المجموع : 4
مَن لَم يَرَ المَعرِضَ في اِتِّساعِ
مَن لَم يَرَ المَعرِضَ في اِتِّساعِ / وَفاتَهُ ما فيهِ مِن إِبداعِ
فَمَعرِضُ القَومِ بِلا نِزاعِ / في نَفثَةٍ مِن ذَلِكَ اليَراعِ
مِن واجِدٍ مُنَقِّرِ المَنامِ
مِن واجِدٍ مُنَقِّرِ المَنامِ /
طَريدَ دَهرٍ جائِرِ الأَحكامِ /
مُشَتَّتِ الشَملِ عَلى الدَوامِ /
مُلازِمٍ لِلهَمِّ وَالسِقامِ /
إِلَيكُمُ يا نُزهَةَ الأَنامِ /
وَفِتيَةَ الإيناسِ وَالمُدامِ /
مَن أَقسَموا بِأَلزَمِ الأَقسامِ /
بِأَن يُقَضّوا دَولَةَ الظَلامِ /
ما بَينَ بِنتِ الحانِ وَالأَنغامِ /
وَمُطرِبٍ مِن خيرَةِ الأَقوامِ /
أَرَقَّ مِن شِعرِ أَبي تَمّامِ /
وَمَجلِسٍ في غَفلَةِ الأَيّامِ /
قَد مَلَّ فيهِ كاتِبُ الآثامِ /
تَحِيَّةٌ كَالوَردِ في الكِمامِ /
أَزهى مِنَ الصِحَّةِ في الأَجسامِ /
يَسوقُها شَوقٌ إِلَيكُم نامي /
تَقصُرُ عَنهُ هِمَّةُ الأَقلامِ /
يا لَيتَ شِعري بَعدَ هَذا العامِ /
إِلَيكُمُ تَرمي بِيَ المَرامي /
أَم يَنتَويني رائِدُ الحِمامِ /
فَأَنطَوي في هَذِهِ الآكامِ /
وَتولِمُ الضَبعُ عَلى عِظامي /
وَلائِماً لِلوَحشِ في الإِظلامِ /
فَإِن أَتى يَومي وَأَودى لامي /
وَباتَ زادَ الدودِ وَالرَغامِ /
بِاللَهِ أَدعوكُم وَبِالإِسلامِ /
أَن تَذكُروا ناظِمَ ذا الكَلامِ /
إِذا جَلَستُم مَجلِساً لِلجامِ /
وَكانَ ساقيكُم مِنَ الآرامِ /
في لَيلَةٍ وَالبَدرُ في تَمامِ /
يا دَولَةَ القَواضِبِ الصِقالِ
يا دَولَةَ القَواضِبِ الصِقالِ /
وَصَولَةَ الذَوابِلِ الطِوالِ /
كَم شِدتِ بَينَ الأَعصُرِ الخَوالي /
مَمالِكاً عَزيزَة المَنالِ /
قامَت بِحَدِّ الأَبيَضِ القَصّالِ /
وَسِنِّ ذاكَ الأَسمَرِ العَسّالِ /
راحَت بِها الأَيّامُ وَاللَيالي /
وَخَلَفَتها دَولَةُ الجَلالِ /
مَملَكَةُ المِدفَعِ ذاتُ الخالِ /
قامَت بِحَولِ النارِ وَالزِلزالِ /
فَأَرهَبَت أَفئِدَةَ الأَبطالِ /
أَرهَبَها مُزَعزِعُ الجِبالِ /
وَمُفزِعُ اللُيوثِ في الدِحالِ /
وَقاطِعُ الآجالِ وَالآمالِ /
وَخاطِفُ الأَرواحِ مِن أَميالِ /
يَثورُ كَالبُركانِ في النِزالِ /
فَيُتبِعُ الأَهوالَ بِالأَهوالِ /
وَيُرسِلُ النارَ عَلى التَوالي /
فَيَحطِمُ الهامَ وَلا يُبالي /
ما كَوكَبُ الرَجمِ هَوى مِن عالي /
فَمَرَّ كَالفِكرِ سَرى بِالبالِ /
عَلى عَنيدٍ مارِدٍ مُحتالِ /
مُستَرِقٍ لِلسَمعِ في ضَلالِ /
مِن عالَمِ التَسبيحِ وَالإِهلالِ /
أَمضى وَأَنكى مِنهُ في القِتالِ /
إِذا سَرَت قُنبُلَةُ الوَبالِ /
مِن فَمِهِ المَحشُوِّ بِالنِكالِ /
يُنذِرُهُم في ساحَةِ المَجالِ /
بِالبَرقِ وَالرَعدِ وَبِالآجالِ /
وَلَم يَكُن كَذَلِكَ الخَتّالِ /
يَحُزُّ في الهامِ وَفي الأَوصالِ /
صامِتَ قَولٍ ناطِقَ الفِعالِ /
رَأَيتُهُ كَالقَومِ في المِثالِ /
مالوا عَنِ القَولِ إِلى الأَعمالِ /
فَاِمتَلَكوا ناصِيَةَ المَعالي /
ما لي أَرى الأَكمامَ لا تُفَتِّحُ
ما لي أَرى الأَكمامَ لا تُفَتِّحُ / وَالرَوضَ لا يَذكو وَلا يُنَفِّحُ
وَالطَيرَ لا تَلهو بِتَدويمِها / في مُلكِها الواسِعِ أَو تَصدَحُ
وَالنيلَ لا تَرقُصُ أَمواهُهُ / فَرحى وَلا يَجري بِها الأَبطَحُ
وَالشَمسَ لا تُشرِقُ وَضّاءَةً / تَجلو هُمومَ الصَدرِ أَو تَنزِحُ
وَالبَدرَ لا يَبدو عَلى ثَغرِهِ / مِن بَسَماتِ اليُمنِ ما يَشرَحُ
وَالنَجمَ لا يَزهَرُ في أُفقِهِ / كَأَنَّهُ في غَمرَةٍ يَسبَحُ
أَلَم يَجِئها نَبَأٌ جاءَنا / بِأَنَّ مِصراً حُرَّةٌ تَمرَحُ
أَصبَحتُ لا أَدري عَلى خِبرَةٍ / أَجَدَّتِ الأَيّامُ أَم تَمزَحُ
أَمَوقِفٌ لِلجِدِّ نَجتازُهُ / أَم ذاكَ لِلّاهي بِنا مَسرَحُ
أَلمَحُ لِاِستِقلالِنا لَمعَةً / في حالِكِ الشَكِّ فَأَستَروِحُ
وَتَطمِسُ الظُلمَةُ آثارَها / فَأَنثَني أُنكِرُ ما أَلمَحُ
قَد حارَتِ الأَفهامُ في أَمرِهِم / إِن لَمَّحوا بِالقَصدِ أَو صَرَّحوا
فَقائِلٌ لا تَعجَلوا إِنَّكُم / مَكانَكُم بِالأَمسِ لَم تَبرَحوا
وَقائِلٌ أَوسِع بِها خُطوَةً / وَراءَها الغايَةُ وَالمَطمَحُ
وَقائِلٌ أَسرَفَ في قَولِهِ / هَذا هُوَ اِستِقلالُكُم فَاِفرَحوا
إِن تَسأَلوا العَقلَ يَقُل عاهِدوا / وَاِستَوثِقوا في عَهدِكُم تَربَحوا
وَأَسِّسوا داراً لِنُوّابِكُم / لِلرَأيِ فيها وَالحِجا أَفسِحوا
وَلتَذكُرِ الأُمَّةِ ميثاقَها / أَلّا تَرى عِزَّتَها تُجرَحُ
وَتَنتَخِب صَفوَةَ أَبنائِها / فَمِنهُمُ المُخلِصُ وَالمُصلِحُ
وَلِيَتَّقِ اللَهَ أُولو أَمرِها / أَن يُسكِتوا الأَصواتَ أَو يُرفِحوا
أَو تَسأَلوا القَلبَ يَقُل حاذِروا / وَصابِروا أَعداءَكُم تُفلِحوا
إِنّي أَرى قَيداً فَلا تُسلِموا / أَيدِيَكُم فَالقَيدُ لا يُسجِجُ
إِن هَيَّؤوهُ مِن حَريرٍ لَكُم / فَهوَ عَلى لينٍ بِهِ أَفدَحُ
حَتّامَ وَالصَبرُ لَهُ غايَةٌ / لِغَيرِنا مِن بِئرِنا نَمتَحُ
حَتّامَ وَالأَموالُ مَشفوهَةٌ / نَمنَحُ إِلّا مِصرَ ما نَمنَحُ
حَتّامَ يُمضي أَمرَنا غَيرُنا / وَذاكَ بِالأَحرارِ لا يَملُحُ
أَساءَ بَعضُ الناسِ في بَعضِهِم / ظَنّاً وَقَد أَمسَوا وَقَد أَصبَحوا
فَاِنتَهَزَت أَعداؤُنا نُهزَةً / فينا وَما كانَت لَهُم تَسنَحُ
فَالرَأيُ كُلُّ الرَأيِ أَن تُجمِعوا / فَإِنَّما إِجماعُكُم أَرجَحُ
وَكُلُّ مَن يَطمَعُ في صَدعِكُم / فَإِنَّهُ في صَخرَةٍ يَنطَحُ
أَخشى إِذا اِستَكثَرتُمُ بَينَكُم / مِن قادَةِ الآراءِ أَن تُفضَحوا
فَلتَقصِدوا ما اِسطَعتُمُ فيهُمُ / فَإِنَّما في القِلَّةِ المَنجَحُ