُج يا رُعيتَ بالعذيب فالقنا
عُج يا رُعيتَ بالعذيب فالقنا / فالمعهد الأيمن من وادي قبا
ودع زخاريف أحاديث النوى / ومربعاً من قاطنيه قد عفا
وشنف الأسماع في ذكر التي / من الغواني الغيد ربات الحجى
يا عمرك الله نسيت وقفة / مضت لنا بالجزع من سقط اللوى
ليلةَ بتنا والتقى قمصنا / ثوب عفافٍ ما تغشاه ردا
أكرم بها من ليلةٍ مقمرةٍ / بتنا بها في خفض عيشٍ وهنا
حيث الكؤوس بيننا منزعةٌ / يديرها أغيد معسول اللمى
ثقيل أرداف دقيقٌ خصره / وقده يحكيه خطي القنا
يختال دلاً بين أرباب الهوى / كأنه نشوان من خمر الصبا
بتنا نشاوى من رحيق ريقه المحتوم / والرقيب عنا قد نأى
حتى رمانا دهرنا عن حسدٍ / بحادثٍ فرقنا أيدى سبا
واقترب الوعد لنا وآن أن / نلقى الذي من قبلنا لاقى الألى
فلم تجد ملتجاً ظهورنا / سوى الذي طوع يمينه القضا
مالي أرى الخسف عرى بدر السما
مالي أرى الخسف عرى بدر السما / في شهر ذي الحجة حتى احتجبا
وعاد من بعد الكمال ناقصاً / وفي المحاق نوره قد ذهبا
كأنه درى وليت لا درى / أن المحرم الحرام اقتربا
فحزنه أنحله فكلما هل / يهل ناحلاً محدودبا
يلطم بالكف الخضيب وجهه / أسىً علىخامس أصحاب العبا